تعقد المحكمة العسكرية العليا جلستها الثانية في 30 الشهر الجاري لمحاكمة 49 من قادة الاخوان المسلمين في التهم المنسوبة إليهم. وحسب قرار الاتهام الذي تلاه رئيس المحكمة في الجلسة الاولى، يمكن حصر الاتهامات تحت عنوان "تأسيس وادارة تنظيم محظور قانونا والعمل على تغيير نظام الحكم عن طريق التغلغل في عدد من المؤسسات". وهي الاتهامات التي نفتها الجماعة وقالت إن الهدف منها ومن المحاكمة "منع الاخوان من خوض الانتخابات المقبلة" في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وفي حين انشغلت أحزاب المعارضة في وضع اللمسات الأخيرة قبل إعلان قوائم مرشحيها للانتخابات، أعلنت شجبها لتقديم الاخوان الى محاكمة عسكرية من زاوية الحقوق الديموقراطية للقوى السياسية، وأظهرت تعاطفها مع طلب الاخوان انضمام محامين من مختلف الاتجاهات الى هيئة الدفاع عن المتهمين. على جانب آخر عكف كل من الاجهزة الرسمية المعنية، وأركان قيادة الجماعة، على وضع "تقدير موقف" لخطوة الاخوان المقبلة. هل تكتفي الجماعة "بالصبر والاستعانة بالله والاحتساب إليه" كما يقول نائب مرشدها العام مصطفى مشهور أو المتحدث الرسمي باسمها مأمون الهضيبي؟ أم أن هناك خيارات أخرى أمامها؟ وما هي مقدرتها على فعل مؤثر من هذه الخيارات وما هو أكثرها احتمالا؟ والحاصل أن التساؤل عن خطوة الاخوان المقبلة، كان دائماً مركز اهتمام دوائر الحكم قبل وبعد ثورة يوليو، عندما كانت تنتهي ما يمكن تسميته "بدورة غض الطرف". ذلك أن علاقة الاخوان مع الحكم، قياسا على التاريخ بعد نشأتهم في 1928 وحتى اليوم، كانت تمر دوما في دورتين: دورة غض الطرف عنهم من جانب الحكم وفيها يبدأ الاخوان تعاملهم مع الحكم على أمل أن يكون حاملا لتطلعاتهم، أي اقامة "الدولة الاسلامية" من خلال الحاكم الموجود. وفي اثناء الدورة هذه غالبا ما كان الحكم يسعى الى "توظيف" الاخوان في مساندة سياساته، ويغض الطرف عن تحركاتهم السياسية والسماح لرموزهم ولشخصيات قريبة منهم بالظهور والعمل الاعلاميين. وباختصار، يرى فيهم الحكم رصيدا لمواجهة القوى الاخرى من الخصوم السياسيين المشتركين. وربما يجد الحكم أن هذا "التوظيف" يرفع عنه كثيرا من الحرج أو الأذى. وفي الوقت نفسه الذي تكون عين الحكم ساهرة على تتبع ما يدور داخل كواليس الاخوان، لا يمانع هؤلاء في ممالأة الحكم والقبول بالتوظيف السياسي، بهدف كسب الوقت لبناء أو اعادة بناء التنظيم وانتشاره والتمكن من مختلف أسباب الاستقواء الفكري والسياسي والاقتصادي والتنظيمي، مع العناية بالسرية اللازمة لبعض القطاعات على الأقل، بعيدا عن عين الحكم. وعادة ما تبدأ علامات الدورة الثانية في علاقة الاخوان مع الحكم، حيث تأخذ شكل الصدام بدرجات مختلفة، بمجرد أن يحسم الحكم حالة انتظارهم جني ثمار المهادنة والمساندة و"التوظيف" ضد الخصوم المشتركين. سواء بقطع الطريق على تطلع الاخوان الى المشاركة في صنع القرار، أو على تغلغلهم في مؤسسات التمكين الذي غالبا ما كان لا يستبعد مؤسسات الامن والاقتصاد والجيش. وهي دوائر الخط الاحمر، غير المسموح بانتهاكه على أي نحو. فإن حصل الانتهاك، تقطع جهينة قول كل خطيب وتصبح كل الاحتمالات مفتوحة، خصوصاً بعد ثورة