تتأرجح "قضية ميكونوس" بين التصعيد والاحتواء، وخلافاً للتوقعات الأولى بإمكان تدهور الأمور اتسم تعامل الجانبين الايراني والأوروبي بالاتزان، بسبب رغبتهما في عدم خروج الأزمة من زمام السيطرة والتحول الى مجابهة ديبلوماسية أو اقتصادية، أو حتى أمنية، الأمر الذي يتعارض مع شبكة واسعة من المصالح والعلاقات الاقتصادية. وينطبق هذا الواضع بشدة على الطرف الأوروبي المعني مباشرة، أي ألمانيا، وبدرجات متفاوتة على النهج الذي اتبعته غالبية الدول الأوروبية الأخرى في علاقاتها مع ايران خلال السنوات الماضية. وباستثناء بريطانيا، التي اعتمدت تقليدياً سياسة أكثر تجانساً مع السياسة الأميركية حيال مسألة العلاقة مع طهران واكتفت بالاحتفاظ بحدّ أدنى من الروابط الديبلوماسية الشكلية، فيما ظل شبح قضية الفتوى التي أصدرها الامام الخميني في حق الكاتب البريطاني الهندي الأصل سلمان رشدي يخيّم على أي محاولة لتطوير العلاقات بين لندنوطهران ويحول دون نجاحها، فإنّ السياسة الأوروبية عموماً ظلت قائمة على ضرورة عدم عزل ايران ديبلوماسياً والتعامل معها اقتصادياً والتنسيق معها امنياً عند الضرورة. وشكلت هذه المرتكزات الثلاثة للسياسة الأوروبية التي كانت ألمانيا في طليعة الداعين اليها والمتمسكين بها، التطبيق العملي للنهج الذي عرف باسم "الحوار النقدي" بين أوروبا وطهران، والذي اعتبر بمثابة النقيض النظري لاستراتيجية "الاحتواء المزدوج" التي اطلقتها الولاياتالمتحدة واعتمدتها مع كل من ايرانوالعراق منذ مطلع التسعينات. ويعتبر كثيرون ان "قضية ميكونوس" وذيولها "نكسة كبيرة" للطروحات الأوروبية ولسياسة "الحوار النقدي". وكان طبيعياً ان تسارع مصادر الادارة الأميركية بالذات الى ابداء هذا الرأي ووصف الأزمة بپ"الدليل على صحة موقف الولاياتالمتحدة" المتمثّل في "قطع أي حوار سياسي مع طهران باعتبار انه سيكون عقيماً طالما ظلّت هذه الأخيرة تدعم الارهاب"، والامتناع عن التعامل الاقتصادي والتجاري معها تجاوباً مع "قانون داماتو" الذي أقره الكونغرس قبل أشهر وحظر على الشركات العالمية مثل هذا التعامل تحت طائلة عقوبات تنص عليها القوانين الأميركية، وصولاً الى التزام الأوروبيين سياسة "الاحتواء المزدوج" التي تحبذها واشنطن، وتحويلها من مجرد سياسة أميركية الى سياسة غربية عامة حيال العراقوايران على حد سواء. لكن مصادر الاتحاد الأوروبي تنفي بشدة ان يكون لدى دوله، بما في ذلك ألمانيا نفسها، أي نيّة في تصعيد الخلاف مع طهران، أو جعل "قضية ميكونوس" ومضاعفاتها مدخلاً الى تبني الاتحاد مثل هذه السياسة. وتقرّ ضمناً بأن "أوروبا كانت في غنى عن هذه الأزمة الطارئة، لكنّ حيثيات القضية جعلت لزاماً على القضاء الألماني اصدار ادانة للقيادة الايرانية بالشكل الذي صدرت فيه". أمّآ في ما يتعلق بموقف الدول الأوروبية الأخرى، فتقول ان "قرار سحب السفراء الأوروبيين من طهران كان أقل ما يمكن لأعضاء الاتحاد ان يقوموا به اعراباً عن تضامنهم مع ألمانيا وتعبيراً عن وجود سياسة أوروبية خارجية تتسم بحدّ أدنى من الانسجام والتنسيق". ويبدو ان المعادلة المرجحة في ميزان الاحتمالات تنطلق من "متابعة تطور الموقف الايراني والرد على خطواته بالتدريج". فطالما ظلّ هذا الموقف ضمن نطاق الردود السياسية والاعلامية، سيظل الموقف الأوروبي المقابل موازياً ومساوياً له من حيث