تؤكد ليلى العثمان مثابرتها على المضيّ في الطريق الذي شقّته لنفسها. وتعترف الأديبة الكويتيّة المسكونة بالحنين إلى المدن القديمة، بأنها تتوقّع مشاكل جديدة بعد صدور كتاب "المحاكمة"، وفيه تروي متاعبها القضائيّة والرقابيّة المعروفة. وتشير صاحبة "الرحيل" إلى تجارب خليجيّة متميّزة، لسلمى مطر سيف الإمارات، وليلى الجهيني السعودية، وبدرية الشحّي عُمان، معتبرة أن مشكلة هذه الأصوات "بُعدها عن الأضواء الإعلامية". حققت ليلى العثمان حضوراً استثنائياً في المشهد الإبداعي الكويتي، منذ منتصف الستينات، إثر صدور مجموعتها القصصية الأولى "امرأة في إناء". وقد تعالت صرخاتها ضد القيود التي تكبّل حضور المرأة في التعبير عن حريتها، ووجدت في الكتابة لذة اكتشاف عوالم مجهولة، تحلّق فيها، خارج الأسوار العالية، بحثاً عن الخلاص. لكن صاحبة "وسمية تخرج من البحر" وجدت نفسها أخيراً في محنة، لم تخطر في بالها قط، إذ اتهم بعض التيارات المتطرفة في الكويت، كتاباتها، بأنها "تدعو الى الفجور وخدش الحياء العام"، وتعرضت لمحاكمة قاسية، استمرت أربع سنوات 1996 - 2000، لتنتهي بمصادرة كتابيها: "الرحيل"، و"في الليل تأتي العيون". وتنفي العثمان التي زارت دمشق وبيروت أخيراً في مناسبة معرض الكتاب، ان تكون المحاكمة قد أحبطت عزيمتها، بل تؤكّد أنّها علمتها كيف تواجه الهزيمة بالإصرار على الكتابة والاستمرار في التحدي. وكان الرأي العام قد اعتبر حصولها على "جائزة الدولة التشجيعية للفنون والآداب" عن كتابها "يحدث كل ليلة"، نوعاً من رد الاعتبار إلى هذه الكاتبة. لكنّ الجائزة عادت فسحبت منها من دون أي تفسير. وقد أثار ذلك ردود فعل، أبرزها بيان "رابطة الأدباء" في الكويت الذي استنكر الخطوة، معتبراً أن قرار سحب الجائزة "يجافي كلّ الطموحات التي تحرص الرابطة على ترسيخها وتناميها". وتؤكّد هذه المفاجأة الجديدة أن قضيّة ليلى العثمان لم تطوَ، وأن الكاتبة التي حاورناها في مناسبة صدور كتابها "المحاكمة - مقطع من سيرة الواقع" دار المدى، دمشق، لا تزال أفكارها وابداعاتها في قلب دوّامة الحياة الثقافيّة العربيّة. بعد أربع سنوات من المحاكمة التي انتهت بمصادرة كتابيك "الرحيل"، و"في الليل تأتي العيون" في الكويت، ما هي الندوب التي تركتها هذه التجربة في روحك؟ - أنا امرأة تعودت ندوبها على الالتئام بسرعة، لأنني لا أحب أن تبقى أية آثار تعكّر عليّ صفو حياتي. فالحياة جميلة وتستحق أن تعاش. بمجرد أن انتهيت من كتابة "المحاكمة - مقطع من سيرة الواقع" وقدمتها للناشر، شفيت تماماً من كل الجروح التي أصابتني، ولعل أكثرها شراسة، تأثير هذه القضية على ابني الذي وجد في هذه المحاكمة اهانة له، نتيجة الاتهامات والإشاعات التي أحاطت بي... لكنه اكتشف لاحقاً، انني لم أرتكب عيباً، كما كان يتصور، واقتنع ان الكتابة بالنسبة إلي فعل خلاص. وقد بدأت أشحن نفسي بالقوة من جديد، لأنني أتوقع أن يثير كتاب "المحاكمة" محاكمة أخرى. ما السبب؟ - لا تزال لجنة الرقابة في وزارة الإعلام الكويتية على خلاف في اجازة الكتاب، ولم تبت في أمر السماح أو المنع، فقد اعترض بعض أعضاء اللجنة على عبارات وردت فيه. ما هي هذه العبارات؟ - هناك اعتراضات على الأحلام التي وردت في سياق فصل خصصته للأحلام التي كانت تأتيني في المنام، خلال فترة المحاكمة. تصوّر انهم يريدون تحديد أحلامك، بمن تحلم وبمن لا تحلم! اضافة الى اعتراضات أخرى على مقاطع، اعتُبرت جريئة وتدعو الى تحريض النساء على اعلاء الصوت والمطالبة بحقوقهن الإنسانية. إدانة الرجل تقول نوال السعداوي: "المرأة تعاقب ككاتبة، إذا كتبت عن جسدها"، ما رأيك؟ - بالتأكيد، فمن غير المسموح للكاتب عموماً، اختراق المحرمات، فما بالك إذا تجرأت المرأة الكاتبة؟! لكنني أرى، أنه من حق المرأة الكاتبة، أن تعبّر عن نفسها، من منطلق أمومي وروحي، ولا يمكن تجاهل مشاعرها وأحاسيسها. في روايتك "وسمية تخرج من البحر"، يقف بطل الرواية متفرّجاً على موت حبيبته. هل في ذلك ادانة للرجل واتهام له بالخنوع ؟ - نعم. فالرجل في مجتمعاتنا المتخلفة هو رجل خانع، حتى لو ادعى القوة، فآلية التسلط تقع على الرجل والمرأة معاً. لذلك فهو يقف خائفاً، حيال أي فضيحة تطاوله، ومن الصعب عليه أن ينفذ موقفاً رجولياً يفقده مكاسبه التاريخية، أو يعلن مواقف مغايرة لقناعات محيطه الاجتماعي. أما المرأة فهي الضحية بامتياز، لذلك تراها تتجرّأ على المواجهة، لأنّها لن تخسر في النهاية إلا قيودها. اختيرت روايتك هذه، بين أهم مئة رواية عربية في القرن العشرين، ضمن استفتاء أجري في القاهرة... - نالت هذه الرواية نجاحاً باهراً، وطبعت أكثر من مرة، كما ترجمت الى اللغة الروسية، وربما أحبها القارئ للمناخ الرومانسي الذي غلّف أحداثها، خصوصاً أنني أستعيد فيها صورة المجتمع الكويتي القديم التي غابت عن ذهن الجيل الجديد. لكن بعضهم هاجم الرواية بشدة، لمجرد وجود قصة حب في سياق أحداث الرواية، ورفض هؤلاء الجرأة في تناول حالة حب بين شاب وفتاة. وتناسى قصيرو النظر، أنني نشأت في مجتمع كان قائماً على الاختلاط بين الجنسين. عموماً، فإن رواية "وسمية تخرج من البحر" لا تزال من الروايات المؤثرة بين أعمالي، وهي تدرّس في أكثر من جامعة، وقدّمت عنها بحوث عدة. تحوّلات المجتمع ما سرّ ارتباطك بالبيئة الكويتية القديمة؟ - لدي حنين لا يوصف الى المدن القديمة... بكل تراثها وطقوسها ورائحة أزقتها. ولا تعلم مدى الحزن الذي يصيبني، وأنا أرى ملامح هذه المدن تتغيّر مع الزمن. ولعل ارتباطي بالبيئة الكويتية القديمة، هو ارتباط بقيم وتقاليد عشتها بكل تفاصيلها. وعندما أكتب عن ذلك الماضي فإنما أكتب ذاكرتي عن مجتمع بسيط، قبل أن يتعرّض للتحول الفجائي، والالتحاق بركب الحضارة. لكن تلك النقلة السريعة، أفقدت الإنسان الكويتي، والخليجي عموماً، جزءاً أساسياً من انسانيته وقيمه الأصيلة. وقد حاولت رصد مظاهر هذه التغيرات التي طاولت المجتمع الخليجي، ومزّقت قيمه القديمة، وقامت