قال السيد محمد بحر العلوم 67 عاماً ان الكثيرين من المسلمين الشيعة يؤيدون بقاء المرجعية الشيعية العليا في النجف، ما يحفظ للمدينة العراقية وحوزتها دوراً مميزاً في العالم الاسلامي. وأكد السيد بحر العلوم، وهو من رجال الدين والعلماء البارزين ومن مواليد النجف وخريج حوزتها العلمية وسليل بيئة علمية معروفة، في حديث الى "الوسط" ان شروط المرجعية لا تتوافر فيه الآن، مشيراً الى ان النجف شهدت تسلم هذا المركز الروحي لمراجع ذوي اصول غير عربية، وقال ان ثمة شخصيتين مشهورتين هما السيد محمد رضا الكلبايكاني والسيد عبدالاعلى السبزواري، معتبراً ان المرجعية تتحدد بشهرة المرجع وأعلميته. لماذا التأخير في اختيار المرجع الأعلى للطائفة الشيعية خلفاً للراحل ابي القاسم الخوئي؟ - ان المتتبع لحركة المرجعية العليا للشيعة ومراحل انتقالها من مرجع الى آخر يجد ان عملية الاختيار تخضع لموازين شرعية قد تستغرق بعض الوقت. فالمرجعية العليا في المذهب الجعفري ليست وظيفة تعينها مراسيم حكومية او تنتخبها فئات معينة من الشعب، بل هي دائماً تابعة اولاً لشهرة المرجع في الاوساط الدينية، ومعرفتها بأعلميته وعدالته. ويبرز المرجع الاعلى من بين المراجع الفقهاء استناداً الى سعته وشموليته لكل الساحة الشيعية في العالم، وهذا في حد ذاته لا يتم سريعاً بل قد يستغرق بعض الوقت، والتجارب السابقة تبين ذلك. لمن الكلمة الأولى في اختيار المرجع الاعلى، هل هي لايران ام للعراق ام للشيعة العرب الآخرين؟ - الواقع ان الكلمة الأولى والاخيرة في اختيار المرجعية لا تخضع لجهة معينة، خاصة كانت ام حكومية، ولا تخضع لمعيار قومي او اقليمي، ولا تتأثر بضغوط داخلية او خارجية، بل هي مهمة علماء الشيعة المسلمين في جميع اقطار العالم. والمتتبع لحركة الحوزات العلمية الدينية يجد ان لها الدور البارز في توجيه جماهير المسلمين من الشيعة وارشادهم. وتميزت الحوزة العلمية الدينية ذات العمر الالفي في مدينة النجف الاشرف في العراق - حيث مرقد الامام علي بن ابي طالب ع - حتى الامس القريب باعتبارها اعرق محفل ديني حضاري لعلماء الشيعة المسلمين في العالم وأهمه، بممارستها لهذا الدور، لما تملكه من ثقل ومكانة علمية وروحية في العالم الاسلامي الشيعي. الاختلاف في الرأي قائم ما صحة وجود خلاف في الرأي بين الزعامات الدينية الايرانية على اختيار المرجع الاعلى؟ - يجب الا نعتبر الامر مجرد خلاف سياسي. فالواقع ان الاختلاف في الرأي قائم في شكل طبيعي وما زال باب الاجتهاد مفتوحاً وأعلمية المجتهد المتصدي للمرجعية قد لا تجد اتفاقاً في اوساط العلماء الاعلام ما قد يسبب الاختلاف وهذا الاختلاف، ان وجد، لا ينحصر بالزعامات الايرانية فقط وانما بكل الاقطار التي يوجد فيها مثل هذه الزعامات. بعض رجال الدين الشيعة يفضل ان يظل هذا المنصب الديني من نصيب الشيعة العرب، فما رأيكم؟ - ربما كان ذلك صحيحاً، لكن الواقع يؤكد عدم ارتباط هذا المنصب الديني الروحي بالقومية او البلد الذي ينتمي اليه. ولكن يثير بعضهم المسألة بشكل آخر، وهو ان المرجعية الدينية تركزت طوال هذه الفترة التاريخية في مدينة النجف ومارست القيادة الدينية والحوزة العلمية خلالها توجيه التحرك الديني والاجتماعي والسياسي ضمن الاطر والثوابت والمبادئ الاسلامية. هذا الواقع الايجابي واجهه نظام صدام حسين منذ تسلمه السلطة بتخطيط محاولاً هدمه والغاءه من خلال حملات شرسة استهدفت اضعاف دور المرجعية. وكرد على تلك الحملات يؤمن بعضهم بضرورة ابقاء المرجعية في النجف، وان يحفظ للنجف وقيادتها وحوزتها دورها المتميز في العالم الاسلامي. اذن المسألة لا تتعلق بأصل انتماء المرجع الديني، فقد شهدت النجف ذاتها هذا المركز الروحي بتسلمه مراجع ذوو اصول غير عربية، كمرجعية الامام الراحل السيد الخوئي. وبرزت في المرحلة السابقة لها مرجعية الامام الراحل السيد محسن الحكيم - رضوان الله عليه - وفي عمره كانت ايضاً هناك مراجع، امثال الامام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والامام الشيخ محمد رضا آل ياسين والشهيد الصدر وغيرهم، وكلهم من العرب العراقيين. هل انت من المرشحين لهذا المنصب؟ - المسألة في المذهب الشيعي لا تقتصر على كون العالم الديني حاصلاً على درجة الاجتهاد، بل هي اعمق من ذلك فالمرجعية العليا تحتاج الى شروط من اهمها الاعلمية، ولا ارى توافر الشروط في امثالي في الوقت الحاضر. الشهرة حالياً لشخصيتين ما هي الاسس التي تعتمد لاختيار المرجع الاعلى؟ وكيف يتم ذلك؟ ومن هو المؤهل في رأيك لهذا المنصب؟ - كما اسلفت في الحديث ان المرجعية تحدد بشهرة المرجع وأعلميته في اوساط مختلف الحوزات العلمية. ولذلك قد تجد في ظل المرجعية العليا مراجع آخرين لهم مقلدون في مختلف الاقطار، لكنهم اقل عدداً من اتباع المرجع الاعلى، فاذا قدر الله الرحيل لهذا المرجع الاعلى صعد من هو اكثر شهرة واتباعاً الى الترشيح للمرجعية العليا. اما بالنسبة الى المؤهل لهذا المركز في الوقت الحاضر فان الشهرة الحالية تشير الى شخصيتين كبيرتين هما: آية الله العظمى السيد محمد رضا الكلبايكاني في قم وآية الله العظمى السيد عبدالاعلى السبزواري في النجف. وهناك اعلام آخرون من العرب وغيرهم من النجف وقم لهم المكانة المستقبلية في هذا المضمار.