وزير الموارد البشرية يشارك في تعزيز العمل العربي المشترك خلال اجتماعات التنمية الاجتماعية في البحرين    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل في المنطقة    الإسعاف الجوي بنجران ينقل مصابا في حادث انقلاب    تدشين مسار «لامة مدر» التاريخي بحائل بالشراكة بين البنك العربي الوطني و«درب»    وزير الداخلية يعزز التعاوزن الأمني مع نائب رئيس وزراء قطر    الأمير عبد العزيز بن سعود يكرم مجموعة stc الممكن الرقمي لمعرض الصقور والصيد السعودي الدولي ومهرجان الملك عبدالعزيز للصقور    استشهاد فلسطيني متأثراً بإصابته في قصف إسرائيلي شمال الضفة الغربية    لمطالبتها ب 300 مليار دولار.. سورية تعتزم رفع دعوى ضد إيران    مساعد وزير التعليم يدشن في الأحساء المعرض التوعوي بالأمن السيبراني    تركي آل الشيخ يتصدر قائمة "سبورتس إليستريتد" لأكثر الشخصيات تأثيرًا في الملاكمة    بسبب سرب من الطيور..تحطم طائرة ركاب أذربيجانية يودي بحياة العشرات    ميدان الفروسية بحائل يقيم حفل سباقه الخامس للموسم الحالي    تدشين أول مدرسة حكومية متخصصة في التقنية بالسعودية    "التخصصي" يتوج بجائزة التميز العالمي في إدارة المشاريع في مجال التقنية    "سعود الطبية" تعقد ورشة عمل تدريبية عن التدريب الواعي    عائلة عنايت تحتفل بزفاف نجلها عبدالله    الشر الممنهج في السجون السورية    الإحصاء: ارتفاع مساحة المحميات البرية والبحرية في المملكة لعام 2023    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد اتفاقية تاريخية لمكافحة الجرائم الإلكترونية    الشكر للقيادة للموافقة على تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار رعدية    رغم ارتفاع الاحتياطي.. الجنيه المصري يتراجع لمستويات غير مسبوقة    إيداع مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر ديسمبر    السعودية واليمن.. «الفوز ولا غيره»    إعلان استضافة السعودية «خليجي 27».. غداً    أخضر رفع الأثقال يواصل تألقه في البطولة الآسيوية    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    أهلا بالعالم في السعودية (3-2)    أمير الرياض ونائبه يعزيان في وفاة الحماد    أمير الرياض يستقبل سفير فرنسا    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائنًا مهددًا بالانقراض    انخفاض معدلات الجريمة بالمملكة.. والثقة في الأمن 99.77 %    رئيس بلدية خميس مشيط: نقوم بصيانة ومعالجة أي ملاحظات على «جسر النعمان» بشكل فوري    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير تعليم الطائف ويدشن المتطوع الصغير    وافق على الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة.. مجلس الوزراء: تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    تهديد بالقنابل لتأجيل الامتحانات في الهند    إطلاق ChatGPT في تطبيق واتساب    تقنية الواقع الافتراضي تجذب زوار جناح الإمارة في معرض وزارة الداخلية    لغتنا الجميلة وتحديات المستقبل    أترك مسافة كافية بينك وبين البشر    مع الشاعر الأديب د. عبدالله باشراحيل في أعماله الكاملة    تزامناً مع دخول فصل الشتاء.. «عكاظ» ترصد صناعة الخيام    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    زوجان من البوسنة يُبشَّران بزيارة الحرمين    هل هز «سناب شات» عرش شعبية «X» ؟    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    القهوة والشاي يقللان خطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق    القراءة للجنين    5 علامات تشير إلى «ارتباط قلق» لدى طفلك    أخطاء ألمانيا في مواجهة الإرهاب اليميني    الدوري قاهرهم    «عزوة» الحي !    استعراض خطط رفع الجاهزية والخطط التشغيلية لحج 1446    عبد المطلب    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    سيكلوجية السماح    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائناً فطرياً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار شامل مع "الوسط" . شمس الدين : نتصدى لمحاولة تكوينات حزبية السيطرة على المرجعية وتوظيفها في مشروعها 1
نشر في الحياة يوم 13 - 09 - 1999

حذر الإمام محمد مهدي شمس الدين رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان من محاولات الحزبية السيطرة على المرجعية، وقال: "حرمنا تحريماً مطلقاً أي تدخل للحزبية السياسية في الشأن الديني وفي شأن الفتوى ومرجعية الفتوى وحرّمنا تحريماً مطلقاً أن يكون الفقيه أو العالم الديني أو حتى طالب العلوم الدينية حزبياً ونعتبر ان الحزبية تتناقض مع المهمة الدينية". وخاطب الشيعة العرب قائلاً: "أقول أنتم حيثما كنتم، كل مجموعة هي جزء من شعبها ومن قومها ومن وطنها وترتبط بنظام المصالح العام لذلك المجتمع ويجب أن تحترم قوانينه وتحافظ على سلامة وأمن وازدهار مجتمعها..". ونفى آية الله شمس الدين حصول تنافس بين النجف وقم لافتاً الى أن السياسة التي تتبعها السلطات العراقية لم تؤد الى اضعاف موقع النجف لكنها أضعفت المؤسسة بطبيعة الحال. وتطرق شمس الدين الى قضية اختفاء الإمام موسى الصدر مشيراً إلى أن كل المعلومات تؤكد أنه لم يغادر ليبيا وشدد على أن النظام الليبي يتحمل المسؤولية عن مصير الصدر. وتحدث عن انطلاق المقاومة اللبنانية ضد اسرائيل كاشفاً الدور الذي لعبه في تمويل معركة خلدة ضد الجيش الاسرائيلي وفي بلورة فكرة المقاومة واطلاقها.
