قفزت قضية السجناء المصريين في إسرائيل إلى صدارة العلاقات بين البلدين، بعدما قبضت السلطات الاسرائيلية على ثمانية مصريين بصورة مفاجئة، ووجهت اليهم اتهامات ب "التجسس لمصلحة مصر" وقدمتهم الى المحاكم العسكرية بصورة عاجلة لتصدر بحقهم احكام بالسجن لمدد تتراوح بين خمس وعشر سنوات في سرية تامة. وكان قبض على ثلاثة من هؤلاء آخر الشهر الماضي، وعلى الخمسة الآخرين في الثامن من الشهر الجاري، بينهم اثنان قالت إسرائيل انهما "كانا يحملان معدات لتصوير منشآت". وشهدت الايام الماضية اتصالات مصرية - اسرائيلية حيث طلبت وزارة الخارجية المصرية من إسرائيل تزويدها بنتائج التحقيقات معهم. وتلقى الوزير عمرو موسى تقريرين في هذا الشأن من وزارة الخارجية الاسرائيلية والسفير المصري في تل ابيب محمد بسيوني. وفيما اتهم التقرير الاسرائيلي المواطنين المصريين ب "التسلل الى داخل اسرائيل والزج بهم للقيام بأعمال تجسسية ما استدعى تقديمهم الى المحاكم العسكرية في النقب وعسقلان وايلات"، نفى مصدر مصري مسؤول ل "الوسط" هذا الاتهام، واتهم السلطات الاسرائيلية ب "استدراج ثلاثة مواطنين من سيناء الى داخل ايلات والقبض على اثنين من داخل ايلات ممن يدخلون عبر هذا المنفذ للسياحة او بحثاً عن عمل، بينما استدرج ثلاثة من لبنان". ومعروف ان اتفاقية نيسان ابريل 1982 بين مصر واسرائيل سمحت للإسرائيليين الدخول من منفذ طابا الى سيناء فقط، وللمصريين من نفس المنفذ الى ايلات فقط من دون الحصول على تأشيرة دخول مسبقة. وأوضح المصدر ان القاهرة ستجري اتصالات مع وزارة الخارجية الاسرائيلية للحصول على تفسير لما وصفه ب "أنشطة اسرائيلية ضد مصر، من بينها تكثيف عمليات التجسس في الفترة الاخيرة، والقبض على مصريين وإسناد تهم زائفة لهم بالتجسس". وتساءل عن "أسباب الاسراع بالقبض على هؤلاء وتقديمهم الى محاكم عسكرية عاجلة". وأشار الى ان هناك الكثير من المواطنين الذين يذهبون الى ايلات للعمل والعودة. وحذر المصريين من الذهاب الى هناك الآن ولفترة قادمة، مؤكداً استمرار الاتصالات حتى يتم الافراج عن المقبوض عليهم. وجاء التطور الأخير ليطرح من جديد قضية السجناء المصريين في اسرائيل. وكانت مصر تلقت، بناء على طلبها، تقريراً من الصليب الاحمر الدولي في 16 نيسان الماضي حول السجناء المصريين في إسرائيل في ضوء زيارات قامت بها بعثة من المنظمة الدولية. وكشف التقرير كذب تقرير اسرائيلي كانت مصر تلقته سلفا في هذا الشأن، الامر الذي دعا القاهرة الى اتهام وزير الخارجية الاسرائيلي السابق يهودا باراك ب "تقديم معلومات مضللة" لكن مصر رأت، بناء على طلب بيريز، تأجيل البحث في هذا الموضوع الى ما بعد الانتخابات. وذكر المسؤول المصري ل "الوسط" ان عدد المسجونين، حسب تقرير المنظمة، يبلغ 200 مصري، منهم 56 في سجن الخيام في لبنان كانت إسرائيل اختطفتهم أثناء غزوها لبنان عام 1982 ممن كانوا يعملون هناك. ولم يثبت وجود أي علاقة لهم ب "حزب الله" أو أي فصائل لبنانية اخرى. واضافة الى ذلك، هناك 88 مصرياً ألقت السلطات الاسرائيلية القبض عليهم في المياه الدولية، أثناء عملهم على زوارق صيد لبنانية بزعم انتهاك المياه الاقليمية. وكان التقرير الذي تلقته مصر من الخارجية الاسرائيلية اشار الى ان عدد السجناء المصريين في اسرائيل يبلغ الآن 15 سجيناً فقط، صدرت بحقهم احكام في قضايا تجسس ومخدرات وتعامل مع حركة المقاومة الاسلامية "حماس"، بعد تسليم اسرائيل 20 آخرين الى السلطات المصرية خلال السنوات الثلاث الماضية اثر انتهاء فترة العقوبة، كما أشار إلى أن ألفي مصري يتناوبون على المجيء إلى ايلات للعمل من دون تصاريح عمل. وعلمت "الوسط" ان التضارب بين المعلومات المصرية وتقارير المنظمة الدولية وبين التقرير الاسرائيلي في شأن الرقم الحقيقي للسجناء لفت نظر أجهزة مصرية معنية بالتعاطي مع الانشطة الاسرائيلية. ولم تستبعد هذه الاجهزة ان يكون هدف اسرائيل اغلاق مصر ملفات هؤلاء الاشخاص نهائياً واعتبارهم في عداد الموتى أو المفقودين تمهيداً لاعادة ارسالهم إلى مصر للعمل لحساب هذه الأجهزة. وفيما يتوافد على الخارجية المصرية أفراد من أسر السجناء للمطالبة بتدخل الحكومة لاعادتهم، كلف الوزير موسى كلاً من مديري الادارة القانونية السفير خير عبداللطيف ومدير ادارة إسرائيل السفير محمد الديواني بإعداد ملف السجناء في إسرائيل تمهيداً لطرح الموضوع مع الجانب الإسرائيلي قريباً. يذكر أنه لا يوجد الآن سوى اسرائيلي واحد في سجون مصر هو يوسف طحان المحكوم عليه بالاعدام في قضية تهريب مخدرات منذ اواخر الثمانينات من دون أن ينفذ فيه الحكم حتى الآن. وكان افرج عن ياريف بن حيروت في مطلع العام الجاري بعدما أمضى 7 سنوات في السجن هي فترة عقوبته، تنفيذاً لحكم قضائي صدر بحقه في قضية مماثلة.