جدد الاتحاد العام التونسي للشغل لأمينه العام اسماعيل السحباني في مؤتمر حضره حوالي خمسة آلاف شخص، تقدمهم الرئيس زين العابدين بن علي. وتم التجديد للأمين العام بواسطة التصفيق، خلافاً لنصوص القانون الأساسي الذي ينص على انتخاب الأمين العام من قبل أعضاء المكتب التنفيذي الناجحين في الحصول على ثقة القاعدة والمؤتمر وذلك "اعتباراً للخدمات القيمة التي قدمها للاتحاد وللشغالين في البلاد". وهذه هي المرة السادسة من بين 19 مرة يجري فيها انتخاب أمين عام بهذه الطريقة وتعود المرة الأولى الى سنة 1951 مع الزعيم المؤسس فرحات حشاد الذي تم اغتياله في سنة 1952 على أيدي الجهات الاستعمارية الفرنسية، كما ان غياب الحبيب عاشور أخيراً الذي اختلط تاريخه بتاريخ اتحاد النقابات منذ تأسيسه سنة 1946 جعل عدداً من النقابيين المشاركين في المؤتمر يعبرون عن احساسهم باليتم في غيابه عن الحياة على رغم أنهم تعودوا عليه بعيداً عن أجواء الاتحاد منذ سنة 1988 والذي اعتبر طويلاً الزعيم النقابي بلا منازع، وهو بدوره عرف طعم الانتخاب عن طريق التصفيق في مناسبات عدة. وبانتخاب السحباني لولاية جديدة على رأس الاتحاد العام للشغل فإن ولاياته ستستمر الى سنة 2004 أي على مدى 15 سنة متتالية وهي أطول ولاية في تاريخ اتحاد الشغل منذ تأسيسه قبل 53 سنة. وحتى الحبيب عاشور نفسه الذي اعتبر زعيماً بلا منازع لاتحاد النقابات فإنه لم يجمع هذا العدد من السنوات على رأس المنظمة خصوصاً بصورة متوالية متلاحقة. وفي ما عدا هذا فإنه جرى انتخاب مكتب تنفيذي سجل غالبية عظمى من أنصار السحباني واختفاء وجوه معروفة كانت تشكل رموزاً مهمة في المكاتب السابقة وذلك في اطار تعزيز دور الأمين العام الذي تجتمع حوله غالبية كبرى من المؤتمرين ناهيك عن كونه نال ثقة المؤتمر بما يزيد عن 990 من بين ألف من الأعضاء عند التصويت على توليه الأمانة العامة للمنظمة النقابية إذ لم يصوت ضده سوى 9 من النواب في المؤتمر واحتفظ نائب واحد بصوته. وكانت قائمة منافسة للأمين العام قد حاولت المنافسة على عضوية المكتب التنفيذي اشتهرت باسم "قائمة المطرودين" وتضمنت عدداً من الذين ناوؤا السحباني في فترات سابقة فاتخذت قرارات بطردهم غير أن هذه القائمة المنافسة للأمين العام لم تسجل أي اقبال بعدما أظهرت انها لا تتمتع بقاعدة لا عريضة ولا غير عريضة بين المؤتمرين وكان هدف القائمين على هذه القائمة إبراز أمرين اثنين: الأول، انه ليس هناك إجماع على أي شخص مهما كان وان اتحاد النقابات يبقى مركزاً من مراكز الاختلاف في الرأي والتعبير عنه. الثاني، اختبار الشعبية، فهذه القائمة التي تضم عدداً من الزعامات السابقة تريد أن تظهر شرعيتها عبر تصويت على أفرادها ما يوحي بأن لهم جانباً من القاعدة يسيطرون عليها ويستطيعون القول بأنهم يمثلون شيئاً معيناً داخل اتحاد النقابات، وان كان طموحهم لا يبدو أنه يطرح ما فوق ذلك وهم أول المقتنعين بأنهم لا يتمتعون بأي حظوظ للنجاح أو الصعود للمكتب التنفيذي. غير أن هذا المؤتمر لم يبث في أشياء مهمة مثل قضية تمثيل اتحاد النقابات التونسي في البرلمان على رغم ما حصل من حملة صحافية في جريدته "الشعب" في شأن تمثيل مستقبلي للمنظمة النقابية بذاتها في عضوية البرلمان لا عبر المرشحين من النقابيين عن طريق الأحزاب المختلفة سواء في الحكومة أو في المعارضة.