يقشعر بدن المصريين كل صباح مع مطالعة أخبار الجريمة والحوادث في الصحف اليومية، ويتبارى كثير من محرري هذه الصحف في الافاضة في الوصف التفصيلي للجرائم حتى يكاد ما يسطرونه أن يقطر دماً، وكلما زادت الإثارة وارتفعت معدلات التوزيع، وان كانت لا تعبر بشكل دقيق عن معدلات الجريمة في مصر والتي تسجل اضعاف ما ينشر ففي مقابل كل فتاة ابلغت الشرطة عن اغتصابها - مثلاً - هناك تسع فتيات يفضلن الصمت على افتضاح أمرهن على صفحات الصحف. واذا كانت جرائم الاغتصاب وهتك العرض والاعتداء الجنسي على الاطفال 1023 طفلاً اغتصبوا العام الماضي تسجل زيادة واضحة فإن الجرائم التي تقع لأفراد الأسرة أضحت عناوين متكررة ومحزنة. ويلاحظ ايضاً تزايد جرائم الاستيلاء على المال العام، وأشهرها قضية "نواب القروض" المتورط فيها اربعة من اعضاء مجلس الشعب البرلمان المصري و28 متهماً حصلوا على مليار و300 مليون جنيه من المصارف المصرية. وعند كتابة هذا التحقيق كانت عناوين صفحات الحوادث في صباح قاهري تقرأ على النحو الآتي: - العثور على جثة فتاة حامل في شهرها الثامن بالكيلو 40 طريق مصر - السويس الصحراوي. - الجثة مهشمة الرأس غير واضحة المعالم وترتدي جلباباً احمر، والتحريات الاولى تشير الى علاقة الحمل بحادثة القتل ويرجح وجود علاقة غير شرعية بين الفتاة وآخر قرر التخلص منها درءاً للفضائح او تخلصت منها اسرتها ايضاً منعاً للفضائح". - ضبط محام في أحضان بنت الجيران"،… والتفاصيل تقول: "فوجئت سيدة من بلدة العياط في محافظة الجيزة بصوت ينبعث من الطابق العلوي في منزلها بعد منتصف الليل، صعدت لتكتشف ان ابنتها بين احضان ابن الجيران الذي يعمل محامياً الذي طلب وهو يستر نفسه ان يتزوجها منعاً للفضيحة، لكن الام اصرت على ابلاغ مخفر الشرطة لإثبات الحالة". - في بلدة كفر الزيات، في وسط دلتا النيل يكثف رجال المباحث تحرياتهم لكشف غموض وفاة مهندس زراعي تبين وجود آثار لمادة سامة غير معلومة المصدر حول فمه وفي دمائه. - في مدينة الاقصر 700 كيلو متر جنوبالقاهرة اعتدى شاب تخرج حديثاً في الجامعة على ابنة صديق والده جنسياً بعد ان أوهمها بعزمه الزواج منها. - في ضاحية المعادي جنوبالقاهرة تم حبس طبيب تقاضى رشوة، من احد الاطباء للترخيص له بإقامة مستشفى. الرشوة بلغت 3500 جنيه مصري نحو الف دولار. - في شرق القاهرة قرر قاضي المعارضات في محكمة مدينة نصر حبس نقاش 45 يوماً على ذمة التحقيق لقتله صديقه. عناوين اليوم الواحد لا تدل على حجم الجريمة وتنوعها في مصر، وانما هي دليل استرشادي كما يقولون، ولكن أكثر تعبيراً عنها احصاءات الامن العام المصري التي تشير الى وقوع 2237 جناية العام الماضي، بمعدل 186 جريمة كل شهر و6 جرائم يومياً، وجريمة واحدة كل اربع ساعات، ولا يشمل ذلك الجنح التي سجلت ثلاثة ملايين و170 الفاً و894 جنحة خلال العام نفسه، بمعدل 450 جنحة كل ساعة. والجنحة هي الجريمة الخفيفة التي لا تتجاوز عقوبتها السجن لمدة 3 سنوات. وتتسم تشكيلة الجرائم الثقيلة الجنايات بقدر ملحوظ من الاثارة، فهناك 717 جريمة قتل عمد