لم يكن علي اكبر محتشمي الوزير والسفير والنائب السابق يتوقع ان يكون سقوطه النهائي عن حصان "الثورة"، التي طالما بكى على اطلالها، في عيد ذكرى الثورة نفسها وأثناء الاحتفال بپ"عشرة الفجر" وهي الأيام العشرة الممتدة من 1 وحتى 11 شباط فبراير ذكرى سقوط نظام شاه ايران عام 1979. ولكن حتى ولو كان محتشمي يعرف انه سيصبح ملاحقاً قضائياً ومنبوذاً جماهيرياً من قبل الثورة التي كان يوماً من رجالاتها، بسبب آخر مقابلاته المثيرة للجدل وتصريحاته النارية، فانه وبسبب ما عرف عن شخصيته التي تعشق الاضواء والتحدي، ولو كان ذلك مع الثورة والنظام، او الظرف والمظروف الوعاء والمحتوى، كما عبر هو في مقابلته التي لم تكتمل مع صحيفة "جهان اسلام"، فانه ما كان ليتوانى عن تكرار ما قاله في الصحيفة التي اجهز عليها بتصريحاته "الثورية جداً". اذن سقط علي اكبر محتشمي، مؤسس "حزب الله - لبنان" أو احد ابرز مؤسسيه، على أقل تقدير، عندما كان اول سفير للجمهورية الاسلامية في دمشق وتعرض هناك لمحاولة اغتيال عبر طرد بريدي قطع اصابعه. وقد جعله الحادث ومعايشته لواقع حزب الله والمقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي للبنان يفكر بصوت عال ومسموع ويهوى التفجيرات والمواقف المتفجرة والعمل الثوري دون تمييز بين مرحلة وأخرى. وبعد ان اختاره المهندس مير حسين موسوي وزيرا للداخلية بتوصية مباشرة من الامام الخميني الراحل ونجله حجة الاسلام احمد، اصبح محتشمي مغرماً بالحديث عن افراد المتطوعين "الباسيج"، الذين لم يخضعوا يوماً لوزارته وكانوا وما زالوا تحت امرة الحرس الثوري، لعله يكسب ودهم وتعاطفهم مع ما يتبنى من افكار حول تصدير الثورة. وأصرّ محتشمي على تكرار افكاره هذه في آخر ما صرح به لپ"جهان اسلام" ونشرته قبل اغلاقها بساعات الأربعاء 9 شباط اي قبل يومين فقط من الاحتفال بذكرى يوم سقوط النظام الشاهنشاهي الذي حاول محتشمي مقارنته بنظام الثورة في تلك المقابلة "اليتيمة". رفسنجاني ومحتشمي سجل خصومه عليه انه تجاوز المتعارف والمقبول في عهد الدولة اثناء توليه وزارة الداخلية، ثم جاء رفسنجاني رئيساً للجمهورية اثر رحيل الامام الخميني واجراء تعديل دستوري دمجت بموجبه الحكومة بالرئاسة التي باتت تمتلك صلاحيات تنفيذ قوية. وشعر الرئيس ان عهده، عهد الانفتاح وتطبيق برامج الاصلاح والتعديل الاقتصادي باتجاه البناء واعمار ما خربته الحرب العراقية المفروضة على ايران، لا يحتمل امثال محتشمي في وزارة ارادها رفسنجاني نقلة نوعية نحو مرحلة الدولة الاسلامية العصرية التي تتعايش مع غيرها من الدول في ظل نظام دولي شهد لاحقاً انهيار نظام القطبية الثنائية، النظام الذي حاول محتشمي تفسيره بطريقة غريبة ومنهج جديد سعى الى تقديمه على صفحات "جهان اسلام" قبل ان يقودها الى نهايتها دافعاً ايران الى نقاش ساخن ساهم فيه قراء صحيفة "سلام" التي تنتظر في الطابور قرار اغلاقها، مع ملاحظة ان العديد وربما اغلب قراء "سلام" المحتجين على الغاء امتياز شقيقتها "جهان