إطلاق 80 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الأمير محمد بن سلمان    انطلاق المؤتمر الدولي لأكاديميات الشرطة    السعودية الأولى خليجياً وعربياً في مؤشر الأداء الإحصائي    «الجناح السعودي».. ينطلق في «الصين الدولي للطيران والفضاء»    وزير الخارجية: حل الدولتين السبيل الأوحد لتحقيق السلام    «الرابطة» تُرحِّب بقرارات القمّة العربية والإسلامية    رئيس بولندا يشكر خادم الحرمين وولي العهد    الفرج يقود الأخضر أمام «الكنغر»    إحالة ممارسين صحيين للجهات المختصة.. نشروا مقاطع منافية لأخلاقيات المهنة    إسناد التغذية والنقل ل«جودة الخدمات» بإدارات التعليم    «التقني»: إلغاء إجازة الشتاء وتقديم نهاية العام    وزير الداخلية يرعى حفل جامعة نايف وتخريج 259 طالباً وطالبة    وزير الحرس الوطني يفتتح قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية    في بيتنا شخص «حلاه زايد».. باقة حب صحية ل«أصدقاء السكري»    ماذا لو نقص الحديد في جسمك ؟    المملكة تحذر من خطورة تصريحات مسؤول إسرائيلي بشأن فرض سيادة الاحتلال على الضفة الغربية    الأهلي يطرح تذاكر مواجهته أمام الوحدة في دوري روشن    غارات إسرائيلية عنيفة على ضاحية بيروت    الذهب يستقر قرب أدنى مستوى في شهر مع انتعاش الدولار    سعود بن نايف يستقبل أمين «بر الشرقية»    أمير الرياض يستعرض إنجازات «صحية تطوع الزلفي»    أمير القصيم يطلق مبادرة الاستزراع    تطوير وتوحيد الأسماء الجغرافية في الوطن العربي    الاتفاق يعلن اقالة المدير الرياضي ودين هولدين مساعد جيرارد    مقتل ضابط إسرائيلي وأربعة جنود في معارك بشمال غزة    نقلة نوعية غير مسبوقة في خدمة فحص المركبات    استعادة التنوع الأحيائي في محمية الأمير محمد بن سلمان    "الحج المركزية" تناقش موسم العمرة وخطط الحج    رحب بتوقيع" وثيقة الآلية الثلاثية لدعم فلسطين".. مجلس الوزراء: القمة العربية والإسلامية تعزز العمل المشترك لوقف الحرب على غزة    فوبيا السيارات الكهربائية    «نأتي إليك» تقدم خدماتها ب20 موقعًا    مجلس الوزراء يجدد التأكيد على وقوف المملكة إلى جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان    ولادة أول جراء من نمس مستنسخ    الأخضر يحتاج إلى وقفة الجميع    المنتخب السوداني يسعى لحسم تأهله إلى أمم أفريقيا 2025    «طريق البخور».. رحلة التجارة القديمة في العُلا    السِير الذاتية وتابوهات المجتمع    أحمد محمود الذي عركته الصحافة    وفاء الأهلي المصري    للإعلام واحة    إضطهاد المرأة في اليمن    يسمونه وسخًا ويأكلونه    يأخذكم في رحلة من الملاعب إلى الكواليس.. نتفليكس تعلن عن المسلسل الوثائقي «الدوري السعودي»    «سامسونغ» تعتزم إطلاق خاتمها الذكي    «الغذاء»: الكركم يخفف أعراض التهاب المفاصل    التحذير من تسرب الأدوية من الأوعية الدموية    الرهان السعودي.. خيار الأمتين العربية والإسلامية    أسبوع معارض الطيران    جمعية يبصرون للعيون بمكة المكرمة تطلق فعاليات اليوم العالمي للسكري    إطلاق 80 كائنا فطريا مهددا بالانقراض    نائب الرئيس الإيراني: العلاقات مع السعودية ضرورية ومهمة    التوقيع على وثيقة الآلية الثلاثية لدعم فلسطين بين منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الإفريقي    الرئيس السوري: تحويل المبادئ حول الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين ولبنان إلى واقع    الأمر بالمعروف بجازان تفعِّل المحتوي التوعوي "جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة التطرف والإرهاب" بمحافظة بيش    البرهان: السودان قادر على الخروج إلى بر الأمان    اطلع على مشاريع المياه.. الأمير سعود بن نايف يستقبل أعضاء الشورى المعينين حديثاً    أمير الرياض يطلع على جهود الأمر بالمعروف    مراسل الأخبار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكد في حديث إلى "الحياة" أن التجمع المعارض يتلكأ وأن قضية الجنوب عرضة لتدخلات اقليمية ودولية . البشير: انتخابات الرئاسة والبرلمان في تشرين الأول ومستعدون لمناقشة علاقة الدين بالدولة وليس الفصل بينهما
نشر في الحياة يوم 23 - 06 - 2000

أبدى الرئيس السوداني عمر البشير رضاه عن النجاحات التي تحققت في بلاده منذ توليه السلطة قبل أحد عشر عاماً، وبدا واثقاً من أن الاستفتاء على حق تقرير المصير للجنوب السوداني سيفضي إلى الوحدة، وعزا تعثر المفاوضات مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" إلى التدخلات الاقليمية والدولية. وأكد البشير في حوار أجرته معه "الحياة" في مقر اقامته في الخرطوم رفضه فصل الدين عن الدولة، وقال إن انتاج النفط وتطبيع علاقات السودان الخارجية سيؤديان إلى تحسين ظروف المعيشة لمواطنيه مستقبلاً. وأضاف ان خلافه مع الأمين العام للمؤتمر الوطني الحزب الحاكم الدكتور حسن الترابي وصل إلى مرحلة اللاعودة، وأكد ان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستجرى في موعدها في تشرين الأول اكتوبر المقبل، ولن ترتبط بالمصالحة مع الأحزاب المعارضة.