في 12 شهراً، و200 جريمة اغتصاب وهتك عرض و429 سرقة و35 جريمة رشوة و106 جرائم حرق متعمد. وتسجل الاسكندرية ثاني اكبر المدن المصرية بعد القاهرة أرقاماً مخيفة، مقارنة مع بقية المحافظات، خصوصاً القاهرة التي يقطنها 14 مليون نسمة، علماً ان الاسكندرية يبلغ عدد سكانها 5،3 مليون نسمة فقط. وتسجل الاخيرة 43 جريمة قتل عمد في مقابل 35 في القاهرة و45 جريمة اغتصاب، في مقابل 29 في القاهرة، و133 حادثة سرقة، في مقابل 92 في القاهرة. ويلاحظ ان معدلات الجريمة في محافظتي شمال وجنوبسيناء اقل منها في المحافظات الاخرى، فلم تسجل محافظة الشمال سوى 14 جريمة في عام كامل، منها جريمة قتل واحدة و13 جريمة تزوير في اوراق رسمية، واختفت كل الجرائم الاخرى كهتك العرض والاغتصاب والسرقة والحريق والاختلاس والرشوة. ولم يسجل في الجنوب السيناوي سوى 6 جرائم في سنة كاملة، وان كانت موزعة جريمة قتل واحدة، ومثلها اغتصاب وواحدة اختلاس، واخرى رشوة وجريمتا تزوير في اوراق رسمية. في الاغتصاب تتقدم الاسكندرية 45 جريمة، وفي الضرب حتى الموت تتقدم القاهرة 50 حادثة. وفي الحريق العمد تحتل محافظة الغربية المقدمة ب23 حريقاً. وفي تزوير الاوراق الرسمية تسجل القاهرة اكبر رقم 93 حالة، اما بالنسبة الى القتل العمد فتتنافس قناوسوهاج في صعيد مصر على المقدمة سوهاج 62 جريمة قتل وقنا 51 جريمة. اما اسيوط في صعيد مصر ايضا فتبدو من خلال الاحصاءات مدينة القتل الجماعي، وتسجل في القتل العمد رقماً خرافياً 318 جريمة توازي نسبة 44 في المئة من جملة جرائم القتل المخططة على مستوى الجمهورية. وتتميز محافظة بني سويف ضمن محافظات الصعيد الثماني بتسجيلها 11 جريمة هتك عرض واغتصاب في سنة واحدة. وعلى عكس ما يبدو من الصحف، فإن صيف القاهرة احصائياً هو اقل فصول السنة في معدلات الجريمة. في حين يحتل آذار مارس قائمة الشهور الملوثة بالجريمة خصوصاً الجنايات الثقيلة، بمعدل 234 جريمة، فإن اشد شهور الصيف حرارة تموز يوليو سجل 189 جريمة فقط، تقل في آب اغسطس الى 176 جريمة، وتحقق اقل معدلاتها سنوياً في كانون الاول ديسمبر لتهبط الى 81 جريمة، مما يدل على ان أشهر الشتاء رحيمة بالمصريين، واشهر الربيع تعكس مزاجاً عنيفاً عنف رياح الخماسين. ومن انماط الجرائم المصرية، تبرز الجريمة العائلية هذه الايام، فالتركيز عليها واضح في صفحات الحوادث في الصحف المصرية، واذا كان لزيادة معدلاتها سبب واضح فهو زيادة عدد السكان والفقر، كما ان هناك اسباباً اخرى تدلنا عليها الملفات التي تصفحناها في المركز القومي المصري للبحوث الجنائية والاجتماعية المعني برصد تلك الظواهر. اولى اوراق الملف تشير الى غموض مقتل عامل من قرية "الكردي" التابعة لمحافظة الدقهلية تبعد عن القاهرة 230 كيلومتراً شمالا بعد اختفائه بأسبوعين واتضح ان ولديه وشقيقه وسائقاً وبلطجي، اتفقوا على التخلص منه لشذوذه الجنسي. ويؤكد التحليل الاحصائي لجرائم العنف الاسري الذي انجزته الدكتورة فادية ابو شهبة الخبيرة الاجتماعية في المركز القومي للبحوث ان كثيراً من الجرائم يقع داخل