بدأ الجمهور الذي احتشد في مدرجات رولان غاروس لحضور المباراة النهائية بين الأميركي اندريه اغاسي والأوكراني اندريه مدفيديف، يتململ ويتثاءب، لأن المباراة من طرف واحد، ولأن اغاسي انهار أمام أداء مدفيديف الصاعق فخسر المجموعة الأولى 1/6 والمجموعة الثانية 2/6، وفي حين خيل للمشاهدين أن الأوكراني في طريقه إلى احراز فوز تاريخي، وإلى إلحاق هزيمة مذلة بالأميركي، راح اغاسي يلتقط أنفاسه ويحول مسار اللعب لمصلحة، فأحرز المجموعة الثالثة 6/4 وفاز بالمجموعة الرابعة 6/3، ثم انتزع المجموعة الخامسة، وحقق فوزاً تاريخياً بعد عودته من "جحيم" مدفيديف. ولا يقل فوز اغاسي غرابة وإثارة عن فوز مانشستر يونايتد بدوري الأندية الأوروبية الأبطال، مع هذا الفارق هو ان كليهما فاز بمعجزة، لكن معجزة مانشستر تمت بفضل الحظ، في حين ان معجزة اغاسي تمت بفضل عناده وإصراره ومقاومته الضارية. وبفوز اغاسي أصبح خامس لاعب يحرز البطولات الأربع الكبرى التي تعرف ب"غران شيليم" استراليا ورولان غاروس وويمبلدون وفلاشينغ ميدوز، بعد البريطاني فريد بيري والأميركي دون بادج والاستراكي روي ايمرسون والاسترالي الآخر رود لايفر. ومما لا شك فيه أن الجمهور لعب دوراً حاسماً في تحقيق هذا الانجاز النادر لأنه وقف إلى جانب اغاسي وشد أزره وألهب حماسه، فعاد إلى أجواء المباراة وحوّل تخلفه بمجموعتين انتصاراً مستحقاً. وقد صرح اغاسي بصوت متهدج ومبلل بالدموع، دموع الفرح طبعاً: "انني مدين للجمهور بهذا الفوز، فلولاه لما استطعت العودة إلى المباراة بعد تخلفي بمجموعتين نظيفتين، وأنا لن انسى أبداً هذا اليوم لأنني بمقدار ما كنت انتظره، لم أكن أتوقع انني سأعيشه". وهذا الفوز هو أولى ثمار طلاق اغاسي من الممثلة الأميركية بروك شيلدز، ورابع لقب له في البطولات الكبرى بعد احرازه لقب ويمبلدون 1992 وفلاشينغ ميدوز 1994 وبطولة استراليا المفتوحة 1995. وقد فتح هذا الفوز شهية اغاسي وشحذ عزيمته لمواجهة تحديات المستقبل، فقال في المؤتمر الصحافي الذي عقد بعد المباراة رداً على أحد الأسئلة: "اعرف جيداً انني لم استغل بعد كل الطاقات الكامنة في أعماقي. وأعرف أيضاً أنه منذ ما يزيد على 25 عاماً لم يحرز أي بطل دورتي رولان غاروس وويمبلدون في سنة واحدة، وسيكون رائعاً تحقيق هذه الثنائية". أما مدفيديف الذي أفلت من يده نصر كان في حكم المضمون، فقد تصرف بنبل ورباطة جأش بعد هزيمته، فأشاد بقدرات أغاسي قائلاً: "لقد خسرت أمام لاعب عظيم، لأن أداءه كان أفضل من ادائي، ويشرفني انني خضت المباراة النهائية ضده. خسارتي لا تعني نهاية العالم... فأنا سأحاول من جديد... وسأصل حتماً". واعتبر نفسه رغم تشجيع الجمهور الفرنسي غريمه، "فرنسياً تقريباً، وأنا عندما ألعب في رولان غاروس اشعر بأنني ألعب في حديقة بيتي". وفي لفتة إنسانية رائعة قال مدفيديف الذي تربطه علاقة عاطفية بلاعبة كرة المضرب انكه هوبر: "ما دمت متعلقاً بأنكة فانا سأتجاوز اخطاء الماضي، وستسير الأمور على خير ما