وسط تطورات متسارعة.. «أوبك+» تجتمع اليوم    7.6 مليار دولار تبادل تجاري بين السعودية وألمانيا    لماذا اتخذت طائرة نتنياهو مسارات استثنائية للوصول إلى واشنطن؟    70 قتيلاً فلسطينياً في هجمات إسرائيلية على الضفة الغربية    تدشين برنامج أمل التطوعي السعودي لمساعدة السوريين    السعودية واليابان تتفقان على إنشاء مجلس شراكة إستراتيجي    إقامة الحفل الختامي لمهرجان الملك للهجن في نسخته الثانية بالرياض    سوق الأسهم السعودية يتراجع لليوم الثاني ويخسر 32 نقطة    المستشار الألماني: الدفاع الأوروبي يحتاج إلى "مزيد من التصميم"    اكتمال مغادرة الدفعة الثالثة لضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة إلى بلدانهم    تعليم مكة تحكِّم 16 ورقة عمل تعليمية لبرنامج " جسور التواصل "    أمير القصيم يكرّم المشاركين في ملتقى اليوم السعودي العالمي للتطوع    أمير القصيم يتسلم تقرير أعمال شركة الاتصالات السعودية لعام 2024    محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز    روسيا تدرس السعودية والإمارات كموقع محتمل لقمة بين بوتين وترمب    طاقم تحكيم سعودي يقود لقاء العين والريان في كأس الأبطال للنخبة    عبدالعزيز بن سعد: رالي حائل الدولي ..حقق مكاسب تنموية ورياضية واقتصادية تتماشى مع رؤيه الوطن 2030    أمانة القصيم تنفذ أكثر من 658 ألف جولة رقابية خلال عام 2024    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد القوة الخاصة للأمن البيئي بالمنطقة    استئصال ورم سرطاني ضخم يزن 8 كغ من بطن مريضة بالقصيم    7 مليون فحص مخبري في مستشفى الرس خلال 2024    تفعّيل برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    سلمان بن سلطان يدشن قاعة المؤتمرات الكبرى بغرفة المدينة    أمير الجوف يستقبل قائديّ حرس الحدود بالمنطقة السابق والمُعيَّن حديثًا    جولة مدير مستشفى عفيف العام التفقديه    لمسة وفاء.. الدكتور محمد بن عبدالله آل دخيش القحطاني    رئيسة وزراء الدنمرك: غرينلاند ليست للبيع    "كشتة البديع" تجتذب المزيد من العائلات والأفراد ب 19 فعالية متنوعة    تقييم صادم للنجم المصري عمر مرموش ومدرب «مان سيتي» يبرر !    الجامعة الإسلامية تُطلق فعاليات "أسبوع البحث العلمي السادس"    الدولار الكندي لأدنى مستوياته في 22 عاماً    أبو الغيط يأمين الجامعة العربية دعو العلماء العرب لوضع وثيقة لتنظيم الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع المصالح العربية    الموارد البشرية: تعديل المدة المسموحة لرفع ملفات حماية الأجور في منصة "مدد" إلى 30 يومًا ابتداءً من 1 مارس 2025    اليابان تطلق صاروخًا يحمل قمرًا صناعيًا لتحديد المواقع الجغرافية    5 مخاطر صحية تهدد العاملين بنظام المناوبات    عبدالله آل عصمان مُديراً لتعليم سراة عبيدة    تعزيز استقلالية المملكة في الأنظمة والصناعات العسكرية    كلنا نعيش بستر الله    التعاقدات.. تعرف إيه عن المنطق؟    من أسرار الجريش    العلاقات بين الذل والكرامة    في الجولة ال 20 من دوري" يلو".. الصفا يستقبل العدالة.. والبكيرية يواجه الجبلين    إن اردت السلام فتجنب هؤلاء    الأهلي يعير «ماكسيمان» لنابولي الإيطالي    أمانة جدة تشرع في إشعار أصحاب المباني الآيلة للسقوط بحيي الفيصلية والربوة    محافظ جدة يطلع على خطط المرور والدفاع المدني    مواقف تاريخية للسعودية لإعادة سورية لمحيطها العربي    «عاصفة الفئران» تجتاح 11 مدينة حول العالم    شرطة الرياض تقبض على مقيم لمخالفته نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    3 أهداف تتنافس على الأجمل في الجولة ال18 من مسابقة دوري روشن للمحترفين    على هوامش القول.. ومهرجان الدرعية للرواية    هيئة الترفيه.. فن صناعة الجمال    محمد عبده.. تغريدة الفن....!    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة الشيخ دعيج إبراهيم الصباح    القيادة تُعزي رئيس ألمانيا في وفاة الرئيس السابق هورست كولر    أمير تبوك يواسي أسرتي الطويان والصالح    الأسرة في القرآن    تفسير الأحلام والمبشرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الدومينو" النووي : إيران حلقة ثالثة ؟
نشر في الحياة يوم 27 - 07 - 1998

أثبتت "نظرية الدومينو"، في الأشهر الأخيرة، انها تملك مجالين للتطبيق: الاقتصاد والأمن. فقد أدت الأزمة التي اندلعت في تايلندا الى اصابة البلدان الآسيوية الأخرى بالعدوى. وبدا ان ذلك هو الثمن لانفتاح اقتصاديات المنطقة على بعضها البعض وعلى العالم. انهارت عملة وطنية فتبعتها الأخرى فالثالثة ولم تنفع الحدود السياسية في منع انتشار بقعة الزيت. وبعد حوالي أقل من سنة، وفي غضون اسبوعين، عاشت آسيا ما يزيد على عشرة تفجيرات نووية. بدأت الهند فكان لا بد لباكستان ان ترد. وبما أن الترسانة الهندية تشكل جواباً، ولو متأخراً، على الصينية، وهذه جواب على "السوفياتية"، والأخيرة على الأميركية فإن هذه السلسلة تكاد تكون تنفيذاً مدرسياً لنظرية الدومينو.
