أعاد سباق أوروبا على حلبة نور برغرينغ في المانيا الى سباقات الجائزة الكبرى نكهة الاثارة، وهي نكهة افتقدتها خلال السباقات الثلاثة الاولى في هذا الموسم، بعدما سيطر دايمون هيل على متن سيارة وليامس - رينو سيطرة مطلقة جعلته يحصد الالقاب الثلاثة الاولى من دون منافسة تذكر. والواقع ان سباق اوروبا كان حافلاً بالمفاجآت، مشحوناً بالاثارة منذ لحظة الانطلاق حتى لحظة الوصول، وهو لم يترك للمشاهدين فرصة لالتقاط انفاسهم. وقد أدى الانطلاق الى خلط أوراق السائقين والى تبديل مواقعهم بصورة دراماتيكية فتقهقر دايمون هيل من المركز الأول الى المركز الخامس وقفز دافيد كولتهارد من المركز السادس الى المركز الثاني وحذا حذوه روبنز باريتشللو فاحتل المركز الثالث بدلاً من المركز الخامس. وكان الانطلاق كارثة بالنسبة الى سائقي بينيتون - وليامس وهما الفرنسي جان أليزي الذي تدحرج من المركز الرابع الى المركز الثالث ثم خرج من السابق بعد اصطدامه مع فيرستاين في اللفة الثانية والنمسوي غيرد بيرغر الذي حرفت سيارته فوجد نفسه يتراجع من المركز الثامن الى ذيل المتسابقين. انجاز تاريخي اما السائق الكندي جاك فيلنوف فقد أتاح له ارتباك زميله دايمون هيل لحظة الاقلاع ان يحتل المركز الاول وان يوسع الفارق بينه وبين مطارديه حتى بلغ بعد 17 لفة 4.11 ثانية عن كولتهارد، و1.14 ثانية عن باربيتشللو و5.14 ثانية عن هيل و1.15 ثانية عن شوماخر و5.16 ثانية عن شوماخر. وبعدما دخل هيل ثم شوماخر الى المرأب لتبديل الاطارات ولحق بهما تباعاً سائر المتسابقين تبدلت المواقع باستثناء موقع المتصدر جاك فيلنوف فاحتل شوماخر المركز الثاني ووراءه كولتهارد وباربيتشللو وفرنتزن وهانيكن وكان هيل في المركز الحادي عشر. وراح شوماخر يضغط على فيلنوف في مطاردة محمومة ألهبت مشاعر المشاهدين وقلصت الفارق بينه وبين المتصدر الى أقل من نصف ثانية، لكن السائق الكندي صمد حتى اللحظة الاخيرة وعطل جميع المناورات التي قام بها بطل العالم في الموسمين الماضيين وانهى السباق بعد تصدره من البداية حتى النهاية محققاً انجازاً تاريخياً أتاح له ان ينضم الى نادي الكبار في سباقات فورمولا واحد. ملاحظات عامة وتعقيباً على سباق اوروبا للجائزة الكبرى يمكننا ان نسوق الملاحظات الآتية: كان أداء الكندي جيل فيلنوف بطل سباقات اندي كار الاميركية في الموسم الماضي رائعاً طوال السباق على الرغم من الضغط الشديد الذي تعرض له من شوماخر ولاسيما في النصف الثاني من السباق. وقد استطاع ان يجتاز اختبار الحديد والنار بنجاح لفت اليه الانظار، واحرز السباق في مشاركته الرابعة، علماً ان هيل فاز للمرة الاولى في مشاركته الثالثة عشرة وسينا في مشاركته السادسة عشرة وشوماخر في مشاركته الثامنة عشرة وبروست في مشاركته التاسعة عشرة ووالده جيل فيلنوف في مشاركته التاسعة عشرة أيضاً، اما اليزي فقد احرز سباقه الأول في مشاركته الحادية والتسعين. وبهذا الفوز قلص فيلنوف الفارق بينه وبين هيل في الترتيب العام الى احدى عشرة نقطة. ومن المتوقع ان يتحسن اداء فيلنوف في المراحل اللاحقة لانه سيكتسب مزيداً من الخبرة، فهل ينجز بطريقة معكوسة ما حققه السائق البريطاني نايجل مانسيل الذي احرز بطولة العالم في فورمولا واحد ثم انتقل في الموسم التالي الى سباقات اندي كار الاميركية فأحرز بطولتها ايضاً؟ وخاض مايكل شوماخر سباقاً أثبت فيه مرة اخرى على الرغم من عدم تكافؤ الامكانات، انه أفضل سائق في العالم حالياً. وكان المشاهدون يتوقعون ان يكرر انجاز العام الماضي عندما انتزع مركز الصدارة من اليزي قبل نهاية السباق بلفتين، لكنه اكتفى بالمركز الثاني. ولئن كان من السابق لاوانه التأكيد ان فيراري بدأت اللحاق جدياً من الناحية التقنية بولبامس - رينو، فمن المؤكد ان براعة شوماخر سيكون لها دور لا يستهان به في اشعال نار المنافسة على البطولة، خصوصاً اذا عاد هيل الى عادته القديمة في ارتكاب الاخطاء. أما دايمون هيل فقد تراوح اداؤه خلال هذا السباق بين الرداءة والجودة، وهو معرض لفقدان توازنه عندما يواجه بعض المتاعب والعقبات. ولعل رهان فيلنوف على الفوز ببطولة العالم هذا العام في الدرجة الاولى وشوماخر في الدرجة الثانية يعتمد على هذه النقطة بالتحديد. صحيح ان هيل استطاع ان يعوض بعض الخسائر التي لحقت به جراء انطلاقته المخيبة للأمال، فأنهى السباق رابعاً وسجل أفضل وقت للفة واحدة، وتفادى الخروج من السباق بعد اصطدامه مع السائق بيدرو دنيز، لكن مستوى ادائه لا يرقى الى مستوى السيارة التي يقود. ولابد أخيراً من الاشادة بأداء كولتهارد وبارينيشللو وخصوصاً اداء هاكيتن الذي حل ثامناً مع انه غرم مرتين مدة كل منهما 10 ثوانٍ.