أين تقف السينمات العربية في العام الذي تحتفل فيه السينما بالذكرى المئوية الأولى لولادتها؟ هل ما تزال السينما المصرية سيدة الموقف والأكثر انتشاراً على رغم كل أزماتها؟ أم ان ثمة انقلاباً في المفاهيم بات علينا ان نأخذه في حسابنا؟ لمعرفة الأجوبة على هذه الأسئلة قامت "الوسط" بجولة في أهم مراكز الانتاج السينمائي العربي كما تتجلى في سنوات التسعين، من الدار البيضاء الى بيروت ومن القاهرة الى تونس، ومن دمشق الى الجزائر، وصولاً الى وانطلاقاً من باريس التي صارت اليوم، وكما تقول لنا هذه الحلقة الأولى، واحدة من المراكز الأساسية لقيام وانطلاق الفيلم العربي. الأوساط السينمائية الفرنسية تستعد على قدم وساق للاحتفال مع نهاية هذا العام بالذكرى المئوية الأولى لولادة الفن السابع. صحيح ان ثمة مؤرخين عديدين يحتجون على موعد الذكرى ويقولون بأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتماد العرض السينمائي الأول للأخوين لومبار بوصفه الولادة الحقيقية الأولى للسينما، مقدمين ضد هذا حججاً دافعة أحياناً قابلة للنقاش في أحيان أخرى. ولكن على رغم كل هذه الاحتجاجات من الواضح ان السينما سوف تحتفل بتاريخها في الموعد المضروب، ومن الواضح ان فرنسا، بالتحديد، تبدو أكثر بلدان العالم احتفالاً بالمناسبة، على الرغم من ان فرنسا تعيش، أكثر من أي بلد آخر في العالم منتج للسينما، أزمة انتاج خانقة تهدد بأن تختفي السينما الفرنسية من الخارطة خلال سنوات عديدة، إن لصالح السينما الاميركية، وإن لصالح الانتاجات التلفزية المتزايدة الوتيرة. ولكن كذلك لصالح تلك السينمات المحلية، في الجنوب كما في الشرق، التي لا تفتأ تجد لدى فرنسا الدعم والتمويل اللازمين. ومن بين هذه السينمات المحلية التي يكاد جزء منها لا يعيش إلا بفضل الدعم الفرنسي، بصورة عامة، والدعم الأوروبي اكسسوارياً، السينما العربية، من مصرية ولبنانية ومغاربية. بل يمكن ان نقول، حتى، ان بعض الأفلام العربية الأكثر جدية، حتى من دون ان تكون ممولة من قبل فرنسا، بات يتعين عليها ان تمر في فرنسا، في المهرجانات او في عروض التلفزة وأحياناً في عروض الصالات، قبل ان يعترف بها عربياً. ومن هنا تنبع أهمية مهرجان السينما العربية الذي يقام مرة كل عامين في رحاب معهد العالم العربي. هذا المهرجان الذي بات يبدو وكأنه مهرجان حقيقي لما يمكننا ان نسميه "السينما العربية الجديدة"، هذه السينما التي يحمل أصحابها اسماء قد لا تكون شديدة الشهرة في بلدانها، ولكنها بالتأكيد باتت شديدة الحضور في العالم. وهي بفضل هذا الحضور باتت تدخل السينما العربية في زمن العالم، مما ينعكس بالتالي بشكل ايجابي على حضور هذا النوع من الافلام العربية في الداخل العربي. نقول هذا وفي ذهننا نجاحات بعض الافلام التونسية، وبعض ما ينتجه السينمائيون اللبنانيون، بين أمور أخرى. … لكن الأفلام هي هي من هنا إذا كانت ثمة ملاحظة تطرح نفسها على عالم السينما العربية في عام الذكرى المئوية لولادة فن السينما، فإن الملاحظة تكمن ها هنا، في سلسلة الانزياحات التي تعيشها السينمات العربية منذ بداية سنوات التسعين على الأقل. فمن ناحية هناك أزمة انتاج خطيرة هبطت بالانتاج المصري، من الناحية الكمية، الى نصف ما كان ينتج، وكذلك فعلت بالانتاج التونسيوالجزائري والمغربي والسوري، حتى وإن كان ما أصاب السينمات غير المصرية يظل ذا طابع نسبي، ومن ناحية ثانية هناك هذا الحضور النوعي، الذي يمكن تلخيصه في العام المنصرم وحده، بعدد ونوعية الأفلام العربية التي عرضت في ما لا يقل عن ثمانية مهرجانات، تزيد عالميتها او تقل، حسب توجهاتها. فمن مهرجان كان حيث ذكر اسم تونس في الحفلة الختامية لمناسبة جائزة هامة فاز بها فيلم "صمت القصور" لمفيدة التلاتلي، وكان واحداً من ثلاثة أفلام عربية عرضت في كان ونالت جوائز، الى جانب "حومة باب الواد" للجزائري مرزاق علواش، و"حتى اشعار آخر" للفلسطيني رشيد مشهراوي، الى مهرجان فالنسيا في اسبانيا، حيث عرضت أفلام عربية جديدة وهامة، الى مهرجان معهد العالم العربي حيث اتيح للجمهور المتزايد عدداً واهتماماً، ان يشهد بعض أهم الانتاجات العربية الجديدة، مروراً بمهرجان القاهرة وقرطاج وخريبكة في المغرب وباستيا في جزيرة كورسيكا. في كل هذه المهرجانات بات الحضور العربي ملحوظاً ولافتاً. صحيح ان الأفلام نفسها تقريباً كانت هي هي التي تتجول في كافة المهرجانات، وأن عدد الأفلام العربية الجيدة التي انتجت في العامين الأخيرين لا يزيد عددها على دزينتين من الأفلام. ولكن صحيح ايضاً ان هذه الأفلام تمثل نحو نصف الانتاج العربي لتلك الفترة، مما يعني، مرة ثانية، ان الأزمة التي تضرب الانتاج لم تتمكن بعد من ان تؤثر سلباً على النوعية. فمن يسري نصرالله في "مرسيدس" الى نبيل المالح في "كومبارس" ومن رضوان الكاشف في "ليه يا بنفسج" الى جان شمعون في "رهينة الانتظار" ومحمد شوغ في "يوسف" ومحمد التازي في "البحث عن زوج امرأتي" وجلالي فرحاتي في "شاطئ الاطفال الضائعين" وصولاً الى ما لا يزال يعيش في الذاكرة من افلام الناصر خمير وبرهان علوية ونوري بوزيد، ومن أفلام يوسف شاهين الذي حقق عبر "المهاجر" وقبل ان يمنع عرضه في القاهرة واحداً من أكبر النجاحات التجارية المصرية في الآونة الأخيرة، الى محمد ملص الى جديد رأفت الميهي وعاطف الطيب. تقول لنا السينما العربية الجديدة انها في خير. من الخارج الى الداخل وهي في خير على رغم اضطرارها، وهذا عامل جديد ومتجدد، الى الاعتماد على الغرب لتمويل انتاجاتها، وذلك في غياب بنى انتاجية محلية، سواء أكانت منتمية الى القطاع الخاص او الى القطاع العام الذي بات غائباً، او شبه غائب إذا ما أخذنا في حسابنا مواصلته الانتاج في بلد كسورية مثلاً، انتج، على رغم كل شيء، بعض أفضل الافلام العربية منذ بداية سنوات التسعين. وهي في خير، رغم ان بعض ابرز مخرجينا لا يزال مضطراً للانتظار سنوات قبل ان يحقق مشروعه الأثير، نقول هذا وفي الذهن "جبران" برهان علوية و"اسمهان" عمر اميرالاي و"مي زيادة" الذي تحلم أسماء البكري بتحقيقه منذ زمن ولا تزال عاجزة عن العثور على تمويل له حتى الآن. السينما العربية الجديدة في خير، بشكل عام، وهي تنتج افلامها وتفرز منتجيها وبدأت تفرز جمهورها، اضافة الى ان تراكمها بدأ ينتج حتى ممثليها وتقنييها، وفي بعض الأحيان ينتج المخرج نفسه كنجم أساسي لفيلمه. فاليوم