عندما يدخل الفنان عادل إمام "البلاتوه" لتصوير فيلم جديد فإن ذلك يعتبر حدثاً فنياً كبيراً، لأن إمام يعتبر من كبار فناني زماننا هذا. فهو استطاع ان يسعد الجمهور العربي ولا يزال منذ اكثر من 25عاماً حيث قدم عشرات من الافلام الكوميدية التي اقتربت من الخطوط الحمر في مناقشتها القضايا الساخنة. من ذلك افلامه: "الغول" و"المشبوه" و"حب في الزنزانة" و"حتى لا يطير الدخان" و"الهلفوت" و"اللعب مع الكبار" و"الارهاب والكباب" و"الارهابي" و"المنسي" و"طيور الظلام". وإذا كان يحسب لعادل إمام انه اول من دشن أرقام الملايين في تاريخ السينما المصرية، فإنه يحسب له ايضا مبادرات وطنية وانسانية أكد من خلالها ان الفنان لا يعيش في معزل عن وطنه وشعبه. فهو اول من أخذ على عاتقه مواجهة الارهاب منذ بداياته، وكان اول من انتقل بمسرحه الى قلاع العنف في اسيوط في العام 1988 ليواجة المتطرفين ودعاه القتل. ويحسب له ايضا مبادرته الوطنية عندما ذهب قبل عام الى المغرب ليعرض مسرحية "الزعيم" متبرعاً بدخلها لدعم بيت مال القدس الذي انشأته لجنة القدس برئاسة الملك الراحل الحسن الثاني والتي تهدف الى الحفاظ على ملكية الاراضي العربية في القدسالشرقية. وحرص امام في السنوات الاخيرة، ان تقترب افلامه من الهموم الكبرى للمواطن المصري والعربي، بعد أن اقترب من مشاكل البسطاء في افلامه الاولى. فمن تصديه للارهاب، ثم لقضايا الفساد، ها هو فناننا يبحث في احدث افلامه "أميركا… مزيكا" عن: لماذا اصبحت اميركا.. الحلم، وكيف اصبح الدولار "الامل"، وذلك في شكل كوميدي ساخر، عادل امام يحاول، من خلاله وعلى طريقته ان يقول لمتفرجيه ماذا يدور في عقل الادارة الاميركية. واين موقع القضايا العربية من هذه الادارة. "الوسط" زارت الفنان عادل امام اثناء تصوير بعض مشاهد فيلمه الجديد وظلت معه يوماً كاملاً في استديو النحاس في الهرم وشاركته فرحة بدء تصوير الشريط الجديد الذي تدور احداثه في قالب كوميدي. من جديد يعود عادل إمام هنا الى شخصيتي "بخيت وعديلة" اللتين سبق ان شاهدناهما في فيلمين سابقين له. هذه المرة ترفع الحصانة البرلمانية عن بخيت وعديلة في مجلس الشعب بعد اتهامهما في قضايا عدة، فيقرران السفر الى اميركا حيث حلم الحرية.. والدولار. واثناء سفرهما تحدث مفارقات كوميدية كثيرة منها انهما خلال سفرهما يكون بحوزتهما علبة "مش" تنكسر فيظن المسافرون انها مواد مدمرة. ومرة اخرى تحدث لهما مواقف غريبة فتضطر الادارة الاميركية الى ارسال نداء الى الحكومة المصرية عبر شبكة C.N.N داعية اياها لأن تأخذ تصرفات بخيت على عاتقها، فتخرج الحكومة معلنة انها برىئة من كل من يحمل اسم "بخيت". اثناء التصوير سألنا الفنان عادل امام عدداً من الاسئلة حول الفيلم الذي يعتبر جزءا ثالثاً من فيلم "بخيت وعديلة" . ماذا عن "بخيت وعديلة" في "اميركا.. مزيكا"؟ - بداية اشير الى ان القصة والسيناريو والحوار كتبها لينين الرملي اما الاخراج فيوقعه نادر جلال. ومعنا في الفيلم الفنانة شيرين وايناس مكي واسامة عباس، وتدور الاحداث حول حلم الدولار، الذي يراود كثيرين فبعدما تم رفع الحصانة عن بخيت وعديلة الجزء الثاني من الفيلم يقرران السفر الى اميركا. فماذا حدث لهما؟ حيث لا شيء الا العمل والمصلحة الشخصية. هل يحمل مضمون الشريط نقداً للسياسة الاميركية؟ - نقداً للظروف التي تحيط بنا هنا وهناك، وما معنى الحرية.. وهل الحرية حرية شخص أم حرية نظام أم حرية مجتمع؟ وأي انواع الحرية سنرى انها الاساس؟ - اتركنا نقولها في الفيلم. يضحك. وهل سيتم تصوير اجزاء من الفيلم في اميركا؟ - بالتأكيد. وبالنسبة الى قضية الحرية، أروي انه عندما يرى بخيت وعديلة فور وصولهما الى اميركا تظاهرة تسير في الشارع، يقولان لا بد ان نسير فيها نحن أيضاً، هذا حق مشروع، واثناء الهتاف اكتشفا انها تظاهرة اناس شاذين يطالبون بحقوقهم.يضحك. من خلال "اميركا.. مزيكا" هل هناك رسائل توجهها الى الجمهور؟ - ستشاهد هذه الرسائل في الفيلم بطريقة لينين الرملي وعادل امام ونادر جلال! ستجد تناقضات كثيرة، عن نظرة الاميركان الى المصريين والعرب ونظرة المصريين الى الاميركان، وسنتعرض لقصة رجل مصري تزوج اميركية وأصبح اولادهما بالتالي اميركان، ومن خلال هذه القضية نناقش قضية الوطن والانتماء. إذن سيتم التعرض لوضع المجتمع الاميركي ايضاً؟ - هو رصد للوضع الاميركي فعلاً، كما سنتعرض لمعنى المادة، ومعنى "الجدعنة" وهل "الجدعنة" بتاعتنا التي يقوم بها "ابن البلد" تنفع في امريكا.. وكيف جلبت "الجدعنة" لبخيت "بلاوي" وكوارث كثيرة. هل وجدت تفسيراً للاسباب التي جعلت من اميركا "الحلم" و"الامل" لشعوب العالم الثالث؟ - تقصد لشعوب العالم كله أليس كذلك؟ اميركا هي اغنى واقوى دولة، دولارها هو الذي يسيطر على العالم الآن، وببساطة إذا وضعنا الدولار في جوار عملات اخرى ستجد "عينك" لا تتجه إلا الى الدولار.. لا اعرف لماذا؟ رغم ان العملات الاخرى قد تكون الاغلى قيمة. وبعد هذا لو درست الأمر ستجد ان أكبر نسبة هجرة في العالم هي الهجرة الى اميركا، فهي الاكبر في كل "حاجة" شيء غريب يضحك. أميركا اكثر دولة وجهت لها الشتائم وفيها اكبر ناطحات سحاب واكبر علماء وهناك بعض الحكام يقولون الامبريالية والتوسعية ويشتمون في اميركا وفي النهاية "يوظفون" اموالهم في بنوك اميركية.. شيء عجيب. مسألة الحديث عن الاموال، تدفعني الى سؤال، هل مازلت تخشى من سيطرة رأس المال على الشعوب؟ - انا اخاف من الاحتكار، واخاف من اي سيطرة وفي غياب الديموقراطية ممكن أي قوة تسيطر، ولهذا لا بد أن نعمل حساب "ده" هنا في بلدنا. هل تحب اميركا؟ - "مافيش" حاجة اسمها "احب اميركا كده" في المطلق او اكرهها، او احب فرنسا.. واكره مش عارف إيه، السؤال الافضل ماذا ستسفيد منها وماذا ستفيدها.. ولكن قد تكره سياستها في لحظات، ولكن هذا لا يمنعك من الانبهار بالتقدم الاميركي. ان الاميركيين جعلوا الاتحاد السوفياتي ينهار من غير حرب. طبعاً هذه مسائل تثير الاعجاب. انك تجد في اميركا العلماء في كل شيء، في الطب والفضاء وعندما "الواحد" منا يمرض اول ما يفكر به وينصحونه به هو "يروح" اميركا حتى الذين يشتموها يذهبون للعلاج هناك. وحتى المتطرفون يلجأون اليها ايضا؟ - وعلى رأيك. المتطرفون هناك.. ما سر هذه الدولة يا ترى؟ اذن أنت لا تحب سياستها؟ - لا .. ليس سياستها عموما.. ممكن جداً تنتقد سياسة معينة في موضع معين في مكان معين، انا لا انتقدها في العموم. بعيداً عن اميركا.. هل مازالت تخاف من دخول عمل جديد؟ - طبعاً، اخاف ولهذا يستغرق التحضير سنوات وشهوراً لكل شخصية اقدمها. فشخصية بخيت في هذا الفيلم "اميركا.. مزيكا" ظللت فترة ابحث في تفاصيلها وشكل الملابس. هو سيذهب الى اميركا. ومبهور بشكل كبير فماذا سيرتدي من ملابس؟ أنا جعلته "يلبس" كل شيء اميركي، الشنطة عليها العلم الاميركي، وعلى رأسه العلم الاميركي، كل شيء اميركي. هل استحدثت هذه الشخصية من نماذج رأيتها في حياتك؟ - الاحساس بما اقدم هو الاساس، فكل شخصية اقدمها تكون من الابداع والفكر الشخصيين. الفنان لا يقلد احدا. حققت كل ما يحلم به الفنان من شهرة ونجومية، ماذا تريد بعد؟ وما الذي يمكنه ان يسعدك؟ - انا صوفي في فني، ليست المسألة بالنسبة الي مسألة تحقيق شهرة او نجاحات. انا اسعد عندما اقدم مشهداً جميلاً أو عندما اقول جملة حلوة. انا يهمني نجاح فيلم او مسرحية، هذا عندي بالدنيا. أنا اسعد كثيراً عندما اسمع الناس في الشارع يدعون لي ويقولون: ربنا يسعدك "أنت بتسعدنا"، "معندكش" فكرة عندما ادخل المسرح وأجد الجمهور يقابلني بعاصفة من التصفيق كم يكون مدى سعادتي، انها السعادة الحقيقية. مسرحيتك الجديدة "بودي غارد" حققت نجاحاً واسعاً على المستوى النقدي والجماهيري، ما اكثر شيء اسعدك في هذا النجاح؟ - انا يكفيني ان الفنانة سميحة ايوب وقفت لابني رامي - الذي اخرج المسرحية - احتراماً. هنا نظرت انا الى رامي وقلت له "يابختك إن سيدة المسرح العربي تقف لك احتراماً" انا كنت سعيدا جداً، كنت في منتهى السعادة، ان هذه شهادة كبيرة من سيدة المسرح العربي.