تموز يوليو. حيث يستفز مثل هذه الانتهاكات دوائر الأمن والجيش معا فتقف داعمة أي اجراء يتخذه الحكم. من فاروق الى عبدالناصر حدث ذلك أيام حكم الملك فاروق، فوقفوا معه في دورة غض الطرف ضد حزب الوفد كخصم سياسي له الغالبية في الشارع، واشتبكوا مع الوفد عندما أراد تقليم أظافر فاروق فمنحوه "البيعة والولاء على سنة الله ورسوله" حسبما جاء في الطبعة الاولى من كتاب "مذكرات الدعوة والدعاة" للشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة. وفي دورة الصدام مع الحكم، قاموا باغتيال القاضي احمد الخازندار في اذار مارس 1948، بسبب الاحكام التي أصدرها في حق اعضاء من الجماعة باشرت اعمال العنف. وبلغ الصدام ذروته باغتيالهم محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء في 28 كانون الاول ديسمبر 1948، بعد مضي عشرين يوما فقط على القرار الذي اصدره النقراشي بحل جماعة الاخوان في الثامن من الشهر نفسه بعد ثبوت تورطهم في عمليات العنف. ولما ردت الحكومة بإعدام الشيخ حسن البنا في 12 شباط فبراير 1949، حاولت الجماعة اغتيال ابراهيم عبدالهادي رئيس الوزراء في 5 آيار مايو 1949، فأصابوا بدلا عنه رئيس مجلس النواب حامد جودة من دون أن يتعرض لأذى كبير. وحدث كذلك ايضا مع حكم الرئيس جمال عبدالناصر،أثناء دورة غض الطرف 1952- 1954، عندما تصوروا إمكان المشاركة في صنع القرار نظراً الى علاقته السابقة بهم، حيث وصل غض طرف الحكم عنهم الى حد التعاون معهم - حسب مذكرات حسن أبو باشا وزير الداخلية السابق - في مجال الأمن السياسي، عندما ألحق بعض ضباط الشرطة المنتمين للجماعة، بل والمنخرطين في تنظيمها الخاص السري، بجهاز مباحث أمن الدولة، وما أن حسم الحكم أمر عدم قبول أن يكونوا شركاء له، حتى حلت دورة الصدام، فحاولوا اغتيال عبدالناصر في حادث المنشية الشهير في تشرين الاول اكتوبر 1954، بعد مرور تسعة أشهر على حل جماعة الاخوان في 15 كانون الثاني يناير 1954. ودارت الدورتان مرة أخرى وعلى نحو آخر، عندما بدأ الافراج في تموز يوليو 1956 عن اعداد من الاخوان المعتقلين لم تصدر بحقهم أحكام في 1954 الذين صنفهم الحكم "أقل خطراً". فعادوا الى اعمالهم، وأصدرت مؤسسة النشر التابعة للدولة كتب المفكر سيد قطب القيادي الاخواني البارز. وحلت دورة الصدام مرة أخرى في 1965 عندما قبض على اعداد منهم وقدموا للمحاكمة العسكرية التي أصدرت في حق بعضهم الحكم بالاعدام وأحكاماً أخرى بالسجن بتهمة إحياء تنظيم الجماعة وجمع الاسلحة لتغيير نظام الحكم بالقوة. وفي حالتي الصدام، كانت مصر والمنطقة العربية تشهدان مداً متصاعدا لحركة التحرر القومي، في غير مصلحة خطابهم السياسي، وبالتالي كانوا الطرف الأقل قوة. فيما يعني أيضا أن اختيار توقيت الصدام، كان من نصيب الحكم الذي عادة ما يؤسس حساباته في المهادنة او الصدام على تحين الفرصة المناسبة، سياسيا واجتماعيا وتنظيميا. اختراق الخط الأحمر تكرر السيناريو نفسه، وإن كان على نحو آخر، في عهد الرئيس أنور السادات عندما صدرت عنه اشارات بدء دورة غض الطرف بالافراج عن المرشد العام السابق للجماعة حسن الهضيبي في عام 1971، ثم في 1974 بالافراج عن الذين اعتقلوا في صدام 1965. وحقق