وأشار إلى "انهيار" حلف قادة افريقيا الجدد الذين كانوا طرفاً في الحصار على السودان، وانتقد غياب العمل العربي المشترك، وأكد أن بلاده ليست راغبة في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
وهنا نص الحوار:
يحتفل السودان في نهاية الشهر الحالي بالذكرى الحادية عشرة ل"ثورة الإنقاذ"، ما هي أبرز ملامح التغيير التي حدثت في البلاد منذ توليكم السلطة في 30 حزيران يونيو 1989؟
- في الجانب السياسي، صار السودان يُحكم وفق النظام الاتحادي الفيديرالي، وقُسم إلى 26 ولاية بدلاً من 9 أقاليم، وتأسست حكومات ومجالس تشريعية في تلك الولايات، وأرسينا دستوراً يكفل الحريات العامة ويستند إلى المواطنة في الحقوق والواجبات. واعتمدنا النظام الرئاسي، وولاية الرئيس خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، ويحقق الدستور الاستقرار والتداول السلمي للسلطة، الأمر الذي ينهي الدائرة التي ظلت تدور فيها البلاد منذ استقلالها عام 1956. وفي المجال الاقتصادي، وجدنا ان البلاد كانت تعتمد كلياً على العون الخارجي الذي كان يمثل 80 في المئة من موازنة الدولة، هذا العون لا يمثل اليوم سوى اثنين في المئة من الموازنة، أي اننا نعتمد على انفسنا تماماً، وأعدنا هيكلة الاقتصاد وتحرير السوق من دون عون خارجي، وحققنا نسبة نمو قدرها ستة في المئة في المتوسط سنوياً، وهذه نسبة غير مسبوقة في دول العالم الثالث، وأزيلت مظاهر الضعف التي كانت تعتري الاقتصاد مثل الندرة، وحدث استقرار في سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الحرة، وتحقق فائض في الميزان التجاري.
واستطعنا في مجال التنمية انشاء الكثير من مشروعات الطرق والمطارات والموانئ واستغلال البترول. وفي مجال الخدمات تضاعفت عشرات المرات مدارس الأساس والثانوي، وقد قفزت الجامعات من أربع إلى ثلاثين جامعة، وبدلاً من قبول خمسة آلاف طالب في الجامعات والمعاهد العليا في العام صارت الجامعات تستوعب خمسين ألفاً سنوياً.
وضعتم مسألة إحلال السلام في الجنوب في صدر أولوياتكم منذ اليوم الأول لاعتلائكم السلطة، لكن الحرب لا تزال مستمرة، وجولات التفاوض تتعثر بين الحكومة و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" التي ترعاها الهيئة الحكومية للتنمية ايغاد منذ 1995. إلى ماذا تعزون هذا الفشل؟
- نعتبر أنفسنا أول حكومة وطنية تطرح حلاً موضوعياً وجاداً لقضية الحرب في جنوب السودان، بتطبيق الحكم الاتحادي الفيديرالي الذي كان مطلباً أساسياً للقوى الجنوبية منذ عام 1947... أما تعثر المفاوضات مع الحركة الشعبية، فسببه تدخلات اقليمية ودولية لا تريد سلاماً في السودان، وتتخذ من حركة العقيد جون قرنق ستاراً لحربها ضد الحكومة، وتشجع الحركة على عدم الاتفاق على أية تسوية سلمية.
