اختارت جريدة الايكيب الفرنسية اندريه اغاسي "بطل الابطال" للعام 1999 خلفاً للفرنسي زين الدين زيدان وذلك بفارق كبير عن ثلاثة ابطال اميركيين كانوا ينافسونه على اللقب هم العداء مايكل جونسون والعداء موريس غرين والدراج لانس ارمسترونغ الذي اذهل العالم بإحرازه دورة فرنسا للدراجات بعد تغلبه على داء السرطان، في حين احتل العداء المغربي هشام القروج المركز الخامس. وأغاسي هو اول لاعب كرة مضرب يحرز هذا اللقب منذ انطلاق هذا التقليد في العام 1980، وهذا الاختيار الذي شارك فيه 22 صحافياً يعملون في مختلف قطاعات الجريدة المتخصصة في الشؤون الرياضية جاء تكريساً لانجازات بطل فذ عرف كيف يتربع مجدداً على قمة كرة المضرب بعدما كان يحتل المركز ال141 في اواخر عام 1997. صحيح ان انجازات اغاسي في عالم كرة المضرب لا تقاس بانجازات سامبراس، ولكن الصحيح ايضاً ان القفز من المركز ال141 الى المركز الاول خلال فترة قصيرة نسبياً امر لا يدركه الا ابطال ذوو ارادة فولاذية وموهبة خارقة، ولعل اغاسي ذاته لم يكن يحلم بهذا الانجاز علماً انه خلال العام المنصرم فاز ببطولتين من بطولات الغران شيليم الاربع رولان غاروس وفلاشينغ ميدوز وبلغ نهائي دورة ويمبلدون وبطولة الماسترز وفي كلا الحالتين خسر امام غريمه ومواطنه بيت سامبراس. وفي سجل اغاسي خمسة القاب في بطولات الغران شيليم وهو خامس لاعب في العالم بعد فرد بيري ودونالد بادج ورود لافر وروي ايمرسون يدخل تاريخ كرة المضرب من بوابات البطولات الكبرى الاربع وهي ويمبلدون وفلاشينغ ميدوز وبطولة استراليا المفتوحة ورولان غاروس وهذه الاخيرة ما زالت عصية حتى اليوم على البطل الاسطوري بيت سامبراس. ويبدو ان اغاسي الذي يلعب بثقة وارتياح امام منافسيه مصاب بعقدة سامبراس وما زالت خسارته نهائي بطولة اميركا المفتوحة في العام 1995 على يد سامبراس تلقي بثقلها علىه كلما التقى هذا الاخير فيومذاك كان اغاسي في ذروة تألقه وكان ينتقل من نصر الى نصر. وكان على وشك الزواج من النجمة السينمائية بروك شيلدز وكان ابن لاس فيغاس يحلم بغزو نيويورك للدفاع عن لقبه في فلاشينغ ميدوز وكانت كل الترشيحات تصبّ في مصلحته لاحراز اللقب مرة ثانية، لكن سامبراس قلب جميع التوقعات وحرمه من ذلك الشرف ولقّنه درساً قاسياً لم يستطع حتى الآن ان ينساه. سنة 1997 كانت سنة الكارثة في مسيرأ آغاسي الرياضية فقد نصحه مواطنه جون ماكنرو الذي كانت له تجربة مريرة مع النجمة السينمائية تاتوم اونيل بعدم الزواج من بروك شيلدز لكن اغاسي لم يأخذ بنصيحة صديقه، وتزوج شيلدز في 19 نيسان ابريل من تلك السنة وقبل ان تتم السنة دورتها كان اغاسي يقبع في المركز ال141 واصبح يحتاج الى معجزة للعودة الى دائرة الضوء. كيف واجه اغاسي هذه الكارثة؟ وهل استكان الى قدره مكتفياً بما حققه خلال مسيرته الرياضية؟ كان على البطل الذي يتمتع بحضور مميز وبشعبية جارفة في الملاعب "ان يبدأ من الصفر" على حدّ تعبير مدربه براد جيلبيرت ولتحقيق ذلك كان لا بد لأغاسي من ان ينصرف كلياً الى التدريب، وان يعمل بصمت ليتسنى له ان يتسلق قمة الهرم من جديد، ولئن قدّر له ان يحقق انتصارات في دورات عدة فقد تعذّر عليه الانتصار في اي من البطولات الاربع الكبرى طوال العام 1998. ولعل هذا ما دفع والده مايك الذي تولى تدريبه في البدايات الى الشك في قدرة ابنه على استعادة امجاده الغابرة. وجاءت هزيمة اغاسي المبكرة في بطولة استراليا المفتوحة في مطلع العام 1999 ثم هزيمته في دورة سان خوسيه لتعززا شكوك الوالد. لكن المنعطف الحقيقي في مسيرة اغاسي خلال هذا العام كان في باريس اذ بلغ نهائي دورة رولان غاروس التي سبق له ان بلغ الدور النهائي فيها مرتين الاولى في العام 1990 وخسر امام غوميز والثانية في العام 1991 وخسر امام كوريير، ورغم خسارة اغاسي مجموعتين امام منافسه ميدفيديف استطاع ان يحول مسار اللعب لمصلحته وان ينتزع لقب الدورة بعد توقف المباراة بسبب هطول الامطار، وقد ركع عندما اعلن الحكم نهاية المباراة قائلاً: "هذه اسعد لحظة في حياتي". وكانت شتيفي غراف قد حققت عودة مظفرة الى رولان غاروس بعد غياب طويل بسبب الاصابة، ولعل انتصار اغاسي وغراف في دورة رولان غاروس كان الخيط السري الذي ربط قدر كل من البطل والبطلة فهما منذ الصيف الماضي لا يفترقان، ورغم اعتزال غراف رسمياً فهي لا تغيب عن الملاعب لانها تحرص على تشجيع "حبيب العمر" كما تحرص على ان تكون ملاكه الحارس. ويبدو ان اغاسي في غمرة سعادته بدأ يكتشف علامات الحب مع مفعول رجعي، اذ لمح الى انه يوم فاز بدورة ويمبلدون 1992 كانت الفائزة في فئة السيدات شتيفي غراف، ويوم احرز دورة رولان غاروس هذا العام كانت غراف شريكته في الفوز ايضاً. أولا يكفي ذلك للدلالة على وحدة المسارين والمصيرين؟ لقد حصد كل من اغاسي وغراف القاباً كثيرة وفازا في مباريات عدة، وهما اليوم يخوضان المباراة الاصعب والأقسى مباراة الحب، وهي لا تحتاج الى مناورات الكر والفر بقدر ما تحتاج الى الصدق والاخلاص المتبادل… ولئن كانت صافرة الحكم تعلن عن نهاية المباراة في لعبة كرة المضرب، فإننا نأمل ألا تعلن صافرة الزمن عن نهاية مغامرة الحب بين نجمين خفقت بحبهما قلوب الجماهير