الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    استعراض مسببات حوادث المدينة المنورة    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    نهاية الطفرة الصينية !    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    «كل البيعة خربانة»    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    الأمين العام لاتحاد اللجان الأولمبية يشيد بجهود لجنة الإعلام    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تسمح أديس أبابا بانفصال الاقليم سلماً ؟. أوغادين : الاسلاميون ينظمون قواتهم بعد الضربات "الوقائية" الاثيوبية
نشر في الحياة يوم 17 - 05 - 1999

عادت قضية اقليم اوغادين الصومال الغربي سابقاً الى الواجهة بعد إعلان التنظيمات الاوغادينية تكثيف عملياتها العسكرية ضد القوات الاثيوبية. كما اعلنت جماعة "الاتحاد الاسلامي" الاوغادينية حل نفسها والاندماج مع تنظيمين آخرين، فيما اكدت الحكومة الاثيوبية انها لن تتفاوض مع اي من التنظيمات الاوغادينية المعارضة التي تحمل السلاح في شرق اثيوبيا. وترافقت هذه التطورات مع تواصل الحرب الحدودية بين اثيوبيا واريتريا التي دخلت عامها الثاني مطلع الشهر الجاري. فما هو دور الاوغادينيين في هذه الحرب؟ وهل حل "الاتحاد الاسلامي" الاوغاديني نفسه فعلاً؟ وهل يمكن ان ينفصل اقليم اوغادين هذه المرة؟
ربما كان اقليم اوغادين، او "الصومال الغربي" الضحية الكبرى في القرن الافريقي خلال التاريخ القديم والحديث لهذه المنطقة. فمع كل تغيير كان يحصل على الخريطة السياسية والجغرافية للقرن الافريقي كان الاقليم الحلقة الاضعف دائما. إذ شهدت المنطقة في نهاية الثمانينات ومطلع العقد الجاري بداية تشكيل تركيبة جديدة لمنطقة القرن نتيجة انعكاسات انتهاء الحرب الباردة على دولها، خصوصاً المطلة على البحر الاحمر منها. فاستقلت اريتريا عن اثيوبيا 1993 قبل ان تعاود الحرب ضدها 1998. واندلعت حرب اهلية في الصومال العام 1991 وما زالت مستمرة. ويبدو ان التنظيمات الاوغادينية المسلحة تفاعلت مع هذه التغييرات في محاولة لاخذ دورها والحصول على موقع في التركيبة الجديدة لدول القرن التي ما زالت قيد التشكيل.
وساهم الاوغادينيون في إطاحة نظام الكولونيل منغيستو هايلي مريام الماركسي في أيار مايو 1991، إذ كانوا يخوضون حرب استنزاف في الشرق ضد الجيش الاثيوبي الذي كان يقاتل ايضاً على جبهتين أخريين، في الشمال ضد الاريتريين الذين كانوا يسعون الى الانفصال، وفي الغرب ضد الثوار التغراويين الذين كانوا يسعون الى قلب نظام الحكم.
ومع سقوط نظام منغيستو تولت "الجبهة الثورية الديموقراطية لشعوب اثيوبيا" بقيادة ملس زيناوي السلطة في اديس ابابا، ووافقت على حق تقرير المصير للاريتريين الذين استقلوا رسمياً عن اثيوبيا العام 1993. وفي 22 كانون الاول ديسمبر 1994 اقرت الجمعية التأسيسية الاثيوبية المادة التاسعة والثلاثين من مسودة الدستور الجديد التي تنص على حق تقرير المصير لأي من القوميات والشعوب الاثيوبية، بما في ذلك حقها في الانفصال، وحددت الاجراءات التي يجب اتباعها في هذا المجال، ومن بينها موافقة غالبية اعضاء البرلمان الاقليمي للقومية المعنية وموافقة القوميات الاخرى. لكن معظم التنظيمات الاوغادينية رأت لاحقاً ان هذه المادة لم تكن سوى "حيلة سياسية". واكدت في هذا الاطار ان الحكومة سعت دائماً الى عرقلة محاولات كثيرة من قوميات عدة للمطالبة بحق تقرير المصير الوارد في الدستور والذي لم يُطبق ابداً حتى الآن.
ويعتبر رئيس "الجبهة الوطنية لتحرير اوغادين" محمد عمر عثمان "ان الدستور اقر المادة 39 صورياً فقط، وذلك كي يبدو ديموقراطياً امام الدول الغربية التي تشترط إجراءات ديموقراطية في مقابل استمرار المساعدات التنموية. واظهرت السلطات الاثيوبية اخيراً انهامستعدة لخوض حرب ضد القوميات من اجل منع تنفيذ هذه المادة".