الاسرة، كالقتل العمد والضرب المفضي الى الموت، وهتك العرض والاغتصاب والحريق العمد. ويأتي الضرب في مقدم حوادث العنف الاسري ويسجل 7،94 في المئة من جملة جرائم البيت المصري، يليه مباشرة قتل الزوج لزوجته او الشروع في القتل بنسبة 1،2 في المئة ثم معاشرة الزوجة كرهاً 4،1 في المئة ثم هتك العرض والاغتصاب في ما يُعرف بوطء المحارم 1،1 في المئة، وتتقلص البلاغات الخاصة بقتل زوجة لزوجها الى 2،0 في المئة. واكدت الدكتورة ابو شهبة ان جرائم العنف الاسري تروج في الشتاء بنسبة 5،29 في المئة يليه الربيع 29 في المئة ثم الصيف 21 في المئة ويرتكب افراد الاسرة المصرية في الخريف 5،20 في المئة من جملة جرائمهم ضد بعضهم على مدار السنة، وتعتبر تلك النسب مخالفة لما جرى عليه العرف في عالم الجريمة من انها تزيد صيفاً وتقل شتاءً. وحول اسباب الجريمة الاسرية تقول ابو شهبة ان معظم الجرائم يحدث ليلاً، وترجع في المقام الاول للخيانة الزوجية او زواج الضحية بزوج آخر او الدفاع عن النفس او الشرف، واخيرا القسوة في المعاملة. وتعتبر الخلافات المالية وتعاطي الخمور والمخدرات من اسباب الجريمة داخل منزل الاسرة الواحدة، فضلاً عن الاصابة بالامراض النفسية واهمال شؤون المنزل والشذوذ الجنسي. وتشير ابو شهبة الى مجموعتين من العوامل وراء الجريمة الاسرية، الاولى العوامل الشخصية من حيث التكوين العضوي والنفسي للرجل ومراحل العمر، اذ تكثر الجرائم في مرحلة النضج تليها مرحلتا الشباب والمراهقة، ثم تقل في الشيخوخة. العوامل الاخرى بيئية ومنها العوامل المناخية والسكنية، اذ يتسبب زحام المساكن في نسبة 5،87 في المئة من هذه الجرائم، فضلاً عن التنشئة الاجتماعية الخاطئة والتصدع الاسري مع توقعات بزيادة تلك الجرائم مع بروز العوامل الاقتصادية الضاغطة على الاسر المصرية. حتى الآن لا يصدق الناس في مصر ان هناك من يُقتل امتثالاً لأوامر غيبية، لكن احصاءات وزارة الداخلية في مصر تؤكد ان هناك 58 شخصاً قتلوا على ايدي دجالين ومشعوذين اثناء استخراج الجان من اجسادهم. المثير ان دجالاً ومشعوذاً قُتلا ايضاً بأيدي زبائنهما بسبب افعالهما المشينة ومنها محاولات اغتصاب الضحايا او الاستيلاء على اموالهم. الجريمة الشائعة الآن في مصر تدل عليها تحقيقات نيابة بولاق الدكرور في محافظة الجيزة، اذ تشير الى ان محمود مصطفى بعد ان يئس من شفاء والده 72 سنة على ايدي الاطباء قرر ان يلجأ الى احد المشعوذين الذي قرر ان جسد المريض يسكنه جن، وانه لا سبيل الى طرده الا بضرب الوالد. لكن المريض لم يحتمل هذا الاسلوب المبتكر في العلاج، فمات بعد ساعة واحدة من الضرب المبرح! وفي ضاحية امبابة، في محافظة الجيزة، اصيبت ابتهال 32 سنة باكتئاب بعد ان فسخ والدها خطبتها، وحاول تزويجها من آخر يكبرها ب27 سنة، وبعد ان فشل الاطباء في علاج الفتاة سلمها اهلها الى مشعوذ آخر، امرهم ايضاً بأن ينهالوا عليها ضرباً بدعوى ان ذلك سيساعد على ان تبرأ من علتها، الا انها سرعان ما فارقت الحياة تحت وطأة الضرب الشديد، ولاذ المشعوذ بالفرار. وتتكرر مثل هذا الحادث في