درجة التصعيد. واذا ما وصلت الردود الايرانية الى النطاقين الاقتصادي والتجاري، فإن أوروبا سترد عليها بالمثل، علماً أنّ غالبية دولها لا تزال تأمل في تجنّب الحاجة الى عقوبات اقتصادية مع ايران على غرار ما حصل مع كل من العراق وليبيا لأنّ المصالح الاقتصادية الأوروبية سيلحق بها الضرر أيضاً. اما المفصل الرئيسي في التصعيد فسيكون "العامل الأمني". وتشدد المصادر الأوروبية على ان الكرة الأمنية في الملعب الايراني. فاذا تجنبت طهران الأعمال التي تمسّ بأمن الدول الأوروبية ومصالحها وسلامة رعاياها، فإنّ أوروبا ستكون مستعدة لتجاوز الأزمة الحالية والعودة تدريجاً الى التعامل الايجابي معها. امّا اذا لجأت ايران الى أسلوب مغاير شبيه بممارساتها في الثمانينات، سواء عن طريق اجهزتها مباشرة أم من خلال أطراف وتنظيمات تعمل بالوكالة عنها، فإن الأوروبيين لن يجدوا خياراً آخر أمامهم سوى الانضمام الى الولاياتالمتحدة واعتماد سياستها في التعامل مع طهران باعتبارها "دولة داعمة للارهاب ومصدر تهديد أمني واستراتيجي للاستقرار والسلام في المنطقة والعالم". وهذا ما سيعني تأييد الخطوات الأميركية الهادفة الى عزل ايران ومقاطعتها تماماً. ترددت تساؤلات في طهران عن سرّ التزامن بين اعلان محكمة برلين الفيديرالية حكمها في قضية ميكونوس ووصول عملية السلام في الشرق الاوسط الى طريق مسدود. فعلى رغم انقضاء سنوات عدة على حادث مطعم ميكونوس في ايلول سبتمبر 1992 عندما قُتل زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني السابق صادق شرفكندي وثلاثة من مرافقيه اثناء محاولتهم اجراء حوار مع الحكومة للعودة الى ايران. واللافت ان حكم المحكمة الالمانية صدر فيما كان رئيس مجلس الشورى الاسلامي علي اكبر ناطق نوري يجري في موسكو محادثات مهمة حول عملية احلال روسيا محل المانيا وغيرها من دول الاتحاد الاوروبي في عملية البناء والمشاريع الاقتصادية الكبرى بينما يطير مساعد وزير الخارجية علاء الدين بروجردي الى بكين لانتزاع تأييد صيني على شاكلة الروسي لايران في ظروف ازمة ميكونوس الأخيرة. وبرز التشدد الايراني الرسمي في الازمة في اعقاب جدل داخلي كشف عن تعزيز دور المتشددين بعد انحسار نفوذهم وانضمام قافلة من المحافظين الى دعوات الرد بقوة على المانيا ودول الاتحاد الاوروبي. واشارت اتجاهات الرأي العام الى ان ازمة ميكونوس دفعت بالمتشددين مرة اخرى الى الواجهة بعدما فقدوا مواقعهم الرئيسية في الحكومة وفي البرلمان منذ الانتخابات التشريعية العام 1992. وصار واضحاً ان حكومة الرئيس هاشمي رفسنجاني واجهت انتقادات انصار اليسار الديني العائد هذه الأيام الى الحياة السياسية، عن جدوى الاندماج مع المجتمع الدولي بالمعايير الغربية، والدخول في حوار نقدي حرج مع الاتحاد الاوروبي، وما اسماه انصار هذا الجناح ب "تراضي" الخارجية الايرانية في مسائل عدة طرحت في الفترات الماضية من الحوار الايراني - الاوروبي خصوصاً في شأن قضية سلمان رشدي. وتناولت صحيفة "سلام" لسان حال تجمع علماء الدين المناضلين "روحانيون" بوضوح قضية رشدي ومطالبة الاتحاد الاوروبي ان تقدم ايران تعهداً خطياً انها لن ترسل فرق كوماندوس لقتل كاتب "آيات شيطانية" ما دامت تنأى بنفسها عن فتوى الامام الخميني التاريخية باهدار دمه على رغم انها تصر على عدم قدرتها على الغاء الفتوى. وبعدما