علمت "الحياة" من مصادر برلمانية وسياسية عدة ان اعضاء الحكومة الكويتية وضعوا استقالاتهم تحت تصرف ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله الصباح اثر الجلسة البرلمانية أمس والتي شهدت انتقادات حادة للحكومة طالت رئيسها. وأشارت المصادر الى ان هذا الاجراء يفتح المجال لتعديل وزاري موسع في حكومة جديدة سوف يكلّف الشيخ سعد تشكيلها، والاحتمالات الاخرى هي ان يكتفي بقبول استقالة وزراء معينين ويستبدلهم بآخرين أو ان يرفض الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح استقالة الحكومة ويأمر بحل مجلس الأمة البرلمان كما فعل في 4 أيار مايو الماضي لكن هذا مستبعد نظراً الى الظروف السياسية. وكان أمير الكويت اصدر أمس أمراً بالغاء الاجراءات التي كانت الحكومة اتخذتها ضد صحيفتي "الوطن" و"السياسة" لنشرهما مرسوماً كاذباً منسوباً الى الأمير. وحالت هذه الخطوة دون قيام أزمة كبيرة بين الحكومة والبرلمان الذي هدّد بعض نوابه بإعلان حال عدم التعاون معها إذا ما نفذت الاجراءات. واحتل موضوع القرار الحكومي بوقف "الوطن" عن الصدور لمدة عامين وبسحب ترخيص "السياسة" صدر مناقشات مجلس الأمة البرلمان أمس. ووجه النواب أكثر الانتقادات قسوة الى الحكومة. وتحدثوا عن "فوضى صدور القرارات الحكومية" وقالوا ب"عدم جدارة الحكومة بإدارة البلد". وغاب عن الجلسة رئيس الوزراء الشيخ سعد العبدالله الصباح ونائبه الأول وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد. وبدا صف الوزراء مرتبكاً وعاجزاً عن صد سيل كلمات النواب الحماسية ضدها. وكان مجلس الوزراء اتخذ قراره صباح الاثنين بعد مناقشات طويلة، اذ رأى وزراء ان نشر مرسوم مختلق منسوب الى الأمير، أرسله بالفاكس مصدر مجهول، عن زيادة رواتب العسكريين خطأ فادح يقتضي معاقبة الصحيفتين عليه. غير أن تحركات بذلها أقطاب سياسيون مثل رئيس المجلس جاسم الخرافي نجحت في تجميد القرار مساء قبل اعلانه رسمياً. وأجمع النواب أمس على بطلان حق الحكومة في الاغلاق الاداري للصحف أو سحب التراخيص، وقالوا ان المادة "35 مكرر" من قانون المطبوعات التي تعطي الحكومة هذا الحق الغيت بقرار نيابي عام 1993. ووصف النائب أحمد الربعي القرار الحكومي بأنه "قرار مجنون". وقال مخاطباً الحكومة: "من لديه أزمات يحلها في بيته ولا يصدرها إلينا. ومن يصدر قراراً كهذا فليس بإنسان رشيد". وتابع: "سنعلن عدم التعاون مع الحكومة ومع رئيس الوزراء إذا استمر الوضع هكذا". وقال النائب سامي المنيس: "هناك توجه حكومي ضد الصحافة منذ زمن بعيد، ولكن لم يحدث ان سحب ترخيص أي صحيفة منذ أربعين عاماً. ولولا حكمة صاحب السمو ورئيس المجلس جاسم الخرافي لوصلنا الى تداعيات لا آخر لها". واعتبر ان البلد "تديره الأمزجة الفردية". وطالب النواب ب"وقفة شجاعة لمواجهة ما يحدث في البلد، وعقد جلسة خاصة لمناقشة هذا الموضوع، بل اعلان عدم التعاون مع الحكومة حيال نيات القرار الذي صدر أمس". وأكد النائب أحمد السعدون "بطلان" المادة 35 مكرر التي ارتكزت الحكومة عليها في قرار التعطيل للصحف. وقال: "هذا القرار يستحق من المجلس اعلان عدم التعاون مع الحكومة من أجل انقاذ البلد، لأنها غير قادرة على إدارة البلد". واعتبر النائب وليد الطبطبائي تعطيل الصحف "ردة ضد الديموقراطية، والمادة 35 مكرر سيف مسلط على رقاب الصحف، كأن الحكومة تريد أن تكون صحفنا نسخاً من صحيفتي "صوت الكويت" و"الفجر الجديد" اللتين أصدرتهما بعد التحرير من الاحتلال العراقي. نحن مع الحرية المسؤولة للصحافة ولا رقابة عليها الا للقضاء". ولم تتمكن الحكومة من الرد على سيل الانتقادات التي شارك فيها أكثر من 30 نائباً الا بالقول ان "القرار الذي تنتقدونه غير موجود ولم يصدر". وقال وزير الدولة محمد ضيف الله شرار الذي ناله النصيب الأكبر من النقد: "لا نتمنى هذا التكلف في الطرح في موضوع لا يستحق"، في حين قال وزير الاعلام الدكتور سعد بن طفلة العجمي ان انتقادات النواب "تدور على تكهنات وليس على قرار حقيقي". وسأل النواب: "هل تريدون العنب أم الناطور"، ثم ما لبث الوزير شرار أن عاد الى القاعة قبل نهاية الجلسة ليعلن ان الأمير طلب الغاء الاجراءات ضد الصحيفتين. وكانت السلطات الأمنية احتجزت مدير التحرير في "السياسة" الزميل شوكت حكيم منذ الأحد، في اطار التحقيق في الفاكس المتضمن مرسوماً مزوراً باسم الأمير، والذي كانت الصحيفة تلقته ونشرته بحسن نية. لكن مصدراً في الصحيفة أشار مساء الى أمله في الافراج عن حكيم في غضون ساعات، اثر المبادرة الأميرية.