أصبح سيد أحمد غزالي رئيس الحكومة الجزائرية السابق رئيساً شرعياً لحزب "الجبهة الديموقراطية" في أعقاب المؤتمر التأسيسي لهذه الحركة الجديدة. ويعبر هذا الرقم المضاف الى الخارطة الحزبية عن طموح في العودة الى واجهة الأحداث، بحثاً عن دور سياسي لم تتضح بعد معالمه وأبعاده ولا القوى التي تقف وراءه. وكان غزالي قد انسحب بعد أعفائه من منصبه كرئيس حكومة - غداة اغتيال الرئيس بوضياف في 29 حزيران يونيو 1992 - الى باريس، راضياً بمنصب سفير لبلاده. وبعد انتهاء مهامه في باريس العام 1994 تفرغ لشؤونه الخاصة في العاصمة الفرنسية التي اختارها مقراً لإقامته. وبينما كان الناس يعتقدون ان الرجل ترك نهائياً واجهة العمل السياسي الذي مارسه حوالي ثلث قرن، عاد من جديد مطلع العام الماضي، بالاعلان عن ترشحه للانتخابات الرئاسية. غير أن الذين شجعوه على هذه "المغامرة"، لم يستطيعوا دفعه لتجاوز حاجز المجلس الدستوري الذي يشترط - تطبيقاً للقانون - جمع 75 ألف توقيع لمواطنين يتمتعون بكامل حقوقهم المدنية. وعلى رغم سقوط غزالي أمام هذا المانع الأولي، أعلن قبل عام عن تشكيل حركة تمكنه من "ممارسة السياسة بطريقة أخرى" حسب الشعار الذي يتردد كثيراً على لسانه. وقبل أيام أعلن رئيس "الجبهة الديموقراطية" التي ستودع ملف اعتمادها لدى وزارة الداخلية قريباً، انه يراهن على كسب "الغالبية الصامتة" التي زهدت، حسب رأيه، "في السياسة على الطريقة السائدة في البلاد"! ومثل هذا المفهوم يبدو غريباً في التقاليد الديموقراطية، حيث يتنافس رجال السياسة على تقاسم الغالبية الناطقة لا الصامتة. والواقع ان تحركات رئيس الحكومة السابق، سواء في فرنسا أو في بلاده تؤكد انه يطرح نفسه كشخصية قادرة على التأليف بين "الشيوعيين" و"العلمانيين"، بعدما عجزت الزعامات القبائلية البربرية - من حسين آيت أحمد الى سعيد سعدي مروراً برضا مالك والهاشمي الشريف - عن الخروج بهذين التيارين من "الغيتو القبائلي" حسب قوله. لكن المراقبين يقدرون أن "الجبهة الديموقراطية"، لا يمكنها أن تنافس الحركة القبائلية، في مجالها الطبيعي. اما المؤسسة العسكرية فعلاقة غزالي بها سيئة، على عكس ما يشيعه أنصاره في هذا الميدان، ويعود ذلك الى سببين: الأول، تجربة "الانتخابات التشريعية" العام 1991، إذ أقنع غزالي رئيس الحكومة آنذاك قيادة الجيش بأنه قادر على الحاق الهزيمة "بالجبهات الثلاث" الانقاذ، التحرير، القوى الاشتراكية، اعتماداً على سعيد سعدي وأنصاره وعلى ورقة الأحرار، فكانت النتيجة فوزاً ساحقاً لجبهة الانقاذ في الدورة الأولى ومعها جبهتا التحرير والقوى الاشتراكية. ولم يفز الأحرار بأكثر من 3 مقاعد. الثاني، الانتخابات الرئاسية في العام الماضي. فقد نصحت جهات نافذة الغزالي بالانسحاب من السباق، تفادياً لاحتمال التشويش على المرشح عبدالعزيز بوتفليقة في غرب البلاد خصوصاً!