اكد عضو أمانة سر "لقاء قرنة شهوان" سمير فرنجية في حديث الى "الوسط" موقع اللقاء المستقل عن رئيس الجمهورية إميل لحود ورئيس الوزراء رفيق الحريري، مؤكدا انفتاحه على الحوار مع أفرقاء آخرين، ولذا يدرج التحالف مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في اطار التوافق السياسي بين الجانبين. لكن فرنجية أشار في المقابل إلى وجود خصم صريح ل"قرنة شهوان" هو الأجهزة الأمنية التي تضطلع في رأيه بدور سلبي في علاقة القرنة برئيس الجمهورية، متهما إياها بمحاولة إعادة "العامل الاسرائيلي" الى المعادلة اللبنانية من خلال توجيه الاتهامات الى بعض الاطراف ومواجهتها، الا انه اعتبر في الوقت نفسه ان وضع البلاد "خطير الى درجة توجب تخطي هذه الأوضاع والشروع في حوار جدي لإيجاد الحلول المناسبة". وفي ما يأتي نص الحديث: أين موقع "قرنة شهوان" بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة؟ - جرت محاولة لوضعنا في احدى هاتين الخانتين، وقد اعتبر البعض اننا في خانة معارضة الرئيس لحود. "القرنة" ليست في أي من هذين المعسكرين، بل هي في مكان آخر. نحن نبحث عن حل فعلي للمشاكل التي تعاني منها البلاد، ولسنا طرفاً مع الرئيس الحريري ضد الرئيس لحود، ولا مع لحود ضد الحريري. لكننا نعتبر ان على الدولة التضامن في ما بين أركانها تحت سقف القانون والدستور، وأن تعمل على اشراك اللبنانيين في ايجاد حل لمشاكلهم. لسنا طرفاً في هذا الصراع ونعتبره في النهاية صراعاً عقيماً لأنه يكلف البلاد كلفة باهظة في وقت تعاني فيه من أزمة خانقة. وجهت "قرنة شهوان" انتقادات الى السياسة الاقتصادية للحريري، وهي انتقدت اخيراً على نحو غير مباشر العهد ورئيسه، خصوصاً حيال ما حصل من توقيفات وملاحقات واعتداءات على معارضين ناشطين! - نحن وجهنا انتقادات الى السياسة الاقتصادية للحريري معتبرين انه لا يمكن اصلاح الوضع الاقتصادي من دون اصلاح سياسي، ونحن في هذا الموقع نلتقي مع رأي المؤسسات الدولية في هذا الموضوع. فصندوق النقد الدولي يتحدث عن محاربة الفساد وعن الديموقراطية والمشاركة وعن مسائل لها علاقة بالسياسة. وأفضل مثال على ذلك ما حصل في الأرجنتين حيث الاصلاحات الجذرية الاقتصادية بدأت بعد التغيير الذي جرى على مستوى السلطة وأبعاد العسكر ومجيء نظام حكم مدني. لذا لا يمكن ايجاد حل فعلي لأزمتنا الا بمشاركة الناس في القرار وفي التنفيذ. طالبنا بذلك مراراً وكان الحريري يعتبر هذا الكلام موجهاً ضد مشروعه الاقتصادي وان أي ربط بين الاصلاحين السياسي والاقتصادي يحول دون اجراء الاصلاح الاقتصادي. في الآونة الأخيرة واجهنا محاولة الأجهزة الأمنية ضرب "قرنة شهوان" باعتقال أعداد وأعداد من الشباب بلا مبرر كما ظهر بعد إطلاقهم، وبتوجيه الاتهامات واطلاق إشاعات، وكأن مهمة هذه الأجهزة ضرب "قرنة شهوان". وهي نجحت في اقناع الرئيس لحود في لحظة من اللحظات بان القرنة