أبدت مصادر سودانية برلمانية وحكومية خشيتها من احتمال انتقال الصراع المسلح بين الجنوبيين إلى الخرطوم، فيما تتواصل التظاهرات الشعبية في العاصمة السودانية استنكاراً لتفجير جزء من انبوب النفط في منطقة عطبرة أخيراً. وعلى صعيد مسار تطبيع العلاقات السودانية - المصرية، قال مسؤول سوداني إن المبادرة الليبية - المصرية طغت موقتاً على هذا المسار. حذرت مصادر برلمانية جنوبية من مغبة نقل الصراع المسلح في ولاية الوحدة الجنوبية بين فصائل مسلحة متحالفة مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم، إلى داخل الخرطوم في أعقاب ما أثير عن انفجار قنبلتين في معسكر السلام في منطقة الشجرة في العاصمة السودانية، وهو معسكر يضم جنوبيين نزحوا إلى ولاية الخرطوم بسبب الحرب في الجنوب. ودعت أوساط الحكومة إلى الحيطة والحذر ازاء تفاقم الصراع في ولاية الوحدة بين قوات فاولينو ماتيب وقائده المنشق بيتر قديت من جهة، وبين ماتيب و"جبهة الإنقاذ" التي يتزعمها رياك مشار من جهة أخرى. إلى ذلك، دعا حزب المؤتمر الوطني الحاكم إلى جعل كل المدن السودانية مناطق منزوعة السلاح، وطالب الفصائل الجنوبية بانتهاج الاسلوب السلمي الديموقراطي لتصفية خلافاتها بدلاً من اللجوء إلى الحرب. وفي الإطار نفسه، جرى أول من أمس احتفال لمناسبة مرور عامين على اتفاق فشودة للسلام، تحدث فيه كل من نائب الرئيس السوداني جورج كنقور اروب ومستشار الرئيس السوداني للسلام الدكتور نافع علي نافع ووزير النقل الدكتور لام اكول ونائب رئيس البرلمان السوداني مناني مقايا. ودعا المتحدثون الفصائل الجنوبية إلى "التوحد وجمع الكلمة والامتثال لصوت العقل والتسامي عن الخلافات ترجيحاً للمصلحة الوطنية العليا، خصوصاً ان السودان أحوج ما يكون في هذه المرحلة إلى اتفاق كل ابنائه". العلاقات مع مصر من جهة أخرى، قال وكيل وزارة الخارجية السودانية الدكتور حسن عابدين إنه يصعب النظر إلى العلاقات السودانية - المصرية الآن بمعزل عن المبادرة الليبية الأخيرة، موضحاً ان اعطاء الأولوية لمقتضيات هذه المبادرة هو الذي غطى على مسار تحسن العلاقات مع مصر موقتاً. لكنه أكد ان التشاور والاتصالات على مستوى وزيري خارجية البلدين والأجهزة الأخرى مستمر، خصوصاً الاتفاق في شأن بقية الملفات. وأضاف الوكيل عابدين ان اللقاء المرتقب بين وزيري التعليم العالي في البلدين المقرر عقده في القاهرة قريباً، سيبحث في موضوع جامعة القاهرة فرع الخرطوم. وعن موضوع حلايب، قال إنه تم الاتفاق على عودة حلايب، وان الحكومة السودانية تنتظر وفاء الجانب المصري بما يتم الاتفاق عليه. ... ومع اريتريا واتهم عابدين الحكومة الاريترية بالمناورة في ما يتعلق بتسليم مقرر السفارة السودانية في أسمرا إلى الحكومة السودانية. وقال إن أسمرا لم ترد حتى الآن على الطلب السوداني في شأن إعادة مقر السفارة إلى السلطات السودانية، التي قال إنها لن تقبل أية مساومة أو صفقة في مقابل إعادة السفارة. وفي إطار التعبئة ضد ضرب مرافق النفط السوداني، يخاطب الرئيس عمر البشير غداً الاثنين المسيرة الشعبية التي دعت إليها الاتحادات والنقابات وفئات المجتمع المختلفة استنكاراً لتفجير الخط الناقل للنفط السوداني. وقال نقيب المحامين السودانيين فتحي خليل إن اللقاء الشعبي سيعزز المطالبة بتسليم عناصر المعارضة التي اعترفت بجريمتها لتقديمهم للمحاكمة العادلة داخل السودان. وأضاف ان اجتماعات متواصلة تعقد في أوساط الاتحادات والنقابات للتنسيق للمسيرة التي تعبر عن إدانة الجماهير السودانية للتفجير. إلى ذلك، وصف رئيس لجنة التواصل والتعبئة في البرلمان السوداني عبدالرحمن الفادنى، حادث تفجير خط النفط بأنه "سقطة تاريخية وليس عملاً تخريبياً عابراً". وقال: "إن تلك الحادثة اسقطت التجمع السوداني المعارض في الخارج أمام المبادرة الليبية - المصيرة للوفاق، ولم يعد التجمع صالحاً كآلية يمكن أن تتعامل مع مبادرات الوفاق".