أثار خبر احتمال ان يعلن الرئيس اليمين زروال عدم ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة ضجة، خصوصاً انه جاء مباشرة عقب أول ظهور اعلامي لمدير ديوان رئاسة الدولة السيد احمد اويحيى، وفي اجواء مسيرات شعبية "منظمة عفوياً" رفعت فيها صور زروال ورددت هتافات: "الجيش الشعبي معك يا زروال". ورأى مراقبون ان هذا "التسريب" يصبّ في تيار "قيادة الظل" التي تعتقد بأن دور الرئيس زروال انتهى بفشل "الحوار من دون اقصاء" الذي دعا اليه مذ كان وزيراً للدفاع، قبل تنصيبه على رأس الدولة في مطلع شباط فبراير 1994. وهذا الفشل كان زروال أعلن عنه بنفسه في خطاب 31/10/1994 الشهير. وتحاول "قيادة الظل" - باستباق الاحداث على هذا النحو - ضرب عصفورين بحجر واحد: الأول - سحب البساط من تحت أقدام أنصار زروال الذين يحاولون تشجيعه على الترشح بواسطة "المسيرات الشعبية العفوية". والملاحظ ان هناك مؤشرات تفيد بأن هؤلاء الأنصار ما انفكوا يحاولون انتزاع السلطة الفعلية من "قيادة الظل" التي تمسكها بقبضة حديدية. ومن هذه المؤشرات تعيين العقيد علي تونسي متقاعد من الأمن العسكري على رأس جهاز الشرطة على رغم تحفظات "قيادة الظل" علىه. الثاني - قطع الطريق أمام كتلة "العقد الوطني" التي تحاول التقرّب من زروال على حساب "قيادة الظل". ويأتي في هذا السياق تصريح السيد حسين آيت أحمد زعيم "جبهة القوى الاشتراكية" وأحد أقطاب الكتلة الذي أعلن انه يفضل تمديد المرحلة الانتقالية برئاسة زروال على انتخابات رئاسية تزيد في تعقيد الوضعية السياسية وافرازاتها الامنية. ومهما يكن من أمر هذه المناورات التمهيدية، فان معظم المراقبين يستبعد ألا يكون للجيش مرشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، كما يستبعد ان تكون "كتلة روما" قالت كلمتها النهائية بخصوص مقاطعة الانتخابات. وكان السيد عبدالعزيز بالخادم الرئيس السابق لمجلس النواب وعضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الوطني ان كتلة "العقد الوطني" لم تقل كلمتها النهائية في الموضوع، ما يعني ان الكتلة قد تقدم مرشحاً موحداً في حالة اصرار السلطة على تنظيم الانتخابات من دون اتفاق مسبق مع "المعارضة الفاعلة". واضافة الى الجيش وكتلة العقد الوطني هناك كتلتان أخريان على الأقل قد تدلوان بدلوهما في الرئاسات القادمة وهما: 1 - كتلة أيديولوجية سياسية تتمحور حول حركتي سعيد سعدي والهاشمي الشريف، ومن المحتمل ان ترشح احدى الشخصيات الآتية: سعيد سعدي أو رضا مالك أو عبدالحق بن حمودة. 2 - كتلة ذات نزعة جهوية الغرب الجزائري تسعى لترشيح احدى الشخصيات الآتية: عبدالعزيز بوتفليقة، العميد رشيد بن يلس، وأبو بكر بالقايد. ويفسر ظهور هذه الكتلة الجهوية باختلال التوازنات التقليدية في تقاسم السلطة، ما جعل جزءاً من نخبة الغرب الجزائري يشعر بنوع من الغبن والاحباط. وقد عبرت هذه النخبة عن نفسها في نهاية الشهر الماضي عبر محاولة تأسيس حزب ذي طابع جهوي - على غرار رابطة الشمال الايطالية - يلوح في برنامجه باقامة نظام فيديرالي.