تحظى مبادرة "ايغاد" بتأييد أميركي وأوروبي، هل تشككون في نيات هذا التأييد الدولي؟
- حاول شركاء "ايغاد" استغلال وضعهم لتعطيل عملية السلام في السودان، ويلاحظ في كل جولة تفاوض بين الحكومة والحركة الشعبية ان اعلاناً أو قراراً من واشنطن يسبقها فيشجع العقيد جون قرنق على التعنت وعدم الاتفاق مع الحكومة، ويلوح له بالدعم والمساندة وتهديد الحكومة.
تحمل مبادرة "ايغاد" شعارين مهمين أولهما فصل الدين عن الدولة وحق تقرير مصير الجنوب، إذا تعثر الأول، فما موقفكم في هذين الشعارين؟
- مبادرة "ايغاد" تنقسم إلى قسمين: الأول حل قضية الجنوب في إطار سودان موحد علماني، أو منح الجنوب حق تقرير المصير... وتوصلنا في اتفاقية الخرطوم للسلام مع فصائل جنوبية عام 1997 إلى الخيار الثاني، أي منح الجنوب حق تقرير المصير.
هل يواجه قبولكم منح الجنوب حق تقرير المصير اعتراضات اقليمية؟
- كل القوى السياسية في الحكم والمعارضة أقرت حق تقرير المصير. التجمع الوطني الديموقراطي المعارض اعتمد في وثائقه منذ مؤتمر أسمرا عام 1995 هذا الحق.
تجربة السنوات الثلاث الماضية من "اتفاقية الخرطوم" أثارت شكوكاً ومخاوف ألا يتم الاستفتاء، أو لا يؤدي الاقتراع على حق تقرير المصير، إذا حصل، إلى وحدة السودان. كيف تنظرون إلى هذه المسألة؟
- الاستفتاء على تقرير المصير يتم بعد فترة انتقالية يقتنع الاخوة في الجنوب بأن خيار الوحدة هو الأفضل.
ما هي الاجراءات التي تقنع الجنوبيين بضرورة الوحدة؟ هل أنتم مستعدون لمناقشة فصل الدين عن الدولة مثلاً؟
- الحركة الشعبية لتحرير السودان تدعو إلى فصل الدين عن الدولة، ونحن نتحدث عن علاقة الدين بالدولة. لا توجد دولة في العالم تفصل الدين عن الدولة، حتى الدول التي تدعي العلمانية لا تفصل الدين عن الدولة، لكننا مستعدون لمناقشة علاقة الدين بالدولة، وتوصلنا إلى صيغة معادلة تطبق في السودان تحفظ حقوق غير المسلمين في ظل القوانين الإسلامية. نريد أن تأتي الوحدة اختياراً من أهل الجنوب لا فرضاً من الشمال، وهناك مؤشرات ايجابية في هذا الصدد. كان الجنوبيون ينزحون إلى دول الجوار الافريقي هرباً من الحرب، لكنهم صاروا ينزحون إلى الشمال.
السيد الرئيس، في الدول الغربية هناك فصل كامل بين الدين والدولة. في أي حال، ألا يثير مخاوفكم هذا الحزام الذي أقامه الجنوبيون حول الخرطوم؟
- لا خوف. هذا أحد اشكالات الاستعمار الذي زرع شكوكاً متبادلة بين الشماليين والجنوبيين، والحزام حول الخرطوم غير مقصود، لأن كل نازح إلى العاصمة يستقر في أطرافها... ونعتقد بأن النزوح من الجنوب إلى الشمال أدى الى انحسار حالة الشكوك وانعدام الثقة، ونعمل حالياً على بناء الثقة، وأدى توسيع قاعدة المشاركة إلى دمج الجنوبيين في المجتمع والحياة والشأن العام، وسنسعى في السنوات المقبلة في الفترة الانتقالية إلى تعزيز بناء الثقة ونشر ثقافة السلام.
وقعتم اتفاقاً مع فصائل جنوبية على "اتفاقية الخرطوم" عام 1997، لكن أبرز موقعي الاتفاقية الدكتور رياك مشار عاد إلى قواعده في الجنوب مجدداً. ألا تعتقدون أن هذه الخطوة تعزز مخاوف الجنوبيين ولا تشجعهم على الاتفاق مع الحكومة.
- شكلياً تعتبر "اتفاقية الخرطوم" فشلا في تحقيق سلام، ومن أبرز نقاط ضعفها أنها افترضت ان السلام سيحل في الجنوب بعد التوقيع مع الدكتور مشار الذي عاد إلى الغابة، لم يحدث السلام، لأن الفصيل الرئيسي في "الحركة الشعبية لتحرير السودان" ظل يقاتل... كان متوقعاً أن تطبع الحياة في الجنوب وتشكل لجان مشتركة للتنسيق بين القوات المسلحة وقوات الفصائل الموقعة على الاتفاقية، لكن الدكتور مشار تأخر في تسمية ممثليه في اللجنة العسكرية المشتركة، ولم يتحقق التنسيق وفشلت محاولات التعاون العسكري لعدم انضباط قوات مشار.