يرام". أما بالنسبة إلى المباراة النهائية في فئة السيدات بين الألمانية شتيفي غراف والسويسرية مارتينا هينغيس، فقد حالت الأمطار التي هطلت بغزارة دون انطلاقها في الوقت المحدد، ولعل هذه الأمطار كانت مسودة للدموع الغزيرة التي ستذرفها هينغيس بعد مباراة مثيرة حبست أنفاس المشاهدين وانتهت بفوز غراف 4/6 و7/5 و6/2. وبهذا الفوز رفعت الألمانية عدد ألقابها في البطولات الأربع الكبرى إلى 22 لقباً، وأصبحت بحاجة إلى لقبين فقط لتعادل انجاز مارغريت كورت التي أحرزت 24 لقباً في الغران شيليم، والتي قدمت لغراف كأس رولان غاروس. ولا بد من الاشارة إلى ان غراف هزمت في الدور نصف النهائي الأميركية مونيكا سيليش، علماً أنها تصدرت الترتيب العالمي للاعبات كرة المضرب المحترفات خلفاً لمونيكا بعد طعنها بسكين في دورة هامبورغ في العام 1993، كما هزمت في المباراة النهائية مارتينا هينغيس التي خلفتها في صدارة الترتيب العالمي محرزة لقبها السادس في دورة رولان غاروس... وقد قفزت بعد فوزها من المرتبة السادسة في الترتيب العالمي إلى المركز الثالث، وأثبتت أنها لم تترجل عن صهوة البطولة بعد، وان منافساتها سيحسبن لها ألف حساب في دورة ويمبلدون، وهي على الأبواب، لكن غراف قررت عدم المشاركة في دورة رولان غاروس المقبلة، رغبة منها في المحافظة على وهجها وعلى حلاوة نصرها التاريخي. أما هينغيس، التي تتربع سعيدة على عرش كرة المضرب ويخلو سجلها الحافل بالانجازات رغم حداثة سنها من لقب رولان غاروس، فقد فاتها قطار هذه البطولة مرة ثانية، وأثارت دموعها السخية عواطف الجمهور الذي كان متعاطفاً مع غريمتها، لكن الزمن يقف إلى جانبها ولديها متسع من الوقت لتعويض خسارتها المباراة النهائية على جبهتين، جبهة فردي السيدات وجبهة الزوجي. وختاماً يمكننا القول إن بطولة رولان غاروس شهدت هذا العام عودة الحرس القديم إلى دائرة الضوء، فاندريه اغاسي 29 عاماً لاعب مخضرم أتاح له فوزه ان يدخل عالم الاسطورة، وشتيفي غراف تحتفل بعيد ميلادها الثلاثين هذا الأسبوع عادت إلى منصة التتويج بعد غياب قسري، وأكدت أن مخزونها الاحتياطي من الطموح لم ينضب بعد ترتيب اللاعبات العشر الأوليات: 1- السويسرية مارتينا هينغيس 5755 نقطة 2- الأميركية ليندساي ديفنبورت 4968 3- الألمانية شتيفي غراف 4186 4- الأميركية مونيكا سيليش 3608 5- التشيكية يانا نوفوتنا 3456 6- الأميركية فينوس وليامس 3451 7- الاسبانية ارانتشا سانشيز 2528 8- الفرنسية ماري بيرس 2525 9- الفرنسية ناتالي توزيا 2148 10- الأميركية سيرينا وليامس 1979. ترتيب اللاعبين العشرة الأوائل: 1- الروسي يفغيني كافلنيكوف 3403 نقطة 2- الاسترالي باتريك رافتر 3315 3- الأميركي بيت سامبراس 3300 4- الأميركي اندريه اغاسي 2993 5- الهولندي ريتشارد كرايتشيك 2856 6- البريطاني تيم هنمان 2678 7- البرازيلي غوستافو كويرتن 2655 8- الاسباني اليكس كوريتخا 2408 9- التشيلي مارتشيلو ريوس 2370 10- الاسترالي مارك فيليبوسيس 2262