يشاهد فيلم للناصر خمير بسبب مخرجه، وكذلك الحال مع يوسف شاهين وبعض الشيء مع يسري نصرالله، والى حد ما مع محمد خان او خيري بشارة، في الوقت الذي لم يعد يجد مخرج ينجح مثل داود عبدالسيد صعوبة في الانكباب على فيلم جديد له. وبعض السينما العربية يجد طريقه للعرض في أبرز محطات التلفزة الأوروبية ولا سيما الفرنسية والبريطانية منها، بل ان بعض هذا البعض يكاد يكون عرضه التلفزي من هذا النوع، عرضه الوحيد! ونتذكر هنا حكاية فيلم "مرسيدس" للمصري يسري نصرالله، الذي مقابل عرضه ونجاحه الطيب من على شاشة قناة "ار تي" في التلفزة الفرنسية/ الالمانية، حصد فشلاً ذريعاً حين عرض في القاهرة تجارياً. وضعية توصل الأمور في بعض الاحيان الى حدود التناقض الخطير، وتضع المبدع العربي على الحبل المشدود، ولكن أفلا يمكننا ان نضع هذا الأمر على حساب الضرر الضروري في مثل هذا الزمن الذي نعيش، وعلى حساب المرحلة الانتقالية التي تمتلئ عادة بكل ضروب الابهام والغوامض والتأزم. ترى أفلا يولد الفن الجديد، الفن الجميل، من صلب تأزمه؟ ان ما نحاول ان نقرّبه هنا، في هذه السلسلة من المقالات خارطة السينما العربية الجديدة والأقل جدة كما تلوح لنا عند أواسط العقد التسعيني. وفي الوقت الذي يحتفل العالم والعرب بمئوية السينما، لا بد ان نقرّ ان ثمة تبدلاً أساسياً تعيشه السينمات العربية، وهو تبدل يتواكب مع أزمة الكمّ وتأزم المجتمعات العربية، وحيرة المبدعين أمام متغيرات تعصى احياناً على الفهم. وهذا التبدل يحتاج اليوم الى رصد يربطه بالظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعيش في ظلها. الوصول الى منطقة الخطر هنا لا بأس من ان نعود بعض العقود الى الوراء لنلاحظ، مع مؤرخي السينما والمجتمع في العالم العربي، بأن السينما كانت على الدوام، وعلى الرغم من خصوصيتها، وانفتاح عيون الرقابات عليها، والقواعد الاقتصادية والمالية التي تتعرض لها، كانت الأكثر حساسية بين الفنون في عملية رصد ما يحصل في المجتمعات، فمنذ ارهاصات الاحساس بهزيمة حزيران يونيو وبأن الأمور لا تمشي على ما يرام في مجتمعاتنا وتاريخها أفلام يوسف شاهين وصلاح ابو سيف وبرهان علوية وعمر اميرالاي وجماعة السينما الجديدة في مصر، الى زمن الانفتاح ومجابهة سينما الواقعية الجديدة - بدرخان، الطيب، بشارة، الميهي، ومحمد خان - لذلك الزمن، الى مراجعة التاريخ وتجاربه من "جبل" خليل شوقي الى "ليل" محمد ملص، مروراً بپ"كفر قاسم" برهان علوية، وصولاً الى السينما التي تحاول اليوم - على طريقتها أأخطأت في ذلك ام أصابت - ان تجابه مسألة التطرف والتعصب وما يسمى بپ"الارهاب" لدى مرزاق علواش ومالك الأخضر حامينا، ولكن كذلك وخصوصاً لدى يوسف شاهين ويسري نصرالله… الخ. في كل هذا تبدت السينما الفن الأكثر حساسية وفي بعض الأحيان الفن الأكثر استجابة لتحديات الواقع والرد عليها. هكذا صار الفيلم مطلوباً والسينما حين تصل الى هذا تصل طبعاً الى منطقة الخطر، وتسهل على أصحاب النوايا السيئة "تفسير" ما يحدث من تجاوب انتاجي غربي مع المشاريع العربية بكونه تجاوباً مع مبدعين يحاولون التنديد بما يحدث في مجتمعاتهم وبما يتناقض مع مصالح الغرب في