الجنرال الكسندر كورجاكوف هو من أكثر الشخصيات نفوذاً وتناقضاً في السياسة الروسية. ويتردد اسمه في وسائل الاعلام الروسية كمنظم رئيسي لسياسة الحكومة الروسية في شيشانيا. ومع ذلك فإنه حسب كل القوانين الروسية لا يتحمل مسؤولية أي حدث سياسي فهو مجرد رئيس لمصلحة أمن الرئيس بوريس يلتسن، أي "الحارس الأول للرئيس". وتعود صداقة كورجاكوف ويلتسن الى عشر سنوات خلت وهما لم يفترقا منذ ذلك الحين. ومنذ سنة 1985 يقوم هذا العقيد السابق في الكي. جي. بي. وجنرال الأمن الحالي بحراسة يلتسن اياً كان المنصب الذي يتولاه. ففي سنة 1987 عندما عُزل يلتسن من منصب سكرتير لجنة مدينة موسكو للحزب الشيوعي السوفياتي حذا كورجاكوف حذو رئيسه واستقال من الكي. جي. بي. وخص يلتسن في مذكراته الأخيرة حارسه بكلمات ثناء قائلاً انه ليس مجرد حارس له بل هو من أقرب وأخلص اصدقائه. منذ العام الماضي درجت العادة في روسيا على اقامة نوع من "المسابقة" بين السياسيين على النفوذ. وقال مسؤول كبير ل "الوسط": "يضحكني دائماً أن أرى كيف يأتي على اثر بوريس يلتسن الذي يتصدر دائماً قائمة "المسابقة" سياسيون آخرون: رئيس الوزراء فيكتور تشيرنوميردين ورئيس المجلس الأعلى للبرلمان فلاديمير شوميكو ووزير الدفاع بافل غراتشوف... الى آخره. فكل المراتب بعد بوريس يلتسن - من المرتبة الثانية حتى الأخيرة - يشغلها في حقيقة الأمر كورجاكوف، فهو الشخصية الرئيسية في الدولة الروسية بعد الرئيس". ولم يكن الناس يصدقون حتى الآونة الأخيرة مدى قوة كورجاكوف لكن البراهين سرعان ما ظهرت، فأصبح معروفاً مثلاً ان رئيس حرس الرئيس الروسي يعتبر نفسه خبيراً في شؤون تصدير البترول ويتجرأ على اصدار التعليمات في هذا الصدد الى النائب الأول لرئيس الحكومة اوليغ سوسكوفيتس. وقبل فترة أعلن جنرال الأمن حرباً سافرة على فلاديمير غوسينسكي رئيس مجموعة "موست" المالية الصناعية وهي من أكبر المؤسسات التجارية الروسية. ودبر العسكريون الخاضعون لسلطة الجنرال أولا عملية ضرب لحراس "موست" ثم سُلب البنك التابع للمؤسسة. وسبب عدم الود بين كورجاكوف ورجل الأعمال غوسينسكي هو ان الأخير يمول شركة التلفزيون الروسية الخاصة الوحيدة "ان. تي. في" ويؤيد رئيس بلدية موسكو يوري لوجكوف كمرشح لانتخابات الرئاسة المقبلة قادر على منافسة يلتسن. إن قوة كورجاكوف لا تكمن فقط في 10 آلاف موظف في مصلحة الأمن ابتداء من مقاتلي الفصيلة الخاصة وانتهاء بالحراس والاختصاصيين في التنصت، وانما قوية هي في قربه المباشر من "اذني" الرئيس: في البيت الصيفي وفي الكرملين وفي الشقة الرئاسية الجديدة. فكورجاكوف ويلتسن متلازمان لا يفترقان وفي هذا قوة الحارس الأول وضعفه.