متزوجان منذ أكثر من ثلاث سنوات. جو العلاقة بينهما أصبح مكهرباً. السبب عدم تمكن الزوجة من الحمل. المقربون من الزوجين بدأوا يطرحون علامات استفهام. كل من الزوج والزوجة أخذ ينظر إلى الآخر بعيون الاتهام بأنه هو المسؤول عن التأخر في وقوع الخبر السعيد. بدأت المفاوضات «الديبلوماسية» بينهما لحل مشكلة تأخر الحمل. بعد أخذ ورد بلغ صداه آذان بعض الجيران، قبلت الزوجة على مضض أن تستشير الطبيب لإجراء الفحوص اللازمة. النتائج جاءت كلها لمصلحة الزوجة. حملت الشريكة النتائج ورمتها في حضن شريكها قائلة له: اقرأ النتائج وستعرف من المسؤول؟ اطلع الزوج على التقرير الطبي، وفي اليوم التالي توجه الى الطبيب المختص في العقم الذي طلب له فحصاً للسائل المنوي. النتائج جاءت ناطقة، هناك نقص حاد في عدد الحيوانات المنوية هو السبب في منع وقوع الحمل. وبدأ مشوار البحث عن سبب ضحالة عدد الحيوانات المنوية. خضع الزوج إلى ترسانة من الفحوص السريرية والمخبرية والهورمونية والشعاعية، فجاءت كلها سليمة. ضرب الطبيب أخماسه بأسداسه. وفجأة خطر في باله أن يستفسر من مريضه عن أمر ما. طرح عليه السؤال الآتي: هل تأخذ حمامات ساونا؟ استغرب المريض السؤال وأجاب وعلامات التعجب على وجهه: نعم. هز الطبيب برأسه وقال مخاطباً مريضه: أعتقد أن حمام الساونا هو السبب. وكي يقطع الطبيب الشك باليقين أوعز إلى مريضه بالامتناع عن الساونا لمدة شهرين على أن يقوم بعدها بتحليل السائل المنوي. وبالفعل نفذ الزوج نصيحة الطبيب. وبعد 60 يوماً أجرى الفحص المطلوب، فجاءت النتيجة ايجابية للغاية من حيث عدد الحيوانات وحركتها ونشاطها. إن مظاهر المدنية الحديثة تركت تداعيات على خصوبة الرجل التي أخذت تشهد تراجعاً ملموساً في السنوات الأخيرة. ومن بين الأسباب التي ساهمت ولا تزال في تدهور الخصوبة عند الرجل هي حمامات السونا، التي ترفع من حرارة الجو المحيط بالخصيتين. لقد أثبتت دراسات علمية بما لا يدع مجالاً للشك أن تعرض الخصية إلى حرارة أعلى من حرارة الجسم يؤدي إلى توقف إنتاج الحيوانات المنوية ونموها. وفي هذا الإطار سبق لمجموعة من الباحثين من جامعة بادوا الإيطالية أن أوضحوا أن الرجال الذين يمضون وقتاً في حمامات الساونا في شكل متكرر يتعرضون لخطر تناقص معدل الخصوبة. وذكر البحاثة أن قضاء 15 دقيقة مرتين أسبوعياً على مدى 3 أشهر في حمامات الساونا يؤدي إلى تدهور في عدد الحيوانات المنوية بنسبة 50 في المئة بالمقارنة مع عددها قبيل البدء في استعمال حمامات البخار، أما السبب فيرجع إلى الزيادة في درجة حرارة الجو المحيط بالخصيتين بمعدل درجتين أو أكثر. وعلى الصعيد ذاته كشفت دراسة قام بها باحثون من جامعة كاليفورنيا على 11 رجلاً استغرقت ثلاث سنوات أن السخونة المفرطة لحمامات الساونا تؤثر في خصوبة الذكور، وأن مجرد التوقف عن أخذ حمامات الساونا لبضعة أشهر أدى إلى زيادة عدد الحيوانات المنوية وإلى تحسن في حركتها لدى خمسة رجال من المجموعة التي شاركت في الدراسة. ومن حرارة الساونا ننتقل إلى حرارة الحاسوب المحمول، فهو الآخر ضالع في تراجع الخصوبة عند الذكور. الباحثون من جامعة