مناطق اخرى وفق السيناريو نفسه، ففي حي البساتين جنوبالقاهرة قتل مشعوذ على يد ابنه بعد ان ضاق ذرعاً بتوهماته وجرائمه. ويرى الدكتور محمد عصام، استاذ علم النفس في جامعة جنوب الوادي ان هؤلاء المشعوذين وزبائنهم هم - على السواء - من المرضى النفسيين. اصطلح على تسمية "المغتصب" صحافياً "بالذئب"، تعبيراً عن الاستهجان، الا ان ذلك لم يقلص جرائم الاغتصاب التي لا يمر يوم من دون سرد تفاصيل واحدة منها او اكثر في الصحف الشعبية والمحافظة على السواء، وتحذير الفتيات من ركوب التاكسي الخالي من الركاب، وحثهن على حمل اسبراي بخاخ يشل الحركة والحض على عدم الخروج ليلاً الى المناطق النائية. ويؤكد خبراء الاجتماع ومسؤولو الامن ان الصحافة تبالغ في ما تنشره حول جرائم الاغتصاب، ومع ذلك يلاحظ ان جرائم الاغتصاب المبلغ عنها لا تزيد على 25 في المئة من اجمالي تلك الجرائم، فغالبية الضحايا ترفضن اللجوء الى الشرطة خوفاً من الفضيحة. وعلى رغم ان القانون المصري رفع عقوبة هذه الجريمة الاغتصاب الى الاعدام، الا ان هذا لم يحد من وقوعها. وغالبية مرتكبي هذه الجريمة، كما تقول الاحصاءات الشرطية، في الفئة العمرية من 18 الى 30 سنة، وبلغت نسبتهم الى اجمالي مرتكبي جرائم هتك العرض والاغتصاب نحو 60 في المئة، في حين بلغت نسبة المنتمين الى الشريحة العمرية من 30 الى 40 سنة، 20 في المئة ونسبة 10 في المئة في الشريحة العمرية من 40 الى 50 سنة. اما الشيوخ من 50 الى 60 فيرتكبون 6 في المئة من تلك الجرائم، ومن هم فوق ال60 يرتكبون 2 في المئة فقط من جرائم الاغتصاب! ولاحظت تقارير المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية ارتفاع نسبة الامية بين المغتصبين 34 في المئة و 6،13 في المئة للحاصلين على مؤهلات متوسطة و7،3 في المئة لحَمَلة الشهادة الاعدادية. وتساوى "الذئاب" ممن يحملون شهادات جامعية مع اقرانهم ممن يحملون تعليماً ابتدائياً بنسبة 8،1 في المئة لكل منهما. ويرجع الدكتور احمد المجدوب الخبير الاجتماعي في المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية بروز ظاهرة الاغتصاب الى ان المجتمع يعاني عدداً من المشكلات ذات العلاقة بالاغتصاب من تأخر سن الزواج وازمة المساكن والزخم الجنسي الذي يزداد باستمرار سواء عن طريق السينما او التلفزيون وشرائط الفيديو. ويلفت الدكتور المجدوب النظر الى أن بعض المغتصَبات يتحملن جانباً من مسؤولية ما يقع لهن، بسبب ارتدائهن الملابس المثيرة او الفاضحة في مجتمع شرقي، الامر الذي يدفع الذئاب الى الاعتقاد بأن هذه الضحية مناسبة. ويشير ايضاً الى "الاغتصاب الكاذب" والذي يدعيه بعض الفتيات الامر الذي يزيد ازمة صدقية تلك الجرائم. وتأتي جرائم المخدرات في مقدم الجرائم التي تزيد باضطراد في المجتمع المصري. ويشير احصاء حديث الى وقوع اكثر من نصف مليون مواطن في دائرة الادمان. ويشير التقرير الاخير لادارة مكافحة المخدرات المصرية الى دخول فئة جديدة من اصحاب المهن الحرة دائرة المخدرات كمروجين وتجار تجزئة، اذ بلغت نسبة المتهمين من اصحاب المهن 32 في