دخلت مع الحريري وجنبلاط في مؤامرة لاطاحة العهد. وهذا اتهام سخيف لأن "قرنة شهوان" مصرة أساساً على احترام الدستور والقوانين. ولذا وجهنا انتقادات شديدة ضد الأجهزة ولا نزال، وطالبنا بمحاسبة المسؤولين عما جرى. لكننا نعتبر ان وضع البلاد خطير الى درجة تفرض تخطي هذه الأوضاع والشروع في بحث وحوار جديين لإيجاد الحلول المناسبة. فالبلد في خطر شديد، وهذا الخطر يطال لبنان ويطال سورية ايضاً، لأن انهيار الليرة اللبنانية سيؤثر سلباً على الليرة السورية. وبالتالي فالمسؤولية مشتركة على كل الأطراف من أجل توحيد الجهد وانقاذ البلد. الظاهر حتى الآن ان الحليف الفعلي ل"قرنة شهوان" هو وليد جنبلاط، فلماذا ليس هناك توجه نحو الرئيس نبيه بري اذا كان المطلوب عدم نشوء تكتلات طائفية ومذهبية؟ - علاقة "القرنة" مع وليد جنبلاط مميزة بلا شك لسبب رئيسي هو اننا نتشارك في التوجهات السياسية. وقد حصلت أخيراً خطوة تاريخية نتيجة جهد مشترك لإنهاء الصراع بين الدروز والمسيحيين الذي دام 150 عاماً، وكان عاملاً أساسياً في ابقاء التوتر قائماً في النظام السياسي اللبناني. أنهينا هذا الصراع عبر اجراء مصالحة تاريخية. ويبدو ان هذه المصالحة أزعجت البعض فاعتبرها موجهة ضده في حين ان أهميتها تتخطى كل الصراعات الحالية الداخلية، وهي صفحة مشرقة في تاريخ لبنان الحديث ومنذ قيام دولة لبنان. وهذه مشكلة كانت تؤثر على العلاقات بين اللبنانيين. كنا نتوقع ان نقابل بتنويه من السلطة على تحقيق هذه المصالحة التي كانت غائبة عنها. لكن على عكس توقعنا قامت السلطة برد فعل وكأن المصالحة موجهة ضدها. ونحن ووليد جنبلاط و"المنبر الديموقراطي" خضنا معركة الدفاع عن الحريات والديموقراطية في الفترة الأخيرة. وأعتقد بان ما جرى، للمرة الأولى منذ نهاية الحرب الأهلية في لبنان، يكتسب أهميته من اجراء لقاء بين أطراف أساسيين من طوائف ومناطق مختلفة على قاعدة المستقبل وليس على قاعدة الاتفاق ضد أفرقاء آخرين او للقضاء على طرف ثان، أي الاتفاق على نظرة مشتركة الى المستقبل. هذا هو حجم العلاقة مع وليد جنبلاط. أما في ما يتعلق بالرئيس نبيه بري، فقد أيدنا المبادرة التي أطلقها حيال بكركي سابقاً، لكنه انكفأ بعدها وانقطعت الصلة معه. ونحن نتمنى معاودتها. هل هناك محاولة من أجل ذلك؟ - نتمنى ذلك، ونحن جاهزون تماماً لهذه العلاقة. في المقابل أقيمت علاقة مع "حزب الله" من خلال ما أطلقنا عليه اسم "اللقاء اللبناني للحوار". بالتأكيد لم يكن لقاء بين "قرنة شهوان" و"حزب الله"، لكنه بين أطراف في هذين الفريقين وآخرين للحوار والبحث عن حلول للمشكلات القائمة. هناك سياسة انفتاح تشقها "القرنة" في كل الاتجاهات، وليس كما يشاع الاصطفاف في معسكر ضد معسكر آخر. وما جرى في المدة الأخيرة، خصوصاً تجاوزات الأجهزة، هو محاولة لإعادة ادخال العامل الاسرائيلي في الحياة السياسية اللبنانية. عندما قامت "قرنة