أسئلة كثيرة حملتها "الوسط" الى الإمام شمس الدين عن مراحل مختلفة من حياته وتجربته، وهنا نص الحلقة الأولى من الحوار الذي ينشر على حلقتين:
ما هي الصور التي لا تزال عالقة في ذاكرتك من أيام النجف؟
- تحضر في ذاكرتي عندما أذكر هذا الرمز صور من الطفولة ومن اليفاعة ومن الشباب والرجولة. وتمتزج هذه الصور وتتلابس مع وضع النجف في ذلك الحين، أي فترة الثلاثينات والأربعينات. حين ولادتي أواخر سنة 1936، كانت النجف تعيش في الثلث الأول من القرن العشرين، ولكن قليلاً ما كانت حياتها منطبعة بمنجزات الحضارة المادية في هذا الثلث. كانت لا تزال تشرب مياهاً مجلوبة على ظهور الدواب في القرب، وكانت في الغالب لا تزال تستضيء بالفوانيس وطرقها ترابية. أذكر انه كانت هناك مدرسة واحدة، ومكتبة عامة واحدة فقيرة كنا نرتادها عندما كنا في الثانية عشرة والرابعة عشرة. استقللت بحياتي في النجف منذ سن الثالثة عشرة حينما عاد والدي والعائلة الى لبنان وبقيت لأتابع دراستي حتى نهاية الستينات ومطلع السبعينات. في تلك الفترة - استثنينا حياة النجف الهادئة، التي تتمحور بين مرقد الإمام علي والمساجد التي تعطى فيها الدروس الأولية أو الدروس العليا - أذكر الآن تفاعل النجف العميق بل تفاعل العراق عموماً مع الغزو الثلاثي لمصر العام 1956 ومع نكبة 1967. وأذكر بطبيعة الحال الزلزال الذي حدث في انقلاب عبدالكريم قاسم في تموز 1958، أي ثورة تموز، أذكر ردة الفعل، التي كان من توفيقات الله أنني كنت في صميمها، ردة فعل النجف على التيار اليساري والشيوعي في شكل خاص، الذي حاول ان يسيطر على الدولة والمجتمع في العراق. ففي حينه تكونت في ظل زعامة المرجع الكبير السيد محسن الحكيم "جماعة العلماء" وبدأت المواجهة بين النجف باعتبارها مركزاً اسلامياً ومحطة للدراسات الاسلامية، وبين المدّ اليساري الذي تمظهر في حينه بالحزب الشيوعي.
في أي عام كان ذلك؟
- كان ذلك 1959 - 1960. تكونت "جماعة العلماء" وبدأت المواجهة بين النجف، باعتبارها مركزاً علمياً، وبين الشيوعية والفكر الماركسي عموماً، وكانت مرحلة لها آثارها على حياة العراقي العادي. تفاعلنا في حالة صراع ضارية مع التيار الشيوعي ومع نظام عبدالكريم قاسم. هذه هي المحطات الكبيرة. طبعاً نستعيد الآن التفاعلات التي أحدثتها نكسة الحرب الأولى العام 1948 مع الاسرائيليين، وكنا في ذلك الحين في سن اليفاعة، لكن لا أزال أعيها وعياً كاملاً، وهي السنة التي عاد فيها والدي مع العائلة الى لبنان.
هل كنت لا تزال في العراق عندما عاد حزب البعث الى السلطة العام 1968؟
- نعم. هذه أيضاً من المحطات ومن الصدف العجيبة والمباركة انه تمكنا من الخروج والا لكان من الممكن أن نكون من فرائس هذا العهد. خرجت من العراق نهاية 1969 وعدت بعد أشهر للمساهمة في مهرجان عالمي أقيم في النجف، وبطلب خاص من المرجع الحكيم لالقاء كلمة، وقد ألقيتها وكانت مؤثرة جداً. وخرجت من العراق مرة ثانية بشكل استثنائي لأنني بدأت أُطارَدْ.
خرجت سراً؟
- لا أقول سراً، ولكن خرجت وكأني أفلتُّ.
خرجت الى ايران؟
- لا الى لبنان. وكانت المرة الأولى التي استقل بها الطائرة من بغداد الى بيروت.