لقد بذل بعض قادة الفصائل الموقعة على الاتفاقية جهوداً في أوساط القادة الميدانيين للفصائل مثل مايكل وال الذي توجه إلى الجنوب بحجة دعم السلام، مما مكنه من سحب هؤلاء القادة الميدانيين من قيادة رياك مشار وأقنعهم بعدم جدوى الاتفاق مع الحكومة، ووضع هؤلاء القادة مشار بين خيارين إما أن يبقى معهم، وإما ان يعود إلى الخرطوم زعيماً بلا قوات عسكرية، فقرر البقاء معهم.
بقيت سنة واحدة على نهاية الفترة الانتقالية التي حددتها "اتفاقية الخرطوم"، هل سيجرى الاستفتاء على تقرير المصير بعد نهاية هذه الفترة؟
- نحن ملتزمون بالاتفاقية التي نصت على فترة انتقالية مدتها أربع سنوات لتطبيع الحياة وبناء جسور الثقة، وهو ما لم يحدث، لكن الاتفاقية مرنة، فهي تربط الاستفتاء على تقرير المصير بتهيئة الظروف المناسبة، وهذه الظروف لم تتهيأ بعد لأن الحرب مستمرة ولم يشهد الجنوب استقراراً كاملاً.
بعد أشهر على بدء انتاج النفط تعلقون آمالاً كبيرة على هذه الطاقة الحيوية للنهوض بالاقتصاد وتحسين الوضع المعيشي لمواطنيكم، لكن مناطق الانتاج في ولاية الوحدة تشهد حالياً مواجهات مسلحة، مما يهدد بتوقف الانتاج، فهل أنتم مستعدون للتفاوض مع الذين يحملون السلاح أم تعملون للحسم العسكري في هذه المنطقة الحيوية؟
- ليس في سياساتنا حسم قضية الجنوب عسكرياً، لأنها حرب عصابات يصعب حسمها بالقوة، والقضية أساسها سياسي، ولدينا من الحجج ما يمكننا من اقناع حاملي السلاح بحل سلمي عبر التفاوض المباشر.
في ولاية الوحدة نعمل في ثلاثة محاور: أولها استمرار الدفاع عسكرياً عن مناطق انتاج النفط، وثانيها دعم الحكومة القائمة هناك، وثالثها إقامة تنمية حقيقية في تلك الولاية حتى يتمسك المواطن بالمكاسب التي ينالها من عائدات البترول ويدافع عنها.
هل توجد ضغوط دولية للربط بين استمرار انتاج النفط، والتوصل إلى تسوية لقضية الجنوب؟
- الحرب لم تبدأ مع انتاج النفط. قبل انتاجه دعت بعض القوى الدولية إلى فرض حظر على واردات النفط إلى السودان، مما دفعنا للعمل بجدية لاستغلال النفط.
اتجهتم شرقاً إلى الصين وماليزيا واندونيسيا، فهل استثمارات هذه البلدان الثلاثة كافية أم ان السودان يحتاج إلى المزيد من الاستثمارات؟
- الشركات الأميركية التي نالت امتيازاً لانتاج النفط في السودان سعت بعد خروجها من بلادنا إلى تضليل الشركات العالمية والضغط عليها لئلا تستثمر في النفط عندنا. إنها معركة مستمرة، لكن الشركات الصينية والماليزية وغيرها وجدت في السودان مناخاً طيباً للاستثمار، والبلاد في حاجة إلى المزيد، ويمثل الاستثمار الصيني والماليزي نحو 15 في المئة من المناطق المرشحة لانتاج النفط، أي لا تزال 85 في المئة من الأراضي بكراً.
هل تسعون إلى تحسين علاقاتكم مع الغرب لإتاحة الفرصة أمام شركات غربية للاستثمار في بلادكم؟
- السودان بلد مفتوح للاستثمار، وإذا كانت لديهم رغبة فليأتوا إلينا للبحث عن مصالحهم في بلادنا.
ألا تخشون أن يؤدي تعليق الآمال الكبيرة على النفط وعائداته إلى الانصراف عن بدائل الانتاج الأخرى، مما يسبب لكم مشكلة مستقبلاً، فيغيب تنوع المصادر وتتأثر التنمية الصحيحة عموماً؟
- عائدات النفط تستخدم في فك الاختناقات في الكهرباء والري وإقامة المشروعات التنموية والخدمات الأساسية، مع إعطاء الأولوية للمناطق المتأثرة بالحرب، ولا توجه عائدات النفط إلى دعم موازنة الدولة.
