هاجم وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل الحكومة الكندية التي اعلنت انها تنوي اقتراح مشروع قرار لادانة السودان في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. واتهم اسماعيل كندا بالرضوخ لضغوط خارجية. وقال الوزير السوداني ان بلاده مستعدة لتطبيع علاقتها باسرائيل بعد أن يتحقق السلام العادل الشامل، ونوه بما سماه التقدم الهائل في علاقة الخرطومبالقاهرة وتجاوز معظم الخلافات السابقة. لكنه هاجم متمردي "الجيش الشعبي لتحرير السودان" والتجمع الوطني المعارض في الخارج، وأشاد بموقف حزب الأمة الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي لتخليه عن العمل العسكري وإقباله على الحوار السياسي. جاء ذلك في حوار أجرته "الوسط" مع وزير الخارجية السوداني الذي استهله بالاجابة عن سؤال عن موقف الحكومة الاريترية الأخير من مجريات الأمور في السودان فقال: - نحن والاخوة الاريتريون متفقون تماماً على ضرورة إفساح المجال للحلول السياسية السلمية للمشاكل. وقد عبرت الحكومة الاريترية عن هذه الرغبة لحركة المعارضة التي تعيش في اسمرا وبالقرب من الحدود المشتركة. ولكن للأسف لم يكن تجاوب قيادة التجمع المعارض مع الحلول السلمية كافياً، مما أدى الى ان يعلن حزب الأمة انسحابه من التجمع ووقف العمل العسكري والاقبال على الحوار. ونأمل ان تحذو بقية الفصائل الأخرى حذوه. وقد وعد الاخوة في اريتريا بالاستمرار في مساعيهم لاقناع كل الأطراف بضرورة وقف النار من أجل استقرار المنطقة، والتجاوب مع مبادرات الوفاق والمصالحة. هل يبدأ السودان جهوداً عملية للوساطة بين اثيوبيا واريتريا بعد تحسن علاقته معهما؟ - المحاولات مستمرة ونجحنا كخطوة أولى في اقناع الاخوة في البلدين بأن تحسن علاقاتنا مع أي منهما ليس على حساب الطرف الآخر. وأوضحنا لهم أهمية استقرار المنطقة لتتجنب التدخلات الخارجية. ونأمل بأن تعود العلاقة بين الخرطوم واديس ابابا وأسمرا الى ما كانت عليه في بداية التسعينات حين كاد التعاون ان ينعكس على شعوب المنطقة خيراً ونماء. وقعت مع ممثل حزب الأمة اتفاق "نداء السودان" في جيبوتي. هل تعتبرونه السبب في حدوث خلافات داخل التجمع المعارض؟ - يخطئ الاخوة في المعارضة لو ظنوا أن اتفاق نداء السودان الذي وقعته الحكومة مع حزب الأمة خطوة لحلول فردية واتفاق ثنائي، وانما هو خطوة لتوضيح موقف الطرفين من مبادرات الوفاق المطروحة. وفتحنا الباب للجميع لانفتاح حقيقي نحو المصالحة، خصوصاً لتنشيط المبادرة المصرية - الليبية المشتركة التي نبعت كاقتراح من التجمع نفسه، ولكنه للأسف لم يتجاوب معها كما تجاوبت الحكومة وحزب الأمة. ويتصرف التجمع خلافاً لما يقول، فهو لم يعلن حتى الآن اسماء اعضاء وفده في لجنة الحوار المشترك كما فعلنا وذلك البند الأول في المبادرة المشتركة، على رغم أنه اقترح ان تستمر اللجنة المصرية - الليبية في الإعداد للاجتماع. ووافقتا على اقتراحه، بل أعلنا لاصحاب المبادرة موافقتنا دون شروط على الحوار في أي زمان أو مكان يرونه وأن يديروا اللقاء بالطريقة التي يرونها. وكان موفقنا هذا معلناً ومكتوباً. من ترون من فصائل المعارضة الأكثر حرصاً على استمرار الحرب ورفض الحلول السلمية؟ - العقيد جون قرنق وحركته، إذ انهم وراء الاعتداء الأخير على منطقة همنسكوريب في شرق البلاد. وقد سعى قرنق الى افشال كل جولات مفاوضات السلام السابقة وسعى الى تفتيت الفصائل الموقعة على اتفاق السلام. وأخيراً يشكك في موقف حزب الأمة ويتهمه لأنه يحس بأن حزب الأمة ومجموعة الصادق المهدي هم المنافسون الرئيسيون له داخل حركة المعارضة، مقارنة مع بقية الفصائل. ما هي حقيقة العلاقة بين السودان وكندا؟ هناك حديث عن مساع كندية لاحلال السلام في السودان ثم علمنا أخيراً بمشروع كندي لادانة السودان في مجلس الأمن... - نحن أيضاً في غاية الحيرة من الموقف الكندي الذي كنا نعلق عليه آمالاً في دوره لتحقيق السلام، لا سيما ان كندا من أبرز شركاء منظمة "ايغاد"، وكان تعاوننا معها بلا حدود على رغم ان الحكومة الكندية كانت الوحيدة في العالم التي اتهمتنا علنا، عبر وزير خارجيتها، بممارسة تجارة رقيق في السودان، وطالبناهم بارسال مبعوث لتقصي الحقائق وفعلوا ثم جددوا الاتهام لشركة "تاليسمان" الكندية العاملة في مجال البترول وطالبوها بالانسحاب، لكن نتائج التحقيق لم تجد ما يوجب ذلك على الشركة. وأعلنا لهم ترحيبنا بانسحاب الشركة لو أرادت، ثم وجهوا لنا دعوة الى زيارة كندا فرحبنا، ثم سألونا ان كنا نقبل الحوار مع معارضين سودانيين ورحبنا ايضاً. ولكن وعلى رغم هذا الجو والمناخ الدافع من جانبنا للتعاون نفاجأ بأن كندا تسعى الى تقديم مشروع لادانة السودان في مجلس الأمن وكتبنا لهم مذكرات لتوضيح جهود السلام في بلادنا التي تقوم بها هيئات اقليمية. لكننا جوبهنا بالاصرار الكندي. واتضح لنا أن الحكومة الكندية واقعة تحت ضغوط خارجية وكما سألت أنت فنحن نسأل أيضاً: ماذا تريد كندا من السودان؟ ما هي نتائج زيارة مبعوث الادارة الأميركية هاري جونستون للسودان؟ - نتوقع ان يصلنا التقرير المكتوب قريباً ولكن وصلتنا معلومات من الجهات التي التقاها جونستون ونقل لها رؤيته، كلها تشير الى احراز تقدم، وتفهم في الموقف الأميركي تجاه السودان وتجدد الرغبة في حوار موضوعي مع واشنطن، اذ لا مصلحة لنا في العداء معها. تحسنت علاقة السودان الخارجية بعد قرارات "الرابع من رمضان" التي أدت لتحجيم دور الدكتور حسن الترابي... هل توافقون على ذلك؟ - نعم نعترف بأن قرارات الرابع من رمضان ساهمت وأسرعت في تطبيع علاقة السودان مع دول الخليج ومصر ودول أخرى. ولكن كانت العلاقة مع هذه الدول تتقدم قبل ذلك. ونعترف في الوقت نفسه بدور الترابي الكبير في العمل السياسي والوطني في السودان وبأنه مفكر اسلامي له دوره المشهود. هل عادت علاقة الخرطوموالقاهرة الى طبيعتها وطويت تماماً كل ملفات الخلاف؟ - قطعنا شوطاً كبيراً وتوقف مسلسل التدهور وتم طي معظم ملفات الخلاف وعلى رأسها الملف الأمني، إذ لا توجد مشاكل أمنية حالياً بين السودان ومصر، بل يوجد تعاون كامل بين الأجهزة الأمنية في البلدين. وتقوم مصر الآن بدور مقدر في مبادرة الوفاق الوطني والمصالحة السياسية في السودان. وحدث تقدم كبير في النزاع حول مثلث حلايب الحدودي وبدأت خطوات تنفيذ اتفاق الرئيسين عمر البشير وحسني مبارك لتحويل المنطقة الى منطقة تكامل وتعاون بين الشعبين، وحدث تقدم في شأن مؤسسات التعليم المصري في السودان. والتقى هذا الشهر وزيرا التعليم من البلدين ووضعا خطة لطي ملف الخلاف حول هذا الموضوع. ويوجد تعاون سياسي بين وزارتي الخارجية في الخرطوموالقاهرة، وتنسيق مستمر وتوحيد للمواقف. كما ان وصول سفير مصري توج العديد من جهود الاسراع بالتطبيع الكامل. متى ستعلنون نهائياً طي كل ملفات الخلاف وعودة العلاقة الى طبيعتها؟ - هذا الأمر لا يحدد بزمن، ولكن ستجتمع اللجنة الوزارية المشتركة هذا الشهر وهي المكلفة بوضع الاطر النهائية للتعاون في مجالات الثقافة والاقتصاد والسياسة والأمن. وكانت ستجتمع قبل اسبوعين ولكن تأجل اجتماع اللجنة الفنية بناء على طلب موضوعي من سفير مصر الجديد في السودان ليجد الفرصة للاطلاع على كل مشروعات التعاون. وسيجتمع الرئيسان البشير ومبارك في القاهرة وسيكون لقاؤهما لدفع خطوات التعاون والتطبيع وتفعيل مبادرة الوفاق والمصالحة. تردد ان السودان تعرض لضغوط لتطبيع علاقته باسرائيل وتأييد عملية السلام... - هذه فرصة لأوضح موقف السودان بوضوح ومن دون التعرض لضغوط، فموقفنا مع السلام العادل الذي يعيد حقوق الشعب الفلسطيني ويحقق الاستقرار ويوقف الصراع في المنطقة. حين يتحقق ذلك فإن السودان لن يكون الدولة الوحيدة التي تتمسك بمقاطعة اسرائيل ومواجهتها. وبمجرد الوصول الى السلام العادل فإنه سيكون المفتاح لتطبيع علاقة اسرائيل بكل دول المنطقة ومنها السودان. هل ترون ضرورة عقد قمة عربية قريباً؟ - نعم. واؤكد انها ستعقد قبل نهاية هذا العام بعد أن توفرت الظروف الملائمة لذلك، فقد تحسنت الأوضاع كثيراً بين ما كان يسمى بدول الضد مع الكويت ودول الخليج. كما ان الجزائر قطعت شوطاً في الاستقرار بعد وصول الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة للحكم ونجاح قانون الوئام المدني، وليبيا انتهت من مشاكل لوكربي والمقاطعة، والعلاقة بين سورية والأردن عادت الى طبيعتها، وحدثت ادانة اجماعية للعدوان على لبنان، ويوجد ما يشبه الاجماع على ضرورة عودة العراق للصف العربي