اسلام" لم يقرأوا كل ما ورد في مقابلة محتشمي المطولة، او انهم قرأوها ولم يكتشفوا معانيها وهي كثيرة ومثيرة في آن. وقبل استعراض ما جاء في صحيفة "جهان اسلام" على لسان محتشمي كان لا بد من المرور على الضجة التي اثارها قرار رفسنجاني الرئيس، باستبدال محتشمي بوزير آخر هو حجة الاسلام عبدالله نوري. لم يرضخ الشيخ الرئيس لكل الضغوط وأكثرها ترشف من الماضي وذكريات علاقة "السيد" بالامام الراحل، ولم يوافق على ابقاء محتشمي في وزارته ما دفع بالاخير الى خوض انتخابات مجلس الشورى الاسلامي البرلمان الايراني في دورته التكميلية ليصبح نائباً عن مدينة طهران ويستخدم موقعه منبراً يهاجم من خلاله برامج الرئيس رفسنجاني الاصلاحية. وقد وصف مرشد الثورة آية الله علي خامنئي محتشمي وبعض زملائه الذين على شاكلته بأنهم يضعون العصي في عجلات الحكومة ويعرقلون برامج الرئيس، ويوجدون تناقضاً مفضوحاً بين ما يريده رفسنجاني ويتطلع اليه البرلمان. وكانت ايران في تلك المرحلة تعيش اصعب اوقاتها بعد توقف الحرب مع العراق ودخول لبنان عهد العافية، وقيام العراق بحماقته التي اوجدت متغيرات كبيرة في خريطة المنطقة السياسية بغزوه السيء الصيت للكويت، والاتفاق في ايران على تدشين عصر الاصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. طبعاً كان محتشمي ورفاقه يغردون خارج السرب، الامر الذي ادى الى ان يفقد محتشمي وكل اقطاب جناحه المتشدد مواقعهم في البرلمان ثم في الحكومة. ويبرز تحليل لقيادات الجناح الذي ينتمي اليه محتشمي وملخصه ان انتخابات البرلمان الاشتراعية، لم يفز بها الا ولاية الفقيه، ذلك المبدأ الذي يقول محتشمي انه لا يزال على نهجه دون ان يقدم أدلة عملية، والاكثر من ذلك انه سبح عكس التيار وهاجم الولي الفقيه بل ووجه اليه اهانات عبر تشبيهه بنابليون في طريقة استهزاء لا يدركها او يعرف مغزاها الا من قرأ نص مقابلة محتشمي مع "جهان اسلام" وفك طلاسمها الغريبة ورتب رموزها المتناثرة هنا وهناك على قاعدة صحيفة "جهان اسلام" وما تعودت عليه. لقد حشد محتشمي ورفاق جناحه، رموزاً في الثورة، وقيادات كانت تلازم الامام الخميني الراحل، اثناء سباق الانتخابات الاشتراعية للسيطرة مجدداً على البرلمان الرابع الحالي ومضايقة الرئيس والاستمرار في سياسة وضع العصي في دواليب حكومته. وكان حقاً سباقاً مشحوناً بالعواطف والعزف على وتر الثورة والمقرب من قائدها الأول، الا ان خطاباً واحداً من المرشد آية الله خامنئي، القاه في صلاة الجمعة وكرر مقاطعه المهمة ذات الصلة بمحتشمي والشلة ممن يعرقلون برامج رفسنجاني الاصلاحية، اودى بأقطاب التشدد في البرلمان وهم محتشمي ورفاق نهجه الذين لم يفهموا طبيعة نظرية ولاية الفقيه ولم يقرأوا جيداً مقولة "امامان قاما او قعدا" وكانوا يريدون من الولي الفقيه الجديد ان ينفذ ما يؤمنون به او يفسرونه وفق ما يعتقدون. نعم كان المنتصر الوحيد في تلك الانتخابات الاشتراعية، الولي الفقيه ولم يعرف محتشمي والذين غادروا معه اروقة البرلمان