ألا يُعقّد وجود معظم آبار النفط في الجنوب جهود التسوية مع الجنوبيين؟
- إنما يؤخر عملية السلام في الجنوب التدخلات الاقليمية والدولية وليس الجنوبيون. العدد المقدر لسكان الجنوب خمسة ملايين مواطن، وهناك نحو ثلاثة ملايين منهم موجودون حالياً في الشمال، وهؤلاء يرغبون في السلام.
في كانون الأول ديسمبر الماضي ظهر علناً خلافكم مع الدكتور حسن الترابي، هل وصل هذا الخلاف إلى نقطة اللاعودة؟
- لا عودة للصيغة السابقة مع الدكتور الترابي. لقد تجاوزنا الازدواجية على مستوى قيادة الدولة والحزب... لكن الطريق مفتوح أمام الجلوس للتصالح.
أدت تداعيات خلافاتكم إلى حل البرلمان وفرض حالة الطوارئ وفرض قيود على حرية الصحافة، كيف يمكن إعادة الوضع إلى ما كان في السابق؟
- ستجرى انتخابات رئاسية وبرلمانية في تشرين الأول اكتوبر المقبل، وتجرى مشاورات مع قوى معارضة للنظر في تعديل الدستور.
هل ستجرى الانتخابات حتى لو تأخرت المصالحة مع الأحزاب المعارضة؟
- ستجرى الانتخابات في موعدها المحدد، وهي ليست مرتبطة بالوصول إلى اتفاق مصالحة مع أي حزب معارض.
ما هي التعديلات المرتقبة في الدستور؟
- لدينا في الحكومة مقترحات لتعديل الدستور، والطرف الآخر في المؤتمر الوطني الحزب الحاكم له رأي كذلك، ولحزب الأمة مقترحات في هذا الصدد أيضاً.
يعقد مجلس شورى الحزب الحاكم اجتماعاً مهماً في 26 حزيران يونيو الحالي الاثنين المقبل هل هناك صيغة جديدة لترتيب الاوضاع بينكم وبين الدكتور الترابي، ام تتجهون الى طلاق كامل واختيار امين عام للحزب بدلاً عنه؟
- حتى الآن لا يوجد اتفاق، وسيطرح على الاجتماع مشروعان، الاول تقدمه مجموعة تمثّل وجهة نظر الترابي يطالب بالتراجع عن القرارات التي اتخذت في فرض حالة الطوارئ واختيار مرشح جديد لانتخابات رئاسة الجمهورية، والمشروع الآخر تقدمت به مجموعتنا ويدعو الى الموافقة على قرارات كانون الاول ديسمبر والسادس من ايار مايو الماضيين والتي قضت بتجميد سلطات الدكتور الترابي ومساعديه وحل البرلمان وتشكيل حكومة جديدة….
هل سيكون اجتماع الشورى ديموقراطياً، وهل ستقبلون بالنتيجة اذا فاز مشروع الترابي؟
- ارتضينا الاحتكام الى الشورى، ونقبل بما ستسفر عنه.
اذا سقط مشروع الترابي.. هل يعني ذلك اختيار امين عام بدلاً عنه؟
- تجميد سلطات الترابي سيستمر، ولكن ينتظر تكليف امين عام بالوكالة الى حين انعقاد المؤتمر العام للحزب، وهو الجهة الوحيدة التي تستطيع انتخاب الامين العام.
الى أي مدى ساهم الخلاف في تطبيع علاقاتكم مع دول الجوار وتأييد خطواتكم الاخيرة؟
- بدأنا جهود تطبيع العلاقات مع الدول المجاورة قبل الخطوات الاخيرة، لكن خطى التطبيع تسارعت بعد الاجراءات التي اتخذناها اخيراً، وكانت هناك شكوى من ازدواجية مركز اتخاذ القرار، وصار الآن وضوح في التعامل.
تعددت الروايات عن اسباب خلافكم مع الترابي.. هل مسألة ازدواجية القيادة ومركز اتخاذ القرار هي احد اسبابه الجوهرية؟
- تفضل اي دولة التعامل مع رئيس دولة ومع جهة واحدة، وأضرب لك مثلاً في هذا الصدد، عندما ذهبنا الى قطر لتوقيع اتفاق مع الحكومة الاريترية لتسوية القضايا موضوع الخلاف بيننا، شكّك الرئيس الاريتري في امكانية تنفيذ الاتفاق في ظل وجود قوة اخرى يعتقد ان لها سلطة اتخاذ القرار. وهناك من يرى ان الدكتور الترابي زعيم اسلامي له تأثير في الحركات الاسلامية في دول ترفض هذه الحركات، وهذا ايضاً كان له اثره في حالة الشكوك التي انتابت بعض العواصم.