العلاقة بين النجف والسلطة العراقية، هل كانت دائماً على هذه الدرجة من التوتر؟
- العلاقة بين النجف والنظام أو السلطة كانت دائماً متوترة. في العهد الملكي كانت علاقة متوترة نتيجة سياسات ذلك العهد، سياسات التمييز الطائفي في المجالين السياسي والتنموي. ولا أزال أذكر انه عندما كانت تحدث مناسبات يأتي فيها نوري السعيد أو الوصي على العرش في ذلك الحين عبدالاله أو في احدى المراحل الملك فيصل الثاني، كان بعض أعيان النجف الذين يستقبلونهم يثيرون معهم قضايا التخلف والحرمان في الطرق والمدارس والكهرباء والمياه. وفي احدى المرات، كنت حاضراً وكان نوري السعيد موجوداً وطلب ماء فجيء له بكوب ماء معكّر بالطين، وهو الماء الذي كانت تزود به النجف للشرب مع أنه مخصص لري الحدائق. إذاً، العلاقة كانت متوترة في مجالي الحرمان السياسي والتنموي. ولكن تدخل السلطة في حركة النجف العلمية وفي مرجعية النجف الدينية كان محدوداً وحذراً. ربما تأتي بعض الحكومات العسكرية التي تقوم بأنشطة تحاول ان تحد من تفاعل النجف كمؤسسة مركزية للدين، والبعض الآخر لا يبالي. بعد ثورة تموز وضعت سياسة اكتشفناها منذ البداية وهي لا تزال ظاهرة الى الآن، وهي وضع النجف أمام أحد خيارين: اما الالغاء واما الاخضاع. وبما أن الخضوع متعذر، وعندما يكون الخضوع متعذراً يصبح الاخضاع متعذراً أيضاً، لأن من يمكن أن يُخضَع هو المستعد لأن يَخضَع. هذه ليست قضية ممارسات جسدية، إذ يمكن للسلطة ان تسجن انساناً ولكن هذا لا يعني انه خاضع. إذاً بما أن الاخضاع كان متعذراً، وضعت سياسات تشريد واستمرت حتى الآن، اذ تسمعون عن الاغتيالات والتشريد، فقد شُردت كل مجموعات الطلاب الذين من خارج العراق، سواء كانوا عرباً أم غير عرب. العلاقة كانت هكذا ولا تزال. هذه احدى آفات الدولة الحديثة في العالم العربي، وربما في العالم الاسلامي، مع تنظيمات المجتمع الأهلي. وهي من مظاهر فشل الدولة الحديثة في العالم العربي في نموذج الدولة الغربية وفي نموذج الديموقراطية. احدى مآسينا هي مشكلة فشل الدولة. الدولة، حتى ذات القناع الديموقراطي، تستتبع أو تتبع، اما ان تسمح لمؤسسات المجتمع الأهلي ان تنمو وأن تنشأ حالة تعاون أو تفهم متبادل مع احترام خصوصيات كل طرف، فهذا الأمر، للأسف، فشلت فيه نظرية الدولة الحديثة.
إذاً لم تزر العراق بعد 1969؟
- منذ مطلع السبعينات الى الآن، للأسف انني محروم من الزيارة.
هل نجحت السياسة التي تتبعها السلطات في بغداد في اضعاف موقع النجف؟
- لم تضعف الموقع، لكن اضعفت المؤسسة بطبيعة الحال. موقع النجف لا يزال موقع الاحترام والتبجيل والاتباع، والنجف لا تزال مركز اشعاع، لكن المؤسسة نفسها أضعفت. حين يشرد أساتذتها وطلابها، وعندما تمارس نشاطها الثقافي والعلمي والاجتماعي بحذر وفي أطر ضيقة، فبطبيعة الحال تكون قد تأثرت.
بسبب السياسة المتبعة تجاه النجف وبسبب الحرب العراقية - الايرانية، هل تعزز موقع قم مثلاً على حساب النجف؟
- هذا أمر حصل. قم كانت مزدهرة حتى في أيام ازدهار النجف، وكانت المدينتان تتقاسمان النشاط العلمي، لكن بعد قمع النجف وشلها باعتبارها مركزاً دراسياً، اتجهت المجموعات الدراسية الى قم فازدهرت. لذلك لا نقول على حساب النجف وانما عندما يُعطل مركز فمن الطبيعي ان يسد المركز الآخر النقص الذي حصل.
هل يمكن أن نقول ان هناك تنافساً تقليدياً بين قم والنجف؟
- لا يوجد تنافس. الآن يحاول بعضهم ان يصور المسألة بهذا المعيار. النجف كانت تدرس العلوم الاسلامية باللغة العربية وفيها حلقات ضيقة جداً تتناول المراحل الأولية قد تدرس بالفارسية أو بصورة أقل بالأوردية. ولكن أكثر من 80 في المئة من حجم التدريس في جميع المستويات كان بالعربية، وكانت الهيئات التدريسية في جميع المستويات مكونة من عرب ومن غير عرب، وكذلك الحال بالنسبة الى الطلاب. الآن الوضع نفسه موجود في قم مع أرجحية للغة الفارسية باعتبار ان معظم الطلاب في قم ايرانيون، ويشكلون نحو ثلاثة أرباع الطلاب، مع وجود عرب وغيرهم. ولكن في النهاية قم مدينة ايرانية. توجد هيئات تدريسية مكونة من العرب وفي جميع المستويات. إذاً لغة التدريس الأساسية في النجف هي العربية، ولغتا التدريس الأساسيتان في قم الفارسية والعربية. في الماضي كانت النجف وقم تتكاملان فكان خريج قم يرى في نفسه حاجة ان يكمل تخرجه من النجف، فكان يأتي احدهم ويقيم سنة أو سنتين لحضور حلقات الدروس العليا. وبعض خريجي النجف، إذا أتيح له الاتصال بالهيئات العلمية في قم كان يفعل ذلك. لا نتحدث عن تنافس كما يحاول بعضهم ان يصور الوضع وكأن هناك تنافساً بين تيار عربي وآخر ايراني وان الغلبة للأخير. هذا الأمر لا حقيقة له من ناحية موضوعية. من ناحية واقعية، الآن قم موجودة، والنجف يتعذر التواصل الطبيعي معها ومجموعات الطلاب فيها قليلة، ويتعرض أساتذتها الكبار لوضع أمني خطر، وحدثت في العام الأخير عمليتا اغتيال كبيرتان ومحاولة ثالثة ضد مراجع وفقهاء كبار.