لقد فجرت الهند قنابلها على بعد أقل من 80 كلم من الحدود مع باكستان. واختارت هذه منطقة تبعد 30 كلم عن الحدود الايرانية لاجراء تجاربها. فهل تقدم هذه المعطيات الجغرافية إشارة الى اسم الدولة التالية؟
ان "الدومينو" نسف للسياسة الأميركية والدولية؟ الرسمية القاضية بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل. فليس سراً ان واشنطن تريد اقفال النادي النووي على اعضائه الخمسة المعروفين وتسعى الى محاصرة أنواع أخرى من الأسلحة. وقد تعرض هذه التوجه الى انتكاسة بفعل التجارب الفرنسية والصينية. غير أن انضمام باريس وبكين، لاحقاً، الى معاهدة حظر التجارب بدا وكأنه اقفل الملف نهائياً الى أن جاءت نيودلهي فاسلام آباد وفتحتاه.
ولقد بات في وسع الدولتين الأخيرتين التفكير بالانضمام الى المعاهدة المشار اليها. فالعلماء فيهما يقولون انهم جمعوا المعلومات الكافية التي توفر لهما امكانية اجراء تجارب مختبرية على الكمبيوتر من دون الاضطرار الى تفجيرات حقيقية. ويعني ذلك، عملياً، استمرار سباق التسلح مع المخاطر التي يثيرها والتي تدفع كل من يشعر بالتهديد الى امتلاك قوة رادعة.
ومن اللافت ان اسرائيل، وهي باعتراف الجميع، ما عدا المسؤولين فيها، دولة نووية قوية، تثير ضجة كبيرة حول احتمال امتلاك ايران لهذا السلاح. لا بل سبق لصحف اسرائيلية ان اعلنت قبل شهرين ان ايران باتت تملك أربع قنابل، اشترتها من "جمهورية اسلامية سوفياتية سابقاً". وقد استدعت هذه المزاعم نفياً روسياً وأميركياً معززاً بالوقائع وحاسماً لجهة تأكيد"ان كل شيء في مكانه".
لقد أطلقت هذه الاشاعة عشية زيارة نائب الرئيس الأميركي آل غور الى اسرائيل. وكان القصد منها الضغط عليه ليثير القضية مع الروس خصوصاً أنه يترأس الفريق الأميركي المكلف بهذا الملف. والطلب الاسرائيلي في هذا المجال واضح وهو كناية عن ضرورة فرض عقوبات على موسكو وربما بكين بسبب ما يقال عن مساعدتها ايران في مجال تكنولوجيا الصواريخ والطاقة النووية المدنية. وإذا كان الأمر الثاني علنيا ومعروفاً فإن بوريس يلتسن أوضح، غير مرة، ان المنشآت الايرانية خاضعة كلها لمراقبة وكالة الطاقة الذرية الدولية، وهو الأمر الذي ترفض اسرائيل الخضوع له.
ويتحرك أصدقاء اسرائيل في الكونغرس الأميركي في هذا الاتجاه خلافاً لرأي الإدارة. ولقد قدم الجمهوري النيويوركي بنيامين غيلمان اقتراحاً بفرض عقوبات على كل من يعتبره الرئيس الأميركي متورطاً بنقل تكنولوجيا عسكرية إلى طهران. وزاود عليه كورت ويلدون، وهو جمهوري أيضاً، بأن طالب بزيادة موازنة الدفاع من أجل تأمين الحماية ضد الصواريخ التي تطورها إيران.
