سجل فائض الميزان التجاري لمجموع الدول العربية رقماً قياسياً بلغ 50.7 مليار دولار في العام 2000، بزيادة نحو 4 مرات عن فائض العام 1999 البالغ 10.2 مليار دولار، وهو نمو كبير لفت نظر خبراء صندوقي النقد العربي والدولي اشارات الى ان نمو التجارة العربية بلغ 42.6 في المئة، وهو اكثر من ضعف نمو التجارة الدولية البالغ 19.3 في المئة. وتتوقع مصادر اقتصادية ان ينخفض نمو التجارة العربية وبالتالي الفائض في الميزان التجاري العربي خلال العام الحالي والعام المقبل، متأثراً بالنتائج السلبية لتفجيرات نيويورك وواشنطن، وتطورات الحرب في افغانستان وانعكاساتها على مسيرة الاقتصاد العالمي بشكل عام والاقتصاد العربي بقدر انفتاحه على الخارج، ويبرز التراجع نتيجة عاملين رئيسيين. الاول، يتعلق بالركود الذي يشهده الاقتصاد العالمي اثر احداث نيويورك وتطوراتها. الثاني، انخفاض اسعار النفط والذي يؤثر مباشرة على قيمة صادرات الدول العربية ووارداتها. وما يؤكد ذلك ان سبع دول نفطية عربية تشكل صادراتها نحو 80 في المئة من اجمالي الصادرات العربية، وتستأثر المملكة العربية السعودية بالحصة الكبرى التي تشكل نحو 30 في المئة. ومن دون صادرات النفط تبرز الامارات في المرتبة الاولى بحصة تصل الى 41 في المئة بعد احتساب بند اعادة التصدير، يليها المغرب 12.2 في المئة، تونس 9.1 في المئة، السعودية 8.6 في المئة، والجزائر 7.5 في المئة. لقد بلغ نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي لاقتصاديات 19 دولة عربية جمعت بياناتها المؤسسة العربية لضمان الاستثمار نحو 4.4 في المئة في العام 2000 بزيادة 1.7 نقطة مقارنة مع نمو الناتج المحلي لعام 1999 والبالغ 2.7 في المئة، في حين سجل معدل التضخم ارتفاعاً من 9.2 الى 12.1 في المئة. ويعود ارتفاع نمو الاداء الاقتصادي العربي بنسبة 63 في المئة الى تحسين اسعار النفط وارتفاع قيمة عائدات حكومات الدول المنتجة، ولذلك لوحظ ان معدل النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي الست قد تضاعف. وتختلف معدلات نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بين دول مجلس التعاون الخليجي حسب وضع كل دولة وتركيبة اقتصادها وتطور نشاط قطاعاته ولا سيما القطاع النفطي. وقد تميز نمو الاقتصاد السعودي بقفزة كبيرة في معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي من 0.4 في المئة في العام 1999 الى 4 في المئة في العام 2000، في حين تراجع معدل التضخم من واحد في المئة الى نصف الواحد في المئة، وإضافة الى هذين المؤشرين الايجابيين سجلت المملكة مؤشراً مهماً في ميزانيتها المالية نقلها من عجز نسبته 6.8 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي الى فائض بلغ 7.3 في المئة من الناتج. وأشارت البيانات التي جمعتها المؤسسة العربية لضمان الاستثمار الى ان نمو الاقتصاد الكويتي حسب الناتج المحلي الحقيقي بلغ 3.6 في المئة في العام 2000 مقارنة مع 1.9 في المئة في العام 1999، بزيادة 1.7 نقطة، كذلك ارتفع معدل التضخم من 3 الى 3.3 في المئة. اما الدول الخليجية الاربع الباقية فقد سجلت اقتصادياتها خلال سنتين 1999 - 2000 المؤشرات الآتية: - الامارات، زاد معدل ناتجها المحلي من 5 الى 5.8 في المئة، وزاد معدل التضخم لديها من 1.5 الى 2.9 في المئة، اما عجز ميزانيتها المالية من الناتج المحلي فقد انخفض 13 نقطة، وذلك من 15 في المئة الى فقط 2 في المئة. - البحرين، ارتفع معدل ناتجها المحلي من 3 الى 4 في المئة، وبقي معدل التضخم لديها في حدود 1.5 في المئة، في حين انخفض عجز ميزانيتها المالية من 