بتفتيت كيان الأسرة، وأفسدت جيلاً كاملاً من الشباب الذي اعتاد الترف والاندماج بالتجليات السطحيّة لحضارة لم يسهم بصنعها في الأساس. واليوم، عندما أقارن بين جيلي والجيل الجديد، أكتشف عمق الهوّة الحاصلة بين حلمين : كنا نحلم بأبسط الأشياء وقدّمنا أشياء مهمّة، أما هذا الجيل فلا يجد ما يحلم به، إذ انّه يملك كل شيء لكنّه لا يقدم شيئاً. هناك نوع من الرومانسية التي تغلّف كتاباتك... لكنّك قلت أخيراً: "هذا ليس زمناً تُهدى فيه الزهور"! - أستغرب مثل هذا الرأي، فأنا متهمة بأن أغلب أبطال قصصي ورواياتي يعيشون حالات من العنف، وينتهون بالقتل والمآسي. ربما كانت لغتي الشاعرية تضفي نوعاً من الرومانسية على مناخاتي السردية، لكنني لا ألجأ الى الرومانسية كخيار مقصود. فالحياة تحتمل وجوهاً عدة: هناك شخصيات، تتسم بالعنف، كشخصية "العمة" في رواية "المرأة والقطة"... وشخصية "فتحية" في "فتحية تختار موتها" إذ ترفض الذل على رغم أنها طفلة... وهناك المرأة التي تبادر بإعلان الحب على الرجل، وهذا الأمر كما تعلم، يعتبر في شرقنا خطيئة. الرومانسية موجودة في كتاباتي بالتأكيد، لأن التناقضات موجودة في الحياة ذاتها، إذ انّها خليط من الرقة والعنف، الحنان والشراسة، الحب والكراهية. لا أرفض الكتابة الذاتية تتهم الكتابة النسوية، بأنها لا تتجاوز حدود السيرة الذاتية لكاتبتها، وهي مجرد اعادة انتاج لواقع؟ - هذه تهمة أرفضها، مع انّني أعترف بأنها لا تخلو كليّاً من الصحّة. أرفضها، لأن الكتابة، لم تتعدَّ بشكل عام، مجرد التعبير عن سيرة ذاتية ضيقة. وستستمر هذه التهمة، كلما وجد المجتمع الذكوري امرأة قفزت عن الواقع وتجاوزت نفسها، ونافسته في الكتابة الإبداعية واخترقت السائد. لو نظرنا الى كتابات سحر خليفة مثلاً، هل نقول انها كتابة ذاتية؟ وماذا عن كتابات هدى بركات وحنان الشيخ وليلى عسيران واميلي نصرالله وأحلام مستغانمي وغيرهن؟ وفي الوقت نفسه، لا أرفض الكتابة الذاتية! ما المانع أن تخرج المرأة الكاتبة ذاتها وداخلياتها الى العلن؟ نحن بحاجة الى البوح وخلع الخوف والقلق والأسمال البالية التي تعيق حرية التعبير عمّا يمور في حياتنا من هموم. المطلوب من الكاتبة اليوم أن تكون أمثولة لغيرها من النساء، وإلا فما جدوى الكتابة في الأصل؟ هل حان الوقت ل "قتل الأم" في الكتابة النسائية؟ بمعنى آخر، هل انتهى دور "شهرزاد" الذي يقتصر على سرد الحكايات قبل النوم؟ - لا أعتقد ذلك أبداً. فأنا لست ضد سلطة الأم، لأنها سلطة غير هدامة، ولم يتم الغوص فيها أدبياً بما فيه الكفاية... وهناك نماذج نسائية متميزة، لا تزال تعيش في وجداننا، قدّمت دوراً بارزاً في اعلاء شأن المرأة في مجتمع يغيّب حقوق النساء، في ظلّ سلطة ذكورية كاملة. أما "قتل الأب" والتمرد على صورته وسطوته وطغيانه، فمسألة أخرى. لأنّها مشروع ثقافي وفكري كامل. طبعاً نحن نتكلّم هنا بالمعنى الفكري المجرّد، استناداً إلى مصطلحات علم النفس، ولا أريد أن