ثلث حالات العقم، لا بل أكثر، سببها الجنس الخشن أي الرجال، والشيء اللافت ان عدد الحيوانات المنوية لدى الذكور آخذ بالانحدار سنة بعد سنة الى درجة أن بعض المعنيين بهذا الأمر بدأوا يطلقون صيحات الانذار محذرين من التدهور الذي طرأ على الحيوانات المنوية عدداً ونوعاً في العشرين سنة الأخيرة، والآثار السلبية على النمو الديموغرافي. والتدهور في الحيوانات المنوية هو اكثر مشاهدة في الدول الصناعية، فبين العامين 1973 و1992، وجد البحاثة ان تركيز الحيوانات المنوية في الدفق الواحد هبط بشكل ملحوظ. وفي 1995 أجريت تحريات على المتبرعين بالحيوانات المنوية في باريس فجاءت النتيجة لتدل على وجود انخفاض واضح في نوعية تلك الحيوانات. وفي دراسة حديثة شملت ألف رجل من باريس وكوبنهاغن وادنبرة اسكوتلندا وتوركو فنلندا سجل القائمون على الدراسة شيئين مهمين: أولهما نقص عدد الحيوانات المنوية في السنتيمتر مكعب، وثانيهما تراجع حركة الحيوانات المنوية، وكما هو معروف فإن القدرة على الانجاب تعتمد بالدرجة الأولى على كمية الحيوانات المنوية وحركتها الجيدة . والسؤال: ما هو السبب الذي يقف وراء تدهور الحيوانات المنوية نوعاً وكماً؟ هنا نلقي الضوء على هذه المشكلة: هناك من العلماء من اتهم المواد الكيماوية والمبيدات الحشرية معتبراً إياها بأنها وراء انخفاض تعداد الحيوانات المنوية، وبالتالي ازدياد حالات العقم عند الرجال. وفي هذا النطاق قام باحثون بدراسة شملت 225 رجلاً في احدى مناطق بالارجنتين مشهورة بخصوبة رجالها، فاتضح لهم، بعد اخضاعهم لفحوص سريرية وبيولوجية دقيقة، ان اولئك الذين تعرضوا للمبيدات الحشرية والعشبية كانوا أقل قدرة على الانجاب مقارنة بأولئك الذين لم يتعرضوا لتلك المواد. الخبراء في كل من فرنسا والارجنتين يعتقدون أن للمبيدات تأثيراً ساماً على الخصيتين والغدد التناسلية الأخرى، اذ أنها تحدث خللاً على صعيد الهرمونات. من ناحية أخرى، فإن عدد حالات الاصابة بسرطان الخصية آخذ بالارتفاع منذ 20 سنة، ويعتبر هذا الورم من أكثر السرطانات شيوعاً في سن ال25 الى 35 عاماً. ارتفاع حرارة الخصيتين: يؤثر سلباً على وظيفة انتاج النطف المنوية وتوالدها. ان الرجل اليوم يظل جالساً ما يقارب ست ساعات يومياً بحكم عمله ووظيفته وهذا من شأنه أن يسهم في رفع حرارة الخصية. أيضاً فإن الملابس الضيقة جداً الجينز، السليب تؤدي بدورها الى زيادة حرارة كيس الصفن غلاف الخصيتين بمعدل درجة واحدة بعد أيام على لبسها، لهذا ينصح الرجال الذين يملكون حيوانات منوية قليلة العدد أن يلبسوا ثياباً فضفاضة وأن يستعملوا الدوش البارد بدلاً من المياه الساخنة فهذا يساهم في زيادة انتاج الحيوانات المنوية. استعمال الحفاضات البلاستيكية عند الأطفال الذكور: الباحثون الألمان من جامعة "كايل" اتهموا هذه الحافضات بأنها الشرارة التي اشعلت فتيل العقم عند الرجال خلال ربع القرن الأخير، لقد قام هؤلاء بدراسة ميدانية على 48 طفلاً ذكراً لم تتجاوز أعمارهم خمس سنوات. قسم هؤلاء الى مجموعتين، الأولى وضع لهم حفاضات قطنية، أما الثانية فارتدوا حفاضات بلاستيكية. وبعد قياس درجة حرارة الخصى في كلتا المجموعتين، وجد العلماء ان الذين ارتدوا الحفاضات البلاستيكية يملكون حرارة أعلى بدرجة واحدة من اولئك الذين وضعوا حفاضات قطنية. ما التفسير؟ يقول العلماء ان سبب ارتفاع الحرارة يرجع الى أن الحفاضات البلاستيكية تؤثر على آلية التبريد الطبيعية الأمر الذي يرفع من حرارة جو الخصية فتضعف قدرتها على توليد النطف. الشدة النفسية الستريس: ان تعريض الحيوانات المنوية للضغوط النفسية في المختبر أدى الى اصابتها بالعقم وبناء على ذلك يعتقد العلماء بأن الشيء نفسه يحصل عند الانسان. "احذر طعامك" هذا هو الشعار الذي وضعته احدى صحف الدنمارك في عنوان بارز على صفحاتها في العام الماضي. لقد ذكرت الصحيفة ان منتجات "كورن فليكس" تحتوي على مواد كيماوية تضر بالصحة وبالحيوانات المنوية للرجل خصوصاً، وبالتالي الى اصابته بالعقم. أخيراً وليس آخراً، اذا كنت أيها القارئ تعاني من أزمة نقص في عدد الحيوانات المنوية، فما عليك سوى أن ترفع حصتك اليومية من فيتامين حامض الفوليك ومعدن الزنك. لقد قام الباحثون بمتابعة 200 رجل نصفهم يعانون من مشاكل في الخصوبة. وفي ختام الدراسة استطاع الباحثون ان يسجلوا زيادة في عدد الحيوانات المنوية عند أولئك الذين يشكون من نقص في الخصوبة بعد اعطائهم مزيج من حامض الفوليك والزنك، وحتى عند اولئك الذين يملكون خصوبة طبيعية سجل العلماء عندهم زيادة في عدد نطفهم