نجاحا ملحوظا في "توظيف" تيار الاسلام السياسي كله خصوصاً ما أصبح يسمى منه بعد ذلك بالجماعات الاسلامية المتطرفة، في مواجهة معارضيه السياسيين من اليسار ناصريين وماركسيين. ولما حقق مكانة كبيرة داخلية وخارجية بعد خوض حرب تشرين الاول اكتوبر بنتائجها الايجابية، أفرج عمن تبقى من الاخوان المسجونين على ذمة أحكام سابقة، وغض الطرف عن نشاطات تيار الاسلام السياسي الفكرية والسياسية والتنظيمية والاعلامية. ومع أن الاشارات الاولى لدورة الصدام بدأها هذا التيار مبكرا هذه المرة حادث الفنية العسكرية 1974 ثم اختطاف واغتيال وزير الاوقاف الشيخ الدهبي 1977 على يد الجماعات التي خرجت من تحت عباءة الاخوان، إلا أنه واصل غض الطرف بسبب تصاعد معارضي القوى السياسية الاخرى، بل وحاول الاستعانة بالاخوان لتحجيم هذه الجماعات من دون ان يحقق نتيجة ايجابية. ولما حسم قرار الصدام - متأخرا - بإنذاره الشهير "لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين"، كانت الجماعات الاسلامية حققت اختراقات ملموسة في أهم دائرة من دوائر الخط الاحمر. ولم يكد يمر شهر واحد على اعتقال رموز جماعة الاخوان مع رموز أحزاب وقوى المعارضة الاخرى، في حملة 5 ايلول سبتمبر 1981، حتى اغتيل في حادث المنصة الشهير على يد عناصر من جماعة "الجهاد" في 6 تشرين الاول اكتوبر من العام نفسه. بعد غياب الرئيس السادات، تولى الرئيس حسني مبارك الحكم على أرضية سياسية اقتصادية اجتماعية وعرة. ذلك أن المجتمع كان يسوده توتر شديد. وعلى رغم ان الرئيس مبارك أخذ بالخيار الافضل وهو تخفيف حدة هذا التوتر بمصالحة وطنية، كان أبرز شواهدها استقباله رموزاً من مختلف الاتجاهات السياسية في القصر الجمهوري بعد الافراج عنهم ومن بينهم الاخوان المسلمون، إلا أن بواعث التوتر ومحركاته ظلت كامنة في علاقة تيار الاسلام السياسي بالحكم. تقاطع بين الاخوان والمتطرفين ومع أن دورة غض الطرف عن الاخوان وأنشطتهم طالت منذ 1982 وحتى الآن وهو أمر غير مسبوق، إلا أنها كانت مليئة بإشارات عدم القبول بتجاوز أي من دوائر الخط الاحمر. وزاد من تعقد هذه العلاقة، تطوران مهمان: الأول ان قوى الرفض من جماعات التطرف الجهاد والجماعة الاسلامية... طرحت ما أسمته "العودة الى الاسلام والعمل بالشريعة" و"إقامة الدولة الاسلامية" من خلال عمليات عدة لاستعراض القوة والاغتيالات التي تصاعدت على نحو بات يهدد المجتمع ككل. وقد استطاع الحكم في العامين الاخيرين محاصرتها وتفكيك كثير من قوتها الضاربة، بواسطة ضربات أمنية موجعة. غير أن المحاولة الفاشلة التي قام بها اعضاء منها مقيمون في الخارج لاغتيال الرئيس مبارك، توضح أنها لا تزال تمثل خطرا كبيرا. وتجدر الاشارة الى ان جهات أمنية صرحت لجريدة "الاهرام" 17 الجاري بتوافر معلومات لديها عن أن الاخوان "كانوا على علم بهذه المحاولة الفاشلة". واللافت للانتباه ان شيئا رسميا من هذا القبيل لم يرد في قرار الاتهام الذي تجري على أساسه المحاكمة العسكرية للاخوان. واذا كان من المعروف وجود خلافات في بعض التوجهات وفي مناهج العمل بين جماعات التطرف والارهاب وبين الاخوان، إلا أنه يوجد أيضا تدرجٌ في مواقف القيادات الاخوانية يسمح على الدوام