كانت جلسة «لجنة حقوق الإنسان» في المجلس النيابي اللبناني أمس التي بحثت خلالها مواضيع سياسية وأخرى قضائيّة على خلفية خطف معارضين سوريين على الأراضي اللبنانية، صاخبة جدًا، إذ بلغ الصراخ مسامع الإعلاميين والموظفين خارج القاعة فتراكضوا إلى اقرب مكان، وهو غير مسموح تخطيه، لاستراق السمع. وساد الجلسة هرج ومرج، وكاد نوع من العراك يحصل بين النائبين علي عمار وأحمد فتفت وبين الأول والنائب خالد ضاهر. وشهدت الجلسة التي رأسها النائب ميشال موسى وحضرها، اضافة إلى عدد كبير من النواب، وزيرا الداخلية مروان شربل والعدل شكيب قرطباوي والنائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا والعقيد سامي خوري والمقدم باسم الأحمدية من وزارة الدفاع والرائد نادر أبي نادر والملازم فادي ملك عن المديرية العامة للأمن العام، وفق نواب الفريقين «اصطفافات سياسية ونقاشات حادة في مناقشة الخطف» وأجمع نواب من الفريقين على أن الموضوع خرج عن المسار الإنساني وأن النقاشات ضاعت في متاهات الأخذ والرد وتبادل الاتهامات بالتقصير الأمني ورد ميرزا بأن الملفات غير مكتملة حول القضايا الثلاث. وكان اللافت غياب المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي عن الجلسة خلافاً للسابقة التي حضرها وشبّه في مداخلته عملية خطف شبلي العيسمي بخطف الإخوة جاسم. وكانت الدعوة وجهت فقط إلى وزير الداخلية الذي لم يحضر الجلسة السابقة. وفي المعطيات، لاحظ نواب «جبهة النضال» ونواب المعارضة أن «الجلسة لن تصل إلى خواتيمها خصوصاً بعد مداخلات النواب علي عمار ونواف الموسوي وغازي زعيتر الذين كانوا يطلبون الكلام بالنظام مرات عدة ويقولون إنه لا يجوز التعامل مع دولة شقيقة بهذا الشكل إذ أن هناك مواثيق ومعاهدات واتفاقات مع سورية يجب احترامها والاحتفاظ بها وهذه إساءة للبلد، وراحوا يتكلمون عن موضوع شهود الزور ويقولون إن المحكمة الدولية أميركية ثم بدأوا يشككون في كلام ريفي ويتحدثون عن تسريب المعلومات عن موضوع الإخوة السوريين من آل جاسم». وسئل وزير الداخلية عن معلوماته فقال: « أنا كلفت اللواء ريفي بموضوعي المخطوف جوزف صادر والعيسمي، أما الموضوع الثالث فكان رأياً شخصياً وفي اليوم الثاني رفع لي تقريراً عن مقاربة لعملية الخطف». ولدى سؤال ميرزا عن موضوع الإخوة جاسم وطلبه تجميد الملف قال: «لا معطيات لدينا وما زالت التحقيقات لدى الأجهزة». وأضاف: «من زاوية قضائية يبقى الملف مفتوحاً. لقد جاءتني وكالة من محامي أهل الإخوة جاسم «محمد علي حمادة»، تطلب صرف النظر عن الدعوى وللتأكد من صحة هذا الأمر طالبت باستقصاء عن مكان الأب والأم وزوجة الابن الأكبر وكان العنوان الأخير في برمانا ولم يجدوا لهم أثراً ولم يأتني جواب بأنهم غادروا». وهنا اتهم عمار والموسوي اللواء ريفي بأنه ركب عملية الاتهام نظراً إلى الخلاف المستشري بينه وبين (سلفه) اللواء علي الحاج كون (الضابط) صلاح ابنه، «وكلنا نعرف قضية شهود الزور». ورد بعض نواب المعارضة بأن هذه المعلومات موجودة في القضاء العسكري والملف مجمد هناك. وقال النائب اكرم شهيب: «حينما طرحنا ملف العيسمي واختفائه من زاوية إنسانية قلتم لنا إننا نثير موضوعه من زاوية سياسية لإسقاط النظام السوري لمصلحة إسرائيل. هذا الرجل ناضل طوال حياته ضد إسرائيل وأطماعها وسياستها التوسعية، ويا حبذا لو أن إسرائيل قتلته لكنا سعينا من اجل إحضار جثته ورثيناه». وأضاف: «لم يكن أمامنا من طريق للكشف عن مصير العيسمي سوى العمل من خلال لجنة حقوق الإنسان النيابية خصوصاً بعدما وجدنا انه مضى على اختفائه اكثر من خمسة اشهر ولم يسال عنه احد ولم تتحرك السفارة السورية في لبنان للسؤال عن ملابسات اختفاء احد مواطنيها وهو ليس بإنسان عادي، انه نائب رئيس جمهورية سابق في سورية وأحد مؤسسي حزب البعث ومن اكبر قيادييه. ولم نطرح اختفاءه إلا من زاوية انسانية، ولم نتوخ من تحركنا استهداف أي فريق». وقال شهيب ل «الحياة»: «هناك تمييع بالكلام وتضييع للحقيقة. هناك معطيات واضحة، الملف أخذ بعده السياسي ويجب أن يبقى في موقعه الإنساني، وعلى القضاء أن يقول كلمته». وقال فتفت في مداخلته: « كلنا نعرف انقلاب القمصان السود. كله من اجل ملف شهود الزور، تفضلوا افتحوا لنا الملف». ورد عليه عمار قائلاً: «انت تتكلم عن القمصان السود. انتم القلوب السود. انتم جماعة كوندوليزا رايس انتم متآمرون». وهنا طلب النائب زياد القادري من النائب موسى شطب الكلام من المحضر «وإلا سيكون لنا موقف لأن هذا الكلام غير مقبول». وزاد عمار: «انتم قتلتم أطفالنا في حرب تموز، لا ننسى التآمر ورايس والشاي ومرجعيون. ثم حمل قنينة مياه بيده فتدخل نواب وأخرجوا عمار لدقائق ثم أعيد واستكملت الجلسة بعدما كان الموسوي طلب تأجيلها لوجود عمار في الخارج ولا يجوز الرد عليه. إلا أن فتفت أصر على الكلام : «تقولون عن مرجعيون والشاي، التحقيق لم ينجز، وأنا بشهادة وفيق صفا أمام شهود في وزارة الداخلية قال أنا اكثر وزير خدمت «حزب الله». وتوجه إلى عمار بالقول: «انتم تهددون لأن معكم سلاحاً وترفعون صوتكم ونحن ليس لدينا سلاح انتم لا تقبلون الرأي الآخر». وأضاف: « القاضي ميرزا كمدعي عام تمييز لديه سلطة تقديرية. أنا أريد التأكد في شأن إسقاط الدعوى والتراجع عن الملاحقة. هناك ملف طويل عريض نشر وموجود في القضاء العسكري وهناك إفادات وشهود حول الضابط وتنقلاته. هل كل هذه الأمور لا تستحق العودة إلى فتح التحقيق ( في قضية الإخوة جاسم المخطوفين) خصوصاً أنكم قلتم إن الأهل غير موجودين وهذا مثير للريبة». وسأل: «هل سجل الأمن العام خروجهم من لبنان؟». ورد ميرزا : «هذه السلطة التقديرية للقضاء، إما أن يحفظ الملف أو يحرك». قيل له: «إن التراجع الشخصي لا يسقط الحق العام والضابط تعرض للعقوبة المسلكية في خصوص خطف الإخوة جاسم». وبعد الجلسة قال النائب موسى: «أن «اللجنة أوصت بمتابعة هذه القضايا وان القضاء وعد بالإسراع في تبيان الحقائق في هذه المواضيع. وأكد أن اللجنة «تدين الخطف، وتشدد على معاقبة أي مرتكب لأي خطف على الأراضي اللبنانية». وقال النائب مروان حمادة بعد مغادرته الجلسة إن اللجنة «لن تتوصل إلى شيء ولن تعلن شيئاً ولن تتخذ أي إجراء والمجالس بالأمانات ومداولات اللجنة يجب أن تبقى سرية، ولكن يسعني أن أقول ما قلته في اللجنة قبل أن أخرج من القاعة: نحمد الله أن هناك محكمة دولية». وقال النائب جورج عدوان: «نحن أمام خلل موجود برسم وزير العدل تجب معالجته، وكانت هناك مراجعة لأكثر من قضية، وفوجئنا بأن ملف الإخوة جاسم، ومنذ شهر شباط لما يتم تحريك أي شيء فيه والأكثر من ذلك طرحنا سؤالاً على وزير العدل حول إشارة مفوض الحكومة إلى أن محضر التحقيق يضع إيداع إشارة ويترك أشخاصاً رهن التحقيق». وأضاف: «هذا الملف فيه أمور عدة، أولاً يتعلق بالحق العام وليس بالحق الشخصي، وتراجع هؤلاء عن ادعائهم لا يغير شيئاً في مسار الحق العام، إذ توجد في هذا الملف معطيات وضعت في ايدي القضاء، ولم يفعل شيئاً «. وقال فتفت: «ما حصل في الجلسة نضعه بتصرف رئيس المجلس نبيه بري لأنها تحولت إلى هرج ومرج وسباب وشتائم وتهديدات لي شخصياً من قبل النائب عمار حتى انه طلب أن نلتقي برا ( في الشارع)». وفي المقابل أوضح النائب نوار الساحلي(حزب الله) أنه «في الجلسة الماضية قال اللواء ريفي أنه يتحدث بصفته الشخصية وربط موضوع العيسمي بقضية آل جاسم واليوم قدم القاضي ميرزا وثائق لم تعجب البعض». وشدد على أن «موضوع شهود الزور لم يقفل لكن الحكومة السابقة رفضت النقاش فيه»، لافتاً إلى أن وزير العدل شكيب قرطباوي يعد الملف. وإذ اكد أن «كلام فتفت كان قاسياً ومستفزاً وحصل رد عليه». ونفى أن يكون عمار هدد فتفت وإنما قال له: «تعال نطلع لبرا ونحكي». على صعيد نيابي آخر أكد النائب محمد قباني خلال لقائه سفير قبرص هومر مافروماتيس مضمون القرار «الذي تم التوصل إليه في اجتماع اللجان المشتركة حول تمسك لبنان بالنقطة 23 كحد أدنى جنوباً من خط الوسط بين لبنان وقبرص»، مؤكداً أن لبنان لن يبرم الاتفاقية مع قبرص قبل إجراء التصحيح المطلوب.