يواجه الأطباء في اليابان مرضاً جديداً مستعصياً لا يدركون سبل معالجته. فهو ليس بفيروس، والحمى ليست من عوارضه. انه مرض نفسي جديد يمكن تفسيره بالتقدم الكبير الذي شهدته اليابان في السنوات الأخيرة واتساع المعرفة لدى المواطنين وانفتاحهم على قراءة الكتب والمنشورات المتعددة المتخصصة وغير المتخصصة. خلاصة الأمر أن "المريض" يتوجه الى الطبيب وبعدما يشرح له ما يعانيه، وعوضاً عن أن يطلب منه تشخيصاً لمرضه، يبدأ هو بتشخيص ما يعتقد أنه مصاب به، ويستعمل لهذا كلمات علمية يستعملها المتخصصون، لا بل يذهب الأمر ب"المريض" إلى حد وصف الدواء اللازم لمداواة هذا المرض! وقد يتبادر إلى الذهن أن الأمر مجرد "فشة خلق" ومحاولة تطمين النفس من قبل المريض. ولكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فهؤلاء المرضى ينتظرون من الطبيب أن يشخص المرض مثلما شخصوه بأنفسهم، وأن يصف الدواء الذي وصفوه لأنفسهم. وفي حال جاء تشخيص الطبيب مخالفاً وهذا ما يحدث في أغلب الأحيان فإن المرضى يتوجهون الى طبيب آخر، وهكذا دواليك بحثاً عن طبيب يأتي تشخيصه مماثلاً لما يعتقدون أنهم مصابون به! وتشكل هذه الظاهرة مشكلة كبرى لدى النظام الطبي الياباني ونظام الضمان الاجتماعي المرتبط به. فهي من جهة تضاعف نفقات المعالجة وتساهم في زيادة عجز موازنة الضمان الصحي، ومن جهة أخرى تزيد من الاختناق الذي تعرفه المراكز الصحية والعيادات الطبية. كما أن لهذه الظاهرة، في كثير من الأحيان، انعكاسات خطرة على صحة هؤلاء المرضى. فقد يكونون بحاجة إلى معالجة حقيقية يرفضونها بسبب هذا المرض الجديد. ويقول أحد الفكاهيين في جريدة يابانية عن هذه الظاهرة أنها تفرض علاجاً نفسياً مسبقاً لكل مريض مهما كان مرضه قبل أن تبدأ معالجته الطبية، كما تفرض البدء بمعالجة الأطباء الذين باتوا يشكون من أزمات نفسية حادة بسبب هذه الظاهرة التي فحواها منافسة المرضى للأطباء!