الإمام الخميني أقام في احدى المراحل في النجف.
- الإمام الخميني عاش في النجف أعواماً عدة باعتبارها منفى عندما بدأ بحركة داخل ايران، وتم توافق على نفيه وقضى بعض الوقت في تركيا، ثم بضغط ايراني ترك تركيا واستقر في النجف، وبعد ذلك ايضاً بضغط ايراني أُخرج من العراق وانتقل الى فرنسا. عندما انتقل الى النجف انشأ حلقة دراسية خاصة.
في هذه المرحلة كنت قد تركت النجف؟
- تلك الفترة كانت أواخر اقامتي في العراق.
هل عرفت الإمام الخميني؟
- نعم، لكن لم يكن هناك تواصل مباشر باعتبار تواصل الأستاذ والتلميذ، لأننا كنا متقدمين في مراحلنا الدراسية على يدي السيد الحكيم والسيد الخوئي، وآنذاك كنا في مرحلة تخرج.
يعني لم تكن هناك علاقة علمية مباشرة؟
- لا، لكنه كان أستاذاً كبيراً وكانت لنا علاقة غير مباشرة عبر طلاب يدرسون عنده.
هل كانت لكم علاقة شخصية معه؟
- نعم في المدة الأخيرة كانت علاقة شخصية وحميمة.
في النجف؟
- لا، في ايران.
شخصية الخميني
ما هو في رأيك أهم ما في شخصية الإمام الخميني؟
- أولاً الرجل هو فقيه. بعد انجاز الثورة سلطت عليه الأضواء باعتباره قائداً سياسياً وثورياً، وهذا طمس جانباً كبيراً من شخصيته. الإمام الخميني في الأساس فقيه، وفي فقهه هو فقيه تقليدي ولم يكن له تميز في فقهه، الا في حقل واحد هو الفقه السياسي. لقد طوّر بدرجة لافتة نظرية ولاية الفقيه، وهي نظرية كانت موجودة، لكن ابداع الإمام الخميني في هذا الحقل انه أعطى هذه النظرية البعد الحركي والتنظيمي، فلم تبق نظرية استاتيكية، وكانت عنده عبقريته الخاصة في الدعوة أو في التسويق وحوّل هذه النظرية من نظرية علمية الى عقيدة سياسية، وترجم كل سلبيات عهد الشاه الى صيغ متحركة. في المجال العلمي كان يتميز بهذا الحقل. من المعروف عنه ان له نظرة الى علم الأصول، أي أصول الفقه. كانت نظرته ان علم الأصول يجب أن يخدم الفقه. علم الأصول بالنسبة الى الفقه كالمنطق بالنسبة الى الفلسفة، يجب أن يكون خادماً للبحث الفقهي. علم الأصول طُوِّر في ال200 سنة الأخيرة الى درجة أنه أصبح مقصداً في ذاته، وهذا إلى كونه خطأ اثر على درجة الاجتهاد وعلى فعاليته. الإمام الخميني كانت له نظرة صائبة في هذا المجال. يوجد حقل ظهر أخيراً وهو الحقل العرفاني أو الحقل الروحي. لم يكن الإمام الخميني صوفياً، فبالاصطلاح الأخلاقي هو رجل عرفاني. هذا جانب بارز في حياته وهو أحد الجوانب الذاتية في شخصيته التي أعطته قوة المقاومة وقوة الحركة، وأشك لو لم يكن الإمام الخميني يتمتع بهذا العمق الروحي أن يكون قادراً على انجاز مشروعه السياسي. الرجل أيضاً ظهر على مسرح التاريخ كأحد أهم المنظمين ولم يكن فقط رجل تثوير، أي انه لم يكن حركياً فقط بل كان منظماً أيضاً. ونعرف تقريباً كل من كان محيطاً به، ولذا يبدو لي أنه كان أكثرهم براعة في الفكر التنظيمي.
هل قابلته بعد الثورة؟
- نعم.
هل بقيت علاقتك به وثيقة؟
- الى ان توفاه الله، بقيت علاقتنا معه وثيقة وعميقة. اعتبر انه كان هناك وضع خاص معه.
