هل ندخل القرن الحادي والعشرين بعهد المرأة؟ حاولت الثمانينات الادعاء بأنها منعطف التوجه نحو عصر المرأة المتفهم، المتعاطف، الذي يدير اذنيه الاثنتين الى القلب، وأنتجت هوليوود افلاماً عدة عن النساء وقضاياهن ثم اوقفتها عندما لم تجد نجاحاً تجارياً. التسعينات عززت شعور بعض الغربيين بالغبن وتوقف العالم عن ان يكون عالمهم، وشهدت اميركا حركات لتحرير الرجل مع ان شكوى النساء من اللامساواة في العمل والفرص استمرت. اليوم يتهم النساء والرجال معاً بالمساهمة في صنع رجل جديد اقرب الى المرأة، لا في سلوكه فقط بل في ملامحه ايضاً. دراسة في جامعة سانت اندروز وجدت ان الجنسين معاً يفضلان الرجل الطفولي الملامح على ذلك العريض الفكين والكث الحاجبين، لا في بريطانيا وحدها بل في اليابان وأفريقيا الجنوبية وقبائل في الامازون في اميركا الجنوبية ايضاً. نصت قوانين علم الاحياء والتطور حتى الآن على ان الاناث، من معظم الاجناس، يفضلن الشركاء الاكثر اختلافاً عنهن. واعتقد العلماء بان الانثى تبحث عن ذكر قوي وماهر لكي تنجب اطفالاً يشبهونه. لكن المرأة تفضل اليوم من يشبهها هي، رجلاً صغير الذقن مقوس الحاجبين يوحي الضعف والثقة بدلاً من "الرجل الرجل" الذي افترضنا انه يوحي القوة والقدرة على الحماية، ولكنه يترك، حسب الدراسة، انطباعاً بالبرودة والغش. لم تعد المرأة اذاً ترغب برجل تتكل عليه، بل بآخر تعتقد بانه يحتاج اليها ويتكل عليها، اي بكائن مساوٍ لا يهدد باحتكار السلطة او يعتقد بانها حق طبيعي له. تقل خشونة ملامح الرجل منذ العصر الحجري، ومع اختيار النساء رجالاً ناعمي التقاسيم يتوقع ان يصبح الوجه البشري مؤنث الشكل باطراد. وجوه الرجال التي "أُنثت" بالكومبيوتر اوحت لناظريها من الجنسين بالنزاهة والنزعة العاطفية والميل الى التعاون، ورأت النساء ان اصحابها سيكونون آباء افضل من غيرهم. ومع ان الصورة لا تقدم اي ضمانات، وان الايحاء لا يطابق الحقيقة بالضرورة كما اكتشفت اليزابث في "كبرياء وتحامل" في القرن الماضي تبقى الغلبة واضحة لبعض النسويات اللواتي يرين في اختيار الرجل المؤنث تقريراً لمصير ما، وبروزاً للجانب الانثوي في الرجل. والأكيد ان الأمر ينحصر في المجتمعات التي توفر الخيار لبناتها، ولا يتعداه الى تلك التي تعتبر الزواج هوية المرأة سواء حوى عنصر القرار ام لا. والأكيد ايضاً ان الرجل الطفولي الملامح قد يكون طفولي السلوك ايضاً وأنانياً يتوقع من المرأة الخدمة والاهتمام الكلي من دون ان يبادلها بالمثل. ثمة رجال يبدون بملامحهم القاسية رمزاً للعدائية المتأهبة دائماً للانقضاض وهم في الواقع ازواج مطيعون يعرفون عن شؤون البيت ما يكفي ليجعلهم سيدات خفيات. حتى اولئك الذين يبدون انهم يفصلون عالمهم الخاص عن عالم شريكاتهم بالتأكيد على كل ما هو ذكوري تقليدياً، من كرة قدم وشرب وأصدقاء ذكور، قد يخفون شخصية طفولية ضعيفة لعجزهم عن بناء روابط وثيقة مع النساء او مجرد التفاهم معهن او مع بيئتهم الأوسع. ولئن بدت هذه العادات الراسخة احتفالاً بنرجسية ذكورية قديمة او تحديد مكان كل من الجنسين المرأة للبيت والأولاد والرجل للخارج، فانها تظهر اصحابها عاجزين عن التكيف مع عالم متغير بات الخارج فيه عالم المرأة ايضاً. الحكومة البريطانية الواقعة في شرك الشعبوية والصواب السياسي اصابت المئة نائبة ونائبة في الحزب بالخيبة بامتناعها عن تقديم سلطة حقيقية للنساء على الرغم من رفعها هذا الشعار. ويتهم طوني بلير رئيس الحكومة بتشجيع العاطفية الشعبية كما فعل عقب وفاة ديانا التي تعزز انماط السلوك الطفولية في البالغين، بهدف الايحاء ان عهده انتصار للمرأة. وهنا يبدو الرجل التقليدي غير صالح للحياة ومشكلة.