بظهور تقاطع وتماس بينها وبين جماعات التطرف. واذا كانت نقاط الاختلاف ساهمت في اطالة دورة غض الطرف، وأكسبت الاخوان مساندة بعض دوائر في احزاب أخرى وبين العناصر المعتدلة من جمهور المسلمين، فإن نقاط التماس تشكل نقاط ضعف حقيقية لا يكفي سد فجوتها مجرد ادانة قيادات اخوانية "للعنف والعنف المضاد" ويقصدون عنف الجماعات وعنف الحكومة أو مجرد اعلانها "لقد طلقنا العنف منذ زمن". لقاء مع الاميركيين والتطور الثاني في تعقد تلك العلاقة، انه على رغم عدم الشرعية القانونية لوجود جماعة الاخوان، إلا أن غض الطرف عن دورهم السياسي كجماعة قائمة فعلا ولها تشكيلاتها ومقاصدها غير الخافية، ساهم في دخولهم "اللعبة الديموقراطية" عن طريق البرلمان 1984 و1987 حيث أداروا جزءا من معركتهم حول مسألة تطبيق الشريعة تحت شعار "الاسلام هو الحل". لكن مقاطعتهم لانتخابات 1990، وهي المقاطعة التي كبدتهم نتائج سلبية كثيرة، عززت من سعيهم الى القاء الثقل في النقابات المهنية وفي اختراق مؤسسات المجتمع والدولة. ولم يخلُ أمر بعض هذه المساعي والتحركات من ملامح استعراض القوة أحيانا والتصرف بحدة في أحيان أخرى، مما أثار في حينه كثيرا من القلق. والتساؤلات عما اذا كان المنحى الاخواني يعد بكيفية أخرى طرازاً جديداً من جهاز خاص مماثل في خطورته جهازهم الخاص الشهير في الاربعينات والخمسينات، حتى بافتراض عدم تسلحه هذه المرة؟ ويشار مثلا الى أن وزارة التعليم كشفت عن خبايا كثيرة في هذا الصدد وباشرت اجراءات معاكسة. وليس سرا - كمثال - أنهم كانوا يسيطرون بالكامل على 14 معهداً تربوياً في الصعيد لتخريج المعلمين. ويكفي كمثال آخر التدقيق في أسماء المتهمين المقدمين الى المحكمة العسكرية، ليتبين أن عددا غير قليل منهم يشغلون مناصب مهمة نقابية وتنفيذية وجامعية. ويعني ذلك كله أنهم جماعة جيدة التنظيم ومنتشرة وممولة جيدا من خلال مشاريع ومؤسسات اقتصادية ومصرفية داخلية وخارجية، من المشكوك ان تكون بعيدة عن معلومات الجهات الرسمية المعنية. ويزيد من تعقيدات تلك العلاقة ايضا، ما رشح من معلومات باتت معروفة عن تكرر لقاءات تمت بين قيادات اخوانية وبين مسؤولين في السفارة الاميركية في القاهرة، الأمر الذي فسره المراقبون بأن الهدف الأميركي هو الاطلاع المباشر على اتجاهات ما وراء الابواب. وليس سرا بأن هذه اللقاءات حظيت بالاستياء المصري الرسمي. والأرجح أن مجمل ماحصل في دورة غض الطرف الطويلة هذه المرة، سيؤثر على طبيعة أي اقتراب أو تصعيد وارد قد يتسم بأسلوب الخطوة خطوة. معركة انتخابية ضارية لقد فوجئ الاخوان بالقبض المتتالي على قيادات منهم ثم تقديمها الى المحكمة العسكرية. وأحدث ذلك ارتباكا كبيرا في صفوفهم. وسيتوقف امكان مقدرتهم على فعل مؤثر، لأي خطوة مقبلة لهم، على ما قد يستخلصونه من فهم حدود ومستقبل ما حدث، فإن استخلصوا أنها مجرد "مسألة انتخابية"، كما يصرحون بذلك حتى الآن، فإن خطوتهم المقبلة ستكون محكومة بالعمل على ثلاثة خطوط متوازية. الاول هو خط اللعبة القانونية بمترادفاتها المتنوعة، سواء الدعوى أمام القضاء الاداري للطعن في قرار الاحالة الى محكمة عسكرية، أو الاستفادة من ساحة المحكمة منبرا للدفاع السياسي وربما