وقال عثمان في حديث الى "الوسط" لدى زيارته لندن أخيراً: "كان قرار الجمعية التأسيسية مؤشراً إيجابياً للجبهة الوطنية لتحرير اوغادين كي تواصل نضالها سلماً معتمدة الحوار. واستناداً الى ذلك اوقفت الجبهة إطلاق النار وفتحت مكاتبها في كل المدن الاوغادينية بدءاً من كانون الثاني يناير 1992 وحتى 22 شباط فبراير 1994عندما حاصر الجيش الاثيوبي مدينة ورطير في محاولة للقضاء على قادة الجبهة. وخلال هذا الحصار استخدم الجيش المدافع الثقيلة والدبابات فقتل 53 مدنياً وأصاب مئة آخرين وأحرق عشرات المنازل ونهب ممتلكات السكان من اموال وشاحنات ومواشٍ وغيرها".
وأضاف عثمان، وهو ضابط سابق في البحرية الصومالية في عهد الرئيس محمد سياد بري: "منذ ارتكاب الجيش الاثيوبي مجزرة ورطير في شباط فبراير 1994 تخلينا عن وقف النار، وباشرنا تصعيد عملياتنا ضد جيش زيناوي كوسيلة تؤدي الى فرض الحوار والتفاوض، فنحن لا نسعى للحرب لمجرد القتال وعرضنا في مناسبات عدة الحوار لحل الازمة. وكان اخر اجتماع عقد بيننا في منطقة قبر دهري في كانون الاول ديسمبر 1998. وجدد وفدنا في هذا الاجتماع اقتراحاته التي ركزت على ضرورة حل مشكلة اوغادين بالحوار عبر مفاوضات تجرى في بلد محايد خارج اثيوبيا، لضمان عدم وجود ضغوط علينا، وبحضور طرف ثالث لضمان التزام الجانب الاثيوبي نتائج المفاوضات. ورفضت قيادة الجيش في اوغادين، التي تمثل الحكومة، مواصلة الحوار معنا استناداً الى هذه الاسس وطالبت في المقابل بأن تجرى المفاوضات في اديس ابابا وبحضور زعماء القبائل الاوغادينية باعتبارهم ممثلين للشعب. كنا ندرك ان هدف الحكومة من إشراك زعماء القبائل هو اللعب على التناقضات القبلية لامتصاص المطالبة بتقرير المصير. لكن وفدنا وافق على مواصلة الحوار مبدئياً تمهيداً لوضع الاسس التحضيرية للمفاوضات، ولم نفاجأ لاحقاً بان المناقشات اظهرت عدم جدية الوفد الحكومي. وبعد اربعة لقاءات هاجمت قوات الجيش ممثلي الجبهة بطريقة وحشية واعدمت اثنين من اعضاء وفد الجبهة احدهم رئيس الوفد ديق عبد رازق واعتقلت ثالثاً في 28 كانون الاول ديسمبر 1998، وهذا دليل واضح على خبث نيات الحكومة الاثيوبية وعدم جديتها".
ويتابع رئيس "الجبهة الوطنية لتحرير اوغادين" :"امام هذه المواقف الاثيوبية لم يكن امامنا خيار آخر سوى مواصلة الكفاح المسلح وتكثيف عملياتنا العسكرية، ففي كانون الثاني يناير الماضي كانت حصيلة العمليات التي نفذتها قواتنا قتل 126 عسكرياً اثيوبياً واصابة 150 آخرين بجروح، إضافة الى تدمير ثلاث عربات نقل عسكرية. وفي شباط فبراير نفذت قواتنا 12 عملية قتل فيها 78 عسكرياً واصيب 59 آخرون بجروح. وتركزت هذه العمليات في مناطق طقحبور وورطير وقبري دهري".
اثيوبيا واريتريا
وتنفي الحكومة الاثيوبية تنفيذ الجيش أي عمليات اغتيال، وربطت الناطقة باسمها سولومي تاديسي، التصعيد العسكري الاخير بتعاون بعض التنظيمات الاوغادينية مع "جهات اجنبية" ملمحة الى اريتريا. وقالت ل"الوسط" رداً على عثمان: "ان سياسة الحكومة الاثيوبية خلال السنوات السبع الماضية كانت وما زالت عدم التدخل في الشؤون الداخلية الصومالية. وعبرت عن ذلك مباشرة امام كل الزعماء الصوماليين في اكثر من مناسبة، خصوصاً لدى استضافتهم في اثيوبيا لعقد اجتماعات في محاولات لانهاء حروبهم الاهلية. وخلال هذه السنوات السبع كانت الاوضاع هادئة في اوغادين حيث يتمتع سكان الاقليم بحكومة وبرلمان اقليميين ولديهم مؤسساتهم واحزابهم واعمالهم الطبيعية. لكن تنظيمات مسلحة ظهرت فجأة اخيراً في المنطقة، وكان بعضها يعبر الحدود من الاراضي الصومالية الى اقليم اوغادين ومنه الى مدن اثيوبية اخرى للعبث بأمنها واستقرارها. وأعتقد بأنك سمعت عن انفجارات عدة حصلت في المنطقة وفي اماكن اثيوبية اخرى خارج أوغادين".