شهوان" وأعلنت وثيقتها التاريخية في 30 نيسان أبريل عن العداء لإسرائيل ودعم المقاومة وانتفاضة الشعب الفلسطيني وبناء علاقة مميزة مع سورية وتجديد مفهوم العروبة وضرورة وضع مشروع عربي للسلام في مواجهة ما يعرض علينا من مشاريع، هذا التحول التاريخي لم تتعامل معه الدولة بطرفيها، اي الرئيسين لحود والحريري، على النحو اللازم وكما يجب، بل حاولت الأجهزة الأمنية رد الأوضاع الى المراحل السابقة بالكلام عبر اشاعات وتسريبات صحافية عن اتصالات باسرائيل، وكأن العامل الاسرائيلي لا يزال موجوداً وكأننا لم نحرر البلد ولم نتقدم ولم ننته من هذه المسألة، وكأن اعتدال "قرنة شهوان" وانفتاحها أزعج الأجهزة، أو كأنها تخاف ان تفقد مبرر وجودها. فهي تفتعل المؤامرات والاتصالات مع العدو وما سوى ذلك للقول بأن وجودها لا يزال حاجة وطنية في هذا البلد. ومن المؤسف ان الدولة لا تتعامل مع المسيحيين بالتحديد كما يجب، بل تفضّل التعامل مع الذين كانوا في الميليشيات او تعاملوا مع اسرائيل او الذين تابوا بحسب نظرية الدولة. فنجد في مجلس الوزراء مثلاً عدداً من الوزراء كانت لهم علاقات مع اسرائيل مباشرة او مداورة. هناك وزراء لعبوا دوراً في ايصال بشير الجميل الى رئاسة الجمهورية. في الحكومات السابقة كان هناك وزير متهم بالمشاركة الأساسية في مجزرة صبرا وشاتيلا. أما المسيحيون والتيار المسيحي المعتدل، فهناك محاربة مستمرة لهم. أبعدوا التيار العربي عند المسيحيين واقصوه عن أي مركز في السلطة. بينما هناك جهد من المخابرات لإعادة تكوين "قوات لبنانية" جديدة، وجهد كبير للسيطرة على حزب الكتائب. وكأن المسيحيين كما يصوّر عنهم، هم متعاملون مع اسرائيل لكنهم تائبون عن هذا التعامل. بينما واقع الأمر ان الأكثرية المسيحية هي أكثرية وطنية وعربية تريد التعايش مع المسلمين والانفتاح على العالم العربي. وهذه الأكثرية هي التي تزعج الأجهزة التي تحرص على الغاء هذا البعد عند المسيحيين. ما هو الدور الذي يضطلع به البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير في رعاية "قرنة شهوان" والتي يقال أنها الوجه السياسي لمواقف البطريرك؟ - "قرنة شهوان" نشأت نتيجة مبادرة من عدد من الشخصيات السياسية تجمعت حول خطاب البطريرك صفير وحول توجهاته الوطنية ليس لتمثيله ولكن لترجمة هذه التوجهات الوطنية الى خطوات سياسية. وهذه مهمة السياسيين وليست مهمة البطريرك والأساقفة. البطريرك يضع الخطوط العريضة للتوجه الوطني بينما السياسة هي لأهل السياسة. والمحاولة كانت لتوحيد الكلمة حول توجه معتدل يشكل منطلقاً للحوار مع المسلمين. هذا هو سبب نشوء "قرنة شهوان". عنوان الوثيقة التي أعلنتها الوثيقة من بكركي في 30 نيسان هو "من أجل حوار وطني". وبدأنا اتصالاتنا مع قوى اسلامية وقوى مسيحية أخرى غير ممثلة في "قرنة شهوان" لبلورة هذا المشترك الجامع بين اللبنانيين. وأستطيع القول ان هذه