ويوزع اصدقاء اسرائيل الأميركيون لوائح بالشركات الروسية المتهمة وهي "وكالة الفضاء" الرسمية، وشركة الأسلحة روزفوروجيني، وبوليوس، ومؤسسة بومن، الخ... ويذكرون انه في حدود العام 2001 سيكون بوسع طهران نشر صواريخ تحمل رؤوساً نووية وهم يفسرون بذلك الرغبة التي تبديها ايران لرفع أسعار النفط!
أما لائحة العقوبات المقترحة فهي وقف الدعم المادي لوكالة الفضاء الروسية، وقطع الأمداد عن محطة مير، ووقف المشاركة الروسية مع أوروبا واليابان والولايات المتحدة في تطوير محطات فضائية.
والواضح ان "الأكثرية الآلية في الكونغرس تميل الى لي ذراع الإدارة في هذا المجال وذلك على رغم الجهود" التي تبذلها هذه من أجل تنفيذ سياستها المعروفة والمتشددة.
وتبني الإدارة الأميركية موقفها حيال البرنامج النووي الايراني على معطيات أكثر دقة. ويفيد تقرير شبه رسمي ان هذه المعطيات هي الآتية:
1- ان البرنامج النووي الايراني سابق للثورة الاسلامية وقد أوقف في خلال الحرب مع العراق واستؤنف في 1989.
2- ان الطاقات الايرانية غير كافية ولا بد من رفدها بدعم خارجي. ولقد نجحت السياسة الأميركية في تطويق ذلك الى حد بعيد، لذا فإن البرنامج "بدائي" علماً بأن النيات طموحة لدى حكام طهران.
3- تقديرات المخابرات المركزية الأميركية تفيد ان ايران قد تكون قادرة على انتاج سلاح نووي في خلال 8 إلى 10 سنوات.
وعند التطرق الى عدم التطابق بين الطموحات والانجازات يشير التقرير الى الثغرات الآتية:
- وجود مشكلة لدى الايرانيين في تطوير الصواريخ البالستية الدقيقة التي لا معنى للسلاح النووي من دونها. صحيح أن كوريا الشمالية قدمت مساعدات لكنها تعود، تقنياً، الى الأربعينات ولذا فلا مخاطر كبيرة.
- لا تملك طهران البنية التحتية لانتاج مواد انشطارية.
- ان المسافة شاسعة بين امتلاك مواد وبين تحويلها الى أسلحة قابلة للاستخدام.
ويخلص التقرير الى استعراض التجربة الأميركية في السنوات الأخيرة ليقول انها كانت ناجحة اجمالاً في عرقلة انتشار الأسلحة النووية ولو أنها لم تمنع ذلك تماماً. وهو يعترف بأن أفضل السبل المتبعة هو اقناع الدول المعنية بالتخلي، طوعاً، عن هذا الخيار البرازيل، الارجنتين، جنوب افريقيا، الخ. والا فإن المطلوب خوض مواجهات واتخاذ اجراءات يقدم المثال العراقي نموذجاً عنها.
إذا كان المسؤولون الأميركيون يستندون الى هذه المقومات لرسم سياستهم حيال ايران ومن يساعدها تكنولوجياً وعسكرياً، فإنهم لا يقللون من مخاطر "الطموح" الايراني وانما يضعون سياسة طويلة النفس بعض الشيء من أجل محاصرته. غير أن ذلك كان صحيحاً قبل الخطوتين الهندية والباكستانية وما أظهرتاه من وجود ثغرات فاضحة في غير مجال. فعلى الصعيد الاستخباراتي لم تنجح واشنطن في الاستباق، وعلى صعيد الحظر لم تنجح في قطع الامداد الروسي أو الصيني، وعلى صعيد العقوبات لم تنجح في تحويلها الى عنصر رادع.
ثم جاءت التفجيرات الأخيرة لتضيف عنصراً جديداً الى المشهد العام. وهذا هو معنى التركيز على أن القنبلة الباكستانية هي، في الجوهر، "قنبلة اسلامية"، وان العلاقات بين اسلام آباد وطهران قد تأخذ، ان لم تكن أخذت بعد، طابعاً نووياً.
وإذا كان بنيامين نتانياهو تعمد في زيارة الصين وفي محطته في طشقند اثارة هذا الموضوع فإنه فعل ذلك في سياق الجهد المعروف لتسليط الضوء على "الخطر الوجودي" الذي تتعرض له اسرائيل والذي يمنعها من أي إعادة انتشار واسعة في الضفة الغربية. غير أن الأميركيين لم يبالغوا بهذه المخاوف. انهم يعرفون ان جديداً طرأ لكنهم لا يملكون حياله إلا السياسة التي اثبتت فشلها حتى الآن: العقوبات. ولذلك فإنه ليس من المستبعد ان تقوى لديهم الأصوات القائلة بأن قطع طريق السلاح النووي على ايران يكون بالحوار وليس بوسيلة أخرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.