كان الحوار الاقتصادي خطا خطوات الى امام راج في طهران ان وزير الخارجية علي اكبر ولايتي سيقدم الالتزام الخطي، ما دفع ب "سلام" وصحيفة "جمهوري اسلامي" المتشددة والداعمة في الوقت نفسه السلطة، ورفسنجاني، الى شن حملة انتقادات واسعة على السياسة الخارجية الايرانية، فيما اكد ولايتي ان مثل هذا الالتزام الخطي لن يقدم للاتحاد الاوروبي كونه ينطوي على "جرح للكرامة والعزة وباقي اصول السياسة الخارجية الايرانية". وكررت اوساط اليسار انتقاداتها وهي تفسر رد فعل ايران الرسمي على ازمة ميكونوس، معتبرة انه ليس على المستوى المطلوب و"غير مقبول". بينما قال المتشددون ان الموقف الرسمي استدعاء السفير الايراني في بون وابعاد اربعة ديبلوماسيين المان رداً على موقف الماني مماثل مطلوب لكنه غير كافٍ. وفي الاتجاه نفسه لم تنس قيادات المتشددين التقليديين نبش الماضي واخراج اوراق ملف الرهائن الاميركيين والغربيين في لبنان، والتذكير بالدور الايراني الرسمي الذي ساهم في انهاء الملف، لتأكيد ان رغبة ايران في الاندماج مع العلاقات الدولية الراهنة كانت خطأ، لافتين الى ما شهدته ايران في تلك المرحلة من شروط ومطالب اميركية وغربية يتم فيها التصفيق بيد واحدة عبر الحاق الهزيمة بمعارضي نهج الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي رفع لواءه رفسنجاني في ظروف ما بعد الحرب العراقية - الايرانية، هذا الكلام الذي ظل يردده انصار المتشددين ربما يكون راق لتيار في الجناح المحافظ رأى ان "صدمة" ميكونوس التي طاولت أعلى قمة في القيادة الايرانية دفعت الى تشدد يطغى حتى على المحافظين عشية الانتخابات الرئاسية في الشهر المقبل، ويعزز الاصوات لمصلحة مرشح يعارض التوجه نحو الغرب كخيار مهم في علاقات ايران الخارجية. وتلفت اوساط كثيرة الى الرغبة الايرانية الواضحة، في احتواء الازمة وتجنب التصعيد، في وقت كان من المفترض ان تضغط طريقة الاعلان عن توجيه الاتهام الى الزعماء الايرانيين بالتورط في حادث ميكونوس، اضافة الى "بارومتر" الشارع الايراني المتأثر بمحركي الرأي العام وامكاناتهم الكبيرة، على الموقف الرسمي ليتشدد تجاه المانيا وشريكاتها الاوروبيات. ففي اليوم الذي اصدرت محكمة برلين حكمها المعروف والذي توقعته طهران، أثار غضب ايران ان الخارجية الالمانية لم تكتف بالاعتماد على "قرار غير عادل"، وانما استدعت السفير الايراني في بون حسين موسويان لتبلغه أمر ابعاد أربعة من الديبلوماسيين الايرانيين قبل ان تستدعي سفيرها في طهران وطلب مساعد وزير الخارجية الالمانية باسم حكومته ان تتجنب طهران "التصعيد"، على حد تعبيره، ولا ترفع وتيرة الازمة مع بون التي قال وزير الخارجية كلاوس كينكل انها تشاورت مع شركائها في الاتحاد الاوروبي لسحب سفرائها من طهران. الى هنا، كما هو واضح، فان طهران اكتفت بالرد على بون بالمثل رافضة الصيغة الالمانية. وقال وزير الخارجية الايراني علي اكبر ولايتي ان ايران "لن تساوم على الاصول والمبادئ، والعلاقات مع المانيا او غيرها يجب ان تكون متكافئة ومتوازنة". ولكن كيف سيكون عليه الوضع في طهران بعدما نظم غاضبون انطلقوا نحو السفارة الالمانية وهددوا بتفجير انفسهم عليها في حال استمرار الازمة وتفاقهما، وطالبوا باعتذار رسمي من بون لطهران. الرئيس رفسنجاني حاول التهدئة مشيراً الى ان موقع المانيا التاريخي