هل يمكن لمنبر ثقافي مثل "مشارف" أن يستمرّ بعد مؤسّسه؟؟ فتلك الشهريّة الصادرة من القدس وحيفا، والتي أرادها إميل حبيب جسراً بين "الداخل" و"الخارج"، بين مختلف "الدياسبورات" الفلسطينيّة والعربيّة - وما أكثرها! - حملت بصمات صاحب"المتشائل"، وعكست مشاغله وأسئلته ورهاناته وخيباته ومعاركه واعادات النظر التي كان يدعو إليها. وإذا برحيله يطرح السؤال: هل هناك مبرّر لاستمرارها؟ هل يمكن لهذا المشروع أن ينمو ويزدهر ويستمرّ بعد غياب الأب الذي ترك ظلّه مخيّماً وانسحب؟ هذا هو رهان سهام داوود التي تدير اليوم تحرير المجلّة إلى جانب غسّان زقطان، بعد أن أرست هيئة استشاريّة تضمّ: محمود درويش، أنطون شمّاس، فدوى طوقان، حنان عشراوي، علي الخليلي، ومحمود غنايم. أما ضرورة الاستمرار، فتجد مبرراتها في تلك الحاجة الملحّة، في الأراضي المحتلّة قبل 1967 وبعدها إلى وجود منبر أدبي ثقافي جامع، ينطلق من معايير فنيّة وابداعيّة ونظريّة صارمة، ويقدّم التجارب والأسماء والابداعات المعزولة عن محيطها على الساحة العربيّة. والعدد 11 يثبت أنّها جادة في ملء الفراغ: علي الخليلي يكتب عن الواقع الثقافي الفلسطيني الجديد، وفي الشعر والقصّة تتجاور أسماء طه محمود علي ووليد الفاهوم، مع وسيم الكردي، سامر خير... كما أن انقطاع التواصل في الأراضي المحتلّة، ومناطق الحكم الذاتي، مع الثقافة العربيّة، يجعل وجود "مشارف" ضرورة حيويّة، شرط أن تستمرّ بلعب دورها الديناميكي في نقل التجارب والسجالات. في العدد الأخير نقرأ نصوصاً ومقالات لأمجد ناصر، محمد بنيس، خالد المعالي، إضافة إلى حوار كان أجراه نوري الجرّاح مع بلند الحيدري. وهناك أنطولوجيا الأدب العبري، فتقدّم الشاعرة الاسرائيليّة المعروفة داليا رابيكوفيتش، راصدة مسيرتها الابداعيّة ومواقفها النقديّة من سياسة بلادها، ومترجمةً نماذج من شعرها تعريب محمد حمزة غنايم.... مع اقتراب صدور "الكرمل" من رام الله والقاهرة، نزداد قناعة بضرورة بقاء "مشارف" وتطويرها وتعزيز خصوصيّتها بحيث لا تتعارض مع شقيقتها بل تكمّلها وتغنيها.