تدور في روسيا حالياً حرب طاحنة بين محطتين تلفزيونيتين على خلفية صراع سياسي تورط فيه اثنان من كبار الأثرياء اليهود. وانعكس ذلك الصراع على سدة الرئاسة، واستفاد من خلاله المواطنون بالاطلاع على "الغسيل الوسخ" للأطراف المعنية. "الحرب التلفزيونية" التي اندلعت بين أكبر قناتين في روسيا، أثارت مخاوف من احتمال اتساع نطاقها. وطلب رئيس الوزراء سيرغي ستيباشين "الكف عن تبادل الصفعات" في بلد مليء بالمشاكل، بينما ذكر سلفه فيكتور تشيرنوميردين ان "يهوديين اشتبكا وكتب على البلد كله أن يتابع المهزلة". ويقصد رئيس الوزراء السابق ان الحرب بدأت بين قناة "ان تي في" التي يملكها رئيس المؤتمر القومي اليهودي فلاديمير غوسينسكي صاحب مؤسسة "لاست ميديا" الاعلامية الكبرى، وبين قناة "او ار كي" التي تملك الدولة نصف الأسهم فيها. إلا أن الكلمة الطولى في "او آر تي" للبليونير بوريس بيريزوفسكي الذي يملك شكلياً 11 في المئة من الأسهم فيها، لكن "رجاله" يسيطرون على أهم المواقع في إدارتها. وكان "اليهوديان المشتبكان" حالياً عقدا هدنة أثناء حملة الانتخابات الرئاسية عام 1996، وشكلا مع خمسة آخرين من كبار الأثرياء مجموعة لدعم بوريس يلتسن. إلا أن الخصام تجدد بينهما بسبب الخلاف على اقتسام الثروات ومواقع السلطة، وصار "حرباً" في الأيام الأخيرة حينما بدأ بيريزوفسكي يبث عبر وسائل الاعلام التابعة لها وفي مقدمها "أو آر تي" سلسلة مواد عن "افلاس" الشركة المنافسة. وذكر ان ديونها زادت عن 5.1 بليون دولار، مؤكداً أن الجزء الأكبر من العبء تتحمله مؤسسة "غاز بروم" التي تملك 30 في المئة من أسهم "ان تي في". وردت الأخيرة الصاع صاعين فتحدثت عن الفضائح المالية الكبرى لبيريزوفسكي و"تجاوزت الحدود" باتهامها مدير الديوان الرئاسي الكسندر فولوشين بأنه تعاون مع البليونير في عمليات نصب واحتيال بيعت خلالها أسهم شركة "افا" للسيارات التي أسسها بيريزوفسكي، ثم اختفت الشركة وضاعت أموال المواطنين. ولم تلبث "ان تي في" أن تلقت ضربة مضادة ببدء شركة الضرائب كشفاً على المؤسسات الاعلامية التي يملكها غوسينسكي. وعقد أحد كبار المسؤولين في الكرملين لقاء لصحافيين روس، ذكر خلاله ان المبالغ التي اعطيت لشركة غوسينسكي تفوق ما قدم من دعم لقنوات حكومية، ثم تساءل: "لماذا يجب أن نمول من يحاربنا؟". ولم ينتبه المسؤول إلى خلطه بين الدولة و"الجهة المانحة" للمال، ولكن مثل هذا الخلط غدا شائعاً في روسيا المعاصرة. وذكرت وكالة "انترفاكس" أن رئيس الوزراء رتب في دار الحكومة لقاء بين غوسينسكي ومدير الديوان فولوشين المتحالف مع بيريزوفسكي في محاولة لاحتواء الأزمة ومنع تصاعد ألسنة النيران، إلا أنه اخفق في مصالحتهما. ويتوقع المراقبون تفاقم النزاع مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، خصوصاً أن قناة "ان تي في" تدعم محافظ موسكو يوري لوجكوف الذي يخوض بدوره حرباً سياسية - مالية ضد الكرملين. وأعلن أن التحقيق الذي بدأته وزارة الأمن في شركات زوجته يلينا باتورينا كان بإيعاز مباشر من الكرملين الذي يريد تصفية خصومه السياسيين عن طريق نشر الفضائح.