المئة من اجمالي المتهمين. ايضا تربو القضايا على 21 الفاً بمعدل زيادة 22 في المئة عما قبله. وهذا يدل على زيادة نسبة الضبط وعلى انتشار المخدرات في الوقت نفسه يكسران ضلوع أمهما لإخراج "الجان"! شهد حي البساتين في 10 أيلول سبتمبر 1994 إحدى أبشع جرائم القاهرة خلال السنوات العشر الأخيرة، إذ لقيت أم مصرعها تحت أقدام ابنتيها المختلتين عقلياً. قامت الشقيقتان عبير وهدى بسحب الأم الى حمام الشقة وجردتاها من ملابسها وطرحتاها أرضاً ثم بدأن يقفزن في الهواء ويهبطن بأقدامهما على جسدها لمدة ساعة كاملة حتى ماتت، بدعوى أنهما كانتا تخرجان الجن من جسدها. استنجد الأب بالشرطة التي كسرت باب الحمام لتفاجأ بجثة الأم وحولها الفتاتان وهما في سعادة غامرة تطلقان الزغاريد احتفالاً بنجاحهما في إخراج الجن من دون أن تتنبها إلى أنهما أخرجتا روح أمهما! المنزل الرقم 21، شارع الحرية في البساتين، الذي شهد الواقعة ينتمي الى الاحياء العشوائية التي تتزايد باضطراد حول القاهرة، أما المنزل بعد الجريمة فكان مسرحاً للفوضى، كل شيء مبعثر، زجاج الشقة محطم، الأم، حكمت علي ندى 65 سنة جثة هامدة، وعبير عبدالعزيز غانم 23 سنة حاصلة على دبلوم معهد فني تجاري جوارها، والأخرى هدى 18 سنة طالبة بالثانوي التجاري تطلق الزغاريد احتفالاً بخروج الجن من جسد الأم. يقول الأب عبدالعزيز غانم في ملف الحادثة إن الابنتين كانتا تعيشان حياة عادية وفجأة تغيرت حالتهما وأخبرني البعض بأنهما اصيبتا بمس من الجن، صباح يوم الحادثة صفعتني ابنتي الكبرى عبير على وجهي وضربت امها ثم طردتني من الشقة واغلقتها من الداخل وبدأت إلقاء الاثاث من البلكونة، فشلت في كسر الباب فاستدعيت الشرطة لكنهما كانتا قتلتا والدتهما على رغم حبهما الشديد لها. عايدة... حكموا عليها بالإعدام فتظاهر الشباب والشيوخ لا أحد ينسى عايدة نورالدين ممرضة الاسكندرية التي قضت المحكمة بإعدامها، ثم خفف الحكم للسجن عشر سنوات، وهي الآن تنتظر نتيجة الطعن في الحكم الأخير. اتهمت عايدة بقتل 29 مريضاً في مستشفى الاسكندرية الجامعي باعطائهم عقاراً يتسبب في استرخاء العضلات. ربطت المحكمة بين عايدة وطبيب في المستشفى اسمه هشام أبو رحمة، وقالت إنها انتقمت لحبها الفاشل بقتل المرضى. عايدة التي قابلتها "الوسط" في سجن دمنهور العمومي رفضت هذا الاتهام بشدة وأصرت على أنها بريئة، وأنها لم تقتل. المحكمة التي قضت بإعدامها قالت إنها قاتلة مع سبق الاصرار والترصد. بعدها هاجت الاسكندرية وماجت وخرج نحو 7 آلاف سكندري من الشباب والشيوخ يجوبون شوارع الاسكندرية وهم يهتفون "عايدة.. بريئة.. اقبضوا على المجرمين الحقيقيين". الاسكندرية تفوق القاهرة في جرائم القتل وهتك العرض يبلغ تعداد سكان الاسكندرية 5،3 مليون نسمة يزيدون الى خمسة ملايين في الصيف، يتابعهم 14 مخفر شرطة، في 7 أحياء، وعلى رغم ذلك، فإن هناك 120 ألف جريمة سنوياً تقع في ثاني أكبر المدن المصرية وعلى ساحلها الذي يمتد نحو 70 كيلومتراً على البحر المتوسط. وطبقاً لاحصاءات مديرية أمن الاسكندرية، فإن حي المنتزه