في ايران سيضعف. ووصف ما يجري بسحابة تنقشع بعد ذهاب صوت الرعد منها، وربط بين عملية السلام في الشرق الأوسط التي اعلنت واشنطن انها وصلت الى طريق مسدود في اليوم نفسه لصدور قرار محكمة ميكونوس، وقال رفسنجاني ان القرار "حطم قلوب الملايين" مشيراً الى ان ايران تملك خيارات عدة، وان المانيا ستخسر موقعها المتميز في ايران الذي يرجع الى قرن كامل من العلاقات التاريخية. وبعد خطاب رفسنجاني خلال صلاة الجمعة بعد قرار محكمة ميكونوس اعلنت الخارجية الايرانية ان طهران تعتبر موقف المانيا ودول الاتحاد الاوروبي استند الى قرار محكمة متأثر بافادات عناصر ارهابية مطلوبة للعدالة وملاحقة من الشرطة الدولية. ومن الطبيعي ان يشعر الشارع الايراني بازدواجية في التعامل في ما يتعلق بالمعارضة الايرانية التي تشدد ايران على انها"ارهابية مارست قتلاً وتفجيراً وخطفاً للطائرات"، وهي الآن تقيم قواعدها في المانيا وباقي الدول الاوروبية واميركا وتحصل على دعم سياسي ومالي، ومن ثم تكون الشاهد لادانة ايران. وقالت الخارجية الايرانية انها تقدمت بطلب عن معلومات مؤكدة ووثائق لكشف الحقائق وتوضيح براءة ايران، لكن المحكمة لم ترد بالايجاب، الأمر الذي يسمح لطهران بأن تكرر ان المحاكمة لم تكن عادلة وانها انطوت على "اهداف سياسية خاصة من الصهاينة واميركا"، كما قال رفسنجاني الذي كشف عن صفقة سياسية عرضها "سماسرة معروفون" تجولوا في عواصم معينة وزاروا طهران بحثاً عن معلومات ايرانية عن مصير الطيار الاسرائيلي رون أزاد في مقابل اغلاق ملف ميكونوس قبل اصدار الحكم النهائي، وهوما يفسر طول الفترة الزمنية التي سبقت اصداره بعد نحو خمس سنوات. وهناك سابقة في الضغوط الاميركية والاسرائيلية على المانيا في شأن علاقاتها المتميزة تمثلت في توقف شركة سيمنس الالمانية عن اكمال محطة بوشهر النووية على رغم انها انجزت منها اكثر من 80 في المئة، بسبب تلك الضغوط. وتطالب طهران بتعويضات تقدر بحوالى 28 مليار مارك، كواحد من اساليب الضغط في الأوراق المتوافرة بيدها لمواجهة تطورات الازمة الأخيرة. وقد طالب البرلمان الذي يسيطر عليه المحافظون بالبدء فوراً في الاجراءات القانونية للمطالبة بتلك التعويضات. وفي هذه الاوراق، تثار ايضاً مسألة تزويد المانياالعراق بأسلحة كيماوية وقطع غيار صواريخ استخدمها على نطاق واسع ضد ايران. وقام نواب كردستان - اقليم ضحايا عملية ميكونوس - بتقديم رسالة شديدة الى رفسنجاني طالبوا فيها بقطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع المانيا والعمل على محاكمة المسؤولين الالمان المتورطين في الملف الكيماوي باعتبارهم "مجرمي حرب". وأشار بيان نواب الكردستان الايراني الى مجزرة حلبجة في شمال العراق وقالوا ان موقفاً ايرانياً متسامحاً مع المانيا مرفوض ويجب الأخذ بسياسة أكثر تشدداً في الازمة الراهنة. رفسنجاني يضبط الشارع اما التظاهرات الشعبية، فانها تواصلت الى درجة ان مئات عدة من الطلبة حاولوا اقتحام السفارة الالمانية، لكن القوات الخاصة التي تفرض طوقاً امنياً على السفارة تصدت لهم في خطوة تشير الى حرص طهران على ان لا تتسع دائرة ازمتها مع بون، وان تبطئ تظاهرات الغضب في حدود التنديد لئلا تعطي الذريعة للتصعيد في ضوء تقييم الموقف الايراني المقرر في اجتماع دول الاتحاد الاوروبي في 26 الشهر الجاري. واكدت مصادر