بوفاة السيدة وسيلة بن عمار مطلقة الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة التي اشتهرت باسم "الماجدة" أو "وسيلة بورقيبة" انتهت حقبة من تاريخ البلاد لم يعد يمثلها سوى الرئيس السابق الحبيب بورقيبة الذي يعيش في مسقط رأسه مدينة المنستير 60 كيلومتراً جنوب العاصمة تونس. وقد وصفت السيدة وسيلة في فترات من حكم بورقيبة بأنها "رجل الدولة الأول" في البلاد لما كان لها من تأثير شديد على التوجهات السياسية وبعض القرارات المهمة للرئيس التونسي السابق، وكانت في الغالب ايجابية. وكانت السيدة بن عمار قد تعرفت على السيد الحبيب بورقيبة الزعيم الوطني في خضم فترة الحرب العالمية الثانية، ومنذ ذلك الحين كانت من أشد أنصاره وتزوجت منه في سنة 1962 بعدما طلق زوجته الأولى الفرنسية ماتيلدا التي سميت باسم مفيدة بعد إعلان اسلامها والتي رزق منها بالحبيب الإبن الذي أصبح وزيراً ومستشاراً لأبيه. ولم تتول السيدة وسيلة طيلة حياتها أي منصب رسمي في الدولة لكن حضورها كان كبيراً في الحياة السياسية ولو من وراء الستار فقد كانت لها كلمة مسموعة وكانت من أشد المؤثرين على بورقيبة كما كانت لها القدرة على مواجهته ومصارحته. ويقال انه كان لها تأثير كبير في نقل مقر الجامعة العربية الى تونس في سنة 1979 في وقت لم يكن فيه رئيس الوزراء الهادي نويرة شديد الحماس لذلك. كما يقال انها كانت وراء قرار سريع تونسي باستقبال الفلسطينيين المغادرين للبنان بعد الغزو الاسرائيلي في العام 1982 وانها كانت في استقبال الباخرة التي استقلها الرئيس ياسر عرفات والتي رست في ميناء بنزرت في اختيار رمزي لهذه المدينة التي عرفت مقاومة شديدة للقوات الفرنسية سنة 1961. وقد التجأ إليها نشطاء "حقوق الإنسان" في سنة 1984 بعد الاحداث التي سميت ب "ثورة الخبز" لإصدار عفو رئاسي عن الذين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام وكان الوزير الأول الأسبق يصر على تنفيذ الحكم فيهم ونجحت فعلاً في اصدار العفو وعدم تنفيذ الحكم في مجموعة من الشباب اتهموا بالتسبب في القلاقل. غير أن علاقاتها بالرئيس التونسي السابق تدهورت لاحقاً بسبب عدد من العوامل من بينها دور أفراد من عائلته ومن الجهات في السلطة في ما اعتبر سباقاً على الخلافة. ولذلك أعلن في صيف 1986 عن تطليق السيدة وسيلة بن عمار وهي في المستشفى وفقدانها لتسميتها الرسمية السيدة وسيلة بورقيبة أو الماجدة. ومنذ ذلك الحين ووفقاً لأقوال محيطها فإن السيدة وسيلة بن عمار رفضت مطلقاً رؤية زوجها السابق أو استقباله وذلك حتى بعد إقالته وفقدانه لمنصبه كرئيس للدولة والتزمت حياة بسيطة بعيداً عن الأضواء. ومنذ ذلك الحين أيضاً عاشت السيدة وسيلة في بيت لها في ضاحية المرسى قرب العاصمة وكانت تنتقل دورياً الى باريس للعلاج.