هل عجز الحزب الحاكم في معالجة هذه المشكلات بأي صيغة ترتضيها الاطراف الرئيسية؟
- مؤسسات الحزب القائمة، مثل الهيئة القيادية، اختيرت على نحو ضمن للترابي غالبية في داخلها، واصبح من داخلها يصدر قرارات يمررها في البرلمان بحكم رئاسته وهيمنته على المجلس الوطني، مما ادى الى تعقيد المشكلات.
ما هي الاسباب التي ادت الى فشل كل المبادرات المحلية والخارجية مثل المبادرة القطرية ومساعي بعض القادة الاسلاميين في دول اخرى؟
- تشكلت لجنة سُمّيت "لجنة رأب الصدع" بعد تصاعد الخلاف في كانون الاول ديسمبر الماضي، وكانت فرصة للخروج من دائرة الصراع الذي مرده الى عدم فصل السلطات بين الدولة والحزب، فالنظام الاساسي حدد تحديداً واضحاً سلطات الامين العام للحزب الترابي وتجاهل تماماً سلطات الدولة ومؤسساتها! وتوصلت لجنة "رأب الصدع" الى صيغة معادلة حددت بموجبها سلطات الحزب في وضع السياسات العامة، والدولة بترجمة الخطط الى برامج ورفع تقارير دورية الى الحزب. لكن للاسف بعد اجازة مقررات اللجنة لم يلتزم الدكتور الترابي بهذه المقررات، وشنّ هجوماً عنيفاً على الحكومة من خلال ندوات مفتوحة، مما يعني خروجه على قرارات الشورى التي دعت الى حشد الدعم والسند للحكومة، فاضطرت رئاسة الجمهورية الى اتخاذ قرارات جديدة تمنع تصدّع الدولة والحزب.
تشكّلت لجنة في الحزب الحاكم مهمتها اختيار شاغلي المناصب الدستورية. بعد التطورات الاخيرة وحلّ البرلمان، هل صار رئيس الجمهورية هو صاحب القرار الوحيد؟
- اللجنة السباعية المعنية باختيار شاغلي المناصب الدستورية وُسّعت فصار اعضاؤها احد عشر، بعد تجميد سلطات الامين العام ونائبيه وأحد مساعديه، تقلص عدد اعضاء اللجنة الى سبعة، وهي التي تباشر اختيار شاغلي المناصب الدستورية حالياً.
يبدو ان المعارضة لم تستفد حتى الآن من الصراع في الحزب الحاكم، وتنتظر مزيداً من الصراع لاستثماره في تحسين موقفها التفاوضي مع الحكومة؟
- الخلاف يساهم في إضعاف حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ولكن ليس بالدرجة التي تخيفنا من الاحزاب المعارضة، وستكشف الانتخابات المقبلة الاوزان الحقيقية للاحزاب السياسية، وكنا نأمل في الاتفاق مع الطرف الآخر ولكن...
ما الذي يؤخر الاتفاق مع المعارضة؟
- بعض اطراف المعارضة يرفض المصالحة، وتدعو برامجه الى ازاحة نظام الحكم القائم، والآن يجري تفاوض بين الحكومة وحزب الأمة بدأ منذ توقيع اتفاق معه في جيبوتي في كانون الاول ديسمبر الماضي.
منذ اعلان جيبوتي لم تتخذوا مواقف عملية في شأن الاتفاق مع حزب الامة؟
- ما وُقّع في جيبوتي كان اعلان مبادئ، ولكن توجد الآن لجان مشتركة من الطرفين لتفعيل الاعلان في برامج ثم خطوات عملية.. وبعض هذه اللجان اوشك على الفراغ من اعماله في قضايا اساسية مثل السلام والاقتصاد والسياسة الخارجية.
تنتاب بعض المعارضين مخاوف من تشديد قبضة العسكر على الأوضاع في ضوء الصراع داخل الحزب الحاكم؟
- أي خطوات اتخذناها عن قناعة، وقبل بدء الحوار مع المعارضين بدأنا اجراءات نحو الانفتاح، فحُلّ مجلس قيادة الثورة بعد ثلاثين شهراً على قيام "ثورة الانقاذ"، وباشرنا تطبيع الحياة واتاحة الحريات العامة حتى اقرار الدستور.. واؤكد ان لا رجعة الى الوراء، وستجري في البلاد انتخابات حرّة ونزيهة. نحن نعتبر العمل عبادة وتقرّب الى الله، ولن نتقرّب الى الله بخداع وغش وتزوير.. وسندعو المنظمات الاقليمية والدولية الى مراقبة الانتخابات وسنثبت للعالم انها انتخابات نزيهة، وسنجتهد لكسبها وللفوز في انتخابات رئاسة الجمهورية وغالبية اعضاء البرلمان، لكننا نعلم ان الامر بيد الله، يؤتي الملك لمن يشاء وينزع الملك ممن يشاء.