6.5 الى 0.7 في المئة من ناتجها المحلي. - عمان، تضاعف معدل نمو ناتجها المحلي من 1.5 الى 3.6 في المئة، وارتفع معدل التضخم لديها من 0.1 الى 0.2 في المئة، اما عجز ميزانيتها المالية فقد تراجع من 6.9 الى 3.1 في المئة من ناتجها المحلي. - قطر، ارتفع معدل نمو ناتجها المحلي من 3.9 الى 4.3 في المئة، وبقي معدل التضخم لديها في حدود 2.5 في المئة، وتراجع عجز ميزانيتها المالية من 3.8 الى 0.6 في المئة من ناتجها المحلي الاجمالي الحقيقي. ولكن ما هي انعكاسات تلك التطورات الاقتصادية على سوق العمل العربي؟ لقد قدر عدد سكان الوطن العربي بنهاية العام 2000 بنحو 280 مليون نسمة، اي بمعدل نمو يبلغ 2.43 في المئة سنوياً، ويعتبر هذا المعدل مرتفعاً بالمقارنة مع معدلات المناطق الاخرى في العالم باستثناء الدول الافريقية جنوب الصحراء، ويبلغ المعدل العالمي 1.6 في المئة، ومعدل مجموعة الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض 1.8 في المئة، الامر الذي يبرز مدى ارتفاع معدل النمو السكاني في الوطن العربي. ولوحظ استمرار معدل النمو السكاني الكبير في الامارات بنسبة 5.8 في المئة، والكويت 4.2 في المئة بينما تعتبر معدلات النمو معتدلة في تونس والجزائر وجيبوتيوعمان اذ تتراوح ما بين 1.3 في المئة في تونس و1.9 في المئة في جيبوتي، وينخفض المعدل في الصومال الى واحد في المئة. وتتميز جميع الدول العربية بانخفاض نسبة سكان الريف فيما عدا ثلاث دول هي اليمن ويمثل سكان مناطقها الريفية نحو 74 في المئة من اجمالي السكان، والسودان 66 في المئة، ومصر 55 في المئة. وتصل نسبة سكان الريف الى حدها الادنى في الكويت 3 في المئة، وتتراوح بين 11 و15 في المئة في السعودية ولبنان وليبيا. وتظهر المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية نجاح مصر استقرار توطن سكان الريف خلال فترة ثلاثة عقود ماضية. وتعتبر محدودية فرص العمل المتاحة في المناطق الريفية العربية من اهم عوامل الهجرة من الريف الى الحضر، كما ان انخفاض خدمات التعليم والصحة ومقومات الحياة اللائقة في العديد من المناطق الريفية مقارنة مع المناطق الحضرية، خاصة في الدول كبيرة الحجم، قد دفع سكان الريف الى النزوح نحو المدن بحثاً عن فرص حياتية افضل مما ادى الى الضغط على البنية الاساسية للمدن وانخفاض مستوى الخدمات. واستناداً الى مؤشرات واردة في التقرير الاقتصادي العربي الموحد لسنة 2000، يقدر اجمالي القوى العاملة في الدول العربية بأكثر من 100 مليون مشتغل، وبنسبة 35.9 في المئة من سكان الوطن العربي. وتوقعت منظمة العمل العربية في دراسة وضعتها بعنوان "مشروع برنامج تشغيل الشباب العربي" ان يرتفع هذا الرقم الى 123 مليون عامل عام 2010 ما يعني ان معدلات نمو القوى العاملة اعلى من معدلات النمو السكاني على رغم ان معدلات المساهمة في النشاط الاقتصادي ما تزال متواضعة. ولمحت الدراسة الى ان الداخلين الجدد الى سوق العمل سيزداد حجمهم خلال العقد المقبل الى ثلاثة ملايين ويمثل ذلك اكبر التحديات الاجتماعية للدول العربية اذ يتطلب الابقاء على مستويات البطالة الحالية التي تصل الى حوالي 13 مليون عاطل، استحداث 2.5 مليون وظيفة جديدة كل عام. وطالب مدير عام منظمة العمل العربية ابراهيم قويدر بتفعيل دور المنظمة في مواجهة هذا الوضع، بالاضافة الى دعم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدول العربية والنهوض ببرامج التدريب، والعمل للحد من نسبة البطالة التي وصل معدلها الى 14.3 في المئة، وهي مرشحة للارتفاع بنسبة واحد في المئة سنوياً، مما يكلف الدول العربية 115 مليار دولار.