استشهد « فرمان» ومر نحو عامين من وفاته، لقِّب ب «بطل سيول جدة» وكان مادة الوسائل الإعلامية الدسمة حينها، بعد أن نشرت «الحياة» قصة ذلك البطل منذ اللحظة الأولى لنقله لأقرب مستوصف صحي حتى لقاء ذويه والحصول على صور ومعلومات حصرية عن قصة الوافد الذي أنقذ 14 نفساً بشرية دفع روحه ثمناً لها بعد أن نال الشهادة التي كان يتمناها طوال حياته وهو يصارع موج سيل هائج اجتاح طريق مكةلنجدة أحد المستغيثين، فكان القدر أسرع، إذ تعثر داخل المياه وسقط «البطل». فرمان علي خان الذي كان حديث الناس وبطل «سيل الأربعاء» توقع البعض نسيانه مع مرور الأيام، إلا أن الأبطال لا يموتون تظل أعمالهم خالدة وشاهدة عليهم، غادر جسداً وروحاً فقط وبقيت 14 نفساً ناجية من موت ناظرته أعينهم على يده تدين له بالفضل بعد الله في كل يوم تشرق فيه الشمس وهي على قيد الحياة تمارس حياتها وتراعي أبناءها وبناتها فيما هناك ثلاث فتيات في عمر الزهور، زبيدة (10 أعوام) ومديحة (ثمانية أعوام) وجويراء (ستة اعوام) قدر لهن أن يكملن حياتهن يعانين اليتم بعد استشهاد والدهن «فرمان علي خان» الذي دفع روحه مقابل حياة من أنقذهم فضلاً عن أن الابنة الصغرى «لبطل سيل أربعاء جدة» (جويراء) كانت تتلهف لرؤية والدها فكان قدرها أن تولد ويموت دون أن تراه أو يراها. خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان الأب الحنون والخادم الأمين لوطنه وأمته الإسلامية لم يكن أقل تأثراً بما حدث ولم تنم له عين وهناك من فقدوا ذويهم فكان البلسم الشافي والقلب الحاني الذي احتضن أحزان أسر لقي ذووها وعائلوها حتفهم، فوجه بصرف مليون ريال لأسرة كل شهيد قضى في تلك الكارثة المشؤومة من دون تمييز أو تفريق بين مواطن ومقيم عربي أم عجمي، وكان «فرمان علي خان» ضمن تلك القائمة الطويلة فوصلت مكرمته إلى وادي سواط الذي يبعد نحو 300 كيلو متر شرق مدينة بيشاور الباكستانية مسقط رأس الشهيد فرمان لتسهم في مساعدة بناته على إكمال مسيرتهن التعليمية وسد حاجاتهن المعيشية. ملك هذه البلاد، وعلى رغم مشاغله وهمومه تجاه وطنه وأمته ضرب أعظم الأمثلة في تكريم الشهداء الأبطال وتأكيد وجودهم وعدم نسيان ما قدموه من تضحية فأصدر أوامره بمنح «بطل سيول جدة» (فرمان) وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى نظير عمله البطولي. وفيما يستعد ستة من أفراد أسرة البطل الباكستاني (هم والداه وزوجته وثلاثة من ذويه) للقدوم إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج على نفقة خادم الحرمين والذين ينتظرون إنهاء إجراءاتهم في السفارة السعودية في باكستان، تلقت خبر توجيه خادم الحرمين الشريفين بمنح فرمان علي خان وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى أثناء بثه في قناة «new news» الباكستانية فكانت سعادتها كبيرة بوفاء ملك الإنسانية وأعربت من خلال «الحياة» عن شكرها وتقديرها لخادم الحرمين الشريفين لمنح الشهيد هذا الوسام الغالي الذي كان له وقع نفسي كبير على بناته وزوجته ووالديه الذين يفخرون بتضحية ابنهم وعمله البطولي ونيله الشهادة التي يتمناها كل مسلم وقال شقيقه المقيم في السعودية محمد عزيز علي خان في حديثه إلى «الحياة» إن أسرته علمت بتوجيه خادم الحرمين قبله بعد أن بثته إحدى المحطات المحلية الباكستانية مضيفاً أنه تلقى العديد من الاتصالات التي تهنئه وتبلغه حصول الشهيد فرمان على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى مشيراً إلى أن ذلك ليس غريباً على خادم الحرمين الشريفين ملك الإنسانية والوفاء وأضاف «هذا الوسام يعد فخراً لبنات وزوجة ووالدي الشهيد وأشقائه» وقال إن أسرته تنتظر إنهاء إجراءات قدومها لأداء مناسك الحج في ضيافة خادم الحرمين الشريفين والتي تتمنى فرصة السلام على خادم الحرمين الشريفين وتسليمها وسام الملك عبدالعزيز الذي كان له أثر ووقع نفسي كبير لهم وأعربوا عن شكرهم وتقديرهم لملك الإنسانية والحكومة السعودية والشعب السعودي الوفي وقال إن الحكومة الباكستانية كانت أيضاً قدمت نوط الشجاعة للشهيد وقامت بمنح أسرته قطعة أرض في إسلام آباد. واختتم بشكره الخاص وأسرته لجريدة «الحياة» التي كانت تتابع قصة استشهاد شقيقه «فرمان علي خان» منذ بدايتها ومتابعتها الدائمة وسؤالها عن أحوال أسرته في وادي سواط في باكستان.