استمر الرهان على تحقيق مصالحة وطنية في السودان على رغم إنكار أطراف عدة استعدادها للجلوس الى مائدة مفاوضات مع الجبهة الاسلامية القومية وحكومة الفريق عمر البشير التي تساندها. وفيما توقف قطار المصالحة مع القوى الحزبية التقليدية عند محطة "لقاء جنيف" بين رئيس البرلمان الدكتور حسن الترابي ورئيس الوزراء السابق الصادق المهدي، أفادت الحكومة من عودة الرئيس السابق جعفر نميري بعد بقائه في منفاه في القاهرة نحو 14 عاماً. وفي خط مواز، استمر تحسن العلاقات السودانية - المصرية، فيما واصلت الجماهيرية الليبية مساعي للوساطة بين الفرقاء السودانيين، مستفيدة من العلاقات الشخصية الطيبة بين العقيد معمر القذافي وقادة الفصائل السودانية المعارضة وحكومة الفريق البشير. غير ان المعالم الرئيسية للتسوية المحتملة لم تتضح بعد، خصوصاً أن ثمة فارقاً كبيراً بين موقف رئيس تجمع المعارضة السيد محمد عثمان الميرغني وموقف الحكومة. كما أنه لم يرشح شيء عن المحادثات التي أجراها المهدي في كمبالا مع العقيد جون قرنق زعيم "الجيش الشعبي لتحرير السودان". ودعا حزب الأمة الذي يتزعمه المهدي قادته الى مؤتمر تشاوري يعقد في القاهرة من 3 الى 5 حزيران يونيو. ويسبق اجتماع القاهرة مؤتمراً حاسماً ومصيرياً تعقده الهيئة العليا لقيادة التجمع الوطني الديموقراطي تحالف المعارضة في اسمرا في 7 حزيران يونيو لاتخاذ موقف نهائي من "لقاء جنيف" وتبعاته المحتلة. ومن المرجح أن يتغلب نهج المهدي الداعي الى حوار مع النظام بدل الاحتراب معه. وسيفتح ذلك الباب أمام احتمال عودة قادة حزب الأمة، خصوصاً ان أحدهم ذكر أن من الأفضل العودة لممارسة نشاط الحزب من الداخل في ظل الحريات المتاحة. وكان لافتاً أن صاحب هذا التصريح هو مبارك عبد الله الفاضل ابن عم رئيس الوزراء السابق وهو يتولى في الوقت نفسه منصب الأمين العام للتجمع الوطني المعارض. ويتمسك السيد الميرغني، من جانبه، بضرورة تفكيك البنية الأمنية للحكومة الحالية قبل الدخول في حوار. لكن المراقبين اعتبروا أنه في موقف لن يتيح له إملاء شروطه وفرض التسوية التي يريدها. غير أن أي تسوية ديموقراطية للأزمة السودانية لن تستطيع تجاهل الميرغني بكل وزنه الجماهيري. ويعتقد أن التباين في مواقف القوى الحاكمة في الخرطوم إزاء الوفاق الوطني يضغط باتجاه مشاركة أشمل لبقية قوى المعارضة. وأدى ذلك الى تكهنات بأن الحكومة السودانية مستعدة لقبول ممثلين عن الحزب الشيوعي السوداني وقوات التحالف السودانية ومؤتمر البجا في مؤتمر قومي يعقد لإقرار أسس الصلح ونظام الحكم الجديد.