هذه المجتمعات. بل ثمة من يطرح هذه الرؤيا حتى في المجال الشكلي حيث لم نعدم ان وجدنا من يتهم "جماليات" الناصر خمير بالرغبة في مسايرة النظرة الاستشراقية الى عالمنا العربي والاسلامي. كل هذا، بالطبع، يضع السينمات العربية في الخط الأول من صدام الأفكار، وصدام المصالح وصدام الأهواء في عالمنا العربي. ويجعل من هذه السينمات قضية القضايا في حد ذاتها. وهي مكانة ما كان يجرؤ أحد على ان يحلم بها للسينما، كل اولئك السينمائيين الكبار الذين مهدوا بأعمالهم لولادة السينما العربية الجديدة التي نتحدث عنها، من هنري بركات الى كمال الشيخ ومن محمد الأخضر حامينا الى صلاح ابو سيف وعاطف سالم. هذا لأن السينما العربية تبدلت بشكل جذري. هي تبدلت أولاً بفضل تلك المجموعة من السينمائيين الذين كانوا أكثر وعياً من غيرهم منذ الستينات، بالدور الذي سوف تلعبه الصورة في حياتنا العربية، وثانياً بفضل الظروف المتراكمة والمركبة التي جعلت للصورة ذلك الدور، ولكن ايضاً خصوصاً بفضل انفتاحنا على زمن العالم، سواء أكان ذلك الانفتاح سلبياً او ايجابياً. إذ منذ اندلاع العنف من حول القضية الفلسطينية، الى حرب لبنان، الى الثورة الايرانية التي دفعت الاسلام والعالم الاسلامي الى واجهة الأحداث، صارت منطقة الشرق الأوسط في قلب زمن العالم مقرونة بكلمات صارت اليوم من قبيل "الكليشيهات": ارهاب، قضايا، نهضة اسلامية، تطرف، حجاب، تشدد، مقاومة، اعتدال، خطف، رهائن… الخ. ولما كان زمن العالم يعبر عن نفسه أول ما يعبر، عبر الصورة التلفزيونية بوصفها المكان الأول والأساسي الذي تدور فيه الأحداث، كان من الطبيعي للصورة الآتية من العالم العربي والاسلامي، ان تكون ذات مكانة اساسية على الشاشة. ومن هنا حتى تتوسع رقعة ذلك الاهتمام، كانت هناك خطوة سرعان ما قطعت، فراح الفيلم المشغول فنياً يتخذ مكانته الى جانب الصورة والمعلومة والريبورتاج، وصار الفيلم مطلوباً، مما جعل صاحبه نجماً، حتى ولو ان نجوميته لم تنعكس، من فورها، في الداخل العربي. السينمائيون يستجيبون اليوم يعرف العالم يوسف شاهين ويسري نصرالله ومارون بغدادي ومحمود بن محمود والناصر خمير ونوري بو زيد، وبرهان علوية ومحمد خان وتوفيق صالح، بقدر ما يعرف كبار المبدعين السينمائيين في الشرق والغرب احياناً… ولم يكن المبدع العربي بحاجة الى أكثر من هذا حتى يكشف عن قدراته الابداعية ويفرض حضوراً ابداعياً حقيقياً، هو الذي كان في البداية يفرض حضوره عن طريق "التلاحم الايديولوجي" و"الابوية المحيطة بالنضال المشترك" وما الى ذلك. بعض المبدعين العرب عرف كيف يستفيد من هذه الوضعية الجديدة، وبعضهم لا يزال يبحث عن طريقة يستفيد بها. بعض المبدعين العرب يواصل عمله، كأن العون الغربي غير موجود، لأن لديه في أسواقه جمهوراً يحمي أفلامه ويؤمن اعادة انتاجها. وبعض المبدعين العرب يعيش لحظة التبدلات الأساسية هذه بنوع من الترقب والقلق، لأن هذا النوع من الدخول في زمن العالم ليس بالأمر الهيّن. فالتبدل هذه المرة جذري، ومن شأنه ان ينقل السينما العربية من حال الى حال، نقلة أساسية من الصعب التكهن بابعادها منذ الآن. وتزداد خطورة هذا الأمر وأهميته إن نحن رصدنا، بالتواكب