الساحة السياسية مهيأة لخلط الاوراق وبروز تيارات جديدة داخل الاحزاب، هل تتوقعون خريطة تحالفات سياسية جديدة في المرحلة المقبلة؟
- كل الاحتمالات مرتبطة بالوصول الى مصالحة، واي تحالف ينبغي ان يستند الى برنامج لخمس سنوات، ونفضّل ان تكون الانتخابات المقبلة نزيهة وحرة حتى تعرف الاحزاب اوزانها وثقلها الشعبي، وبالتالي فإن أي تحالف ينبغي اقامته بناء على الاوزان الحقيقية للاحزاب.
تجري الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تشرين الاول اكتوبر المقبل فلماذا لا يعود اقطاب المعارضة؟
- هذا السؤال يُوجَّه الى المعارضين، بعض المعارضين مرتبط بقوى لا تريد سلاماً ووفاقاً في السودان، الحركة الشعبية لتحرير السودان وقوى اليسار والشيوعيون لا يريدون اتفاقاً مع الحكومة ويعملون لازاحة نظام الحكم لأنهم بلا فاعلية شعبية، والسيد محمد عثمان الميرغني مرتبط ايضاً بهذه القوى لأنه رئيس للتجمع المعارض.
وجّهتم رسالة الى السيد محمد عثمان.. هل ردّ على رسالتكم؟
- ردّ رداً ايجابياً، ونحن ندعو مصر وليبيا اللتين تقودان جهوداً للوساطة بين الحكومة والمعارضة تحديد موعد للحوار الوطني، واذا تعذّر ذلك سنفكر في خيارات اخرى.
تلكؤ المعارضين في تحديد موعد لمؤتمر الحوار، هل يمكن ان يصرفكم عن المصالحة الوطنية؟
- لن تتوقف مساعينا، لكن الانتخابات ليست مرتبطة بالمصالحة ولا يمكن تعطيل الدولة في انتظار المجهول، سنمضي في اجراءاتنا، أما القوى السياسية المعارضة فتشارك في العملية السياسية عندما تعود.
هل تتخوفون من عودة المعارضة ومشاركتها في الانتخابات والقرار السياسي؟
- لا مانع من عودة المعارضين ومشاركتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ونحن نقبل بالتنافس الحر وكل ينال حظه حسب ثقله الشعبي.
الردّ الايجابي للسيد محمد عثمان الميرغني على رسالكتم، هل يمهّد لاتفاق معه كما حدث مع السيد الصادق المهدي؟
- نعم، ولكن بتحفّظ. الصادق المهدي يتحرك بحرية، أما محمد عثمان الميرغني فهو مرتبط بالتجمع الوطني الديموقراطي.
هل هذا يعوق تقدم المبادرة المصرية - الليبية؟
- نعم، المبادرة جاءت نتيجة اجتماع عقده قادة المعارضة في طرابلس، وعرض علينا هذا المسعى فوافقنا عليه، ودعت المبادئ الى تشكيل لجنة مشتركة من الطرفين ورحبنا بذلك وسمينا اعضاء اللجنة من جانبنا، بينما ظل الطرف الآخر يتلكأ ويتردد.
هل نبع تردد المعارضة من حساسية جنوبية على المبادرة ومخاوف مصرية من حق تقرير المصير؟
- نعتقد بأن العقيد جون قرنق، بحكم صلاته مع دول ترفض المبادرة المصرية الليبية، لا يستطيع دعم هذه المبادرة، لكنه في الوقت عينه لا يرغب في اعلان رفضه لها لأنه يسعى الى لاحتفاظ بمظلة التجمع المعارض التي تضم عناصر شمالية تمنحه حجماً اكبر من وزنه الحقيقي، ولو خرج قرنق من التجمع لصار ممثلاً لبعض القوى الجنوبية، وسيظل يناور بين بقائه في التجمع ومعارضته للمبادرة المصرية - الليبية.
هل يشعر العقيد قرنق بأن المصالحة بين الحكومة والقوى الشمالية في المعارضة تلهي الشمال عن حل قضية الجنوب، وهذا ما يفسّر مماطلته؟
- الانفصال بين الشماليين وقرنق في التجمع يضعف قرنق. اذا تصالحت القوى الشمالية مع الحكومة سيتعزز موقف الحكومة ويتحول قرنق من ممثل لأهل الجنوب الى قائد لبعض قواه.
