خبراء الزلازل يؤكدون أن التوابع الأرضية تكون أحياناً أكثر قوة من الزلزال الأصلي. ويبرهن على ذلك مرور ما يزيد على شهر على الهزة القوية التي أحدثها عقار فياغرا في الدوائر المصرية السياسية والشعبية، إلا أن التوابع ما زالت تتوالى. وإذا كانت الهزة الأولى قد اسفر عنها ثلاثة مرضى وقتيل حسب الإحصاءات الرسمية، غير المئات من الأقراص الزرقاء المصادرة وغير الزرقاء المقلدة، فإن التوابع كادت تهدد مستقبل 25 ألف صيدلي مصري. وكانت محاولات قد بذلت لتعديل قانون مهنة الصيدلة ذي العقوبات المشددة، إذ كان القانون ينص على عقاب الصيدلي الذي ينتج أو يبيع مستحوذات طبية محظور تداولها وغير مسجلة، وذلك بالحبس لمدة سنة، وتغريمه مبلغاً يتراوح بين عشرة آلاف و50 ألف جنيه مصري، وإغلاق الصيدلية لمدة لا تزيد على عامين. وبعد جدل طويل، وعلى مضض، وافقت الحكومة على تعديل المادة، بحيث تدرج العقوبة ليكون الحبس فقط في حال تكرار المخالفة، مع رفع قيمة الغرامة. إلا أن كلمة "رفع" لا تتناسب وحجم الزيادة، إذ تراوحت بين 20 و50 ألف جنيه، ومن 40 إلى 100 ألف جنيه في حالة العودة الى المخالفة. وتحت شعارات عدة مثل "50 ألف جنيه غرامة: خراب بيوت" و"100 ألف جنيه: سجن مقنن"، أعلن الصيادلة الحرب على وزير الصحة الدكتور اسماعيل سلام، وذلك في اجتماعين للجمعية العمومية للصيادلة، اصدر احدهما اربعة قرارات، جمدت في الاجتماع الثاني القرارات الاربعة هي: ان تكون الجمعية العمومية للنقابة في انعقاد مستمر، واسقاط عضوية وكيلة وزارة الصحة للشؤون الصيدلية الدكتورة جميلة موسى من نقابة الصيادلة لموقفها المؤيد للوزارة في القانون موضوع الخلاف. وينص القرار الثالث على اغلاق أي صيدلية في حالة طلب مفتش التموين تفتيشها بحثا عن الادوية المخالفة. والرابع: وقف شراء الادوية من كل الشركات في مصر سواء المنتجة أو الموزعة لمدة شهر ووقف عضوية أي صيدلي لا ينفذ هذا القرار، وهو نوع من الاضراب البطيء ضد القانون الجديد، لأن الصيدليات تشترى ادوية قيمتها 300 مليون جنيه سنويا من "هذه الشركات. "هذه الشركات" طبقت مبدأ الصيد في المياه العكرة، ففي الوقت الذي اصيبت فيه شركة فايزر المنتجة للفياغرا بصدمة تأجيل تداول الفياغرا لحين تحليله، انتهزت الشركات المنافسة الفرصة وقفزت هي الاخرى لتكسب أكبر نصيب من سوق "تنشيط قدرة الاعضاء التناسلية". واعتبر وزير الصحة ان تلويح الصيادلة باغلاق الصيدليات "إجراء خاطئ يتنافى والقانون والمبادئ الانسانية". وأكد سلاّم ان لا صحة لما نشر عن سحب مشروع قانون الصيادلة المعدل الذي "أعطى الفرصة لأي صيدلي في المرة الاولى على ألا يتم تكرارها"، وقال ان ذلك لن يسيء الى "الصيدلي الشريف"، إلا أن الرئيس مبارك لم يصدق على القانون، مما اعتبره الصيادلة تأييداً لهم، ومن ثم قرروا تجميد قراراتهم الأربعة في جمعيتهم العمومية الطارئة الثانية. في الوقت نفسه، خرج الدكتور سلاّم بوجهة نظر جديدة، وإن لم تكن رسمية، تذهب الى أن منع