معه، الثورة التلفزية التي يشهدها العالم العربي. فعن طريق "الكابل" و"الساتلايت" و"الدش" وقريباً عن طريق ثورات تلفزية جديدة، من الواضح ان التبدل الذي سيطال السينما العربية سيكون أكبر وأكبر. يقيناً ان التلفزيون وانتشاره، لن يؤديا بأي حال من الأحوال الى الغاء فن السينما، بل ان ما نلاحظه منذ الآن يقول لنا ان فن السينما ربما سيكون المستفيد الأكبر من الثورة التلفزية، إذ مهما يمكن ان يقال، من الواضح اليوم ان الأفلام المعروضة من على شاشات التلفزة، قديمة كانت ام جديدة، شعبية او فنية، هي التي تلقى الاقبال الأكبر من قبل الجمهور، في ساعات البث الأساسية عند بداية العشيات. وهذه الظاهرة ظاهرة عالمية تلاحظ في أي بلد أوروبي، كما في أي بلد عربي. ومن المؤكد ان التنافس المقبل بين الشبكات والمحطات، إذا كان اليوم لا يزال تنافساً كمياً، فإنه في القريب العاجل سوف يتحول الى تنافس نوعي. بمعنى انه كلما زادت حدة التنافس، كلما زادت الحاجة الى الصورة الجيدة، المبدعة. باختصار: الصورة التي يعرف السينمائيون وحدهم انتاجها. هذا كله وغيره من العوامل يضع السينمات والسينمائيين العرب في واجهة الحياة الفنية والاجتماعية، ويضع معهم في المكان نفسه كتاب الرواية والقصة بعض أهم الأفلام يقتبس من بعض أهم الابداعات الادبية والأجيال الجديدة من الممثلات والممثلين، والتقنيين، وصولاً الى حركة النقد… والتجديد في انماط الانتاج ونوعية المنتجين. فالمنتج اليوم لم يعد شخصاً يكتفي بأن يؤمن المال لتمويل فيلم من الأفلام، كأي تاجر شاطر، بل صار تقنياً ومبدعاً، عليه ان يعرف كيف يسلك دهاليز الانتاج وكيف يوائم بين شتى محطات التلفزة والمهرجانات والموزعين، لكي يضمن للفيلم العتيد، أفضل امكانات التوزيع والعرض. دخول زمن التلفزة ازاء هذا كله، هل كثير علينا ان نتحدث عن ثورة حقيقية تعصف بالفن السينمائي العربي؟ وهل كثير ان نفترض ان من العناصر الأساسية لهذه الثورة انفتاح السينما العربية على زمن العالم، او بالأحرى دخولها هي الأخرى بداوة السينما، او بداوة الصورة، هذه البداوة التي من دون ان تخرج الفيلم السينمائي من محليته واصالته، تدخله زمن العالم أي زمن التلفزة؟ حين يحقق يسري نصرالله فيلمه "مرسيدس" ليعرض أصلاً في التلفزة الفرنسية/ الألمانية، او يحقق برهان علوية فيلماً عن اسوان لصالح اليونسكو ومنتجين اوروبيين آخرين، وحين نقرأ في "جنريك" فيلم جوسلين صعب او جان - كلود قدسي، اسماء تلفزات ومؤسسات غربية عدة تشارك في الانتاج، وحين تدعو طوكيو عشرة سينمائيين مصريين وتعرض أفلامهم، يكون معنى هذا ان السينما العربية بدأت تدخل حقاً في زمن العالم. وحين تعبر هذه السينما عن هموم مجتمعاتها ونظرة مبدعيها فإنها تكون بدأت تدخل هذه الهموم وتلك النظرة في زمن العالم. فما هي هذه السينما وما هي تلك الهموم… وما هو التبدل الذي طرأ على علاقة السينمائيين العرب بأفلامهم؟ هي اسئلة تجيب عنها هذه الرحلة التي تقوم بها "الوسط" في عالم السينمات العربية في التسعينات. رحلة هي حصيلة سفرات عديدة ولقاءات عديدة وحوارات عديدة، استغرق اعدادها شهوراً طويلة. الاسبوع المقبل: سينما المغرب والجزائر