الأخبار من العالم العربي وعنه هذه الأيام سيئة أو أسوأ حتى أننا لا نكاد نقرأ خبراً طيباً، من القتل اليومي في هذا البلد، إلى الانهيار الاقتصادي في بلد آخر، إلى التبعية حتى الاستسلام في بلدان أخرى. ما سبق سيئ ولكن أسوأ منه ما نشرته جريدتنا «الحياة» يوم الاثنين تحت عنوان «الأردن، تزويج الضحية بمغتصبها غبن يبيحه القانون وتكرسه الأعراف» كتبه الزميل ماهر الشوابكة، ويبدأ بالقول: كما تساق النعاج إلى الذبح سيقت فاطمة التي لم تكمل بعد السادسة عشرة إلى مغتصبها الذي يكبرها بضعف (كان يجب أن يقال ضعفي) عمرها لتزويجها به، تحقيقاً لرغبة طرفي المشكلة، أولاً بالخلاص من العار الذي سيعتري عائلتها، وثانياً لتمكين الجاني من الإفلات من العقاب الذي ينتظره ولا يقل غالباً عن الإعدام. والخبر يقول بعد ذلك إن قانون العقوبات الأردني يمنع الملاحقة الأمنية عن كل مغتصب يتزوج بالفتاة التي اغتصبها. أزعم أن هذا القانون يجهض العدالة فهو استنّ ليحمي القاتل لا الضحية، والوحش البشري الذي سرق براءة فاطمة وصباها كان يجب أن يعاقب أولاً بالخصي ثم القتل عقاباً له على ما اقترف وردعاً لغيره. كنتم خير أمّة أخرجت للناس، واليوم أصبحتم «آخر» أمة، حتى لا أقول أكثر. وَضَعْنا العالم يوماً على طريق النهضة، ثم تخلفنا على كل صعيد، وفاتنا الركب، وهزَمَنا الأعداء وخسِرنا فلسطين وثالث الحرمين الشريفين، فماذا فعلنا؟ قمعنا النساء. أين نساء العالم من نسائنا؟ أختار من الأخبار التي تجمعت لي في الأيام الأخيرة: - شباب بريطانيا يتخلفون عن الشابات في السباق للحصول على مقاعد في الجامعات إلى درجة أن وزير الجامعات ديفيد ويليتس حذر من «هوة واسعة» بين الجنسين. ونعلم أن الطالبات العربيات يتفوقن على الطلاب كل سنة في الامتحانات، ويكافأن بالعزل إلى المطبخ وغرفة النوم. - تظهر دراسة لجامعة غِنْتْ في بلجيكا أن النساء أقوى من الرجال، فالطبيعة أعطت المرأة نظام مناعة متفوقة تمكّنها من مقاومة الجراثيم والالتهابات والسرطان في شكل أفضل من الرجال. وربما كانت الدراسة تشرح سرّ أن المرأة تعمر أكثر من الرجل. - صورة نشرتها الصحف لدوق ودوقة كامبردج (الأمير وليام وزوجته) وهما يتوسطان 14 امرأة، معظمهن أميركيات، في قصر سانت جيمس خلال حفلة خيرية. ماذا تفعل هؤلاء النساء الأربع عشرة؟ هن يدرن سنوياً أعمالاً مجموع قيمتها 1,3 تريليون دولار، أي إنتاج الأمة العربية بما فيه الدخل من النفط، في سنوات. - على رغم ما سبق هناك مشكلة بين الجنسين في بريطانيا وغيرها من الدول المتقدمة. ما هي المشكلة هذه؟ هي أن نساء كثيرات أصبحن يحققن دخولاً أعلى من دخول أزواجهن، وهناك كتاب مقبل وفيلم عن الموضوع في بريطانيا، كما أن هناك دراسة أميركية تظهر تقدم النساء في ميدان العمل على الرجال لفت نظري فيها أن الأميركيات الناجحات لا يجدن رجالاً للزواج من مستواهن، وأن خريجات الجامعات السود يبلغن ضعفي الخريجين من الرجال السود. - على سبيل التذكير، ثلاث نساء فزن هذه السنة بجائزة نوبل للسلام، وبينهن اليمنية توكل كرمان. - تزامنت دراسات بريطانية مع عيد الأضحى المبارك وهي تظهر أن مئة ألف من البريطانين اعتنقوا الإسلام منذ سنة 2001، منهم 5200 السنة الماضية، ومتوسط عمر المسلمين الجدد 27 سنة، و55 في المئة منهم بريطانيون بيض، ومن هؤلاء 75 في المئة من النساء. الإسلام عظيم، دين وسطي، لا هو إبادة جنس وجرائم حرب وخرافات كاليهودية، أو سلام حتى الاستسلام كالمسيحية. غير أن كثيرين من المسلمين العرب وليس كلهم بالتأكيد لا يرقون إلى عظمة دينهم، وإنما يضطهدون نساءهم. وأعود إلى فاطمة، تلك الشهيدة الحيّة التي زفها أهلها إلى الكابوس الذي دمّر حياتها، لتنام مع ذكرى مأساتها ولتستيقظ عليها. الله لا يصلح ما بِقِوْمٍ حتى يصلحوا ما بأنفسهم، وصلاح أمر الأمة يبدأ بإنصاف الإناث، فهن أعطين نصف فرصة في التعليم وتفوقن على الذكور فيختبئ هؤلاء عجزاً وراء الشرف الذي لا نسمع عنه إلا عندما يكون الموضوع امرأة، أما شرف الرجل، أو قلة شرفه، ففي حماية قوانين وضعها رجال. [email protected]