انتاج النفط وانتهاء الحصار وتطبيع علاقاتكم الخارجية وبخاصة مع دول الجوار… هل يعطي المواطن املاً بتحسّن ظروفه المعيشية في الاشهر المقبلة؟
- التحسن في الظروف المعيشية لمستوى الفرد يبدأ بوقف التدهور، وقد وصلنا الى هذه المرحلة، فارتفاع الاسعار كان بوتيرة متسارعة، أما الآن فأسعار السلع استقرت ونسبة التضخم انخفضت من 166 في المئة الى 8 في المئة وسيبدأ في المرحلة المقبلة تحسن دخول العاملين، مما يرفع القوة الشرائية وتطور الخدمات. لن نعد الناس بحلول سحرية في القريب العاجل ونحتاج الى بعض الوقت للوصول الى ما نبتغي.
تطبيع العلاقات مع دول الخليج، هل أدى الى عودة بعض العون الذي كان يصلكم من هذه الدول؟
- لا نطالب بمساعدات وانما نطرح مشاريع استثمارية، وبدأ الاقبال على الاستثمار خصوصاً بعد انتاج النفط واصلاح قانون الاستثمار، وصارت ظروف الاستثمار افضل بكثير مما هي عليه في دول المنطقة، لقد اعتمدنا سياسات تشجيعية وقوانين تقدم امتيازات مقنعة الى المستثمرين، ولا تفرّق بين المستثمر الوطني والأجنبي، وتواكب المتطلبات والمعايير العالمية. ان الاقبال المتزايد على الاستثمار ودخول رساميل كبيرة خلقا فرص عمل لاعداد مقدرة من الايدي العاملة مما سيؤدي الى تحسين معيشة هؤلاء العاملين.
تدور حروب من حولكم بين اثيوبيا واريتريا، ويوغندا والكونغو الديموقراطية، ما هي انعكاسات هذه الحروب عليكم خصوصاً ان هذه الدول كانت طرفاً في الحصار المضروب على السودان؟
- التحالفات التي بنيت على قادة افريقيا الجدد كما سمّتهم واشنطن التي تبنتهم في اثيوبيا واريتريا ويوغندا والكونغو الديموقراطية، انهارت واندلعت حروب بين اسمرا واديس ابابا، والكونغو ويوغندا ورواندا ويوغندا. علاقتنا ظلت جيدة مع الكونغو رغم الضغوط عليها، وطبّعنا العلاقات مع اثيوبيا، وتقدمت مع اريتريا لكنها لم تطبّع. ويسعى الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر الى التوسط بين السودان ويوغندا لاعمار العلاقات لكن لا نتائج ملموسة حتى الآن.
هل انتم مستعدون لتطبيع علاقاتكم مع اسرائيل اذا انجزت التسوية النهائية على كل المسارات؟
- لم نتخذ قراراً بعد بتطبيق العلاقات مع اسرائيل، ولكن اذا حققت التسوية النهائية اشواقنا ورغباتنا سنعيد النظر في هذا الامر.
ما رأيكم في الاتصالات التطبيعية الجارية بين بعض العواصم واسرائيل؟
- وصلنا في العالم العربي الى مرحلة باتت فيها كل دولة تتحرك بمعزل عن الاخرى، لأن التحرك والالتزام الجماعي للدول العربية انتهيا تماماً وصارت كل دولة تبحث عن مصالحها، وما نؤكده هو ان ليست لدينا رغبة او رؤية للتصالح مع اسرائيل.
نظرتكم تشاؤمية جداً الى العمل العربي الجماعي. الا تعقد قمة عربية للبحث في الشأن العربي؟
- فشلنا في الدعوة الى انشاء مؤسسة للقمة.
يعني لن تقوم مؤسسة للقمة؟
- لا اقول انها لن تقوم، لكنها حتى الآن تبدو بعيدة.
هل الاسباب عربية محضة ام هناك تدخلات خارجية؟
- التباين بين الدول العربية خلق جفوة بينها، على رغم حلّ بعض القضايا عربياً كما حدث بين السعودية واليمن، والآن مثلاً يوجد خلاف بين قطر والبحرين، وحتى اذا قامت مؤسسة الرئاسة العربية تحتاج الى وقت لتحقيق النتائج المتوقعة منها. وحاولت بعض الدول خلق اوضاع تتجاوز ما يطرأ على العلاقات السياسية بين الدول العربية مثل هيئة التصنيع العربي، وكان منتظراً ألا تتأثر بالخلافات الطارئة، لكنها انهارت مع بروز أول صراع!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.