كانت أديس ابابا خلال الأيام الماضية محطة رئيسية للقاء المعارضين السودانيين والمسؤولين في حكومة الخرطوم. فقبل أن تهدأ عاصفة المعلومات التي ترددت عن لقاء زعيم حزبي بارز بمسؤول حكومي كبير في أديس ابابا ترددت معلومات أخرى عن زيارة اللواء الفاتح عروة ولقائه عدداً من المسؤولين الاثيوبيين، في مقدمهم الرئيس ملس زيناوي. واعتبرت الزيارة فاتحة مرحلة جديدة قد تعود بالعلاقات بين البلدين الى طبيعتها. ثم وصل الى اديس أبابا عثمان الميرغني رئيس التجمع الوطني المعارض زعيم الحزب الاتحادي الديموقراطي، حيث التقى كبار المسؤولين، ووصفت زيارته بأنها "لكنس آثار زيارة عروه". وتقول أوساط اثيوبية ان العلاقة بين الخرطومواديس أبابا خصوصاً بعد احداث الكرمك وصلت الى طريق مسدود وزادت في تدهورها الحملات الاعلامية بينهما. وظهرت مخاوف من احتمال لجوء كل طرف الى الدعم العلني لمعارضي الطرف الآخر. وبدا وكأن البلدين يسيران نحو منعطف خطير يؤدي الى عدم استقرار حتمي في منطقة القرن الافريقي لكن زيارة "صديق" اثيوبيا اللواء عروه التي رافقتها ضجة اعلامية كبيرة على رغم ما رسم لها من خصوصية وسرية أحدثت انفراجاً وتفاؤلاً، الأمر الذي ينم عن رغبة فعلية للبلدين في تهدئة الأوضاع، ان لم تكن اعادتها الى طبيعتها السابقة، وفي هذا الاطار يمكن فهم تصريحات السفير السوداني في اديس ابابا ل "الوسط" التي كشف فيها عن لقاء متوقع بين الرئيسين البشير وزيناوي الشهر المقبل في هراري عاصمة زيمبابوي، وأن ترتيبات هذه الزيارة تجري على قدم وساق. وأضاف السفير عثمان السيد ان لدى الطرفين "رغبة في تجاوز الخلافات الطارئة". وعلى رغم هذه التصريحات المتفائلة فإن الزيارات المعاكسة التي تقوم بها المعارضة لأديس أبابا تعطي انطباعاً بأن مسألة اعادة العلاقات لا تزال في مرحلة الشد والجذب. فزيارة الميرغني هدفت الى طمأنة الاثيوبيين وبقية دول القرن الافريقي الى تماسك "التجمع الوطني" المعارض، والى التشكيك بمفاعيل اتفاقية السلام الأخيرة التي وقعتها الخرطوم مع فصائل جنوبية معارضة، ليس بينها فصيل جون قرنق، حيث ان "التجمع" يعتبر هذه الاتفاقية "مسرحية سيئة الاخراج". واعتبرت مصادر افريقية ان زيارة الميرغني هدفت ايضاً الى تعزيز دور "التجمع الوطني" وتأكيد تأثيره على تطور الأحداث في منطقة القرن الافريقي وقدرة المعارضة على احكام سيطرتها على حدود السودان وتشكيلها سياجاً حدودياً يعزل قوات الحكومة السودانية فيجعلها من دون تأثير على الدول المجاورة، ومنها اثيوبيا واريتريا واوغندا وزائير.