ان عليهم الانسجام مع المرحلة الجديدة، وعارضوا، قبل خروجهم من البرلمان، سياسة التعايش التي انتهجها رفسنجاني مع المجتمع الدولي، وكل برامجه الاقتصادية، وظلوا على ذلك يستخدمون ما توفره لهم الحريات من خلال الصحافة وركوب المنابر ولكنهم اخطأوا، وهو ما وقع به محتشمي بشكل خاص، عندما اقتحموا منطقة المحظورات في النظام وكانت النتيجة انهم فقدوا اصوات الناخبين، وخسروا بالتالي جميع مواقعهم وآخرها قلعة الصحافة التي كانت رئتهم الوحيدة ليروجوا افكارهم "الثورية" في عهد دولة الرئيس رفسنجاني وأنصار نهج الاصلاح. مبارزة في ذكرى الثورة كل عام وعشية الاحتفال بذكرى الثورة يحرص المتبارون السياسيون ومثلهم القيادات الدينية على تقديم تفسيرات للثورة مع اعطاء الرأي في التطبيقات لخياراتها وتطورات شؤونها. وكالعادة يحتل محتشمي حيزاً كبيراً من اهتمامات المنشغلين بتفسير نهج الثورة. وهذا العام تابع دربه السابق دون الالتفات كعادته الى المتغيرات الجديدة بعد اعتقال رئيس تحرير صحيفة "سلام" عباس عبدي واستجواب المحكمة المدنية رئيس تحرير "كيهان هوائي" ومدير تحرير "كيهان" وهي من اكبر المؤسسات الصحافية التي يشرف عليها "مرشد الثورة" مباشرة عبر ممثله فيها وذلك بسبب نشر مقالات تضرّ بسمعة اشخاص لم يكن محظوراً تناولهم فضلاً عن انهم كانوا خارج دائرة الثورة والنظام الا ان المحكمة المدنية استجابت لشكاواهم بعد ان انتهكت تلك الصحف حرماتهم الشخصية. "لوكربي" ومواضيع مثيرة وفي حزيران يونيو من السنة الماضية كانت "الوسط" قد اشارت في العدد 125 الى صحف ومطبوعات ايرانية مهددة بسحب امتيازها بحجة انها تنشر مواضيع تتعارض مع مبادئ الجمهورية الاسلامية، ومن بينها واحدة يصدرها علي محمد المسؤول عن لجنة العراق التي تشرف على نشاط المعارضة العراقية المقيمة في ايران. وكان الكلام قد تزايد عن قيام بعض الصحف الايرانية في المساهمة جهلاً او تعمداً في تخريب علاقات ايران الخارجية، واشاعة مشاعر اليأس والاحباط في نفوس المواطنين عن طريق ترديدها ما تنشره "الأبواق الاعلامية المعادية". واشتكى الرئيس رفسنجاني كثيراً مما تذيعه الصحافة الايرانية ومن بعض الصحف "التي دأبت على توجيه انتقادات حادة لبرامجه الاصلاحية ومعالجة خطط التنمية بأرقام تضر المصالح العامة". وفي هذا الإطار ظهر محتشمي في مقابلة قدمت لها "جهان اسلام" على الصفحة الأولى بعنوان عريض "قصة لوكربي على لسان حجة الاسلام والمسلمين محتشمي" وتحت هذا العنوان أبرزت الصحيفة صورة محتشمي وبيده أوراق وكأنه يرد على استفتاءات على طريقة مراجع التقليد، وكتبت "جهان اسلام" عن حوار استغرق خمس ساعات قالت فيه إن لدى محتشمي تفاصيل جديدة عن سقوط طائرة بان أميركان فوق مدينة لوكربي وأنه سيفضح الفاعلين والمسببين لتفجير الطائرة عام 1988. ونقلت الصحيفة ان هذا الحوار الطويل مع محتشمي يأتي بمناسبة الذكرى ال 16 للثورة الاسلامية في إيران ويتحدث فيه عن برامج التنمية الاقتصادية وسياسات التحول الاقتصادي والأهداف