وأضافت: "ان الحكومة الاثيوبية اعلنت في مناسبات عدة رفضها للعنف وفتحت باب الحوار امام كل مُعارض لمناقشة اي مشكلة. وفي مقابل هذا الموقف الواضح واجهت اعمال عنف، خصوصاً من جماعة الاتحاد الاسلامي. لذلك لا يمكن للحكومة الاثيوبية التفاوض مع جماعات تحمل السلاح وتروع السكان الآمنين في منازلهم. ويمكن لأي من التنظيمات الاوغادينية العمل بحرية في البلاد، وهو حق يمنحه الدستور لها. والسؤال الذي يجب ان يطرح في هذا الاطار هو: لماذا تحركت هذه التنظيمات اليوم وليس خلال السنوات السبع الماضية؟". وأشارت الى تورط بعض التنظيمات الاوغادينية في الحرب الحدودية الجارية بين اثيوبيا واريتريا، ومشاركتها في دعم المجهود الحربي الاريتري ضد اديس ابابا.
وينفي عثمان تلقي "الجبهة الوطنية لتحرير اوغادين" اي مساعدات عسكرية او مالية من اريتريا، لكنه اكد في الوقت نفسه وجود لقاءات سياسية مع المسؤولين فيها "للتشاور في اوضاع المنطقة عموماً". واضاف رداً على سؤال :"إذا عرض علينا الاريتريون او غيرهم اسلحة واموالاً، فلن نتردد في اخذها لاننا بحاجة اليها لتحرير ارضنا".
دولة مستقلة؟
وفي إطار العمليات التي تنفذها الجماعات الاسلامية، اكدت مصادر أثيوبية مستقلة ان التنظيمات الاسلامية الاوغادينية المسلحة اعادت اخيراً ترتيب اوضاعها الداخلية وتلقت كميات من الاسلحة الثقيلة والذخائر اثر تجديد هذه التنظيمات دعوتها ل"الجهاد" ضد اثيوبيا.
واكد مسؤول اوغاديني ان "الاتحاد الاسلامي" الاوغاديني بزعامة محمد معلم عمر عبدي حل نفسه اخيراً واندمج مع تنظيمي "جبهة تحرير الصومال الغربي" التي كان يتزعمها محمد حاج ابراهيم حسين، و "جبهة تحرير الشعب الصومالي" التي كان يرأسها احمد علي اسماعيل، واطلق على التجمع الجديد اسم "الجبهة الموحدة لتحرير الصومال الغربي".
وقال مسؤول العلاقات الخارجية في "الجبهة الموحدة" عمر فارح كوشن في اتصال هاتفي من مقره في مقديشو ل"الوسط"، ان قرار الدمج والتوحيد اتخذ بعد سلسلة من المناقشات والاجتماعات على مدى عامين بين قادة التنظيمات الثلاثة. وذكر ان اعلان "الجبهة الموحدة" تم اخيراً في مؤتمر عام عقد في بلدة قردمي التابعة لمحافظة اوراي في منطقة طقحبور. ويرأس "الجبهة" الجديدة نائب رئيس "الاتحاد الاسلامي" سابقاً محمد عبد النور احمد، وعُين اسماعيل نائباً له وحسين اميناً عاماً.
واوضح كوشن ان الاهداف الرئيسية التي اعلنتها "الجبهة الموحدة" هي: "تحرير كل الصومال الغربي من الاستعمار الاثيوبي، وإقامة مجتمع حر من التبعية مؤسس على قواعد متينة من العدل والمساواة، وإعادة تأهيل كل المرافق الاساسية والبنية التحتية لتأسيس دولة مستقلة".
وقال ان "الجبهة" كثفت اخيراً عملياتها العسكرية في مناطق عدة من اوغادين قتل فيها عشرات من الجنود الاثيوبيين، وذكر اسماء ستة من مقاتلي "الجبهة" الذين قتلوا في هذه العمليات.