تداول الفياغرا يعزى في جانب منه الى حرصه على ترابط الأسرة المصرية. وقال في حديث صحافي "إن هذا العقار سيدمر العلاقات الأسرية الانسانية إذا تم تداوله في مصر". ولمّح الخبثاء إلى أن ما صرح به سلام يؤكد فعالية العقار. وسواء أكانت مصادفة طبيعية أو ساهم بعضهم في صناعتها، فقد تزامنت أزمة قانون الصيادلة والهجمة الحكومية على "الحبة الزرقاء" خوفاً من مفعولها السحري المعروف عالمياً وغير المعترف به في مصر. ويزخر "بيت العطارة المصري" لصاحبه الحاج أنور عيد بپ"عناصر منشطة" لكنها مختلفة وان بقيت شديدة الشبه بپ"الحبة الزرقاء". ففي المحل الذي بدأ نشاطه قبل نحو 90 عاماً، وتوارث ملاكه المهنة أباً عن جد، وقف المعتز بالله أسعد خليل 22 عاماً ابن شقيقة الحاج عيد يتحدث بخبرة ابن ال80 عاماً عن "اكسير الحياة"، تلك التركيبة التي يتقن تحضيرها. يقول خليل: "نصنع مقداراً من عشب الجنسنغ الكوري مع بذور الجرجير والبصل وحبة البركة المطحونة، مع مقدار من غذاء ملكات النحل، وتذاب في عسل النحل، ويباع البرطمان الذي يحوي نصف كيلو غرام بپ50 جنيهاً مصرياً". ويستطرد خليل شارحاً روشتته الشعبية ويقول "وعلى الرجل أن يتناول ملعقة منه يومياً، وسيكون كل شيء تماما". ويتركنا خليل دقائق ليجهز "بلحة الغيرة" التي طلبها زبون، إذ رزقت زوجته مولوداً جديداً فجاء لشراء "بلحة الغيرة" لترتديها ابنته الكبرى حجاباً حتى لا تشعر بالغيرة من المولود الجديد. وتحمل التركيبة الثانية التي يشرحها خليل اسماً درامياً آخر هو "حجر جهنم"، الذي يستخدم مرهماً ولا يتعدى سعره عشرة جنيهات. أما "تركيبة الاعصاب" فهي تتكون من مقادير متساوية من اللوز والبندق وعين الجمل المطحون، وبذر الجرجير، وحبة البركة، ولبان الدكر، مذابا في العسل الأبيض، ويبلغ سعر البرطمان منه نحو عشرة جنيهات مصرية. وفي سوق الحمزاوي الصغير، في منطقة الغورية الشعبية في القاهرة، امتعض الحاج محمد البطراوي 63 عاماً لدى سماعه كلمة "فياغرا"، وقال: "لماذا إذن خلق الله لنا الخلنجان، والجنزبيل، والقرفة والقرنفل؟ جميعها يدخل في تركيبات مقوية للأعصاب تخلو من الآثار الجانبية". ويفخر البطراوي بقدرته على تحضير تركيبات الأعشاب المنافسة للفياغرا، وذلك بفضل خبرته التي ورثها عن أبيه وأجداده في المحل الذي افتتح العام 1919. وقال نور محمد صالح صاحب محل أعشاب طبيعية في حي الحسين الشعبي في القاهرة، وهو بالغ الدقة في تصنيف بدائل الفياغرا الطبيعية: "لا بد من معرفة نوع القصور الجنسي لدى الرجل فإذا كان يعاني الضعف الجنسي، فإن هناك خلطة أعشاب منشطة تتكون من حبوب تبن الفيل وعود القرح نبات طبي من الهند، وتطحن مع عرق جناح وسمبل أسد مع عشب الشوش وجوزة الطيب. ويستطرد صالح شارحاً وصفته فيقول: "وتخلط مع عسل النحل او تضاف إلى الشوربة، ويتم تناولها ثلاث مرات يومياً لمدة أسبوعين". ويؤكد صالح أن النتيجة تظهر خلال عشرة أيام فقط، كما أنه علاج رخيص الثمن ومن دون آثار جانبية. أما السيد