الثورية للإمام الخميني الراحل ودراسة تقويميه لعمل المسؤولين التنفيذيين ومدى انطباقه مع أهداف الإمام، والسياسة الخارجية لإيران في الشيشان، ومسيرة التسوية بين العرب وإسرائيل، وانتخابات الرئاسة المقبلة عام 1997 والانتخابات البرلمانية التي تسبقها بقليل وموضوعات أخرى. وكان واضحاً من هذه العناوين المتشعبة أن محتشمي يرمي إلى خوض صراع كبير وفتح جبهة عريضة يشرق ويغرب فيها يمنة ويسرة وتطاول موضوعات شتى أدت به بالفعل لأن يقتحم الممنوعات، خاصة مقام ولاية الفقيه وشخص رئيس الجمهورية وهو ما يعد جريمة يحاسب عليها القانون. اتهام القيادة بمخالفة خط الإمام وبعيداً عن الأحكام المسبقة، اتهم محتشمي النظام بالانحراف عن خط الإمام الخميني الراحل ووصل به الأمر درجة وضع مقارنة صعبة وحادة بين الشاه ونظامه السابق، والقيادة والنظام الحالي بتأكيده ان الثورة الإسلامية كانت مناهضة لجوهر وطبيعة النظام الشاهنشاهي وليس فقط للشاه نفسه. وقال: "والآن يطرح بحث وهو ما هي طبيعة الشاه وما هي خصائص نظامه لكي تناهضه الثورة" ويجيب بنفسه على هذا السؤال الذي طرحه "ان الثورة لا تعارض نظاماً أو شخصاً يبدأ اسمه بالحروف شين، الف، هاء، بل أنها تقارع أي شخص أو نظام يتميز أو يتصف بصفات الشاه ونظامه وترفض أي شخص أو نظام يكون على نهج الشاه"، ويستمر "والآن إذا اردنا الحفاظ على الثورة وأهدافها، فعلينا التمسك بعوامل انتصارها". وشرح محتشمي قائلاً: "إن السبب الرئيسي لنجاح الثورة يبقى العامل الأساس في استمرارها وبالتالي سيتم ترسيخ قواعد النظام على أسس ومبادئ الثورة الاسلامية وأهدافها ... ان الثورة والإمام لم يعاديا شخص الشاه ونظامه، بل كانا مناهضين لطبيعة ذلك النظام اينما كان وبأي اسم تسمى ولو اطلق عليه النظام الجمهوري". لماذا شبّه محتشمي النظام الحالي بالشاهنشاهية وكيف وصل به الأمر إلى أن يقارن الشاه مع مقام القيادة؟ يجيب محتشمي في مقابلته المثيرة "يثير الكثيرون هذا السؤال وهو هل ان الثورة هي نفسها التي كان ينشدها الإمام؟ هل هي الهدف الذي كانت الجماهير تتطلع إليه؟ ان المشكلة تكمن في أن بعض الحاكمين وادعياء الثورة والمهرجين يعتقدون أو يعملون على الايحاء أنهم هم الثورة وهي تفشل وتضمحل من دونهم ولا يكون لها مفهوم إذا افترقت عنهم. ولكن الأمر ليس كذلك، بل هو على شاكلة أخرى. ان الثورة مجموعة من المبادئ والأفكار والمثل الخاصة الثابتة التي تمشي في مسيرتها سواء في إيران أو خارجها، في هذا الزمن أو في المستقبل، وبامكان النظام الإسلامي ان يكون الوعاء لهذه الثورة أو لا يكون، وبامكان الأنظمة والبلدان الأخرى ان تكون وعاء لها، ولهذا السبب نعتقد نحن على خطى الإمام الراحل بنشر الثورة وتوسيع اطارها وتصديرها إلى انحاء العالم كافة، إلا أنه وفي الجانب الآخر يعتقد اولئك الذين يعتبرون أنفسهم الثورة ان الواجب هو حفظ وحراسة إيران والتخلي عن عالمية الثورة وتجنب الصعوبات والمتاعب". محتشمي: رفسنجاني مناور لم يتوقف محتشمي عن الكلام، وعالج