بن لادن و"الاتحاد الاسلامي"
ويبدو الوضع الحالي في اثيوبيا كأنه صورة من العهود السابقة ايام الامبراطور هيلا سيلاسي او الكولونيل منغيستو عندما كانت حكومة اديس ابابا تحارب على اكثر من جبهة، فالجيش الاثيوبي عاد ليحارب الاريتريين، لكن هذه المرة في نزاع على الحدود من مرتفعات بادمي وزالا انبسا نزولاً حتى مدينة عصب المطلة على البحر الاحمر ولا تبدو في الافق مؤشرات الى حل منظور لهذا النزاع الذي بدأ قبل سنة في مثل هذا الشهر.
وشجعت اجواء الحرب هذه حركات المعارضة الاثيوبية بدءاً من الاوغادينيين مروراً بالاورومو والعفر والامهرا وحتى انصار النظام الامبراطوري للعب دور والحصول على مكاسب بحجم طموحات كل منها. وذلك في اجواء انشغال حكومة اديس ابابا بالمعركة الرئيسية. لكن ربما غاب عن هذه الحركات ان فترة العقود الثلاثة الماضية ايام الحرب الباردة تختلف تماماً عن فترة التسعينات التي شهدت بداياتها نهاية هذه الحرب. والارجح ان تبقى نشاطات هذه الحركات، وان كانت مسلحة، في إطار المعارضات التي تعتبر في المفهوم الاقليمي والدولي الجديد "شؤوناً داخلية"، وهي لا تشكل خطراً يهدد بسقوط النظام الاثيوبي نفسه.
ويشذ عن هذه القاعدة، ما اصطلح على تسميته عالمياً بظاهرة التطرف الديني. وتدخل ضمن هذا الاطار جماعة "الاتحاد الاسلامي" الاوغاديني، خصوصاً إذا ما تأكد ان لديها ارتباطات بشبكة اسلامية عالمية متطرفة، وهو ما تؤكده الحكومة الاثيوبية. وفي هذا الاطار نفذ الجيش الاثيوبي ما اطلق عليه "حملة وقائية" في آب اغسطس 1996 استهدفت قواعد "الاتحاد الاسلامي" داخل الاراضي الصومالية. واعلنت الحكومة الاثيوبية وقتذاك انها نجحت في اهدافها وانها اسرت الى جانب عناصر من "الاتحاد الاسلامي" مجموعة من "الافغان العرب" الذين يمولهم اسامة بن لادن.
وعلى رغم إعلان "الاتحاد الاسلامي" الاوغاديني حل تنظيمه اخيراً والاندماج مع تنظيمين آخرين في تجمع جديد هو "الجبهة الموحدة لتحرير الصومال الغربي"، لكن مصادر اثيوبية مستقلة أكدت ل"الوسط" انه حلّ الاسم فقط واعاد تنظيم قواته مستقطباً التنظيمين الآخرين وهما "جبهة تحرير الصومال الغربي" و "جبهة تحرير الشعب الصومالي". وان ذلك حصل بتوصية من اسامة بن لادن الذي سهل عملية وصول مجموعة من اتباعه الى جنوب الصومال ومول شراء اسلحة متطورة لهم.
وتضيف المصادر نفسها ان بن لادن الذي تطارده الولايات المتحدة بتهمة تفجير السفارة الاميركية في نيروبي ودار السلام العام الماضي، لا يمكن ان يتوجه الى الصومال حالياً لاسباب امنية محضة. لكنه في المقابل ارسل اتباعه لمساعدة جماعة "الاتحاد الاسلامي" سابقاً ويُشرف على إعادة تنظيمها بعد الضربات الاثيوبية "الوقائية" التي كادت تقضي على بنيتها. واكدت ان العمليات الاخيرة التي نفذتها الجماعات الاسلامية في المدن الاوغادينية تشير الى انها استعادت قوتها فعلياً، وتركز هجماتها على القوات الاثيوبية انطلاقاً من قواعد متحركة داخل اوغادين بعيداً عن المدن الرئيسية.
وقللت المصادر من اهمية هذه العمليات لانها تبقى محصورة في مواقع محددة. واعتبرت ان ما يؤثر فعلاً على طبيعة النزاع بين الجماعات الاسلامية والحكومة الاثيوبية هو نقل العمليات العسكرية خارج اوغادين، خصوصاً إذا تأكدت معلومات ترددت اخيراً عن وجود تنسيق بين هذه الجماعات وجماعات المعارضة في اقاليم اخرى مثل العفر واوروميا. ويُخشى ان يؤدي هذا التنسيق الى تنفيذ عمليات مشتركة في المدن الاثيوبية الرئيسية شبيهة بالتفجيرات التي حصلت في 1995 و1996. وكانت تلك التفجيرات طاولت فنادق رئيسية في العاصمة اديس ابابا ومدن هرر ودير داوا في الشرق.