الاثارة السياسية، حيث أن جلسات المحاكمة مفتوحة حتى الآن على الأقل، فضلا عن الدعوى التي رفعوها باجازة وجودهم بحجة انه لا يوجد قرار رسمي بحل جمعيتهم أيام حكم الرئيس عبدالناصر. والثاني هو خط الاستقواء بالقوى السياسية الاخرى، على صورة اعادة تحريك جهود التوصل الى ما سمي "ميثاق الوفاق الوطني" التي بدأوها في أعقاب عمليات القبض على قيادات منهم ثم جمدوها بمجرد الاعلان عن المحاكمة العسكرية، أو في صور أخرى مشابهة. والخط الثالث هو الاستماتة في خوض الانتخابات حيث يعتقدون بأن أيدي غيرهم قد تكون مغلولة لأسباب داخلية أو خارجية. وليس سرا أنهم يروجون الآن عن عزمهم ترشيح عدد منهم قد يصل الى مئتي مرشح. فخوضهم المعركة الانتخابية يتم هذه المرة بدافع لا يقاوم وهو توثيق أو اعادة توثيق الشرعية من خلال العملية الانتخابية. ولا شك أن معركتهم هذه ستكون ضارية وتتسم بصعوبات ومخاطر جسيمة قد تصل الى حد ممارسات العنف أمام منافسات قوية واردة من مرشحي الحزب الوطني الحاكم. وفي هذا السياق، ربما يمكن فهم تحسب وزارة الداخلية للأمر وقيامها بحملة واسعة لمصادرة الاسلحة من يد الافراد حتى تلك التي سبق الترخيص لها. ومن غير المستبعد أن هذه المعركة الضارية التي يتصورونها "مفتاحاً" للنجاة، قد تتحول "قفلا" على باب مصيدة. أما اذا استخلصوا مما حدث وفوجئوا به أنها مسألة تقترب من حد التفكيك أو كسر العظم، حتى وإن كان على طريقة الخطوة خطوة، فأغلب الظن أن الباب سيكون مفتوحا أمام تداعيات أخرى للصدام وترتيبات للعنف. وتجدر الاشارة إلى ما يمكن تسميته بتحذير مبطن وجهه مصطفى مشهور نائب المرشد العام للاخوان واستخدم فيه كلمة العقاب تحديدا حيث علق على الاحالة الى محكمة عسكرية، فيقول: "ولا يحسب الأفراد الذين ينفذون الظلم أنهم معفون من العقاب: فكل إنسان في موقعه ساعد ولو بكلمة في هذا الظلم الذي وقع ويقع على عباد اله سيحاسبهم الله على هذه المشاركة. وإن أفلتوا من عقاب الدنيا فلن يفلتوا من عقاب الآخرة الأشد" وليست الاشارة الاخرى للمتحدث الرسمي باسم الجماعة مأمون الهضيبي الى خشيته من أن تستفز الاحداث شباب الجماعة وتقلل من قدرتها في السيطرة عليهم، غير منقطعة الصلة باستخلاصات أخرى مبطنة. ذلك أن إعلان الاخوان الذي تكرر أكثر من مرة في وقت سابق بأن جماعتهم جمعية دولية، فإن ما يواجهونه قد يفرض عليهم مهمة شاقة هي محاولة التوفيق بين استراتيجية جمعية دولية لهم فيها نصيب القيادة، وبين تطبيقات هذه الاستراتيجية محليا، بما يثيره ذلك من احتمالات تضع في اعتبارها حالة الجذر التي يواجهها تيار الاسلام السياسي في الكثير من الدول العربية الآن.. والصعوبات التي يواجهها النظام في السودان. على أي حال فإن ردود فعلهم خصوصاً بعد صدور أحكام المحكمة العسكرية وبعد نتائج خوضهم الانتخابات، على الرسالة المفتوحة التي وجهها إليهم زعيم جماعة "الجهاد" أيمن الظواهري الذي يعيش حاليا في سويسرا، والتي يحضهم فيها على "اتباع طريق الجهاد والتخلي عن مهادنة الحكومة" وإيضاحه بأن جماعته ستكون "أقرب الناس اليهم وأشد الناس لهم اعانة"، إن ردود فعلهم التي يترقبها الجميع ستكون أحد المؤشرات الدالة إلى طبيعة خطوتهم المقبلة.