الاتصالات أثمرت في نهاية المطاف، وأن هناك مناخاً جديداً في البلاد لم يكن سابقاً قبل سنة أو اثنتين أو ثلاث سنوات. البطريرك صفير ليس رئيساً ل"قرنة شهوان" بل هو مرجع لكل أبناء الطائفة المارونية وليس لفريق منها دون آخر، كما ان خطابه لم يكن يوماً خطاباً طائفياً بمعنى انه لم يطالب يوماً بأمر يخص المسيحيين وحدهم وانما يهم اللبنانيين جميعاً. وكان الاصرار الوحيد للبطريرك على "القرنة" هو ضرورة الانفتاح على المسلمين. واصراره هو على هذه المسألة وعلى الحوار. هل هناك اتجاه لدى "قرنة شهوان" لضم أفرقاء من طوائف أخرى على غرار تحالفها مع جنبلاط ومع "المنبر الديموقراطي" الذي هو تجمع مختلط؟ - عندما تشكلت "قرنة شهوان" كانت للرد على سؤال مطروح هو: أين هم المسيحيون؟ ومن يمثلهم في الحوار؟ واذا أردنا التحاور، فمع مَن مِن المسيحيين؟ اذاً كان هناك اصرار على الوسيلة، وقد التقينا حول هذه الوسيلة وليس لتشكيل قوة او تجمع مسيحي ممثل لكل المسيحيين في لبنان. لقاؤنا حول هذه الوسيلة للقول بأن هناك طرفاً في الوسط المسيحي هذه هي توجهاته ويريد التواصل والحوار مع الآخرين. بين "قرنة شهوان" ووليد جنبلاط و"المنبر الديموقراطي" هناك التقاء واسع. وأستطيع القول بأن التمايزات صغيرة الى درجة انها تغيب عن البال. أما مع أفرقاء آخرين فهناك حوار وهناك تمايزات. وهناك أفرقاء مسلمون رحبوا بالحوار مع "القرنة" كالرئيس سليم الحص والرئيس عمر كرامي ونواب "التكتل الطرابلسي"، بدليل انه عندما جرت محاولة من الأجهزة لإعادتنا الى أجواء الفتنة، والجميع يتذكر التظاهرة التي قام بها "الأحباش" حاملين الفؤوس والسكاكين، كان الضامن لثبات الوضع هو الموقف الاسلامي ضد ظواهر مرضية كهذه. في البيان التأسيسي ل"قرنة شهوان" مطالبة بتصحيح العلاقات اللبنانية - السورية وبإعادة انتشار الجيش السوري في لبنان، فهل تعتزم "القرنة" محاورة السوريين بالواسطة او مباشرة؟ وهل هناك اتصالات بينكم وبينهم؟ - لا اتصالات مباشرة. لكن لا شك في ان هناك مناخاً بعد الصدام الذي نشأ مع السوريين في الأشهر الماضية على أثر نداء مجلس الأساقفة الموارنة في 20 أيلول سبتمبر 2000. بعد هذا الصدام الذي طال وأخذ مداه، بدأت محاولة ردم الهوة أولاً بتقويم ايجابي لخطوة الاعلان عن اعادة انتشار الجيش السوري في لبنان من حيث هو اقرار مبدئي، وكان هناك ثانياً تقويم ايجابي لكلام الرئيس السوري بشار الأسد حول ان الأخطاء في العلاقات اللبنانية - السورية هي أخطاء مشتركة تقع ليس على عاتق اللبنانيين فحسب، وانما ايضاً على عاتق السوريين. هناك مناخ أعتقد انه أفضل مما كان عليه في الماضي. لكن ينبغي الانطلاق من هذه الايجابية توصلاً الى حوار أساسي حيال هذه المسألة. وقد يكون هذا الحوار غير مباشر، وليس بالضرورة ان يكون مع السوريين، بل مع السلطة اللبنانية التي هي في موقع يمكّنها من محاورة السوريين أكثر منا