الفريق الكروي الذي يتم إعداده لكي ينافس ويفوز ويجلب البطولات يحتاج إلى الخبراء في عالم هذه المجنونة، وليس كل الذين يعملون في مجال التدريب خبراء، بل إن هناك من امتهن المهنة من غبر دراية أو حتى تفكير، ويبدو أن مهنة التدريب أصبحت مهنة لمن لا مهنة لهم، ومثل هذه المقدمة السهلة تقودنا للحديث عن المستويات المتواضعة في المنافسات السعودية، بعد أن طغى المال على محيطها، فأصبحت مزاولة كرة القد وظيفة للحضور والانصراف شأنها شأن الكثير من الوظائف التي تدر مداخيل مالية من دون إنتاجية في هذا العالم المليء بالتناقضات. أعود للتركيز على مسألة إعداد الفريق الكروي النموذجي القادر على الإمتاع والإبداع والتفوق والانتصارات، كما كان يحدث لدينا في حقبة زمنية غابرة كانت فيها الكرة الآسيوية تحبو، أما كرتنا فسبقتها بمسافات طويلة، أما الآن فاختلت موازين القوى، فالكرة السعودية عندما كانت من أفضل عشرين دولة في العالم هي اليوم تكاد تلامس الرقم مئة ومن دون أن نتنبه إلى هذا الوضع القائم بسبب اهتمامنا بمن سيفوز بالدوري أو الكأس، أما عندما نشارك خارجياً فإننا نتحسر على ماض يوشك أن يزول. وتلك ليست نظرة تشاؤمية على الإطلاق، إنها الواقع المرير بعد أن فتحنا المجال العملي الكروي على مصرعيه لكل من هب ودب ليدلي بدلوه ويتكسب منه، لم تعد تهوينا او نرحب بالإنجازات التي توسع لنا آفاقاً رحبة تدفعنا للتطور، وأن هم الأندية لدينا إنجازاتها الداخلية ضمن حدود النطاق الضيق، فقد وصلت مشكلاتنا واحتجاجاتنا إلى مكاتب الفيفا بسبب خطأ تحكيمي أو قرار لجنة تابعة لاتحاد الكرة، وشهدنا للمرة الأولى في تاريخ الكرة السعودية قرارات حاسمة من اتحاد الكرة لتطويع المنافسات، بما يتوافق مع الطموحات، ولكن الإصرار ما زال قائماً على من سيفوز بالدوري أو على الأقل من سيصل إلى الأربعة الكبار في الترتيب للمنافسات الآسيوية، وسرعان ما تعود الأندية المتأهلة للبحث من جديد عن أحد هذه المراكز. وذات مرة اجتمعت قبل مواسم عدة أربعة أندية متأهلة للتصفيات الآسيوية، لكي تحتج على الاتحاد الآسيوي لكي لا يقيم المباراة النهائية في شرق آسيا أو تحديداً في اليابان، ونحن أصبحت لدينا خبرة في الاحتجاجات والاعتراضات، على رغم أننا غير معنيين بالأمر، فلا أحد من تلك الأندية وصل للنهائي ولا حتى قريب منه، لماذا نحتج؟ لماذا نعترض؟ هذا هو واقع الحال، إهدار ومضيعة للوقت، ويستهوينا رد الفعل السلبي لكي نكون على الأقل موجودين في الصورة بتلك الصورة التي نخطّط لها. والمشكلة التي يجب تسليط الضوء عليها أن لدينا تزاوجاً غريباً بين الأندية واتحاد الكرة في مسألة الإعداد التي نبني عليها إعداد الكرة السعودية، فالجود من الموجود، فاتحاد الكرة لن يخلق لاعبين جدداً بل هو يركّز على عدد من الأندية الاتحاد والشباب والهلال والأهلي، والغريب أن من ينتقل من هذه الأندية إلى ناد آخر وهو من أعمدة المنتخب لا يعود إلى المنتخب، وكأننا نشترط على من يمثل أن يكون منتسباً إلى أحد الأندية التي تنافس على الدوري، هنا نعود إلى الدائرة الضيقة وهي بطل الدوري، على رغم أن هذا البطل لا يستمر بطلاً عندما ينازل فرقاً خارجية. [email protected]