استشهد فرمان علي خان غرقاً، وبقي عمله البطولي شاهداً لذكره ونخوته التي أنقذت 14 نفساً من موت محقق في طوفان سيول جدة الأول، فقضى الشهيد قبل أن يفي بوعد قطعه على نفسه أمام زوجته أن يبذل قصارى جهده لتوفير كلفة الرحلة إلى مكة بهدف الحج، فكان له أن استحق الجزاء الأوفى بتقدير سعودي أغدق به خادم الحرمين الشريفين بتمكين أسرته من أداء «فريضة العمر» في مفارقة وافقت الذكرى الثانية لاستشهاده. عمل الشهيد فرمان البطولي لم يغب عن ذاكرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، خصوصاً أن استشهاده مختلف عن غيره في تلك «الكارثة» إذ أظهر بطولة غير مسبوقة حينما ترك «بقالته» الصغيرة التي يقتات منها ما يكفيه ويسد حاجة أسرته من دون أن يغلق أبوابها، ملبياً لنداءات استغاثة أناس جرفتهم السيول في طريق مكة على غير معرفة منه بهم، كان دافعه إنسانياً ودينياً نابعاً من قناعته، وقلبه الذي لا يعرف الخوف عدا من الله. ما قام به فرمان، كان يتابعه الملك عبدالله بإحساس المسؤول وقلب الأب فظل عمله راسخاً، فكرم تلك الأسرة التي أنجبت مثل هذا البطل ووجه بمنحه وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى واستضافة ستة من أفراد أسرته لأداء فريضة الحج وزيارة المسجد النبوي وكأنه كان يعلم رغبة الشهيد في إحضار أسرته لأداء الفريضة فتحقق لهم ذلك. توجيه خادم الحرمين بدأ حيز التنفيذ، فبدأت السفارة السعودية في إسلام آباد ومن خلال سفيرها عبدالعزيز بن إبراهيم الغدير في إبلاغ الأسرة والشروع في إنهاء إجراءات رحلتهم للأراضي المقدسة حتى إيصالهم إلى مطار العاصمة الباكستانية الذي كان السفير السعودي أول المودعين للأسرة المكونة من والد ووالدة وزوجة وشقيقتي وشقيق الشهيد وقدم لهم المساعدات اللازمة لاستكمال رحلتهم في راحة وحسن ضيافة. وعند التاسعة والربع من مساء السبت الماضي، كان مطار الملك عبدالعزيز في حالة تأهب لاستقبال أسرة البطل، وفيه كانت «الحياة» التي رافقها شقيق الشهيد المقيم في السعودية محمد عزيز في مقدم مستقبلي الأسرة إضافة إلى بعض المسؤولين في لجنة استقبال برنامج استضافة خادم الحرمين للحجاج وفي مقدمهم رئيس اللجنة في وزارة الشؤون الإسلامية عبدالعزيز الناصر، فقدمت لهم وسائل الراحة كافة لاستكمال رحلتهم إلى مكةالمكرمة من خلال الحافلات المجهزة التي كانت في انتظار الأسرة في شكل خاص وبقية الضيوف البالغ عددهم 60 حاجاً من جمهورية باكستان. وعبر والد الشهيد علي خان ل «الحياة» عن سعادته القدوم للأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج، مثمناً ما قام به خادم الحرمين الشريفين لهم من ضيافة وحسن استقبال وما شملهم به من عطف من خلال المكرمة الملكية لأسرته ومنحه ابنه وسام الملك عبدالعزيز واستضافتهم للحج، وقال : «هذه الأعمال الجليلة تشعرنا بالفخر والاعتزاز، وعلى رغم حزني على فراق فرمان لكن سعادتي أنه توفي من أجل الإنسانية وإنقاذ الأرواح أكبر، فنحن نفخر به»، مشيداً ب «الحياة» التي عرفها «حسب إفادته» من خلال ما كان يصله من طريق ابنه محمد عزيز وشقيق زوجة الشهيد، مضيفاً: «كانا يزوداننا بمتابعة عمل ابنه واستشهاده منذ اليوم الأول وحرصهم على التواصل مع أسرته لنقل المعلومة الصحيحة وتقديم المساعدة لشقيق الشهيد حتى استكمال الإجراءات كافة ونقل الجثمان للدفن». ولم تخف والدة الشهيد فرمان بعد وصولها جدة حزنها على فراق ابنها الذي نعتته ب «البار»، إلا أنها أكدت ل «الحياة» أن استشهاده وإنقاذه أرواحاً بشرية يجعلها تشعر بالفخر والاعتزاز بعمله البطولي الذي سيبقى خالداً، مقدمة شكرها لخادم الحرمين الشريفين على اهتمامه وتكريمه بمنحه وسام الملك عبدالعزيز الذي تتشرف به أسرته وكذلك استضافته لهم لأداء الحج. وبحنين وحزن الزوجة على فراق شريك عمرها، جاء حديث زوجة الشهيد ل «الحياة» مفعماً كسابقيها بالاعتزاز بما خلفه من بطولة يفتخر بها ما خفف عليها ابتعاده النهائي عنها، وأردفت: «أفخر بأنني زوجة بطل شهيد ومسلم ضحى بحياته لإنقاذ 14 نفساً بشرية، الحزن لا يمكن إخفاؤه والسعادة تغمرني وأنا أحقق رغبة الشهيد في القدوم لأداء الحج التي حققها لنا خادم الحرمين الشريفين الذي غمرنا بعطفه وكان معيناً لنا بعد الله في تخفيف ألم الحزن والفراق». شقيقتا الشهيد و «شقيقه» ( الذي يتكلم العربية الفصحى التي تعلمها خلال دراسته في أحد المعاهد الإسلامية في باكستان) لم يزيدوا عن عبارات الفخر بما قدمه شقيقهم فرمان من عمل إنساني بطولي، مضيفين في حديثهم ل «الحياة»: «نشكر ملك هذه البلاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على كل ما قدمه لتكريمنا المتمثل في تكريم الشهيد». بدوره، ذكر رئيس لجنة الاستقبال في برنامج استضافة خادم الحرمين الشريفين في وزارة الشؤون الإسلامية عبدالعزيز الناصر ل «الحياة» أن أسرة الشهيد فرمان علي خان وجهت لها دعوة خاصة وبرنامجاً خاصاً يشمل ستة من أفراد أسرته، مبيناً أنهم استقبلوا وتم نقلهم بعد أخذهم فترة راحة من خلال حافلات حديثة ومجهزة إلى مقر إقامتهم في مكةالمكرمة ومن ثم سيتولى البرنامج نقلهم وإقامتهم في المشاعر المقدسة حتى استكمال فريضة الحج وزيارة المسجد النبوي حتى عودتهم ويشمل البرنامج توفير كل حاجاتهم وزياراتهم حتى وداعهم آيبين إلى بلادهم.