في بطننا أعضاء كثيرة هي المعدة والكبد والمرارة والبانكرياس والطحال والمثانة والكليتان والرحم والمبيضان لدى المرأة والأمعاء، وهذه الأخيرة تحتل حيزاً واسعاً من البطن، وتتميز عن غيرها بسهولة مطها وشدها وانتفاخها وتخريشها وحساسيتها. إن تعرض أي عضو من أعضاء البطن إلى "محنة" ما يؤدي إلى حدوث أوجاع لا يمكن أحياناً تحديد سببها بدقة إلا بعد إجراء تحريات سريرية ومخبرية تسمح بالتعرف على منشأ الألم. وبشكل عام يمكن القول إن أي وجع عنيف، كضرب السكين، مترافق مع شحوب ودوخة وتعرق يتطلب استشارة طبية عاجلة. عندما يحدث ألم البطن تتجه الأنظار أولاً بأول إلى الزائدة الدودية. والواقع أن هذا التوجه هو عين الصواب، لأن حدوث التهاب حاد مجهول للزائدة قد يتطور إلى ما لا يحمد عقباه، فيتحول خلال ساعات قليلة من التهاب صامت، إلى التهاب مدمر يجعل حياة المصاب به على كف عفريت. وهجمة التهاب الزائدة تبدأ عادة بألم في أعلى البطن، أو حول السرة مع نوبة أو نوبتين من التقيؤ، وبعد ذلك ينتقل الألم إلى الربع السفلي الأيمن من البطن، حيث يتموضع الألم ويزيد حدة وشدة أثناء المشي أو السعال، إضافة إلى هذا يشكو المصاب من توعك بسيط ونقص الشهية على الطعام وحمى خفيفة 38 إلى 5.38 درجة، وعند جس الطبيب لمنطقة الزائدة فإنه يثير ألماً نوعياً. إن فحص الدم غالباً ما يؤكد التشخيص، إذ يُبيّن زيادة في عدد الكريات البيض وارتفاعاً في سرعة ترسب الدم. طبعاً ومتى تم تشخيص التهاب الزائدة الدودية، فإن العلاج الوحيد هو اللجوء إلى مبضع الجراح. وألم البطن قد يحدث عقب الإصابة بالتهاب حاد في المعدة والأمعاء والذي كثيراً ما يلتبس مع التهاب الزائدة الدودية. إن هذا الالتهاب قد ينتج عن جراثيم وفيروسات، وهذه الأخيرة غالباً ما تكون منشأ العلة، وهو يحصل نتيجة تناول طعام أو شراب ملوث أو إثر انتقاله عن طريق الأيدي الملوثة. ويكثر حدوث التقيؤ والغثيان والاسهال في التهاب المعدة والأمعاء، والحرارة تكون طفيفة أو غائبة. إن الالتهاب كثيراً ما تكون نهايته حسنة، إذ يشفى خلال 48 ساعة من تلقاء نفسه. على أي حال يجب مراجعة الطبيب لدى ارتفاع الحرارة، أو عند المعاناة من تقيؤات شديدة، أو اسهال عنيف، أو مشاهدة الدم في الخروج. وقد يكون الكبد مسؤولاً عن نوبة الألم في البطن، وهذا الألم كثيراً ما يأتي عقب وجبة ثقيلة دسمة، وهو يتموضع في أسفل الكبد وفوق منطقة المعدة ويتصف بانتشاره نحو لوح الكتف وفي بعض الأحيان قد يمنع المصاب من التنفس العميق. إن مثل هذه العوارض غالباً ما تضرب المرأة بعد سن الأربعين وسببها على الأرجح وجود حصيات في المرارة أو حدوث انسداد في القنوات الصفراوية للكبد. ويسمح التصوير بالأمواج فوق الصوتية بالحصول على التشخيص. ولسبب من الأسباب قد تنسد الأمعاء جزئياً أو كلياً، فتنتج عند ذلك نوبات متقطعة من الألم البطني المترافق بالتقيؤ والانتفاخ والقرقرة ويصبح المصاب غير قادر على الأكل، ولا تستطيع أمعاؤه طرد الفضلات ولا حتى الغازات، وهذه المشكلة تشكل حال طارئة يتوجب معالجتها بأقصى سرعة. والتهاب البانكرياس الحاد قد يكون مصدر ألم البطن المفاجئ الشديد والمستمر، وغالباً ما يزداد الألم أثناء المشي أو لدى الاستلقاء على الظهر، ولكنه يتحسن بالجلوس والانحناء نحو الأمام، وقد ينتشر الألم إلى الظهر أو إلى الكتف الأيمن أو الأيسر. ويتموضع الألم في أعلى البطن ويترافق مع غثيان وتقيؤ وتعب شديد وتعرق وقلق. واللافت أن النوبة كثيراً ما يسبقها تناول مشروبات روحية أو وجبة دسمة. وعند فحص المريض فإن الطبيب يسجل وجود زيادة في ضربات القلب مع هبوط الضغط وشحوب في الجلد، ويكون هذا الأخير بارداً رطباً. وهناك أسباب متعددة تقف وراء التهاب البانكرياس، من هنا ضرورة سبر السبب الفعلي وعلاجه، لأنه كلما كانت المعالجة باكرة كانت النتائج جيدة، وبالتالي كان الشفاء أسرع. ولحسن الحظ، فإن غالبية حالات ألم البطن تأتي من اضطرابات فيزيولوجية وظيفية تطرأ على القولون، إذ في هذه الأحوال لا توجد أي آفة عضوية، وكل ما هنالك وجود مضايقات مزعجة يقف على رأسها ألم البطن، إضافة إلى ظهور واحد أو أكثر من العوارض، مثل الإمساك أو الاسهال أو الغثيان أو التقيؤ أو انتفاخ البطن والقلق والكآبة. إن اتباع نظام غذائي صحي واتخاذ بعض التدابير البسيطة مثل حذف المآكل النيئة والمشروبات الغازية، وممارسة الرياضة والاسترخاء غالباً ما تعطي الحل المنشود في ازالة الاضطرابات الوظيفية للقولون، وإذا لم تعطِ هذه حلاً، فإن وصف بعض الأدوية كفيل بوضع حد لها. ويجب ألا ننسى أن ألم البطن يكون صرخة الانذار الرئيسية لآفات تضرب الكلية أو المثانة أو الطحال، أو الرحم وملحقاته عند المرأة، وحتى الأوعية الدموية والغدد اللمفاوية في البطن يمكن لها أن تسبب آلاماً بطنية، وفي جميع هذه الحالات فإن استجواب المريض وفحصه واختيار التحاليل المخبرية والفحوصات الشعاعية اللازمة، كثيراً ما توجه أنظار الطبيب المعالج نحو السبب أو الأسباب المؤدية إلى ألم البطن. بالمختصر المفيد، على المصاب الذي يعاني من ألم في البطن أن يفعل الآتي: 1- أن يبقى هادئاً. 2- أن يراقب حرارته وخروجه. 3- مراجعة طبيبه في حال ظهور قساوة في جدار البطن أو المعاناة من تقيؤات شديدة أو اسهالات قوية. وعلى المريض أن يتحاشى الآتي: تناول الملينات والمسهلات. ارتداء ثياب ضيقة أو مشدودة. النوم فوراً بعد تناول وجبة ثقيلة. تناول أدوية من دون استشارة الطبيب