يأتي حمقى ويسيئون قراءة كلامي!. وفي كتاباتي، تجد رفضاً لصورة الأب، ربما نتيجة لتجربتي الشخصية مع والدي، وأنا أدعو إلى هدم كل الأسوار العالية التي تعيق حرية المرأة في التعبير عن ذاتها، بوصفها كائناً مظلوماً منذ "شهرزاد" الى اليوم. لكنّ الحقيقة لا يمكن النظر إليها بالأبيض والأسود، وأريد أن أشير هنا إلى ان أكثر من وقف معي في حياتي، سواء ككاتبة أو انسانة، ومن دفعني الى النجاح، هم من الرجال. قصدت بمصطلح "قتل الأم" تجاوز المعطى الكتابي النسائي التقليدي، نحو كتابة مغايرة وجريئة... - أعتقد، ان ثمة أصواتاً خليجية، تتجاوز منجز بعض الكاتبات العربيات المشهورات، من دون مبالغة، سواء لجهة الجرأة في الطرح، أو لجهة الصراخ الحقيقي ضد القوانين الجائرة التي تكبّل حرية المرأة وطبيعة علاقتها مع الرجل. وعلى سبيل المثال، أجد في تجارب روائية قدمتها سلمى مطر سيف من الإمارات في "عشبة"، وليلى الجهيني من السعودية في "الفردوس اليباب"، وبدرية الشحّي من عُمان في "طواف حول الجمر"... مناخات جريئة متمردة على قوانين القبيلة، قادرة على بوح عالٍ وكشف للمستور، لم تتجرأ كاتبات عربيات شهيرات على الاقتراب منه قبلاً. ولكن المشكلة التي تواجه هذه الأصوات هو بُعدها عن الأضواء الإعلامية، وعدم قدرتها على تجاوز حدود بلادها. لكنني ألحظ اليوم، التفاتة جديدة واهتماماً واضحاً في الإبداع الخليجي، سواء على صعيد الترجمة الى اللغات الأخرى، أم في المساهمات النقدية في اضاءة خصائص هذا الأدب. بعض النقاد قارن تجربتك بتجربة غادة السمان لجهة الجرأة والتمرد والرفض؟ - غادة السمان أستاذتنا جميعاً، وندين لها ككاتبات عربيات من جيل لاحق على جيلها، فهي من الأصوات الجريئة التي حفزت المرأة على مقاربة مناطق كتابية، لم تحرثها كاتبة من قبل، والاقتداء بها، سواء أكان نوعاً من التقليد الأعمى أو للاستفادة من المضامين الجريئة التي طرحتها ككاتبة متميزة. ليس عيباً، نعم لقد تأثرت بكتابات غادة السمان كنموذج للمرأة التي تناضل بالكتابة، كما تأثرت بنوال السعداوي، لكن لكل كاتبة مناخاتها وأسلوبها المختلف عن غيرها. مسؤوليتي أمام القارئ تلاقي تجربتك احتفاء نقدياً لافتاً اعتبره بعضهم "أقرب إلى العلاقات العامة منه إلى الابداع"! - سمعت مثل هذه الاتهامات، لكنني لا أنظر بجدية الى من يحكم على تجربتي من دون أن يعرف طريقتي في التعامل مع نصي. فأنا عندما أنتهي من كتابة نص جديد، أهديه مطبوعاً لكل أصدقائي بمن فيهم القراء العاديون، ولا أطلب من أحد الكتابة عنه. ولم أحاول استغلال صداقاتي مطلقاً، لأنني أحترم جهدي، وأرفض أن أتاجر بما أكتب. وأؤكد انه لم يحدث ان سعيت وراء أحد، وأغلب الذين كتبوا عني نقداً مهماً، لم أكن أعرفهم شخصياً. القارئ أهم هل أفاد النقد في تطوير تجربتك؟ - لا يمكنني توصيف كل ما كتب عني نقداً، فهناك نقد انطباعي لا يضيف إلي شيئاً، وهناك نقد تحليلي آخذه في الاعتبار، وهناك نقد حداثي لا أفهمه أبداً. أعتز مثلاً بما كتبه الناقدان المصريّان فاروق عبدالقادر وعبدالقادر القط، والناقدة البولونيّة برباره ميخاليك التي أنجزت كتاباً كاملاً عن تجربتي بعنوان: "المعاصرة والتراث في أدب ليلى العثمان". وأذكر باهتمام مساهمات الروائي السوري الراحل هاني الراهب، اضافة الى النقد الشفوي الدائم من الروائي الصديق اسماعيل فهد اسماعيل، ناهيك بزوجي وليد أبو بكر. وسأقول لك سرّاً: أنا لا أمنح نفسي لأحد قبل الطباعة إلا لهذين الصديقين الأخيرين، فهما الوحيدان اللذان أستفيد من ملاحظاتهما على مخطوطاتي. متى شعرت بالمسؤولية تجاه الكتابة؟ - باستثناء مرحلة الهواية، أحسست بالمسؤولية تجاه الكتابة منذ صدور كتابي الأول "امرأة في إناء". وقلت لنفسي: إما أن أكون على قدر المسؤولية وأواصل طريقي لأحقق لذاتي مكانة ككاتبة أو أنسحب. لكن مسؤوليتي ازدادت بعدما نشرت "دار الآداب" البيروتية كتابي الثاني "الرحيل"، وتضاعفت هذه المسؤولية أكثر، بعد صدور كتابي الثالث "في الليل تأتي العيون" الذي كتب مقدمته الروائي السوري الكبير حنا مينه. ولعل الأهم، أنني أصبحت بعد هذه المرحلة، أمام مسؤولية أخرى أكثر خطورة، أقصد مسؤوليتي أمام القارئ، فهو يهمني أكثر من النقاد. الموت والحواس تتكرر "ثيمة" الموت في كتاباتك كثيراً. لماذا يخيّم هذا الشعور على معظم شخصيات قصصك ورواياتك؟ - أنا امرأة تحب الحياة، لكنّ الموت يظل هاجسي الدائم، وقد لازمني شعور، منذ احترفت الكتابة، بأنني سأنطفئ فوق مكتبي! تماماً كما ينطفئ الممثل العاشق للمسرح على الخشبة. وأتساءل أحياناً: لماذا يبقى الجبل الأصم حياً، ويموت الإنسان، ولماذا يهرم الجسد وتظل الروح؟ أسئلة كثيرة تراودني عن الموت، لدرجة أنني أكتب هذه الأيام، رواية جديدة بعنوان "المغنية، الموت، الأصدقاء"، وهي تبحث في فلسفة الموت، ونظرة الإنسان لهذا القدر الذي لا مناص منه، واختبار البشر لهذه اللحظة المفزعة. ومن أجل كتابة هذه الرواية، قرأت كل ما يتعلق بموضوع الموت، وما بعد الموت، فانتابتني كآبة شديدة، لم أستطع الفكاك منها فترة طويلة. فهذا القدر المجهول، يرعبني ويخيفني. تؤكدين على حاسة اللمس، من بين الحواس الأخرى، في معظم كتاباتك... - هذا الاكتشاف صحيح تماماً، فأنا أتصور، أن حاسة اللمس، هي الحاسة الأساسية لدى الإنسان، عن طريق اللمس يمكن سبر الآخر، وتحسس مشاعره الدقيقة، وكشف انسانية الآخر أو عدمها. هناك علاقة في اللمس مباشرة، أكثر من النظر أو السمع أو الشم. فحاسة اللمس لا تخدع صاحبها. أفكر أحياناً، أنني لو كنت عمياء، بمجرد أن ألمس أطراف أصابع الآخر، يمكنني الوصول الى اكتشافات أبهى من اكتشافات النظر! هل أحبطتك المحاكمة؟ - بالعكس تماماً. فقد منحتني المحاكمة قوة وتحدياً أكبر، واصراراً على المواجهة، فأنا امرأة لا تهزم أو تنكسر، مهما كانت قوة الطرف الآخر. ولا يمكنني التوقف عن الكتابة، لأنني لا أتقن شيئاً آخر غير لذة الكتابة. المحاكمة منحتني فرصة أن أركض، بعدما كنت أهرول