تفيد مصادر بأن الخلاف بين كبار الجنرالات الروس قد يحل أخيراً، فيما تأجلت مرة أخرى جلسة مجلس الأمن القومي الذي كان سيبحث الموضوع في نهاية الشهر الماضي. وتردد ان الرئيس فلاديمير بوتين ينوي تغيير مسار الاصلاحات العسكرية جذرياً من خلال عملية تغيير تطهيرية بدأت بعزل الجنرال نيكولاي كاراولوف آمر إدارة المدفعية الصاروخية، والجنرال بوريس دوخوف آمر الدفاع الجوي للقوات البرية، وعدد آخر من الجنرالات المحسوبين على وزير الدفاع الماريشال ايغور سيرغييف. ويبدو أن بوتين لم يعد مصراً على رأي سيرغييف القائل ان الدرع النووي يمثل عماد الأمن القومي في روسيا، إذ أن الحاجة تقتضي تقوية القوات البرية والبحرية والجوية، وهو رأي رئيس الأركان الجنرال أناتولي كفاشنين. ويجري وضع الخطة العامة للاصلاح العسكري استناداً الى حسابات هيئة الأركان التي انطلقت للمرة الأولى من المؤشرات الاقتصادية للتنمية في البلاد حتى العام 2010. وبذلك تحصر أبعاد اصلاح القوات المسلحة في اطار موازنة الدولة خلافاً لما جرت عليه العادة حتى الآن. فقد ظلت القوات المسلحة الروسية بعد التقليصات المتوالية عبارة عن نموذج مصغر للقوات السوفياتية. ويراد للاصلاح الجديد ان يجعل القوات المسلحة فاعلة وقادرة على تنفيذ الحد الأدنى من المهمات المطلوبة على الأقل لتأمين سلامة الدولة. وجاءت تلك التوجهات بعد تمرد كفاشنين على سيرغييف والصراعات التي تنهش وزارة الدفاع. ويؤكد الخبير الاستراتيجي سيرغي روغوف ان السلاح النووي لم يفقد أهميته العسكرية والسياسية بالنسبة الى روسيا بانتهاء الحرب الباردة، وان الأمن القومي الروسي يعتمد على هذا السلاح أكثر مما لدى سائر الدول النووية التي لا تحتاج الى حماية من عدوان واسع النطاق بالسلاح التقليدي، خلافاً لروسيا المطوقة بدول تفوقها كثيراً من حيث تعداد القوات البرية والبحرية والجوية. ولهذا فالدرع النووي يلزمها الى أن تتجاوز الأزمة الاقتصادية وتستعيد قدراتها الحيوية المنتجة. إلا أن ثمة تعارضاً صارخاً، اذ أن حصة روسيا حالياً أكثر من نصف الأسلحة النووية المتوافرة في العالم، فيما لا تتجاوز نسبة الناتج الاجمالي فيها 1.6 في المئة من الناتج العالمي. وبناء على هذا التنظير تغدو كفة الجنرال كفاشنين هي الراجحة. فما جدوى الاستمرار في الصرف على القوات الاستراتيجية في وقت تتردى فيه أوضاع سائر القوات المسلحة يوماً بعد يوم؟ غير أن ذلك لا يعني ان مستشاري الرئيس بوتين يعتمدون "نظرية كفاشنين" تماماً على رغم ان كل الخبراء العسكريين يعملون في الأركان العامة، وليس لدى وزير الدفاع الماريشال سيرغييف جهاز تحليلي مختص. ويتوقع المحللون في موسكو تسريحات وتعيينات جديدة في المؤسسة العسكرية. وهم مجمعون على أن تعداد القوات المسلحة ينبغي أن يتقلص الى الثلثين بحيث لا يتجاوز 800-900 ألف رجل. ولا بد في هذه الحال من تسريح 300-400 ألف رجل، خصوصاً من الضباط وضباط الصف في غضون العامين أو الثلاثة المقبلة. وثمة اشارات الى احتمال تعيين وزير دفاع مدني للمرة الأولى في روسيا بهدف تقوية الرقابة السياسية على بنى القوة. وتشير التوقعات الى احتمال تعيين اليكسي موسكوفسكي 53 عاماً نائب أمين مجلس الأمن القومي لهذا المنصب. فهو يتولى متابعة اصلاح القوات المسلحة حالياً، لا سيما ان الرئيس بوتين منحه ترقية قبل أيام. والاحتمال الآخر ان يخلف الماريشال سرغييف نائب رئيس الوزراء ايليا كليبانوف 49 عاماً. والمرشح الثالث لهذا المنصب هو ميخائيل فرادكوف 50 عاماً المدني الذي شغل منصب وزير التجارة. ويتوقع تعيين الأمين السابق لمجلس الأمن القومي يوري باتورين 51 عاماً وزيراً للدفاع. ويميل بعض المراقبين الى ترجيح احتمال عودة الدكتور اندريه كوكوشكين النائب الأول السابق لوزير الدفاع الذي عزله الرئيس السابق بوريس يلتسن.