نيويورك حذروا الرجال الذين يستعملون «اللابتوب» من وضعه على ركبهم أو في أحضانهم لأن هذا السلوك يقود إلى رفع درجة حرارة الخصيتين إلى حد خطير يقتل الحيوانات المنوية ويعرّض أصحابها لمشكلات في الإنجاب. وليست حرارة الكومبيوتر المحمول وحدها هي التي تؤثر في الخصوبة، بل إن تقنية الاتصال التي تستعمل عليه يمكنها أن تكون ضالعة هي الأخرى، ففي دراسة علمية حديثة نشرت في المجلة الطبية للخصوبة والعقم، أوضحت خلاصتها أن استعمال الرجال لأجهزة «اللابتوب» الموصولة لا سلكياً بالشبكة العنكبوتية عبر تقنية «وايفي» يمكنها أن تؤثر في شكل ملحوظ في الخصوبة، خصوصاً عند وضع تلك الأجهزة بالقرب من الأعضاء التناسلية. أما الهواتف المحمولة فحدّث ولا حرج، فقد بينت دراسات أنها تلحق أضراراً بالغة بالحيوانات المنوية، بدءاً بضعف نوعية النطاف (الحيوانات المنوية)، مروراً بقلة أعدادها، وانتهاء بتراجع حركتها في شكل لافت، وكلما طال استعمال الهاتف كانت المساوئ أكثر على الخصوبة، وتحصل كل هذه المساوئ من خلال التأثيرات التي تتركها الموجات الكهرومغناطيسية والموجات الحرارية الصادرة عن المحمول على الغدة النخامية، وعلى خلايا الخصية، وبالتالي على الحيوانات المنوية. ولا يجب إغفال دور الموجات فوق الصوتية على الخصوبة، ففي دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة كارولينا الشمالية على الفئران أوضحت أن إنتاج الحيوانات المنوية لديها توقف بعد تعرضها للموجات فوق الصوتية بترددات عالية لمدة 15 دقيقة متواصلة على مدى جلستين. وليس مستبعداً أن ينطبق هذا الأمر على الإنسان. ويجدر التنويه إلى أن الفحص بالأمواج فوق الصوتية هو احدى الوسائل التشخيصية المستعملة لتقويم مشكلة العقم عند الرجال. ختاماً، لقد شهدت السنوات العشر الأخيرة زيادة ملحوظة في نسبة العقم عند معشر الرجال بلغت الضعف تقريباً، وهذا يعود في الدرجة الأولى إلى مظاهر الحياة العصرية التي أثرت في الحيوانات المنوية شكلاً وحجماً ومضموناً وحركة. ومن أجل الحفاظ على قدر أعلى من الخصوبة عند الذكور نسوق النصائح الآتية: 1- يجب إجراء فحص السائل المنوي كجزء من الفحوص قبل الزواج للكشف عن وجود أي مشكلة وعلاجها في الوقت المناسب. 2- علاج التهابات المسالك البولية أياً كان مصدرها في شكل صارم لمنع حدوث اختلاطات لها انعكاسات سلبية على وحدات الإخصاب. 3- الحفاظ على الوزن المثالي لأن الزيادة في الوزن وبالتالي الإصابة بالسمنة يعرضان معشر الرجال إلى نقص في الخصوبة. 4- تجنب كل ما من شأنه رفع درجة حرارة الخصيتين مثل ارتداء بناطيل الجينز الضيقة أو الإكثار من أخذ حمامات الساونا، أو وضع اللابتوب في الأحضان أو على الركبتين. 5- تفادي كل ما من شأنه أن يؤثر في وظائف مراكز توليد الحيوانات المنوية في عقر دار الخصيتين مثل التدخين، والمبيدات الزراعية، والملوثات البيئية، وبعض الأدوية. 6- تفادي التعرض لنقص بعض العناصر المهمة للحيوانات المنوية مثل الفيتامين سي، والفيتامين ي، ومعدن الزنك، ومعدن السلينيوم، فهذه لها دورها في شكل أو في آخر في تحسين نشاط الحيوانات المنوية. [email protected]