تخشى ايران التي أوفدت اخيراً مبعوثين الى دول الخليج، وعززت تقاربها مع العراق، أن تكون اتهامات الرئيس الاميركي جورج بوش لها حول سعيها لحيازة أسلحة دمار شامل، ودعم الارهاب مقدمة لاستهدافها في الحرب المعلنة ضدّ ما يُسمى "الارهاب". وتحركت ايران لتعزيز تقاربها مع العراق ودول الخليج العربية في آن، إذ أرسلت محمد صدر نائب وزير الخارجية الى مسقط وأبوظبي، وأرسلت وزير الدفاع علي شمخاني الى الدوحة، ما يعكس مخاوفها من تصعيد اللهجة الاميركية ضدها. وبموازاة ذلك دشّنت مع العراق فصلاً جديداً من العلاقة من شأنه أن يرسم ملامح المرحلة المقبلة لمواجهة تهديدات اميركية لكل من البلدين. وجاءت زيارة وزير الخارجية العراقي ناجي صبري الحديثي الى طهران لتضع البلدين على سكة مواجهة التحديات المشتركة. لكن مصادر في طهران أكدت أن القيادة الايرانية التي تشعر بالتفاؤل الحذر إزاء الجهود الرامية نحو تطبيع العلاقات بشكل كامل مع العراق. أشارت الى أن طهران لا تزال متحفّظة على المضي بخطوات التطبيع السريع، خلافاً لما يريده الجانب العراقي الذي حرص على توقيت زيارة وزير الخارجية في هذه الظروف المعقّدة التي يمر بها كل من ايرانوالعراق وما يتردد عن انهما سيصبحان هدفاً تالياً للحرب على الارهاب. وقال مستشار الرئيس الايراني للشؤون السياسية محمد رضا تاجيك إن بلاده لا تثق تماماً بالرئيس العراقي صدام حسين. جاء ذلك ردّاً على مطالبة الوزير العراقيايران بالتنسيق مع بغداد لمواجهة التهديدات الاميركية. وعلى رغم ذلك دعا الرئيس محمد خاتمي الى تسوية الخلافات بين البلدين على قاعدة "التوافق المتبادل وتطبيع العلاقات". وتربط أوساط بين التحسن في العلاقات العراقية - الايرانية، والتطور الذي تشهده علاقات بغداد مع دمشق - الحليف الاستراتيجي لطهران. وتشير الى احتمال أن يؤدي هذا التقارب بين الدول الثلاث الى تنسيق في المواقف لمقاومة تحدّيات المرحلة بعد اتفاقات لربط هذه البلدان بخطوط للسكك الحديد والاتفاق الأخير بين العراقوايران حول الرحلات الجوية خصوصاً لنقل الحجّاج الايرانيين لزيارة العتبات المقدّسة في العراق، واتفاق على استخدام كل طرف المجال الجوي للبلد الآخر. وتعدّ زيارة الوزير العراقي الى طهران استثنائية، إذ تمّ التحضير لها جيداً. وستضع نتائجها حلاً لعدد من الملفات الانسانية، منها العودة الطوعية للاجئين العراقيين الى بلادهم وتطبيع العلاقات التي كانت متعثّرة على الدوام بسبب احتضان كل طرف للمعارضة المناوئة للطرف الآخر. وشددت ايران على نفيها للاتهامات الاميركية لها واعتبرتها عدائية ولا تستند الى اساس، بل عدّتها تدخّلاً مرفوضاً في شؤونها.