بروكسيل - رويترز، أ ف ب - أظهرت مسودة بيان لزعماء الاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا مساء أمس في بروكسيل أن حكومات الاتحاد قد تقدم ضمانات للمصارف التي تطلب تمويلاً لتفادي أزمة ائتمانية ومساعدتها على مواصلة إقراض الاقتصاد. وأضافت مسودة البيان التي توضح النتيجة المتوقع الاتفاق عليها في قمة رؤساء الدول والحكومات الأوروبية: «هذا أيضاً جزء أساسي من استراتيجية كبح الإجراءات الرامية لخفض مستوى الدين». وأوردت المسودة أن هناك اتفاقاً واسعاً على تعزيز معدل كفاية رأس مال المصارف إلى تسعة في المئة بعد أخذ القيمة السوقية لحيازاتها من الديون السيادية في الحسبان، لكنها لم تورد رقماً إجمالياً لكلفة إعادة رسملة المصارف الأوروبية. ولفتت المسودة إلى «وجوب الوصول إلى هذا المستوى الكمي المستهدف لرأس المال بحلول 30 حزيران (يونيو) 2012». ولا يزال يتعين على قادة دول منطقة اليورو التغلب على كثير من الصعوبات قبل أن يتوصلوا إلى خطة تهدف إلى تسوية أزمة الديون وقد تتضمن مساهمة من الصين. وكان مقرراً عقد اجتماعين، إذ يلتقي رؤساء الدول والحكومات في بلدان الاتحاد الأوروبي ال27 أولاً لبحث إعادة رسملة المصارف لتمكينها من امتصاص الصدمة. وبعد ذلك يلتقي قادة دول منطقة اليورو ال17. شطب ديون وهذان الاجتماعان هما المرحلة الأخيرة من سلسلة لقاءات بدأت منذ نحو أسبوع سعياً إلى منع انتشار أزمة الديون التي انطلقت من اليونان نهاية 2009 وباتت تثير مخاوف العالم بأسره الذي يخشى حصول أزمة مالية عالمية معممة. ووضِعت الخطوط العريضة لاتفاق يهدف إلى إرساء الاستقرار في اليونان من خلال إقناع المصارف الدائنة بشطب ما لا يقل عن نصف الديون المتوجبة لها (نحو مئة بليون يورو) وإعادة رسملة المؤسسات المالية التي تحتاج إلى ذلك في المقابل، ومنع انتشار الأزمة إلى إيطاليا بفضل تعزيز تدابير الاحتواء في منطقة اليورو. وينبغي من الآن وصاعداً أن يعطي مجلس النواب الألماني موافقته على أي قرار مهم يتعلق بالصندوق الأوروبي للاستقرار المالي. وقال ديبلوماسي أوروبي منتقداً هذا الإجراء إن مجلس النواب الألماني «فرض نفسه على طاولة القمم الأوروبية، بوسعنا إبداء أسفنا لذلك الأمر، لكن هذه هي الحال». كذلك يتعين تخطي عدد من العقبات الأخرى. فالمفاوضات مع المصارف الدائنة لليونان لم تصل إلى نتيجة بعد لأنها لا تزال تتمنع عن القبول بخسائر تزيد عن 50 في المئة من الديون. وتدفع الحكومة الألمانية في اتجاه اعتماد أقصى نسبة ممكنة رافضة أن تتحمل الدول العبء الأكبر في أزمة ديون أثينا. أما فرنسا، فتدعو إلى الحذر خشية زعزعة استقرار القطاع المالي، مدعومة في موقفها هذا من البنك المركزي الأوروبي. وأخيرا لا تزال تفاصيل خطة تعزيز صندوق الاستقرار الأوروبي غامضة. وعارضت ألمانيا باسم استقلالية البنك المركزي الأوروبي، مشروع إعلان في قمة منطقة اليورو يشجع المؤسسة المالية على مواصلة دعم إيطاليا وإسبانيا في الأسواق، ما وضعها في موقف معارض لفرنسا. وأجريت مفاوضات بين كبار الموظفين في منطقة اليورو استمرت حتى وقت متأخر من ليل أول من أمس وتواصلت أمس حتى عقد القمتين. آلية الاستقرار ويجري الحديث عن رفع قدرة التدخل المستقبلية لهذا الصندوق إلى ما لا يقل عن ألف بليون يورو. وقال أحد المفاوضين «هذا هو الهدف الذي نسعى إليه». لكن لا شيء كان يضمن التوصل في نهاية القمة إلى رقم محدد إذ إن الصيغ المتداولة لزيادة وسائل صندوق الاستقرار الأوروبي لا تسمح بذلك في الوقت الحاضر. والخيار الأول هو اعتماد نظام لحفز إقراض الدول التي تواجه أوضاعاً صعبة، من خلال ضمان الاعتمادات في شكل يضمن للمستثمرين تسديد جزء من الديون المترتبة لهم. أما الخيار الثاني، فينص على آلية أو آليات خاصة تستند إلى الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي أو صندوق النقد الدولي وتكون مفتوحة أمام مستثمرين من الخارج. وبدأت مفاوضات مع الدول الناشئة الكبرى من مجموعة «بريكس» (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا)، وفق ما أفاد ديبلوماسي. ووافقت بكين حتى الآن على المساهمة وأعلن مصدر ديبلوماسي لوكالة فرانس برس أن «الصين موافقة، لكن البرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا لم توافق بعد». وتبقى مشكلة إيطاليا. وإزاء أخطار انتشار أزمة الديون إلى هذا البلد، يضغط القادة الأوروبيون على رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلوسكوني من أجل أن يعطي ضمانات بخفض ديون بلاده وإصلاح اقتصادها لقاء تضامنهم معه. وتوصل بيرلوسكوني في اللحظة الأخيرة مساء الثلثاء إلى اتفاق على الحد الأدنى مع حليفه رابطة الشمال في شأن إصلاح النظام التقاعدي. وأوردت الصحف الإيطالية أنه يعتزم رفع رسالة إلى بروكسيل يتعهد فيها بإجراء إصلاحات واتخاذ تدابير حفز النمو التي وعد بها منذ الصيف، لكن من غير المؤكد أن تكفي هذه الرسالة لشركائه في بروكسيل.