مطلعة ل "الوسط" ان رفسنجاني غير مرتاح لمحاولات "الطلبة الثوريين" اقتحام السفارة الالمانية وانه ملتزم توفير الحماية للرعايا الالمان والعاملين في 170 شركة المانية ما زالت تعمل في ايران. وتبين خارطة العلاقات الاقتصادية والجارية بين المانياوايران ان حجم التبادل التجاري ناهز الملياري دولار خلال الاشهر القليلة الماضية في وقت وصلت فيه معدلات التبادل التجاري بينهما الى 5 مليارات دولار قبل العام 1992، لكن هذا الرقم تراجع لأسباب سياسية وتستورد المانيا نحو 600 مليون دولار في العام من السجاد والفستق. ويرى اتحاد غرف التجارة والصناعات الالمانية انه يتعين على رجال الأعمال الالمان الابقاء على علاقاتهم مع نظرائهم الايرانيين على رغم ظروف الازمة الراهنة. وعلى اية حال فان المانيا الشريك التجاري الأول لايران ستتضرر اذا اتجهت الاخيرة بالفعل الى بُدلاء جدد. وحتى في العلاقات الايرانية - الاوروبية، ومستوى التبادل التجاري بين الجانبين، فان رئيس البرلمان الايراني علي اكبر ناطق نوري اشار الى خطأ هذا الاعتماد الايراني على القطب الاوروبي في مواجهة الهيمنة الاميركية وقانون داماتو لفرض عزلة دولية على ايران. وقال نوري العائد من زيارة موسكو ان السياسة الايرانية ستركز على تعزيز محاور استقطاب اخرى، مشيراً الى أهمية ايجاد تعاون مشترك بين ايران وكل من روسيا والصين والهند. واذا كانت روسيا والهند وإيران اتفقت على التعاون الاقليمي، خصوصاً في منطقة بحر قزوين والقوقاز، ويجتمع وزراء خارجيتها بشكل دوري لتعزيز التعاون الاقتصادي فان زيارة مبعوث ايراني رفيع الى بكين واجتماع مساعد وزير الخارجية الايراني علاء الدين بروجردي مع وزير الخارجية الصيني وتأكيد استمرار العمل وتعزيزه في المجالات المختلفة على رغم الضغوط الاميركية وفرت لناطق فوري التصريح بأن ايران تؤيد ايجاد اتحاد او منظمة اقليمية بين الدول الثلاث والصين. وتجد هذه الدول الاربع نفسها امام تحديات مشتركة برزت منذ سيطرة حركة "طالبان" على كابول في ايلول سبتمبر الماضي. ويبدو ان الازمة ستشهد انفراجاً، حتى وان طالت، لأن طهران تلقت تصريحات ادلى بها وزير الخارجية الالماني في شأن حتمية اللقاء الايراني - الالماني، بكثير في الايجابية، اذ قال ولايتي ان المانيا التي أثارت ملف ميكونوس قادرة على اغلاقه لتعود علاقاتها الطبيعية مع ايران. وذكر ولايتي ان السفراء الاوروبيين الذين غادروا طهران، سرعان ما سيعودون اليها وكُشف عن اتصالات اجراها سفراء بعض الدول المهمة في الاتحاد الاوروبي معه أعربوا فيها عن رغبة بلدانهم في ألا تعتبر ايران سحب تلك الدول سفراءها ممارسة غير ودية. ومهما يكن، فان ايران ارسلت اشارات من خلال ردود الفعل الرسمية والشعبية فيها مفادها ان لا علاقات اقتصادية من دون علاقات سياسية، وبدأت ذلك مع نيوزيلندا وستكرر الخطوة مع استراليا وغيرها من الدول التي تفسر طهران موقفها بأنه غير ودي. لكن مثلما قال مسؤول ايراني كبير ل "الوسط" فان الازمنة الراهنة اذا انتهت، فان ذلك لا يعني ابداً عودة العلاقات الاقتصادية المتميزة مع المانيا ودول الاتحاد الاوروبي التي ساندتها الى سابق عهدها قبل ازمة ميكونوس لسببين رئيسيين. الأول ان ايران لن تضع كل بيضها في سلة واحدة. والثاني لأن المتشددين العائدين الى الواجهة بقوة لن يرضوا بأقل من هذه السياسة