سرت (ليبيا) - أ ف ب - يحتج إبراهيم الأزهري وهو من أبناء سرت، معقل العقيد معمر القذافي ومن القلائل الذين انضموا إلى صفوف «الثوار»، على تدمير ونهب مدينته المحاصرة في عملية تبدو له وكأنها انتقام من مسقط رأس الزعيم المخلوع. وقال المهندس الشاب وهو يحمل بندقية رشاشة صينية الصنع: «نحن غاضبون لأن سرت هي المدينة التي تعرضت إلى أكبر دمار» منذ بداية الانتفاضة الشعبية على النظام الليبي السابق. وبعد شهر من معارك طاحنة كانت قوات السلطات الليبية الجديدة لا تزال تقصف حتى أمس بالأسلحة الثقيلة مجموعة منازل في وسط سرت تتحصن فيها فلول قوات القذافي. وفي هذه المدينة الساحلية التي كانت تعد مئة ألف نسمة لم تبق بناية إلا وتضررت من المعركة العنيفة التي تدور رحاها بالمدافع والقذائف والبنادق الهجومية، حتى غمرت المياه عدداً من شوارعها وعمت الحفر طرقها وتهشم زجاج مبانيها. وفي حين يقر إبراهيم بأن السيطرة على آخر معاقل القذافي يبرر هذه الخسائر المادية، فهو لا يوافق على انتهاك حرمة منازل عائلات المدينة. وبينما أضرمت النار في العديد من المنازل المحسوبة على مقربين من القذافي خلال الأيام الأخيرة، يقول بحدة: «لا تهمني المباني المتضررة، أعلم أن الثوار يواجهون مقاومة شرسة هنا ويتعين عليهم استخدام المدفعية الثقيلة لقتل القناصة المتربصين لكن لماذا يدخلون المنازل ويخربونها ويحرقونها»؟ كما يُسجّل حصول سرقة السيارات ونهب الآلات المنزلية والأثاث وكل ما تم الاستحواذ عليه في سيارات مكشوفة وأحياناً أمام الملأ. وقال إبراهيم الذي لجأت زوجته الحامل ووالداه إلى مزرعة عائلية شرق سرت، إن «منزلي مقلوب رأساً على عقب». وأضاف غاضباً أن «المقاتلين الذين دخلوا منزلي فتشوه وشاهدوا صوري العائلية ولوثوا ثياب زوجتي، لقد انتهكوا حرمتي!». وتابع: «عندما اكتشفت هذا المشهد صدمت»، لا سيما أنهم من رفقائه. وروى إبراهيم أنه قبل المعارك في سرت «وزع اتباع القذافي علينا أسلحة وقالوا لنا إن رجال المجلس الوطني الانتقالي سيقتلون عائلاتنا، لكنني لم أصدق ذلك قط لأنني كنت أساند هذه الثورة منذ البداية». ولكن على رغم ذلك «بدأ الناس في سرت مثلي يكرهون هذه الثورة» التي تحوّلت على حد قوله إلى انتقام من سكان المدينة الذين ينظر إليهم على أنهم من أنصار القذافي. وقال إبراهيم: «نعم لقد كان العلم الأخضر (علم نظام القذافي) يرفرف أمام منزلي كما كافة منازل سرت وذلك لحماية عائلتي فقط». وأضاف أن من ارتكبوا ذلك ينتمون إلى قوات مصراتة، تلك المدينة التي قصفها نظام الزعيم المخلوع باستمرار منذ الربيع الماضي. وأكد فيصل برنقو المقاتل على الجبهة الغربية حيث كل المباني والمنازل تحمل آثار المعارك، أن نهب منازل سرت -من قبل «أقلية» كما قال- قد يترك جراحاً. وتساءل: «ماذا سيظن الناس لدى عودتهم بعد المعارك؟»، قبل أن يضيف جواباً على سؤاله: «مع الأسف ستبقى نقطة سوداء في قلوب سكان سرت عندما تنتهي الحرب».