حفلت جلسات اليوم الأول من ملتقى «الاتجاهات الحديثة في العقوبات البديلة»، الذي بدأ أمس أعماله بالكثير من النقاشات حول الأحكام التي تصدر من بعض القضاة وتصل إلى السجن وتقييد الشخص عن أسرته لفترات طويلة، يشكك مراقبون في جدواها، ويقترحون عوضاً عنها «أحكاماً تصلح ولا تفسد». ودعا المشاركون أمس إلى ضرورة الحد من إصدار أحكام بالسجن في الجرائم البسيطة، واستبدالها بجلد مضاعف، أو بتنويع العقوبات البديلة، مثل دفع غرامات مالية بدلاً من السجن، أو إجبار الجاني على العمل في حفر القبور لمدة محددة، أو مواظبته في المحافظة على أداء الصلوات جماعة، وكذلك كتابة أبحاث دينية وغيرها، مما يجلب له منفعة أو يدفع عنها ضرراً. وقال عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله بن خنين خلال مداخلته إن السجن هو إحدى العقوبات المتاحة، وليس كل العقوبات، وأن التوسع في أحكام الجلد أفضل للجاني ولأسرته ولعمله، ويوفر عليه الكثير. وأضاف: هناك أعباء كثيرة تتحملها الدولة في سجونها وما يصرف عليها، لذلك ينبغي التوسع في تطبيق البدائل عن السجن. وأشار رئيس التفتيش القضائي في مجلس القضاء الأعلى الشيخ ناصر المحيميد إلى أن «التوسع في إصدار العقوبات البديلة لا يعني بأي حال، ثني العقوبات الأصيلة نفسها. ثم إن كثرة أعداد السجناء ومخالطتهم بعضهم لبعض، تكسبهم مهارات إجرامية، يتأثر بها أصحاب الجرائم البسيطة، ومن ثم يتحول الضرر إلى معنوي وأسري، وهناك من يطالب بأن تحقق البديلة مفهوم الردع، وألا يتم تمييعها، كون الهدف منها الإصلاح». كما وجهت دعوات من المشاركين إلى المطالبة بإلزام القضاة بزيارة السجون مرة كل شهر للاطلاع على أوضاع السجناء، ورؤية ما آلت إليه أحكامهم، مؤكدين أن كثيراً من القضايا التي يحكم فيها بالسجن عادة ما تكون نقطة تحول للسجناء ودخولهم عالم الجريمة من بابها الواسع وكسب الخبرات السيئة من قدامى السجناء، وقال أحد المشاركين في جلسة الأمس: «كنت أتمنى لو زار القضاة السجون وعلموا ما فيها، إذ لو فعلوا لاختاروا الأيسر في هذه الأحكام وهي «العقوبات البديلة»، التي تأتي من منطلقات دينية وإنسانية. واقترح أحد القضاة أثناء مداخلته أمس أن يكون سجن القصر أو النساء في منازلهم، فتوفر لهم غرفة ويشرف على وضعها داخل المنزل من جانب إدارة السجن، لأنها ستكون الأصلح لهم، وتتم متابعتها ومراقبتها إلكترونياً. وحذر القاضي نفسه مما يسمى ب«اليوم المفتوح» الذي يُقام عادة في السجون، لأنه فرصة لتعريف السجناء البسطاء بالأكثر جرماً. كما انتقد بعض المشاركين أمس ما أسموه ب«العقوبات الغليظة» التي تصل إلى حبس الشخص في السجن لفترة طويلة، تجعله عرضة للتدهور والانتقام الشخصي من مجتمعه.