هو أكبر الاحياء في عدد الجرائم والقضايا، إلى درجة أن نيابة المنتزه التي تحقق مع المتهمين تعمل ليل نهار. ويشهد حي المنتزه سنوياً نحو 35 ألف جريمة. وفيما تسود جرائم سرقة مواشي الفلاحين في القطاع الزراعي من حي المنتزه، تزيد جرائم الآداب العامة في حدائقه. وتم ضبط 12 واقعة "ممارسة حب مخالفاً للآداب العامة" في تلك الحدائق العام الماضي. أما منطقة العصافرة - التي تعتبر إحدى ضواحي المنتزه - المعروفة ب"الصين الشعبية" لازدحامها الشديد، فتزيد فيها جرائم القتل، وآخرها جريمة قتل طفلين على أيدي جامعيين طعناً، وقضت المحكمة بإعدامهما أخيراً. في قسم شرطة الرمل تختلف الصورة تماماً، فهو أكثر رقياً وتكثر فيه المناطق الراقية وأبرزها لوران - حي رجال الأعمال المميز ببناياته الفاخرة. في هذا الحي تقع نحو 30 ألف جريمة سنوياً. ولكن سرقات الشقق هي الأبرز في هذا الحي، واشهر سرقة تمت كانت العام الماضي عندما هاجم اللصوص شقة المهندس عبد الوهاب الحباك الذي دين في قضية الاستيلاء على أموال عامة. ويضم حي سيدي جابر مناطق لها تاريخ مثل رشدي وسموحة، ويطلق على الأخيرة "غاردن سيتي اسكندرية". وسرقة الشقق في هذا الحي نادرة جداً للوجود الأمني المكثف، لكن جرائم النصب متزايدة، إذ يتخذ النصابون هذه الأماكن الراقية لتأسيس مكاتب للنصب مستفيدين من شهرة المكان وثراء سكانه. وتقع في هذا الحي نحو عشرة آلاف جريمة سنوياً، ولوحظ ظهور المخدرات في نواديه المهمة مثل "سبورتنغ" و"سموحة". وفي حي محرم بك تنتشر جرائم السطو وسرقة الشقق، ويشهد الحي 18 ألف جريمة سنوياً. أما حي العطارين الذي يضم عدداً كبيراً من المصالح الحكومية فيتميز بجرائم الأموال العامة التي تسجل 70 في المئة من اجمالي الجرائم التي تقع من هذه النوعية في الاسكندرية. ويعتبر حي كرموز معقلاً ل"البلطجية"، إذ يشهد الحي 15 ألف جريمة سنوياً غالبيتها سرقة أو قتل أو شروع في قتل، وكلها تدخل تحت بند "البلطجة". جرائم الصعيد الجواني كالثأر والقتل من أجل الشرف والعرض تبرز في دائرة ميناء الاسكندرية مينا البصل، حيث يتركز المهاجرون من الصعيد في تلك المناطق. وتخلو مينا البصل من جرائم الاغتصاب وهتك العرض، وإن كانت منطقة "الكارنتينا" ظلت لفترة طويلة تشهد أكبر معقل إجرامي في الاسكندرية حتى ازيلت تماماً. وفي العامرية في غرب الاسكندرية يختلف الوضع نسبياًَ، فالبدو والعربان مسيطرون على المكان ويسكنون قصوراً وفيللات، وتسود عمليات السطو على الاراضي الصحراوية، فضلاً عن جرائم التزوير، وتكثر ايضاً سرقات الشقق شتاءً، خصوصاً في ضواحي الدخيلة والعجمي المخصصة للاصطياف. ويشير الدكتور عبدالرحمن العيسوي استاذ علم النفس في كلية الآداب في جامعة الاسكندرية الى أن الجريمة في الاسكندرية ذات طابع خاص، وترتبط بشكل مباشر بالاماكن التي تقع فيها، وبحكم وقوع المدينة بين البحر والمزارع والصحراء فإن الجريمة فيها تتنوع، وفي حين تنتشر جرائم الآداب في المناطق الراقية والحدائق، خصوصاً في مناطق ميامي وسيدي بشر، فإن المخدرات تنتشر في ضاحيتي الجمرك وكرموز.