وفق ما يرى في مكان آخر من آخر عدد للصحيفة "جهان اسلام" جملة قضايا داخلية ركز فيها بالهجوم على الرئيس رفسنجاني ووصفه بأنه مناور ويستخدم أساليب سياسية سفسطائية وقال عنه إنه يدحر خصومه بقدرته العجيبة على الاقناع وفنه في الخطابة ليس إلا. وأضاف ان رفسنجاني يطلق شعارات لا يعمل بها ويمارس فن التراجع للتغلب على المعارضين فيما هو يسحب منهم بساط التعبير عن آرائهم ولا يوفر لهم فرص الدفاع عن أفكارهم ومعارضتهم. ودعا محتشمي إلى مناظرة مباشرة مع رفسنجاني حول سياساته التنفيذية "وعدوله عن اصول الثورة" وسياسة حكومته الخارجية وبرامجها الاقتصادية. وهو الشيء نفسه الذي فعله صاحب امتياز "جهان اسلام" وهو شقيق المرشد، حجة الإسلام هادي خامنئي الذي ما انفك يشن هجوماً على برامج رفسنجاني وكان قاد مع محتشمي أواخر تشرين الأول اكتوبر ومطلع تشرين الثاني نوفمبر تظاهرتين لطلبة الجامعات نددت التظاهرة الأولى في جامعة طهران بالسياسات التعليمية القائمة وما وصفه بيان صدر عنها بسيطرة أعداء النظام على المرافق التعليمية العليا، ولكنها تطرقت أيضاً إلى سياسة الرئيس رفسنجاني الداخلية والخارجية وانتقدت برامجه الاصلاحية وما اسماه انصار محتشمي وخامنئي الشقيق برواج الأفكار المنحرفة وتفشيها في الوسط الإيراني "ووجود قوى خفية تعمل على إبعاد طلبة الجامعات عن التفكير بالواقع السياسي وممارسة النشاطات السياسية". ولمح البيان الأول وكذلك فعل الثاني في تظاهرة 2 تشرين الثاني أمام مبنى السفارة الأميركية إلى اولئك الذين يسعون لإعادة العلاقات الإيرانية - الأميركية وأشار إلى أن الولاياتالمتحدة أصبحت في السنوات الأخيرة من أكبر شركاء إيران في التجارة. وكان محتشمي قد أشار في ندوة نشرتها "جهان اسلام" إلى أن بعض المسؤولين الكبار في إيران ينتهجون سياسات ترمي إلى إعادة الهيمنة الأميركية في إيران من جديد، ومضى إلى أبعد من هذا القول باستخدام عبارات قاسية جداً وقوله "إن حقارة واستلاب بعض المسؤولين جعلهم يعتقدون وبعد 15 عاماً من الثورة ان مشاكل ايران لا تجد طريقها الى الحلّ إلا بإعادة العلاقات مع اميركا وهم يسعون - كما زعم - في الوقت الحاضر الى تطبيق سياسة الاقتصاد الحرّ ليكونوا بذلك عملاء مباشرين او غير مباشرين لاميركا". واتهم محتشمي اولئك المسؤولين "بأن شخصياتهم اخذت نمطها وتشكّلت في المؤسسات الاقتصادية والسياسية للجاسوسية الاميركية". تورط شقيق خامنئي وما قاله محتشمي في تشرين الثاني نوفمبر الماضي كرره على صفحات "جهان اسلام" التي يملكها هادي خامنئي الذي كان ألقى خطاباً شعارياً في تظاهرة الطلبة وكانوا قلّة بالقياس الى التظاهرة الجماهيرية التي تلتها تأييداً لرفسنجاني وبرامج حكومته. فقد تميز خطاب مدير تحرير "جهان اسلام" بالحدّة والعنف اذ وصف انصاره المتظاهرين بالاصحاب الحقيقيين للثورة وما عداهم دخلاء وغرباء. وقد فقد خامنئي الشقيق موقعه في البرلمان كما محتشمي وباقي اقطاب نهج التشدد. واخيراً فقد صحيفته بقرار اتخذته اللجنة