ويبدو ان النزاع في اوغادين عاد الى الواجهة، على الاقل بالنسبة الى المعارضة المسلحة الاوغادينية. وفي المقابل تتمسك الحكومة الاثيوبية بموقفها الذي يستند الى دستور البلاد، وتصر على عدم التفاوض مع الجماعات المعارضة التي تحمل السلاح، وتؤكد ان ثمة قنوات شرعية يضمنها الدستور للحصول على حق تقرير المصير بما في ذلك الانفصال، وان ذلك يتم عبر عملية دقيقة تأخذ في الاعتبار مواقف القوميات الاخرى، خصوصاً المتاخمة لاقليم اوغادين اضافة الى آراء سكان الاقليم انفسهم. فهل يدخل الاوغادينيون ضمن هذه القنوات الشرعية التي تتطلب مثابرة وحنكة سياسية ونفساً طويلاً للحصول على استقلال اقليمهم؟ ام يختارون اسلوب الحرب التي لا تُعرف عواقبها؟
هوية الاقليم وموقعه
ينتمي سكان اوغادين البالغ عددهم خمسة ملايين شخص الى القومية الصومالية وكلهم مسلمون يتبعون المذهب الشافعي. وينتسبون الى قبيلة اوغادين، التي اخذ الاقليم اسمها، وهي فرع رئيسي من قبيلة دارود الصومالية.
وتقطن هذا الاقليم كثير من بطون القبائل الصومالية في المنطقة الواقعة بين هرر ونهر وابي شبيللي. وأبرز هذه القبائل جيري وبرسول ومريحان وباباري وحوجورا. ولغة السكان هي الصومالية، لكن غالبيتهم ينطقون العربية.
معظم اراضي الاقليم شبه صحراوية قاحلة يعيش فيها عدد قليل من البدو الرحل. وتحد الاقليم جيبوتي شمالاً، وإقليما العفر واوروميا الاثيوبيان من الغرب، وجمهورية الصومال من الشرق، وكينيا من الغرب.
كان اقليم اوغادين جزءاً من "الصومال الكبير" الذي كان يضم خمس مقاطعات ترمز اليها النجمة الخُماسية التي تتوسط العلم الصومالي، وهي:
- مقاطعة "اقليم اوغادين" التي تقع حالياً ضمن الاراضي الاثيوبية، وتقع غرب الصومال وشرق اثيوبيا عاصمتها القديمة هرر والحالية جقجقة.
- "مقاطعة الحدود الشمالية الشرقية" التي ضمتها بريطانيا الى كينيا وصارت جزءاً من اراضيها منذ العام 1967 عندما وقعت الحكومة الصومالية اتفاقاً تنازلت بموجبه عنها، وعُرف الاتفاق آنذاك ب "مذكرة تفاهم اروشا" عاصمتها غاريسا.
- مقاطعة "ارض العفر والعيسى الفرنسية"التي فُصلت ثم استقلت عام 1977، وصار اسمها جيبوتي عاصمتها جيبوتي.
- مقاطعة "ارض الصومال البريطاني" تقع شمال البلاد وتطل على البحر الاحمر عاصمتها هرغيسا.
- مقاطعة "الصومال الايطالي" تقع جنوب البلاد وتطل على المحيط الهندي عاصمتها مقديشو.
الصومال الحديث: في العام 1960 استقلت مقاطعتا "ارض الصومال البريطاني" و"الصومال الايطالي" واتحدتا معاً لتشكلا دولة الصومال الحديثة التي بقيت خارجها مقاطعات جيبوتي والحدود الشمالية وأوغادين. وخاضت دولة الصومال بعد الاستقلال ثلاثة حروب ضد اثيوبيا في عهدي الامبراطور هيلا سيلاسي والكولونيل منغيستو هايلي مريام وفشلت في استعادة اوغادين. وكانت اخر هذه الحروب العام 1977 عندما كان اللواء محمد سياد بري رئيساً للصومال. وبعد الهزائم الثلاث قرر الاوغادينيون مواصلة الكفاح المسلح لتحرير أرضهم بأنفسهم والحصول على حق تقرير المصير بعيداً عن تدخل الدولة الصومالية، وذلك حتى لا تبدو المشكلة كأنها خلاف حدودي بين اثيوبيا والصومال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.