في موضوع ولاية الفقيه، يحكى عن تعدد وجهات النظر في هذا الموضوع؟
- ولاية الفقيه بالمعنى العام، لا يختص بها الإمام ولا يختص بها فقه المسلمين الشيعة، واشتهار الشيعة بها يعود الى أن هذه النظرية، عندهم، انجز باسمها مشروع ضخم، مشروع دولة في الجمهورية الاسلامية في ايران، والا فإن الفقهاء والمفسرين يرون بأن الفقيه هو الولي، وفي تفسير الآية المباركة "اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، فإن كثيرين يفسرون "أولي الأمر" بالفقهاء. ولاية الفقيه، إذاً، هي نظرية مسلّمة في الفقه الاسلامي، بغض النظر عن المذاهب. الكلام هو هل ان للفقيه ولاية عامة تشمل السلطة السياسية أم تقتصر ولايته على الشؤون المدنية، اذا صح التعبير؟ ولاية الفقيه في بعض الشؤون المدنية هي مسلّمة عند الفقهاء المسلمين وهي من ضروريات الفقه الاسلامي. أما الولاية السياسية، ولاية الأمر والنهي، ولاية التنظيم، ولاية تكوين السلطة وممارستها في الاجتماع السياسي، فهذه موضع تسليم أيضاً على مستوى الفقه الاسلامي. ولكن هناك من يقول بها بشكل ضيق وهناك من يقول بها بشكل واسع جداً. الإمام الخميني وبعض من وافقه في الماضي أو يوافقه الآن من الفقهاء يذهبون الى اثبات هذه الولاية بشكل واسع، حيث ان الفقيه الذي تتمركز في يده السلطة يكون هو الذي يعطي الشرعية للمؤسسات وللأشخاص وللمناهج ولكل شيء. في مقابل ذلك، هناك آراء أخرى. هناك من لا يقول للفقيه بأية ولاية، وهناك من يعطي ولاية محدودة. نحن، مثلاً، في المجال السياسي، مجال تنظيم الدولة والمجتمع، نرى ان الأمة هي الولية وان دور الفقيه هو دور تشريعي. نحن نقول بولاية الأمة على نفسها، أي نرى أنه يمكن انشاء الدولة على غرار الدولة الحديثة، دولة المؤسسات التي تقوم على التمثيل وعلى الانتخاب والاستفتاءات العامة، ولا تنحصر أو تتمحور بشخص أو حول شخص. ونرى للفقيه ولاية ولكن في مجال القضايا المدنية وفي المجال التشريعي. نحن نؤكد بالطبع بشكل مطلق ان نظام الدولة الايرانية هو نظام شرعي اسلامي ويتمتع بالشرعية الكاملة، ونلاحظ ان هذا النظام يقوم على التمثيل أيضاً. من مجلس الشورى الى المجالس التي تصل الى المعامل والمزارع. من مميزات تنظيم الدولة والمجتمع في ايران ان التمثيل فيه هو تمثيل شامل. شرعية النظام تستند من جهة الى مبدأ ولاية الفقيه ومن جهة أخرى تستند الى التمثيل، أي الى الإرادة الشعبية.
في الاعوام الأربعة الأخيرة، تردد كلام كثير حول المرجعية، اذا سألتك من هي المرجعية الآن، ما هي نظرتك الى هذا الأمر؟
- اولاً، هذه احدى العلل التنظيمية التي فرضت على المسلمين الشيعة. المرجعية هي الافتاء، وكما يوجد مفتون وفقهاء عند المسلمين السنة. يُرجع اليهم في عالم الفتيا، عند الشيعة هكذا. ذاك يسمونه مفتياً وهذا يسمونه فقيهاً او مقلَّداً او مرجعاً. لا توجد مركزية اطلاقاً، يوجد فقهاء في العراق وفي ايران يرجع اليهم الناس. حصل تلابس بين القضية السياسية والقضية الفقهية. حصل تداخل بين القضية السياسية والمشروع السياسي في هذا المجتمع او ذاك وفي هذه الدولة او تلك، وهذا التداخل اعطى لهؤلاء الفقهاء، اما اعطاهم ادواراً وإما فرض عليهم أدواراً ربما كانوا لا يريدونها، كالذي حدث، مثلاً، في الصراع بين السيد الحكيم وبين النظام الملكي أو نظام انقلاب تموز الذي قام بعده، او كالصراع الذي حدث بين علماء ايران وبين نظام الشاه، وآخر تجلٍ له هو تجلي الامام الخميني، وكالصراع الذي حصل أخيراً بعد الانتفاضة في حرب الخليج مع النظام العراقي، أو مثلنا نحن حيثما كنا، ولسنا محايدين في هذا الموضوع.