المشرفة على الصحافة والمطبوعات وتضم ممثلين عن السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية وممثلاً عن الصحف، استناداً الى البنود 5 و7 و8 من المادة 6 من قانون الصحافة وتنص هذه البنود على الغاء امتياز الصحيفة التي تنشر موضوعات تحرّض المواطنين والتجمعات على الإخلال بأمن ومصالح الجمهورية الاسلامية في الداخل والخارج البند 5 وتوجيه الاهانة الى الدين الاسلامي الحنيف ومقدساته واهانة مقام القيادة الاسلامية ومراجع التقليد البند 7 والافتراء على المسؤولين والمؤسسات والهيئات وافراد المجتمع الذين يتمعتون بحرمة شرعية ولو بنشر رسوم او كاريكاتير البند 8. اغلاق الصحيفة ومحاكمة محتشمي وقال مسؤول في لجنة المطبوعات في تصريح ل "الوسط" ان قرار اغلاق صحيفة "جهان اسلام" نهائي وسيتم تقديم صاحب الصحيفة الى المحاكمة واكد ان محكمة رجال الدين ومحكمة اخرى مدنية اصدرتا مذكرتي استدعاء بحق محتشمي للمثول امامهما والردّ على الاتهامات الموجهة اليه. وذكر ان محتشمي ربما سيواجه بقرار من محكمة رجال الدين يقضي بخلع زيه الديني "العمامة" تعبيراً عن انه لا يصلح لهذا الزي اذا ما ادانته المحكمة بالتهم وهي كثيرة واخطرها توجيه اهانة الى مرشد الثورة خامنئي بتشبيهه في مثال ساخر بنابليون الفرنسي الذي يلقي تبعات المشاكل التي كانت تعانيها فرنسا على بريطانيا. واوضح المصدر الايراني المسؤول "في خطاب اخير للقائد شرح فيه الصعوبات الاقتصادية التي تعانيها البلاد، اشار آية الله خامنئي الى الضغوط التي تمارسها الولاياتالمتحدةوبريطانيا، وركز على الحكومة البريطانية ومواقفها العدائية… وما فعله محتشمي مع "جهان اسلام" انه استخدم تعبيراً شائعاً عند الايرانيين حول نابليون بطريقة مثيرة للسخرية وهو ما يُعدّ انتهاكاً لمقام القيادة". وحول ما اذا كان خامنئي يعرف بالقرار الذي اتخذته لجنة المطبوعات باغلاق "جهان اسلام" والغاء امتيازها باعتبار ان شقيقه هو الذي يملكها اكد المصدر الايراني ان المرشد لم يكن مطلعاً على الموضوع ولكنه أيّده لاحقاً "وهو مع تطبيق القانون". وقد صدر من "جهان اسلام" منذ ان بدأت عام 1991 وحتى يوم الاربعاء التاسع من الجاري 1074 عدداً وتحولت في الآونة الاخيرة من صحيفة مسائية الى صحيفة صباحية وقالت اوساط مطلعة ان الصحيفة كانت تعاني ضائقة مالية وهي تطبع نسخاً محدودة لا توازي الجزء القليل مما تطبعه كبريات الصحف مثل "كيهان" و"اطلاعات" وحتى صحيفة "همشهري" التي اخذت تطبع اكثر من 310 آلاف نسخة بينما لا يتجاوز عدد نسخ "جهان اسلام" 3000 نسخة في افضل التقديرات. وترى اوساط مراقبة ان "جهان اسلام" كانت بحاجة الى قرار الاغلاق لحفظ ماء الوجه بعد ان ظلت تشكو مع زميلتها "سلام" من ضيق اليد. وقامت "سلام" في الفترة الاخيرة بالاشارة علناً الى انها معرّضة للاغلاق بسبب اوضاع الصحيفة الاقتصادية الصعبة. وفي هذا الواقع ربما تكون "جهان اسلام" تبحث عن مبرر للتوقف "بشرف!" ولكنها اختارت مع الاغلاق انهاء حياة محتشمي السياسية.