غيّب الموت، أمس، السيدة التونسية الأولى سابقاً وسيلة بن عمار في بيتها في ضاحية المرسى عن سن السادسة والثمانين بعد مرض عضال. وتشيع اليوم الى مقبرة سيدي عبدالعزيز في المرسى. ارتبطت وسيلة المتحدرة من أسرة ثرية في العاصمة تونس بصداقة حميمة مع زعيم الحركة الوطنية الحبيب بورقيبة الذي تعرفت اليه في القاهرة في الاربعينات. لكن الزعيم لم يتزوجها بعد الاستقلال ووصوله الى سدة الرئاسة في العام 1957 وحافظ على زوجته الفرنسية ماتيلد والدة نجله الحبيب بورقيبة حتى طلقها في العام 1962 وتزوج من وسيلة. لعبت السيدة الأولى الجديدة أدواراً سياسية مهمة طوال ثلاثة عقود، فكانت رأس الحربة في معارضة سياسة تعميم التعاونيات التي قادها وزير الاقتصاد القوي في الستينات أحمد بن صالح ونجحت في عزله وإدخاله السجن. واستطاعت ان تدير من القصر خيوط الصراع بين جناحين في الحكم على أيام الوزير الأول الهادي نويرة في السبعينات، اذ دعمت الليبراليين بزعامة رئيس اتحاد العمال الحبيب عاشور ووزير الداخلية الطاهر بلخوجة في وجه مدير جهاز "الحزب الاشتراكي الدستوري" محمد الصياح. كذلك استطاعت اقناع بورقيبة باعادة عاشور الى زعامة النقابات في العام 1981 بعدما أمر بسجنه في اعقاب مظاهرات العام 1978. ونسجت وسيلة التي كانت تطلق عليها وسائل الاعلام الرسمية لقب "الماجدة" علاقات صداقة مع قادة عرب في المشرق كما في المغرب في مقدمهم الرئيس حافظ الأسد والزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس عرفات ووزير الخارجية الجزائري الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة. وبالنظر الى علاقاتها المتينة مع القيادات الفلسطينية، خصوصاً الراحل صلاح خلف أبو إياد، استطاعت اقناعها لدى مغادرة بيروت صيف العام 1982 بالانتقال الى تونس وكانت هي في مقدم المستقبلين في ميناء بنزرت الى جانب بورقيبة. الا ان توتر علاقاتها مع بورقيبة 96 عاماً الذي اشتد به المرض حمله على تطليقها في العام 1986 بعد أربعة وعشرين عاماً من زواجهما، فغادرت القصر وتخلت عن أي نشاط سياسي. وذكر زوار الرئيس السابق انه لا يزال يسأل عن أخبارها ويكن لها كثيراً من الود.