ويمكن ان نشبه هذا ايضاً بما عند السنة: الصراعات التي كانت تحدث بين مشيخة الأزهر والسلطات السياسية التي كانت موجودة منذ ايام محمد علي وقبله ايام الاحتلال الفرنسي لمصر الى ايام الملكية الى ايام عبدالناصر، ومن قبيل موقف المفتين او الفقهاء في الجزائر مع سلطات الاستعمار الفرنسي والصراع الذي حدث. هذا امر طبيعي. عند الشيعة حدث هذا لأنه بين ايران والعراق، حيث توجد انظمة كانت مخالفة للاسلام ليس بمعنى انها غير اسلامية بل بمعنى انها منحرفة. مشكلة نظام الشاه، منذ عهد والده الى عهد محمد رضا، ليست في انه لم يكن نظاماً اسلامياً، بل في كونه نظاماً يعتمد سياسة التغريب، مثل نظام اتاتورك في تركيا. وهذا قطعاً يُحارب. في العراق ايضاً كان الأمر كذلك، اضافة الى التمييز الطائفي والمذهبي الموجود ÷ي العراق. هذا خلق هذه الحالة. اعتقد انه توجد علة خطيرة ونحن نسلط عليها الأضواء وهي ان بعض التكوينات الحزبية السياسية تحاول ان تجعل من نفسها مرجعية دينية لأجل ان تستقوي بالعامل الديني في المشروع السياسي، وهو اخطر ما يمكن أن يحصل في أي اطار من الاطر، ونحن نعترض على هذا، ولذلك حرّمنا تحريماً مطلقاً اي تدخل للحزبية السياسية في الشأن الديني وفي شأن الفتوى ومرجعية الفتوى وحرّمنا تحريماً مطلقاً ان يكون الفقيه او العالم الديني او حتى طالب العلوم الدينية حزبياً ونعتبر ان الحزبية تتناقض مع المهمة الدينية. المهمة الدينية هي مهمة عامة وشمولية ولذلك لا يجوز لعالم الدين او مرجع الدين او طالب علوم الدين ان يكون حزبياً. الحزبي له حزبه، يعمل في اطار سياسي للحزب أو لفئة معينة في المسألة السياسية، اما ان تصبح المسألة الدينية خادمة وتابعة ومتأثرة بالشأن السياسي فهذه اساءة كبرى، ولذلك نحن نصر على هذا الموقف، ولنا سوابق في هذا هو الامام الخميني الذي اتخذ الموقف نفسه وكذلك المرجع محسن الحكيم، وكذلك عدد من المعاصرين الكبار كالامام الشهيد محمد باقر الصدر الذي اتخذ الموقف نفسه. ولذلك هذا اللغط الذي سمعتموه والذي تساءلتَ عنه نشأ من هذا المنطلق، تقوده قوى حزبية تريد ان تسيطر على مركز الافتاء هنا او هناك وعلى مركز المرجعية الدينية هنا او هناك، ولذلك وجهنا ونوجه دائماً الارشاد لعامة المؤمنين ان يتحرزوا عندما يعرض عليهم اسم من الاسماء، وان يفحصوا فحصاً دقيقاً عما اذا كان لهذا الشخص الذي يعرض نفسه كمفتٍ او يقول انه عالم دين أي خلفية أو اطار حزبي، وحينئذ يسقط نهائياً ولا يصلح لهذه المهمة.
المرجعية هي مرجعية التقليد؟
- نعم. التقليد هو الافتاء، هذا مصطلح موجود عند الشيعة، وهو مصطلح حديث ليست له عراقة، ولعله لا يرقى الى اكثر من 200 - 300 سنة.
انتم تعتبرون اذاً ان لا ضرورة لأن تكون هناك مرجعية واحدة؟
- أبداً. لا يمكن هذا ولا يجوز. المسلمون يتوزعون حسب قناعاتهم. الفقهاء الجامعون للشرائط، والذي نشترط نحن في هذا العصر ان لا يكون حزبياً وان لا تكون له خلفية حزبية.
ماذا تعني بحزبي؟
- هناك ما يسمى الأحزاب الاسلامية. هذه الاحزاب قسم منها يحاول السيطرة على المراكز الدينية التي لها طابع مرجعي، ويقف وراءها ليستقوي بالعامل الديني الفتوائي في النفوذ السياسي وبسط السلطة وجمع الجماهير حوله.
هل يمكننا ان نعدد المراجع؟
- ما من داعٍ لذلك الآن، لأن ذلك يدخلنا في متاهات كبيرة، ولكن نحن ندعو الى التنويع في الافتاء وان المسلم يمكن له ان يرجع الى مجموعة من الفقهاء في اي مسألة من المسائل. اصلاً لا يوجد اي شيء يعوق ان يكون مرجع التقليد او مرجع الافتاء شخصاً واحداً.
برأيك ليس هناك عامل عربي وايراني في الحديث عن المرجعية حالياً؟ ليس هناك عامل النجف وعامل قم؟
- كلا. لا يوجد شيء من هذا.
