مدينة سوسة في الجنوب التونسي، احتضنت أخيراً "ملتقى افريقيا الأدبي" الذي اختار مناقشة موضوع "الرواية العربية وفنّ القصّ، بين التراث والحداثة"، وشارك فيه عدد من الأدباء والنقّاد والباحثين والجامعيّين، بينهم جمال الغيطاني، حنّا مينا، واسيني الأعرج، سهيل إدريس، الطاهر وطّار، محمود طرشونة، توفيق بكّار، فخري صالح، الحبيب السالمي لنا عودة تفصيليّة إلى أعمال الندوة التي حضرها ل "الوسط" الزميل حمّوش أبو بكر... وكرّم الملتقى ستة كتّاب عرب هم: محمود المسعدي، الطيّب صالح اعتذرا عن عدم الحضور، جمال الغيطاني، سهيل ادريس، الطاهر وطّار وحنّا مينا. لكنّ هذا الأخير حظي بتكريم آخر، على حدة، إذ أقيم لقاء مع صاحب "ثلاثيّة البحر"، امتدّ على يوم ونصف وحظي بإقبال جمهور واسع أغلبه من الجامعيين والطلبة الذين جاؤوا لمناقشة أعماله والاستماع إلى شهادته وحديثه. بدأ مينه بتقديم شهادة ذاتية تناول فيها جوانب من تجربته الأدبيّة والحياتيّة بدءاً من طفولته القاسية: "الشقاء هو الذي صقل يراعتي، وما كنت في يفاعتي لأحلم بأن تكون لي يراعة أو كلمة مكتوبة. فأنا بالخطأ ولدت، وبالخطأ نشأت، وبالخطأ كتبت. ومن يدري؟ فقد أموت بالخطأ أيضاً...". وألقيت مداخلتان نقديّتان حول تجربة صاحب "الياطر": الأولى للباحث التونسي محمد الباردي، وتناولت "الرواية الحديثة وجماليّة النموذج - حنّا مينه مثالاً". أما الثانية فقدّمها أحمد الجوّة، من تونس أيضاً، وموضوعها "رواية المحاكاة عند حنّا مينه: بين التجريب والنمذجة". وانضمّ الأدباء المشاركون في "ملتقى الأدب الافريقي" إلى هذا التكريم العفوي الذي جاء بمبادرة من الجمهور. حيث ألقى جمال الغيطاني كلمة أشاد فيها بمكانة الكاتب واسهاماته في تطوير الرواية العربية. وتحدّث سهيل ادريس عن تجربته مع الكاتب باعتباره ناشر معظم أعماله "دار الآداب". أما الروائي الجزائري الطاهر وطّار، فاعتبر أن لقب "كاتب البحر" الذي خلعه النقد على مينه لا يوفيه حقّه كاملاً، فالأصحّ أنّه "سيّد البرّ والبحر في الرواية العربية". وأبدى حنا مينه سعادته بهذا الاحتفاء، لكن السعادة الأكبر كان مصدرها - بتعبيره - النقاش المطوّل مع الجمهور الذي أبدى اطلاعاً لافتاً على أعماله، وناقشه في أبسط التفاصيل المتعلّقة بالشخصيّات والأحداث. وحول البعد البيوغرافي للشخصيّات الثلاثية حدّد الكاتب: "زكريا المرسلّي كان نصف وحش ونصف انسان، وأنا كما ترون لست كذلك. وهناك من يعتقد أنّي سعيد حزّوم في "الثلاثية"، غير أنّي لا أريد أن أفضح بعد كل هذه السنين بعض الأسرار القديمة. ولكن الذي لم ينتبه إليه أحد، هو أنّي قد أكون أنا كاترين الحلوة في هذه الروايات".!