أحدث القرار الحكومي بتعطيل صحيفة "الانباء" لمدة خمسة أيام ردود فعل متباينة في الاوساط البرلمانية والاعلامية والشعبية. وبررت الحكومة قرارها بنشر الصحيفة لقاءات مختلفة ومواضيع لا تخدم المصلحة ومن شأنها الاساءة الى روح الوحدة الوطنية وبث الفتنة والشقاق في المجتمع الكويتي. وكانت "الأنباء" بدأت منذ مطلع العام الحالي نشر سلسلة من اللقاءات مع ممثلي التكتلات السياسية الناشطة في البلاد من القوميين العرب والليبراليين والاخوان المسلمين والسلفيين ورجال الدين من الشيعة، اتسمت بالجرأة وتوجيه الانتقادات الحادة للحكومة، وكان آخر هذه اللقاءات مع الناطق الرسمي للحركة الدستورية الاسلامية الاخوان المسلمون عيسى ماجد الشاهين الذي دعا خلالها لإشهار الاحزاب وتشكيل الحكومة من غالبية شعبية منتخبة، واتهم أيضاً وزير التربية والتعليم العالي الدكتور احمد الربعي بأنه "احد ممثلي منظمة علمانية لا دينية". وعلى رغم اختلاف اتجاهاتها السياسية انتقدت الصحف الكويتية قرار تعطيل "الانباء" وطالبت بأن يكون أي قرار من هذا النوع عن طريق السلطة القضائية وبأحكام من القضاء، فيما اعلنت الصحيفة المعطلة عن موقفها من القرار من خلال صفحة كاملة في جميع الصحف الكويتية أكدت فيها ان ما نشرته من لقاءات يعكس وجهات النظر المختلفة في المجتمع الكويتي ويكرس العمل الديموقراطي في البرلمان والمنتديات العامة. ومن الاوساط البرلمانية أعاد قرار الحكومة الجدل القائم بين الحكومة ومجلس الأمة على المراسيم والاوامر الاميرية التي صدرت خلال فترة تعطيل مجلس الأمة. وقال عضو اللجنة التشريعية والقانونية في المجلس النائب مشاري العصيمي ان المادة 35 مكرر من قانون المطبوعات والنشر التي استند اليها مجلس الوزراء في قراره بتعطيل الصحيفة غير قائمة لأنها صدرت في اعقاب حل مجلس الأمة عام 1976 وألغاها المجلس في عام 1982 وأعيد احياؤها بعد تعطيل المجلس عام 1985، وكذلك ألغيت من قبل المجلس في عام 1993. فيما اكد وزير المواصلات والكهرباء والماء جاسم العون ان قرار الحكومة باستعمال المادة 35 مكرر هو من صلاحيات السلطة التنفيذية، مشيراً الى ان انتظار الحكم النهائي التمييز في شأن المراسيم الصادرة في فترة غياب مجلس الأمة يمنع الحكومة من استعمالها. من جانب آخر أصدرت جمعيات مهنية عدة ومنظمات دولية للدفاع عن الحريات بيانات حول هذا القرار. فقد اكدت جمعية الصحافيين وجمعية المحامين الكويتية حرصها وتأييدها لمبدأ حرية الصحافة وحق التعبير الذي كفله الدستور الكويتي في المادتين 35 و36، وطالبت بأن يكون مثل هذه القرارات وفقاً لأحكام قضائية. ويتوقع ان تشهد هذه القضية تطورات داخل اللجنة المختصة بشؤون الارشاد والصحافة والمجلس خصوصاً ان الحكومة أبلغت المجلس أخيراً رفضها مشروع قانون قدمه عدد من النواب بينهم رئيس المجلس أحمد السعدون في شأن حرية منح تراخيص اصدار الصحف، واصرار اعضاء اللجنة على الموافقة عليه واحالته الى المجلس للتصويت العام.