المشكلة فقط في الحزبية؟
- الآن الخطورة الكبيرة هي تسييس هذه المواقع. كان الخطر الاول الثابت في كل عهود الاسلام محاولة سيطرة السلطة السياسية، سلطة الدولة، على موقع الافتاء، وهذه ظاهرة وجدت منذ ايام الأمويين والعباسيين ومن تلاهم من دول اخرى الى حين تأسيس الدولة الحديثة. والى الآن هذا الخطر يبقى قائماً. توجد سلطة وتوجد سلطة تحاول، السلطة الاكثر قوة هي سلطة الدولة الحديثة، إذ تعمل على ان يكون هذا الفقيه تابعاً لها. اما ان تستتبعه واما تحد منه. الآن بنمو الأحزاب والحركات الاسلامية السياسية في دائرة المسلمين السنة والشيعة، نشأ خطر آخر من الاجتماع الحكومي او الرسمي او الاجتماع التنظيمي للدولة. وهذا الخطر الثاني ينبع من داخل المجتمع، من الحزب او الحركات السياسية الحزبية التي تحاول ان تجعل من نفسها مرجعيات او تحاول السيطرة على المرجعية. واذا راجعنا تاريخ الحركات، نجد، مثلاً، ان الاخوان المسلمين حاولوا السيطرة على الأزهر او على المواقع الاخرى خارج مصر، او ان الحركة نفسها او الحزب او التنظيم يصبح هو مرجعاً. في دائرة الشيعة ايضاً، الذي حصل في الأعوام العشرة الاخيرة ان الاضواء سلطت على الدائرة الشيعية لسبب ان الموقعين الكبيرين في الفقه الشيعي، في العراق وايران، كانا مورداً لأحداث ضخمة اي حرب خليج اولى وحرب خليج ثانية، وقمع. وفي ايران حدثت الثورة بكل ما اوجدته من تفاعلات جعلت العالم، بنيات حسنة ونيات سيئة، يسلط الأضواء. وعادة الصحافة الحديثة تستهلك معلومات وتنتج معلومات، تقدم الطبق مع المقبلات.
ولكن من دون سموم؟
- ان شاء الله من دون سموم. بعضها من دون سموم وبعضها مع سموم. إذاً تسلط الضوء على هذه الدائرة. واعطي مثلاً ظاهرة لا تزال تتفاعل هي ظاهرة "طالبان"، وهي ليست شيعية، بل انوجدت في الاجتماع الديني السني في الاصطلاح وسُلِّطت عليها الأضواء. هذه احدى ظواهر الحركات الحزبية التي تفرض نفسها على المرجعية الدينية. هي لا تعترف بأحد وتقول: انا دين. انا مرجع.
ولكن هذا ليس مطروحاً، مثلاً، بالنسبة الى حزب الله؟
- حزب الله لا يطرح نفسه باعتباره مرجعية دينية.
هناك دعوة وجهتموها الى الشيعة حول اهمية اندماجهم في مجتمعاتهم. لماذا هذه الدعوة؟
- اولاً، امام الدعوات لتسييس المواطنين الشيعة في هذا المجتمع او ذاك، وبادعاء ولاءات للشيعة خارج حدود أوطانهم ومجتمعاتهم وأقوامهم، حدثت انعكاسات تعرفونها، وكانت التيارات الحزبية وراء كثير من هذه الظواهر، تارة بدعوى ان الاسلام ليس له وطن وليس له حدود. خوفاً من ان تُخلَق اوهام فقهية او يساء تفسير وجود المسلمين الشيعة، بعضهم يسيء الفهم او يُساء فهمه. نحن فصلنا هذا الحكم الشرعي الذي يعتبر ان الشيعة هم مسلمون ينتمون الى مجتمعات، وهذه المجتمعات لها انظمة وحكومات ودول. اولاً كل مجموعة تنتمي الى وطنها والى قومها ويجب عليها ان تتقيد بقوانين وأعراف ذلك المجتمع وان تحافظ على نظام المصالح العامة في المجتمع. تذكرون انني اكرر، عن لبنان مثلاً، اذ اقول ان ليس لدى الشيعة مشروع خاص. مشروع المسلمين الشيعة في لبنان هو المشروع الوطني، في مقابل الدعوات الطائفية والفئوية والحزبية التي تعرفونها وتعرفون مصيبة لبنان. المشروع نفسه اطبقه على كل العالم العربي وأقول، وهذا امر وتوجيه له طابع الالزام الشرعي، اقول يا أيها المسلمون الشيعة في كل مكان وخصوصاً في العالم العربي، حيث نواجه اخطار التآمر وتدخلات الأجانب، اقول انتم حيثما كنتم، كل مجموعة هي جزء من شعبها ومن قومها ومن وطنها وترتبط بنظام المصالح العام لذلك المجتمع، ويجب ان تحترم قوانينه وتحافظ على سلامة وأمن وازدهار مجتمعها، ولا علاقة لها كون وجود مسلمين في مكان آخر او وجود مسلمين شيعة في مكان آخر، فهذا امر آخر. الانتماء الديني لا يجوز ان يتجاوز الانتماء الوطني، والانتماء الوطني يجب ان يُحترم، ويجب ان يكون الشيعة عامل استقرار وازدهار في محيطهم، وهذا مما قلته من تدخل السياسة الحزبية في التكوينات الدينية. انا امنع تدخل السياسات الحزبية في التكوينات الدينية.
إذاً الانتماء الديني يجب الا يتجاوز الانتماء الوطني؟
- الانتماء الديني موجود. يوجد احناف وشافعية ومالكية وحنابلة وشيعة في كل العالم مثلما يوجد كاثوليك او موارنة او ارثوذوكس او بروتستانت في كل العالم. هذا لا يعني انه توجد حكومات فوق الحدود او فوق وطنية. الانتماء الديني والثقافي له سياقاته الخاصة والانتماء الوطني له سياقه الآخر. المسلمون الذين ينتمون الى هذا المذهب او ذاك ومنهم الشيعة، في العالم الثقافي الروحي ينتمون الى كل العالم. اما في الانتماء في الاجتماع السياسي المدني فهو ينتمي الى دولة ومجتمع وقانون ونظام يجب ان يكون مخلصاً له بكل معنى الكلمة وبكل جوهرها.