عبد المجيد فهو خبير أعشاب بالوراثة والدراسة. ووصفته السحرية لعلاج الضعف الجنسي تتكون من عود القرح والجنزبيل وبذور الجرجير أو الفجل مع الفلفل الأبيض، وتخلط هذه النسب مع عسل النحل، وتؤخذ منها ملعقتان يوميآً لمدة اسبوع. ولفت عبدالمجيد إلى أن عناصر تلك التركيبة، ولا سيما الجرجير، لها فوائد صحية عدة ولا تقف عند حدود علاج الضعف الجنسي، وبالتالي فهي إن لم تفد في علاج النواحي الجنسية، فهي لا تضر لأنها عامرة بالفيتامينات". والوصفات الشعبية كثيرة ومتنوعة، ويقدم الحاج أحمد الدالي - صاحب محل اعشاب طبية في حي الحسين - وصفتين: احداهما خلطة الزعفران المنقوع في ماء الورد والمطهو في الارز، والثانية "قرة العين" وهي تركيبة من الخردل. ومن الأسماء المشهورة في عالم العلاج بالأعشاب المهندس أحمد عبدالرحمن حراز خبير الأعشاب والنباتات الطبية. وأبرز علاجات حراز التي يقدمها لعلاج القصور الجنسي: مسحوق شجرة الأملج، وهناك بذور الريحان التي يقول عنها حراز "إن لها مفعول السحر". ويعدد حراز مزايا تركيباته الطبيعية "فهي تزيد قدرة الفرد الجسمانية والعقلية والجنسية، وتعالج الفتور والإرهاق، ولا تسبب أي اعراض جانبية عكس التركيبات الكيماوية". وأشار محمود سالم - تاجر اعشاب طبية في شارع الازهر في القاهرة - الى مزايا "الحبهان" الهيل الذي يساعد على حيوية الجسم ونشاطه ليقوم بوظائف منها النشاطات الجنسية. وذكر ان القرفة لا تقل اهمية عن الهيل "فهي تعمل على تنبية الأعصاب وتنظيم ضربات القلب والدورة الدموية، وتخفف من احتمالات حدوث الجلطات، مما يؤدي الى استعادة القدرات الجنسية"، غالبية زبائن العطارين وتجار الاعشاب في احياء القاهرة الشعبية من الرجال الذين يعانون ضعفاً أو قصوراً جنسياً، أو حتى من راغبي الإمعان في الفحولة. ويؤكدون أن هذه النوعية من الزبائن تنتمي الى كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بدءاً من سائقي العربات الكارو التي تجرها الحمير، مروراً بأبناء الطبقة المتوسطة سابقاً الكادحة حالياً من ركاب الباصات، وانتهاء بأصحاب السيارات المرسيدس، وما يندرج تحت هذه النوعية من رجال الاعمال وتجار الخردة والممنوعات. كما أن الجميع يؤكدون ان ظهور الفياغرا لم يؤثر سلباً في تجارة الاعشاب المنشطة جنسياً، بل قد يكون العكس هو الصحيح. وتحدثت غالبيتهم عن الرجال ومشكلة الضعف او العجز الجنسي، وكان نصيب النساء من جولة "الوسط" المطولة في هذه السوق محدوداً جداً. فقد قال التاجر سلامة عباس أن الزعفران والزعتر يزيدان النشاط الجنسي لدى الرجال والنساء على حد سواء. أما السيدة منال سليمان - صاحبة محل عطارة - فتشير إلى أن جذور نبات اليبروح - وهو يشبه إنسانين متعانقين - ذات مفعول سحري في تنبية الجسم، وزيادة كفاءته للتغلب على الاجهاد والفتور الجنسي، كما يزيد الحيوانات المنوية لدى الرجال، وينشط التبويض لدى النساء. لكن بقية التجار ليست لديهم تركيبات خاصة بالنساء، بل أن بعضهم استنكر الفكرة