قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر أمس برفض حكم بحظر ترشيح أعضاء الحزب الوطني المنحل في الانتخابات البرلمانية، ما يقطع الطريق أمام إصدار قانون «العزل السياسي» الذي طالبت به قوى سياسية عدة وتلكأ المجلس العسكري الحاكم في إصداره على رغم انتهاء مجلس الوزراء من صوغه قبل أكثر من أسبوع. وقضت المحكمة بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري في مدينة المنصورة (دلتا النيل) الخاص بمنع أعضاء الحزب الحاكم سابقاً من خوض الانتخابات البرلمانية. وأنهى الحكم الارتباك الحاصل في المشهد الانتخابي في أعقاب حكم صدر قبل يومين قضى باستبعاد أعضاء «الوطني» وألقى بشكوك حول إجراء الاستحقاق النيابي في موعده، لكن مع صدور حكم أمس بات في حكم المؤكد أن الاقتراع سينطلق في الثامن والعشرين من الشهر الجاري. غير أن المحكمة ألقت بكرة «عزل فلول الوطني» في ملعب المجلس العسكري باعتباره يتولى مسؤولية التشريع في البلاد إلى حين انتخاب برلمان جديد، إذ قالت في حيثيات حكمها إن «السلطة التشريعية دون غيرها هي المختصة بحرمان من يثبت إفساده للحياة السياسية، سواء كان منتمياً إلى الحزب الوطني أو إلى غيره من الأحزاب، ولا يوجد اختصاص للقضاء في هذا الشأن». وأضافت أن «الحرمان من ممارسة أي حق من الحقوق السياسية هو نيل من حقوق مصونة ومكفولة، وحرمان أي شخص من مباشرة هذه الحقوق يتعين أن يستند إلى نص صريح في القانون، كما أن الحرمان من مباشرة هذه الحقوق وردت أسبابه على سبيل الحصر في قانون مباشرة الحقوق السياسية، ولا يجوز الإضافة إليها من جانب المحكمة، لما يمثله ذلك من خروج على مبدأ الفصل بين السلطات». وخلصت إلى أن «حرمان من كانوا ينتمون إلى الوطني إذا ثبت ارتكابهم لأفعال تؤدي إلى إفساد الحياة السياسية يخرج عن اختصاص القضاء ويدخل في اختصاص السلطة التشريعية التي عليها عند تنظيمها لهذا الحرمان أن تراعي ألا يؤدي إلى العسف بحقوق المواطنين السياسية حتى لا تقع في مخالفة دستورية». يُذكر أن آلاف الأعضاء السابقين في الحزب المنحل كانوا سجلوا أسماءهم مرشحين مستقلين، أو ضمن قوائم أحزاب أخرى للمشاركة في أول انتخابات تشهدها البلاد منذ إطاحة الرئيس المخلوع حسني مبارك في 11 شباط (فبراير) الماضي. من جانبه، أكد محامي «الإخوان المسلمين» عبدالمنعم عبد المقصود أن حكم الإدارية العليا قطع الطريق أمام «عزل فلول الوطني»، موضحاً ل «الحياة» أنه «لا يمكن لأي محكمة إدارية أن تتعدى في أحكامها حكم الإدارية العليا» التي تعد أعلى سلطة قضائية في مجلس الدولة. وأشار إلى أن «الفيصل الآن في عزل فلول الوطني هو الاحتكام إلى صوت الصناديق». لكنه انتقد تأخر المجلس العسكري والحكومة في استصدار قانون «العزل السياسي»، محملاً إياهم الارتباك الذي حصل خلال اليومين الماضيين. في المقابل، أعربت مصادر عسكرية عن ارتياحها لصدور الحكم. وقالت ل «الحياة» إن «حكم الإدارية العليا من شأنه تأكيد استكمال المسيرة نحو إقامة العملية الانتخابية في موعدها من دون حدوث إشكاليات تؤثر في المشهد». وتعهدت تنفيذ أحكام القضاء، مؤكدة أن «المؤسسة العسكرية لم ولن تتدخل في أحكام القضاء، كما أنها لا تقف مع فصيل ضد آخر، وما يهمها هو حصول استقرار في الشارع بهدف تمهيد الأجواء لإجراء الاستحقاق النيابي في موعده». وأكد رئيس اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات المستشار عبدالمعز إبراهيم أن الانتخابات النيابية ستُجرى في موعدها المقرر سلفاً بالمرشحين الذين قبلت اللجنة أوراقهم. وكانت اللجنة أعلنت قبل ساعات من صدور الحكم عدد وأماكن مقار اللجان الانتخابية التي سيدلي الناخبون بأصواتهم فيها في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب. وقال رئيس المكتب الفني للجنة المستشار يسري عبد الكريم للصحافيين إن المرحلة الأولى من الانتخابات ستُجرى في 9 محافظات هي القاهرة والإسكندرية وكفر الشيخ ودمياط وبورسعيد والفيوم وأسيوط والبحر الأحمر والأقصر من خلال 9841 ألف مقر، و18536 لجنة فرعية، مشيراً إلى أن اللجنة عقدت السبت الماضي اجتماعاً للاتفاق على آليات الإشراف على العملية الانتخابية، وبحث سبل تيسير عملية تصويت المصريين في الخارج.