قمتم بجهود تتعلق بأوضاع الشيعة في البحرين والكويت وفي اماكن اخرى، هل حدثت هذه الجهود في هذا السياق الذي تتحدثون عنه.
- هي تقوم على هذا الأساس. اولاً انا لا اقدم نفسي وسيطاً بين الحكومات وشعوبها. لست وسيطاً بين هذه الدولة ومواطنيها الشيعة. انا اقوم بمهمتي الاسلامية الدينية والروحية، وأريد الاستقرار والخير للجميع. وأؤكد انني لست وسيطاً، لكني ساعي خير للطرفين ولجميع الأطراف. ولدي هذه الرؤية الفقهية التي هي اساس تحركي. وانا اشكر الله سبحانه وتعالى على انني وُفقت في كل ما باشرته من مساع حميدة.
هناك كلام كثير في موضوع حقوق المرأة؟
- هذا موضوع احب ان يثار. قبل مدة اصدرت بياناً دعمت فيه موقف الحكومة الكويتية باعطاء حق المرأة في المجال السياسي، في قضايا التمثيل، اي الترشيح والانتخاب. وانا اعلم ان الحركة الاسلامية في جانب كبير منها داخل الكويت وخارجها ضد هذا الامر، ولكن كنت احدث اخواننا الكويتيين بأنه لم يعد من الجائز تأخير هذا القرار. هذا حق مُعطى للمرأة بموجب الشرع وبموجب القيمة الاخلاقية للانسان. بأي اعتبار تكون المرأة امي او اختى او زوجتي ائتمنها على تربيتي وتربية اولادي، ولا ائتمنها على ان تختار ممثلاً في البرلمان؟ او على ان تكون عضواً في البرلمان وتنظر في مشروع القانون هذا او ذاك. كيف اسلم المرأة عمادة كلية او رئاسة جامعة او مادة دراسية تدرسها في الجامعة او اسلمها اطفالاً ليس عندهم فكر في روضة اطفال وائتمنها على ان تصوغ عقول هؤلاء الاطفال، معلمة الروضة الحاذقة تصوغ عقول الاطفال وروحهم وذوقهم وتدخلهم العالم، هذه المرأة نستكثر عليها ان تختار؟ هي تختار زوجها ولا تختار نائباً. نسلمها صفاً مدرسياً من اربعين طفلاً ولا نأتمنها على ان تجلس في البرلمان او تصبح وزيرة او مديرة عامة لوزارة.
هل يمكن ان تكون قاضية؟
- في القضاء، اسلامياً، يوجد تحفظات في بعض الامور هذه مسألة في دوائر الفقه الاسلامي موضوع للدرس. انا منفتح على انه يمكن ان تكون المرأة قاضية وعندي أبحاث، لكن لم تنضج بعد. عملية الاجتهاد لا تتم بقرارات وانما تكون بقناعات. انا في دراساتي الفقهية افتيت فتوى مبرهنة ومنشورة، على ان المرأة في الدولة، دولة المؤسسات، الدولة البرلمانية الديموقراطية التي تقوم على المؤسسات، مؤهلة شرعاً لأن تكون رئيسة جمهورية او ملكة. وفي هذا، انا الآن وحدي في العالم الاسلامي اذهب الى هذا الرأي وعبّرت عنه في كتاب مطبوع هو اهلية المرأة لتولي السلطة، وهي نظرية أرى انها بدأت تأخذ مداها. فمن هذه الجهة لا ارى من المناسب ابداً في اي دولة تأجيل هذا القرار. فليأخذ هذا القرار مداه. لم يعد من الجائز تأجيل قرار تمكين المرأة من المساهمة في تكوين المجتمع السياسي والمدني وفي قيادة المجتمع.
كيف كانت زيارتك الاخيرة لمنطقة الخليج؟
- الحمد لله، كانت حافلة بالنجاحات. وانا عبر "الوسط" اوجه الشكر مجدداً الى كل الاخوان الذين حظينا بلقائهم سواء على مستوى السلطان قابوس ورئيس دولة الامارات الشيخ زايد وكل المسؤولين والهيئات. كان الغالب على رحلتي انها كانت رحلة علمية الى الجامعات، في جامعة السلطان قابوس وجامعة الامارات.
ماذا بحثتم مع السلطان قابوس؟
- بحثنا شؤوناً عربية واسلامية وكذلك مع الشيخ زايد ومع حكوماتهم ومع مجالس الشورى التي التقينا فيها ومع هيئات ثقافية وشعبية ومع منتديات اسلامية. طرحنا فكرة سنعلنها قريباً وهي انشاء هيئة لقضايا الوحدة الاسلامية والتقريب بين المذاهب سيكون مركزها وامانتها العامة في لبنان. كان من اهداف الرحلة طرح هذه الفكرة
الاسبوع المقبل : الإمام الصدر وانطلاق المقاومة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.